نبض أرقام
05:40
توقيت مكة المكرمة

2024/05/20
2024/05/19
15:21
14:03
13:49

كيف تجاوزت أمريكا أزمة "التضخم الكبير" وتجنبت انهيارًا ماليًا حادًا في الثمانينيات؟

2019/06/06 أرقام - خاص

على مدار الستة أعوام المنتهية في 1964، حظيت الولايات المتحدة بمعدل تضخم يحوم حول 1% سنويًا، لكنه بدأ في الارتفاع بشكل ملحوظ منتصف الستينيات حتى وصل إلى نحو 14% بحلول عام 1980، واستغرق الأمر سنوات وجهودا مغامرة ومضنية قبل أن يهبط إلى ما دون 4% في أواخر الثمانينيات.

 

 

بينما يتجادل الاقتصاديون بشأن أهمية العوامل التي شجعت وأبقت التضخم مرتفعًا بشكل كبير في الولايات المتحدة لأكثر من عقد من الزمان، لم يختلفوا كثيرًا حول مصدره الرئيسي، وهو سماح الاحتياطي الفيدرالي بنمو مفرط في المعروض النقدي.

 

وخلال هذه الفترة التي عُرفت بـ"التصخم الكبير"، عزف المستثمرون عن ضخ أموالهم في سوق الأسهم الذي فقد 40% من قيمته خلال 18 شهرًا، وظل النمو الاقتصادي هشًا، ما تسبب في ارتفاع كبير بمعدل البطالة، إلى أن جاء "بولر فولكر" رئيسًا للفيدرالي، وهو مهندس الخروج من هذه الأزمة، لكن كيف نجح في نهاية المطاف؟

 

من هو "فولكر"؟

 

- "بول أدولف فولكر"، من مواليد نيوجيرسي، سبتمبر/ أيلول عام 1927، وتخرج في جامعة برينستون عام 1949، قبل حصوله على درجة الماجستير في الاقتصاد السياسي من جامعة هارفارد عام 1951.

 

- عمل "فولكر" كخبير لدى الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك خلال الفترة من عام 1953 إلى 1957، ومن ثم انتقل إلى مصرف "تيشس مانهاتن بنك" وعمل لديه حتى عام 1961، قبل أن يصبح نائبًا لوزير الخزانة، ثم نائبًا لرئيس "تشيس مانهاتن" حتى عام 1968.

 

- مع توليه منصب وكيل الشؤون المالية لوزارة الخزانة خلال الفترة من عام 1969 إلى 1974، كان "فولكر" المهندس الحقيقي لخطة تخلي الولايات المتحدة عن معيار الذهب وتخفيض قيمة الدولار، بحسب موسوعة المعلومات البريطانية "بريتانيكا".

 

 

- خدم "فولكر" في منصب المدير العام لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك خلال الفترة بين عامي 1975 و1979، قبل اختياره من قبل رئيس الولايات المتحدة "جيمي كارتر" لرئاسة الفيدرالي الأمريكي، تزامنًا مع بلوغ التضخم 13% تقريبًا، وظل في هذا المنصب حتى عام 1987.

 

- تولى "فولكر" أيضًا رئاسة المجلس الاستشاري الرئاسي لإنعاش الاقتصاد في عهد "باراك أوباما" خلال الفترة من عام 2009 إلى 2011، ولعب دورًا كبيرًا في الإصلاحات التي طالت "وول ستريت" وقانون "دود فرانك" وإرساء قواعد حماية المستهلك.

 

صبر ونجاح

 

- خلال فترة السبعينيات التي تأججت فيها الأزمة الأمريكية، قفزت أسعار النفط من نحو 3 دولارات إلى ما يزيد على 35 دولارًا بالتزامن مع تولي "فولكر" مهام رئيس الاحتياطي، وزاد سعر أوقية الذهب من 235 دولارًا إلى نحو 578 دولارًا.

 

- بالعودة للحديث عن قيادته للبنك المركزي الأمريكي، نجد أن "فولكر" ركز خلال ولايته الأولى على خفض التضخم، وإقناع العامة بأن رفع أسعار الفائدة بشكل هائل كان نتيجة الضغوط التي لحقت بالسوق وليس مجرد إجراءات من وحي خياله، بحسب موقع "فيدرال ريسيرف هيستوري" الذي يوثق المحطات التاريخية التي شهدها الاحتياطي الفيدرالي.

 

 

- ما لبث أن تولى قيادة الاحتياطي الفيدرالي، حتى رفع سعر الخصم بنسبة 0.5%، وركز على أزمة الديون في البلدان النامية، وأيد تعزيز احتياطيات صندوق النقد الدولي، وهو ما شكل ضغوطًا على عدد من الصناعات مثل الإسكان والسيارات، بحسب "إنفستوبيديا".

 

- بدت تجربة زيادة سعر الخصم التي انتهجها "فولكر" مبكرًا ناجحة في البداية، لكن التضخم واصل الارتفاع حتى تجاوز 14% (مقارنة بـ 2% حاليًا)، فتمسك "فولكر" بسياسة رفع الفائدة لامتصاص السيولة وكبح تزايد الأسعار، حتى قفز سعر الفائدة الرئيسي إلى 21.5% (2.5% حاليًا)، وبلغت عائدات أذون الخزانة 17%، وفائدة الرهون العقارية سجلت 18%، وكانت تلك المعدلات الأعلى في البلاد على الإطلاق.

 

- بحلول عام 1981، دخل الاقتصاد الأمريكي في حالة من الركود العميق، في ما عُرف آنذاك بـ"صدمة فولكر"، واقترب معدل البطالة من 11% (3.6% حاليًا)، وانتاب العامة شعور بالسخط تجاه رئيس الاحتياطي الفيدرالي، لكن رئيس البلاد في ذلك الحين "رونالد ريغان" أكد دعمه الكامل للرجل.

 

 

- ثقة "ريغان" في "فولكر" كانت في محلها، ولم يمض كثير من الوقت حتى بدأت سياسات الفيدرالي تؤتي أكلها، وانكسرت شوكة التضخم المرتفع في 1982، حيث شهد النصف الثاني من العام استقرار مؤشر أسعار المستهلكين، ونما الناتج المحلي الإجمالي في عام 1983 بنسبة 4.6% قبل أن يقفز إلى 7.2% خلال عام 1984.

 

بطل ومُعلم

 

- خلال ولايته الثانية، ركز "فولكر" على ألا يصحب زيادة المعروض النقدي ارتفاع في التصخم، كما أولى اهتمامًا أكبر للإصلاح الهيكلي لمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، الذي شمل حماية السلطة التنظيمية للبنك وتقييد الأنشطة المصرفية الخطرة، وعُرف بمعارضته لمنح المصارف التجارية القدرة على ضمان الأوراق المالية للشركات والانخراط في تطوير العقارات.

 

- بحلول عام 1986 انخفض التضخم السنوي إلى 2%، وحينها أقر الجميع بانتهاء الأزمة فعليًا، مع العلم أنه منذ انقضاء عام 1982، حظي الأمريكيون بأدنى معدل للفائدة بين مجموعة البلدان الصناعية الرئيسية.

 

- تقول صحيفة "ذي أتلانتيك": نجحت سياسات "فولكر" خلال قيادته للاحتياطي الفيدرالي في انتشال البلاد من أزمتها وتجنيبها الانهيار المالي الحاد الذي كان وشيكًا، ولو أن هناك جائزة "نوبل" للمهام الوطنية الرسمية، من المؤكد سيكون اسم "فولكر" ضمن قائمتها.

 

 

- من جانبه قال الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس "وليام بول": في الستينيات وأوائل السبعينيات، أبدى رؤساء البنك المركزي الأمريكي عدم رضاهم عن الارتفاع الكبير للتضخم، لكنهم دائمًا ما كانوا يتراجعون مع الشكوى المتكررة من ارتفاع تكلفة الائتمان، وهو ما يعلمنا أن فاعلية الفيدرالي يلزمها ثقة في قدراته وأفعاله.

 

- يضيف "بول"، أن الدرس الآخر هو قدرة الفيدرالي على خفض معدل البطالة إذا نجح في تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار، مشيرًا إلى أن مقولة "يمكننا التخلي عن حذرنا إزاء التضخم لزيادة الوظائف" لم تثبت حكمتها على المدى الطويل، لأن التضخم المفرط في النهاية لن يخلق بل سيدمر الوظائف.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة