نبض أرقام
08:23
توقيت مكة المكرمة

2024/05/18
2024/05/17

لماذا قد ينتهي عصر التجارة الحرة؟

2019/07/05 أرقام - خاص

على مدار العامين الماضيين، انخرطت الولايات المتحدة مع الصين وكذلك اقتصادات عالمية رائدة في سلسلة من الحروب التجارية دون أي نهاية في الأفق، ومع اكتساب الشعبويين شعبية في جميع أنحاء العالم، أصبحت القضايا الوطنية لها الأسبقية على فوائد العولمة.
 

وبينما ينتظر العالم بفارغ الصبر توصل الرئيس "دونالد ترامب" والرئيس "شي جين بينغ" لتسوية خلافاتهما، إلا أن التوصل إلى حل يعد أمرا بعيد الاحتمال، وفقًا لـ"فورتشن".
 

 

إصلاح للاختلال؟
 

وترجع المجلة سبب صعوبة التوصل لاتفاق إلى أن القضايا محل النزاع معقدة للغاية ولها أبعاد كبيرة، كما أن الشركات الصينية تمضي قدما بقوة أكبر من خلال خطط للتوسع الكبير، حيث تبني علاقات تجارية متنوعة في جميع أنحاء العالم.
 

وتأتي حروب التعريفة التي بدأها ترامب مع الصين والمكسيك وكندا وأوروبا كوسيلة لتصحيح الاختلالات التجارية بين الولايات المتحدة وبقية العالم. إلا أن هذه النزاعات التجارية تتصاعد الآن إلى حرب تجارية واسعة النطاق والتي سيكون من الصعب إيقافها.
 

وإذا ما حدث ذلك، فستصبح التعريفات والمفاوضات الثنائية هي القاعدة لتحل محل الجهود العالمية لإزالة التعريفات من خلال الاتفاقات متعددة الأطراف، كما ستؤدي إلى نهاية حقبة التجارة الحرة التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية.
 

وليست هذه المرة الأولى التي تنخرط فيها الولايات المتحدة في الحروب التجارية، فقد سبق لها أن فعلت ذلك في أعقاب انهيار سوق الأوراق المالية في عام 1929، حيث أدى الحماس السياسي بشأن فقدان الوظائف بسبب الواردات إلى إقرار قانون تعريفة "سموت هاولي" عام 1930.
 

وتم حينها رفع التعريفة الجمركية على 20 ألف سلعة مستوردة  مما أدى إلى إقرار تعريفة انتقامية من العديد من الشركاء التجاريين لأمريكا. وعلى الرغم من أن الهدف من مشروع القانون كان خفض معدل البطالة بنسبة 8 ٪ ، إلا أن ما حدث كان العكس تماما حيث قفزت البطالة إلى 16 ٪ في عام 1931 ووصلت إلى 25 ٪ بحلول عام 1933.
 

إلغاء التعريفات
 

وبعد الحرب العالمية الثانية، اتخذت الولايات المتحدة موقفًا سياسياً مختلفًا تمامًا، حيث عملت مع الدول الأوروبية لفتح مسارات التجارة وإلغاء التعريفات. وفي 30 أكتوبر 1947 وقعت 30 دولة على الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات الجمركية، المعروفة عالمياً باتفاقية الجات (GATT).
 

 

كما أقرت الولايات المتحدة خطة مارشال التي استثمرت 12 مليار دولار، لإعادة بناء اقتصادات أوروبا الغربية التي مزقتها الحرب، مما أسهم في عودة ألمانيا كقوة اقتصادية عالمية. وكذلك مكنت مبادرة أمريكية مماثلة الصناعات اليابانية الكبرى من الانتعاش.
 

وفي عام 1950، كان لدى الفرنسي "جان مونيه" رؤية لاستبدال قرون من الحروب بين ألمانيا وفرنسا من خلال تأسيس تحالف تجاري أفاد وعزز موقع أوروبا في العالم.  بينما اجتمع قادة الحكومات الأوروبية لتشكيل المجموعة الاقتصادية الأوروبية في عام 1958، التي أصبحت المجموعة الأوروبية في عام 1967، والاتحاد الأوروبي في عام 1993.
 

وشهد العام نفسه تشكيل الولايات المتحدة والمكسيك وكندا نافتا للتنافس مع الدول الآسيوية والأوروبية. وفي العام التالي أنشأت 123 دولة منظمة التجارة العالمية (WTO) كخليفة شاملة للاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات الجمركية الجات GATT.
 

تغذية للعولمة
 

وقد كان لهذه الاتفاقيات التجارية دور كبير في تغذية عصر العولمة والتجارة الحرة، كما كانت الدافع الرئيسي وراء طفرة اقتصادية طويلة المدى في جميع أنحاء العالم، وكذا صعود الطبقة الوسطى الآسيوية، وانتشال مليار شخص من الفقر.
 

 ثم جاءت الأزمة المالية لعام 2008 والركود الذي انتشر على مستوى العالم. وعلى الرغم من الجهود الضخمة التي بذلتها الحكومات لدعم البنوك واستعادة الأسواق المالية، فقد تسبب الركود في معدلات بطالة من رقمين.
 

 

ونتيجة لذلك، وجد الموظفون الذين كرسوا حياتهم العملية لشركة واحدة أنفسهم عاطلين عن العمل في ظل وجود موارد قليلة لدعمهم، كما أغلقت العديد من المصانع الأمريكية أبوابها لكونها غير قادرة على التنافس مع المنتجين المكسيكيين والآسيويين مما أدى إلى  انضمام ملايين آخرين كعاطلين.
 

والأسوأ من ذلك، أنهم تعلموا أنهم غير مؤهلين لشغل وظائف جديدة لأن الميكنة والتكنولوجيا جعلتا مهاراتهم قديمة. وقد تسبب ذلك في خروج الكثيرين من سوق القوى العاملة ببساطة كونهم غير قادرين على العثور على وظائف ذات مغزى.
 

 وفي الوقت نفسه، فشل قادة وشركات الحكومة الأمريكية في إنشاء برامج لإعادة التدريب لإعادة هؤلاء العمال العاطلين عن العمل إلى حياتهم المنتجة.
 

إهمال العمالة السبب
 

وعلى الرغم من الانتعاش الاقتصادي منذ عام 2010، فقد تم إهمال مجموعة كبيرة من العمال والعاطلين عن العمل. وكذلك لم يشهد أولئك الذين لديهم وظائف نموًا حقيقيًا في الأجور، حيث جنى الأثرياء كل فوائد الانتعاش.
 

ولذلك ألقى العمال الغاضبون باللوم على المهاجرين والعولمة كأسباب رئيسية لمشاكلهم، ودعموا الحركات القومية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكذلك فرنسا وألمانيا وبولندا وإيطاليا والنمسا وفنزويلا والبرازيل.
 

وفي الوقت نفسه، فإن المؤسسات العالمية الكبرى التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت غير فعالة وتحتاج إلى تجديد لتواكب العالم اليوم. ودون وجود قادة عالميين فاعلين لديهم النفوذ السياسي لدفع الإصلاح، فإنه من المرجح أن تواصل هذه المؤسسات فقدان تأثيرها وأهميتها.
 

ومن ناحية أخرى، يدفع قادة الشركات العالمية بقوة لإنهاء الحروب التجارية، حيث كتبت 661 شركة إلى الرئيس "ترامب" في منتصف يونيو، لتطلب منه تسوية النزاع كون قادة الشركات ملتزمين أكثر من أي وقت مضى باستراتيجيات العولمة الخاصة بهم.
 

 

والمديرون التنفيذيون قلقون بشكل خاص من تهديد "ترامب" بفرض رسوم بنسبة 25 ٪ على الواردات الصينية المتبقية البالغة 300 مليار دولار، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة مقابلة في أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة وانخفاض كبير في الطلب.
 

وغالبًا ما ستستمر التهديدات والتعريفات التجارية دون نهاية في الأفق، وفقًا لـ"إيكونوميست" ومن المرجح أن تؤدي الحروب التعريفية إلى إبطاء النمو الاقتصادي ومحو الفوائد التي تجلبها هذه التجارة للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، مما يمثل نهاية حقبة من التجارة الحرة دامت على مدى سبعين عاماً.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة