نبض أرقام
15:50
توقيت مكة المكرمة

2024/05/29

هل انتهى عصر الشركات صاحبة شعار "تحرك بسرعة وحطم الأشياء"؟

2019/02/08 أرقام - خاص

"تحرك بسرعة وحطم الأشياء من حولك، فإذا لم تحطم شيئًا فإنك لا تتحرك بالسرعة الكافية" هكذا أخبر "مارك زوكربيرج" موظفي شركته بل وعلقت "فيسبوك" منشورًا بهذا المعنى في طرقات ومكاتب الشركة في السنوات الخمس الأولى لإطلاقها لحث الموظفين على العمل بسرعة.



 

ضعف معدلات الفشل
 

والمقصود بالعمل بسرعة وتحطيم الأشياء ليس إنجاز المهام الموكلة للموظفين بسرعة كبيرة، ولكن الابتكار وتنفيذ الأفكار المقترحة وتجربتها بسرعة دون إخضاعها لدراسة كبيرة بل يتم قياس رد الفعل على المنتج أو الفكرة أو الخدمة بعد طرحها على المستهلكين بالفعل.
 

ويستند هذا الفكر على أنه حتى إذا تم إقرار نظام لا يتسم بالمثالية لكن بسهولة تعديله  فإن هذا سيسمح بتعديل نظام العمل بشكل سريع استجابة للمتغيرات، بما يجعله مناسبًا لإجراء التعديلات عليه حتى ولو لم يكن مناسبًا لدى بدايته.
 

وتعتبر دراسة لجامعة "هارفارد" أن هذا المنطق في الحصول على نمو سريع للشركات أصبح من الماضي للعديد من الأسباب، لعل أولها أن معدل فشل الشركات التي تعمل بهذا الأسلوب هو ضعف معدل فشل الشركات العادية، ويتعدى 85% في حالة الشركات التكنولوجية.
 

الدليل الثاني على تراجع هذا الأسلوب هو اضطرار "زوكربيرج" نفسه، وهو صاحب هذا الشعار، إلى تعديله بحيث يصبح "تحرك بسرعة اعتمادًا على بنية تحتية قوية"، وأزالت "فيسبوك" كافة المنشورات القديمة حول "الحركة بسرعة وتحطيم الأشياء".
 

"أمازون" و"آبل"
 

ولعل هذا يعود إلى خسائر الشركة في سوق الأسهم، ومنها تراجع قيمة الشركة بقرابة 20% وفقدانها لـ120 مليار دولار من قيمة الأسهم في يوم واحد (26 أغسطس 2018 تحديدا)، فضلًا عن وصولها لما يعرف في عالم الأعمال بدرجة "التشبع" في ظل نمو متراجع لعدد المستخدمين.
 

بل ووصل الأمر إلى حد اعتراف "زوكربيرج" نفسه بالحاجة إلى إجراء ما وصف بـ"التغييرات الجذرية" بعد حملات المقاطعة التي استهدفت الموقع، بسبب حوادث تسريب بيانات المستخدمين في أكثر من حادثة أحدثت ضجة كبيرة.



  

وتراجعت القيم السوقية لشركات تكنولوجية عملاقة مؤخرًا مثل "آبل" و"أمازون" بشكل رئيسي بسبب اعتمادها على استراتيجيات مشابهة في العمل، ففي أوائل شهر سبتمبر الماضي فاق سعر سهم أمازون 2040 دولارا، غير أنه تراجع إلى ما دون هذا المستوى بـ400 دولار حتى الأول من فبراير لتفقد الشركة 20% من قيمتها بعد أن أصبحت شركة تريليونية العام الماضي.
 

ويرجع هذا إلى التوسع الكبير في أنشطة الشركة، والحركة الكبيرة والسريعة لها، بما لذلك من آثار سلبية من عجز الإدارة عن متابعة كافة أنشطة الشركة بشكل واف، فضلًا عن عدم وجود النظام الرئيس الذي حقق لـ"أمازون" نجاحاتها الأولى، وهو في نظام المراقبة على البائع والمشتري وتقييم كليهما.
 

"تويوتا" المثال المعكوس
 

وعلى الرغم من النجاح اللافت الذي حققه "فيسبوك" والعديد من منصات التواصل الاجتماعي، على الأقل في تحقيق نمو قياسي في زمن وجيز، إلا هناك آلاف من المحاولات الفاشلة التي جاءت لإقامة منصات تواصل اجتماعي، عشرات منها على الأقل حققت نجاحًا لكنه لم يستمر.
 

ويمكن تذكر شركة "ماي سبيس" التي كانت منصة التواصل الاجتماعي الأولى قبل 10 سنوات، والتي تبنت استراتيجية "افعل ثم فكر لاحقًا" أيضًا، ولكن هذا لم يساعدها في مواجهة "فيسبوك" الذي أصبح رواده 1.3 مليار شخص بعدها بـ5 أعوام بينما أبقت "ماي سبيس" على 100 مليون مستخدم بعضهم غير نشط في العام نفسه.
 

وتسببت هذه الاستراتيجية التي تبناها "ماي سبيس" في أن يصبح الموقع الأكثر إنفاقًا على الدعاوى القضائية (استئجار المحامين) في الولايات المتحدة في عام 2009، حيث تحولت النظرة إلى الحركة بسرعة إلى "فوضى" لا تفضي إلى الفائدة المرجوة.



 

وتضع "هارفارد" شركة "تويوتا" لتصنيع السيارات كالبديل لسياسة التحرك بسرعة وتحطيم الأشياء، وذلك بوضع هدف واضح وهو تقليص تكلفة الإنتاج وتكلفة التشغيل بل وتكلفة استخدام السيارة نفسها كهدف رئيس مع الحفاظ على التطوير وزيادة إمكانات المحرك.
 

ولعل هذا ما دفع الشركة اليابانية إلى أن تكون من أوائل الشركات المساهمة في عمل السيارات "الهجينة" (تعمل بالبنزين والكهرباء معًا) وذلك بعد دراسات حول صعوبات حالية في عمل السيارات الكهربائية، ولأن الهجينة أكثر قبولًا من غالبية المستهلكين، بمعنى أنها شركة تتحرك استجابة للمستهلك ولكن لا تحكمها السرعة (المطلوبة قطعًا في التكيف) ولكن الاستراتيجية والأهداف.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة