نبض أرقام
22:53
توقيت مكة المكرمة

2024/06/01

كيف نجح اليابانيون في بسط سيطرتهم على سوق السيارات الهندي؟

2020/01/14 أرقام

على مدار السنوات الثلاث الماضية  ظل عملاق صناعة السيارات الأمريكية جنرال موتورز يعاني في السوق الهندي. ففي عام 2017 كشفت الشركة عن عزمها التوقف عن بيع سيارات شيفروليه في الهند. لم تقدر الشركة على إيجاد موطئ قدم لنفسها في السوق الذي تسيطر عليه الشركات الآسيوية خاصة اليابانية والكورية. فبداية من عام 2010 وحتى الآن تضاءلت حصة جنرال موتورز في السوق الهندي من 4.7 % في 2010 إلى أقل من 1 % في 2017.

 

 

في المقابل، تسيطر سوزوكي اليابانية عبر شراكتها القديمة مع ماروتي الهندية في شركة تدعي "ماروتي سوزوكي" على ما يقرب من نصف السوق الهندي. على مدار الـ20عاما الأخيرة استطاعت الشركة اليابانية أن تسيطر شيئا فشيئا على سوق السيارات في الهند. والعوامل التي تقف وراء نجاح سوزوكي هي ذاتها التي تشرح جزءًا من فشل جنرال موتورز في اختراق السوق الهندي.

ومن أجل فهم تلك العوامل ينبغي أولًا إلقاء نظرة على السوق الهندي بغرض فهم طبيعة المستهلكين فيه، حيث إن لكل سوق مستهلكين ولكل مستهلكين تطلعات ينبغي أن يلبيها المنتجون. يتعقد سلوك المستهلكين في أسواق السلع التي تتوفر لها بدائل متنوعة كما في سوق السيارات، وتتشكل آمالهم من السلعة بناءً على عدد من العوامل الذاتية والموضوعية في السوق.

كيف نفهم سوق السيارات في الهند؟

على مدار العشرين سنة الأخيرة نمت مبيعات السيارات الجديدة في السوق الهندي بشكل مطرد لترتفع من 500 ألف سيارة إلى ما يقرب من 3.5 مليون سيارة  في 2018، وكان المحرك الرئيسي للتوسع الذي شهده السوق مدفوعًا بشكل أساسي من معدلات النمو الاقتصادي التي استطاع البلد الآسيوي تحقيقها خلال العقدين الأخيرين.

 

النمو الاقتصادي الذي ساهم في جعل الهند رقمًا صعبًا بمعادلة الاقتصاد العالمي ساهم بالتبعية في توسيع مساحة الطبقة الوسطى والتي تستفيد بشكل كبير من النمو الاقتصادي من حيث زيادة قدرتها على استهلاك السلع وخاصة السيارات والتي تتطلب إنفاقا مستمرا على الوقود والصيانة وغير ذلك.

 


من المتوقع أن يستمر سوق السيارات الهندية في النمو، فالتقديرات تشير إلى أنه من المتوقع أن ينمو بمعدلات من 5 إلى 6 % كل عام، لكن ليس الأمر بتلك البساطة، فثمة منافسة كبيرة في السوق الهندي. يتحدد العامل الأول للمنافسة في السعر، فالهند ما زال أغلب مستهلكي الطبقة الوسطى فيها لا يمتلكون الكثير من المال، فمعدلات دخول الأفراد أو الناتج المحلي الموزع على الأفراد لا تتجاوز 2500 دولار سنويا، وهو معدل ضئيل.
 

ليس ذلك فقط ، فالسوق الهندي هو سوق معقد تماما كما اقتصاد الهند، تتباين فيه بشكل كبير معدلات الدخول، حيث ترتفع في المدينة بشكل كبير بينما تزال أغلبية الريف الهندي تقبع في الفقر. ينتج هذا الاختلال في توزيع الدخل أنماطا معقدة ومتداخلة من الاستهلاك، لأن تطلعات المستهلكين تتناسب مع معدلات دخولهم بالتالي فإن عملية تلبية احتياجات كل تلك الفئات من المستهلكين هي عملية صعبة على أي شركة.
 

في السوق الهندي يشكل السعر عاملا أساسيا في اختيار نوع السيارة، كما تشكل أيضًا كفاءة استهلاك الوقود في السيارات عاملًا مهما في اختيار نوع السيارة. ثمة عوامل أخرى تدخل في تحديد ذلك مثل قيمة السيارة عند إعادة بيعها. إذن لتداخل تلك العوامل يبدو من الصعب على شركة مثل جنرال موتورز أن تستمر في الهند.


المنافسة العالية والأسعار الرخيصة للمنافسين، جعلت كثيرا من السيارات الأمريكية تواجه صعوبات في الهند خاصة مع وجود البديل الجيد.

 

لماذا إذن نجحت سوزوكي؟

في العام 1981 دخلت سوزوكي إلى الهند، وكانت الشركة هي أولى الشركات العالمية التي دخلت للسوق الهندي، ومن أجل الاستحواذ على سوق السيارات الهندي الصغير نسبيا في ذلك الوقت دخلت سوزوكي في شراكة مع ماروتي الهندية، وأصبح الاثنان معا يشكلان "ماروتي سوزوكي" وهي بمثابة الفرع الهندي لسوزوكي العالمية.

 

تستمر حصة سوزوكي في السوق الهندية في النمو منذ مطلع الثمانينيات، واستفادت الشركة بشكل كبير من الإعفاءات الضريبية على القطع المستوردة من السيارات في البداية بسبب انضمامها لشركة هندية في الأصل. اليوم تصنع سوزوكي معظم سياراتها في الهند بمكونات محلية، مما يساهم في خفض تكلفة إنتاج سيارتها في الهند.
 

يثق المستهلكون الهنود كثيرا في ماروتي سوزوكي وهو ما يجعلها تبيع واحدة من كل سيارتين في الهند. والمصدر الأساسي لتلك الثقة هو القدم النسبي للشركة في السوق الهندي والتكلفة المنخفضة لمنتجاتها وكفاءة محركاتها في استهلاك الوقود. لكن الأهم هو إرضاؤها لتطلعات المستهلكين في خدمات ما بعد البيع والتي نجحت سوزوكي في إنشائها وتطويرها عبر ما يقرب من ربع قرن في الهند.

 

 

أيضا بسبب انتشار سيارات سوزوكي في السوق الهندي، فإنه يسهل إعادة بيعها بأسعار جيدة في السوق الثانوي، وهو ما يجعلها أكثر جاذبية من السيارات الأمريكية والأوربية. تركز سوزوكي على عمليات التصنيع المحلي والاستهلاك المحلي لمنتجاتها في الهند على العكس من شركات أخرى مثل هيونداي التي تستفيد من ميزة العمالة الرخيصة والمدربة في الهند من أجل التصدير. كل هذا يجعل سوزوكي أكثر قبولا للمستهلك الهندي لأنها تطرح موديلات مختلفة من السيارات بأسعار مخفضة.


يظل الرهان أيضا على قدرة سوزوكي على التوسع في السوق الهندي، فعلى الرغم من سيطرتها على السوق بشكل كبير إلا أنها تواجه صعوبات حالية في الاستمرار بنفس الوتيرة على الرغم من التوقعات بنمو سوق السيارات في الهند. تلك الصعوبات التي ترجع لأسباب خارجة عن إرادة سوزوكي مثل تباطؤ النمو الاقتصادي وصعود تطبيقات النقل الجماعي في بلد كبير كالهند تضع سوزوكي في منافسة غير مباشرة مع أوبر وغيرها من شركات النقل الجماعي في الهند.

المصادر: فوربس – سي إن بي سي - أيكونومك تايمز

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة