استهلّت غالبية البنوك المحلية عام 2024، خصوصاً الكبرى، بسياسة إقراضية أكثر تشدّداً مع الوافدين عن 2023، ما يشي بأن التركيز الائتماني لا يزال موجهاً بشكل رئيس تجاه العملاء الكويتيين، وشريحة انتقائية من غير المواطنين، وفي مقدّمهم النخبة والمتخصصين.
وقالت مصادر مصرفية مسؤولة لـ«الراي»: «إن بنوكاً عدة شدّت حزامها الائتماني أكثر على الوافدين لتضيّق دائرة الوظائف المسموح بتمويل أصحابها، فيما استبعد بعضها من دفاتره محدودي الدخل، والعملاء الذين تقلّ رواتبهم عن 600 دينار شهرياً، خصوصاً الموظفين بشركات غير مدرجة في البورصة أو في أنظمتها».
غالبية البنوك
وأضافت المصادر أن قائمة التفضيل الوظيفي المعتمدة لدى غالبية البنوك المحلية لإقراض الوافدين باتت مختصرة أكثر، وأبرزهم العاملون بالقطاعين التعليمي والطبي من أطباء وممرضين، وفنيين، سواء كانوا العاملين بجهات حكومية أو شركات، بجانب الأئمة والمؤذنين والقضاة وشاغلي الوظائف النخبوية الذين تعتمد أعمالهم على عنصر الكفاءة، وكذلك أصحاب الوظائف المستقرة حكومياً وغير المرجح أن يشهدوا مزاحمة من كويتيين ضمن سياسة التوطين أقلّه على المدى المتوسط، إلى جانب المديرين في الشركات المعروفة، والعاملين بالقطاع الهندسي من مهندسين واستشاريين يتقاضون أجوراً تقارب 800 دينار، وكذلك المهنيين والمستقرين في وظائفهم منذ فترة طويلة.
سجل ائتماني
وقالت المصادر إن إستراتيجية غالبية البنوك تجاه إقراض الوافدين عموماً تركّز على العملاء الذين يملكون سجلاً ائتمانياً عالي الجودة، ومستحقات نهاية خدمة مناسبة بحيث تكفي لتغطية الجزء الأكبر من قروضهم في حال تم الاستغناء عنهم وظيفياً في فترة لاحقة، مشيرة إلى أن بنوكاً تقصر منح الحد الأقصى من القرض الاستهلاكي والمقرر بـ25 ألف دينار على غير الكويتيين الذين يتقاضون رواتب تقارب 1250 ديناراً، ولديهم مدد خدمة تتجاوز 10 سنوات متصلة.
وأضافت أن اتساع شهية المخاطر المنخفضة يغذي سياسة الإحجام المصرفي عن التمويلات غير المستقرة للدرجة التي باتت معها غالبية البنوك لا تفضل منح قروض للوافدين حديثي التعيين، وإن حدث ذلك يكون في نطاق محدود، ويعتمد القرار في المقام الأول على اسم ونوع الجهة التي يعمل فيها العميل.
شهادة جامعية
كما لا تميل هذه البنوك لإقراض الموظفين بعقود حديثة وتتجاوز أعمارهم 55 عاماً ويحصلون على رواتب تقلّ عن ألف دينار ولديهم شهادات تعليمية غير جامعية، موضحة أن إقراض هذه الشريحة يكون انتقائياً وبحدود ائتمانية قليلة المخاطر.
وكشفت المصادر أن البنوك لم تسجل خلال العام الماضي أي قروض جديدة للوافدين بالقطاع الحكومي، مع استثناءات متخصصة في بعض المصارف وغالبيتها صحية، والتي لا تشكل قاعدة ائتمانية يمكن أن يُبنى عليها، عازية ذلك إلى التراجع الحاد في تعيين غير الكويتيين بالوظائف الحكومية في 2023 وحصر تعييناتها بالمواطنين.
نسب نمو
وذكرت المصادر أن العام الماضي شهد إعادة جدولة لقروض عملاء وافدين ومنح قروض جديدة لآخرين عاملين بشركات مدرجة بالقائمة المفضلة، لكنهم يظلون لا يشكّلون وزناً مؤثراً في إجمالي المحافظ المصرفية، أو نسب نموها.
ولفتت إلى أن هذه الحالة أسهمت في تباطؤ نمو إجمالي قروض البنوك الكويتية عموماً لأدنى معدل متوقع بين البنوك الخليجية عن 2023، والذي قدرته شركة «إي إف جي هيرميس» في تقرير نشر أخيراً بنسبة 4 في المئة على أساس سنوي و1 في المئة على أساس ربع سنوي بالنسبة للربع الرابع.
وتوقّعت المصادر استمرار النمو الائتماني البطيء لشريحة قروض الأفراد غير الكويتيين حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي على أقلّ تقدير.
4 مصارف تقرض الوافد ولو راتبه 300 دينار ومعيّن منذ 4 أشهر
أمام التشدد الائتماني الذي تمارسه غالبية المصارف مع الوافدين، يتبادر إلى الذهن من يُقرض الوافدين حديثي التعيين ومتوسطي الدخل؟ في هذا الخصوص، أوضحت المصادر أن هناك نحو 4 بنوك من أصل 10 منفتحة بنسبة أكبر على تمويل الوافدين بشروط أكثر تيسيراً من المصارف منخفضة الشهية على هذه الشريحة.
وبيّنت المصادر أن هذه البنوك هي التي لا تجد حيّزاً ائتمانياً مناسباً يلبي خططها للنمو الطموح بقطاع الأفراد بسبب المنافسة الحامية على شريحة الكويتيين التي فتحتها البنوك الكبرى العام الماضي تحت عنوان «القرض الحسن»، واستحوذت بسببها على الشريحة الأكبر من الكويتيين المؤهلين للاقتراض، والتي تحتاج المنافسة عليهم مجدداً بين 3 إلى 5 سنوات، وهي الفترة التي يشترطها البنك المركزي لانتقال العميل إلى بنك آخر بعد مرور 30 في المئة من مدة السداد.
وأفادت المصادر بأن البنوك التي لا تستطيع تمنية النفس بقفزة في حصتها السوقية بقطاع الأفراد الكويتيين بسبب المنافسة القوية عليهم من بنوك عدة، تستعيض عن ذلك بالتوسّع في إقراض الوافدين طلباً للنمو الائتماني في محافظها من أي نافذة مشرعة، أخذاً بالاعتبار متطلبات مكافحة تباطؤ النمو الائتماني في قطاع الأفراد بسبب ارتفاع تكلفة التمويل، موضحة أن هذه البنوك مدفوعة أيضاً بدراسات سوقية تفيد بأن نسبة التعثر بين الوافدين غير مقلقة.
وقالت المصادر إن هذه المصارف تشترط المبادئ العامة للإقراض الفردي الجيد، ومن ضمنها أن يكون لدى الشركة التي يعمل بها العميل تعاملات مع البنك أو أن تكون الشركة معروفة ولديها تاريخ معلوم، لكنها تقبل مخاطرة أوسع من المصارف المتشددة لجهة سنوات الخبرة ومعدل الراتب، وحجم مكافأة نهاية الخدمة، مبينة أنه بإمكان الوافدين أصحاب الرواتب التي تزيد على 300 دينار الاقتراض من هذه البنوك ولو كانوا موظفين منذ 4 أشهر وهي فترة التثبيت المطلوبة قانوناً.
وأوضحت أن هذه البنوك تزيد مصداتها الحمائية إلى ذلك من خلال اعتماد قائمة شركات أكثر توسّعاً من المعمول بها في البنوك المتحفظة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}