نبض أرقام
20:56
توقيت مكة المكرمة

2024/05/18
2024/05/17

مراجعة كتاب "رأس المال والأيديولوجيا" لـ"توماس بيكيتي"

2022/10/22 أرقام

إن كتاب "رأس المال والأيديولوجيا" لتوماس بيكيتي هو عمل موسوعي مجزٍ يستحق قراءة متأنية.. قال بيكيتي: "أعتقد أن هذا الكتاب أفضل بكثير من الكتاب السابق"، في إشارة إلى كتاب رأس المال في القرن الحادي والعشرين.

 

بينما يبني كتاب "رأس المال في القرن الواحد والعشرين" أطروحة تفيد بأن معدل العائد على رأس المال يتجاوز معدل النمو الاقتصادي، يعرض كتاب "رأس المال والأيديولوجيا" أطروحة مدفوعة بهذه البيانات، تفيد بأنه يجب تبني الديمقراطية أو "الاشتراكية التشاركية".

 

يجادل بيكيتي بأن جميع المجتمعات تستخدم الأيديولوجيا لإضفاء شرعية على عدم المساواة، يؤدي هذه "السردية السائدة" إلى إنشاء المزيد والمزيد من القواعد لترسيخ عدم المساواة.. يريد عصرنا "أن يرى نفسه متجاوزًا للأيديولوجيا ولكنه في الواقع مشبع بها".. لذا، إذا سارت الأمور على نحو خاطئ، يجب أن يكون لدينا أيديولوجية أفضل.

 

تتناول هذه المراجعة ثلاث أفكار رئيسية في كتاب "رأس المال والأيديولوجيا": أولاً، ما تتضمنه الاشتراكية الديمقراطية؛ ثانيًا، كيف أن حقوق التصويت في الدستور الاقتصادي هي أكثر تفاوتًا من عدم المساواة في الثروة.. وثالثًا، كيف تبني القوانين الأسواق وتحدد القوة الأسعار.


 

الاشتراكية الديمقراطية

 

- يقول بيكيتي إن الاشتراكية الديمقراطية هي الحل بعد أن باتت اللامساواة خارجة عن السيطرة.


- أولاً، يدعو بيكيتي إلى توسيع حق التصويت لتشمل العاملين في جميع المؤسسات.. يجب أن يكون للعمال "نصف مقاعد مجلس الإدارة في جميع الشركات الخاصة، كبيرة كانت أم صغيرة" ويجب علينا إنشاء "ملكية اجتماعية حقيقية لرأس المال".

 

- يجب إصلاح "قانون العمل، وبشكل أعم، النظام القانوني بأكمله" لتحقيق "أجر عادل" للجميع و"توزيع أكثر عدالة للقوة الاقتصادية".

 

- ثانيًا، يدعو بيكيتي إلى فرض ضرائب عادلة، بما في ذلك "فرض ضرائب تصاعدية على الثروة" على أساس "القدرة على الدفع".. حيث سيمكن هذا من إنشاء "وقف رأسمالي عالمي، ودولة اجتماعية طموحة".

 

يصب هذا في محور تعريف بيكيتي لـ "المجتمع العادل"، حيث يتمتع جميع الأعضاء بإمكانية الوصول إلى السلع الأساسية مثل "التعليم والصحة والحق في التصويت" حتى يتمكن الأشخاص الأقل حظًا من "التمتع بأعلى ظروف حياتية ممكنة".

 

- وبالتالي، يؤكد بيكيتي أهمية كل من المرحلة السابقة لتوزيع الثروة على السكان، والتي تضمن ألا يؤدي القانون إلى عدم المساواة في بناء السوق أو الدولة، وإعادة توزيع ثمار النمو الاقتصادي لمعالجة أي مظهر لعدم المساواة بين السكان.


- وثالثًا، يجب موازنة التجارة الدولية من خلال التعاون المالي، مثل التعهد بما لا يقل عن 1% من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدات الإنمائية.


- وبالنسبة لأزمة المناخ، يفضل بيكيتي فرض ضرائب على الكربون بقيمة 100 يورو لكل طن من الكربون.


ومع ذلك، يقول بيكتي إن جميع احتياطيات الوقود الأحفوري بشكل أساسي "يفضل الاحتفاظ بها في الأرض لمنع الاحتباس العالمي".

 

الدستور الاقتصادي

 

- بعد اقتراح نظام ضريبي وتجاري عادل، تتحول أطروحة الاشتراكية الديمقراطية لبيكيتي للحديث عمن لديه حق التصويت في الاقتصاد.

 

- أولاً، لدى معظم دول الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نظام للشركات الكبيرة يتيح تمثيل العمال، وعادةً ما يكون ثلثهم ممثلين في الشركات الكبيرة.. كما أن بعضًا من أفضل الجامعات لديها هيئات حاكمة منتخبة بالأغلبية، مثل أكسفورد وكامبريدج وتورنتو.


- وتظهر مجموعة متزايدة من الأبحاث أننا أفقر، وأكثر تفاوتًا وأقل ابتكارًا إذا سمحنا للمساهمين والمديرين غير الخاضعين للمساءلة باحتكار حوكمة الشركات.

 

- ثانيًا، تثير دعوة بيكيتي "للملكية الاجتماعية الحقيقية لرأس المال" الكثير للمناقشة.. يسيطر المساهمون، اسميًا، على معظم الشركات الكبرى، وهم قادرون على طرد أعضاء مجلس الإدارة.


- لكن هؤلاء المساهمين ليسوا أفرادًا، بل يكونون في الغالب مديري أصول أو بنوك تستثمر بـ"أموال أشخاص آخرين".

 

- يعد "الثلاثة الكبار" في الولايات المتحدة، "بلاك روك" و"ستيت ستريت"، وشركة "فانجارد" مجتمعين أكبر مساهمين في 435 من أكبر 500 شركة أمريكية.


- تأتي أصوات المساهمين التي يسيطرون عليها، في الغالب، من مدخرات تقاعد العمال.


- يحدد حوالي 12 شخصًا جميع أولويات الشركات الأمريكية - بما في ذلك الأجور، واستخدام الوقود الأحفوري، والضغط السياسي، وقرارات الإنتاج.


- يجب ربط هؤلاء المساهمين بشكل صارم بتفضيلات التصويت للمستثمرين الحقيقيين، الذين يريدون رواتب عادلة، وهواء نقي، وسياسة ديمقراطية.


- إن الضرائب العادلة والأجور العادلة ستزيد من التوزيع العادل لرأس المال.

 

القانون يبني الأسواق، والقوة تحدد الأسعار

 

- تفيد الفكرة الرئيسية الثالثة في الكتاب بأن "مستوى الأجور والأرباح يعتمد على المؤسسات السائدة، والقواعد، والقوة التفاوضية، وكذلك على الضرائب والتشريعات".


- أكدت نظرية الاقتصاد الجزئي في كثير من الأحيان أن الأسعار يتم تحديدها حسب العرض والطلب، وفي السوق التنافسية يجب أن تعكس الأسعار القيمة الحدية المضافة للإنتاج.

 

- ومع ذلك، رأى آدم سميث أن أولئك الذين يتمتعون بسلطة أكبر يمكنهم "الصمود" لفترة أطول في المفاوضات.


- وعندما رسم فليمنج جينكين الرسوم البيانية الأولى للعرض والطلب على محصول الذرة، كان مصرًا على أن نفس المنطق لا يمكن أن ينطبق على العمالة، إذ إنهم في وضع أضعف.

 

- تتشكل جميع الأسواق عبر عدم المساواة في القوة التفاوضية، ولكن القوة غير المتكافئة للعمال، والمستأجرين، والمستهلكين، وصغار المستثمرين، هي وضع ممنهج.


- تأتي القدرة التفاوضية غير المتكافئة أولاً من التوزيع غير المتكافئ للموارد، المحمي بموجب قوانين الملكية والعقود والشركات والضرائب وغير ذلك.


- ثانيًا، تتفاوت القوة التفاوضية بين الأطراف المشاركة في النشاط الاقتصادي بسبب تفاوت القدرة على التنظيم الجماعي.


- وثالثًا، هناك تفاوت في حجم المعلومات المتاحة لدى هذه الأطراف.


- يضع العرض والطلب قيودًا خارجية على الأسعار، مثل وضع حد أدنى لسعر البائع، وحد أعلى لما سيدفعه المشتري مقابل السلعة، غير أن تحديد الأسعار فعليًا يعتمد على مدى قوة الأطراف الفاعلة.


- عندما تحدد القواعد الأسعار، مثل الحد الأدنى للأجور، أو تكاليف الأدوية، أو عندما تفرض القوانين ضرائب عادلة، لن يكون هناك تشويه للكفاءة مقارنة بالقوانين التي تسمح لطرف أقوى بفرض الأسعار على الضعيف.

 

المصدر: كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة