مستقبل السفر: كيف يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تصبح مركزاً عالمياً للسياحة بحلول عام 2035

تتيح الوجهات في مختلف أنحاء العالم للمسافرين الاستمتاع برحلة ضمن عمق التاريخ وثقافات ومعالم جذب سياحية وطبيعية جديدة.

وقال محمد عبد الله الزعابي، الرئيس التنفيذي لميرال، في مقال رأي: سواء كنا نقف في رهبة عند سفح أهرامات مصر القديمة، أو نتجول في شوارع طوكيو المزدحمة، فمما لا شك فيه أن هذه التجارب تأسر مخيلتنا وتسمح لنا بالخروج من محيطنا لاستكشاف عوالم جديدة.

ومع استمرار تطور المشهد السياحي العالمي، نلاحظ حماساً مصدره التحولات التي تشهدها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي.

ومع الأهداف الطموحة لتنويع مصادر دخلها الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط، تعتبر السياحة حجر الزاوية في هذا التحول.

وأضاف: بفضل رؤية القيادة الرشيدة لهذه الدول والمبادرات الاستراتيجية التي أطلقتها، تولدت قناعة راسخة  بأن المنطقة باتت مستعدة ومؤهلة لأن تكون مركزاً سياحياً عالمياً بحلول عام 2035.

كيف يبدو المشهد الحالي

بمجرد أن نتخيل كيف ستبدو دول مجلس التعاون الخليجي بحلول العام 2035 يغمرنا شعور بالفخر والترقب.

لقد وضعت دول مجلس التعاون الخليجي خططاً تحمل أهدافاً طموحة في إطار رؤية كل منها لعام 2030 بهدف تقليل اعتمادها على النفط، وبما يضمن النمو الاقتصادي المستدام من خلال السياحة.

على سبيل المثال، من المتوقع أن يستحوذ قطاع السياحة في دولة الإمارات على نسبة كبيرة تصل إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.

وتتوقع أبوظبي استقبال ما يصل إلى 39.3 مليون زائر بحلول عام 2030، مما سيدفع عجلة النمو الاقتصادي بشكل كبير.

ومع الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في تحقيق التزامها الثابت بالتنويع الاقتصادي، شهدت المملكة زيادة كبيرة بنسبة 56% في عدد السياح الدوليين في عام 2023، مع خطط لاستقطاب 150 مليون زائر بحلول عام 2030، بما يتماشى مع استراتيجيتها الوطنية للسياحة.

وقد ساهمت هذه الزيادة بأكثر من 250 مليار ريال سعودي في الاقتصاد ، مما عزز دور السياحة وأهميتها في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بما يتجاوز 7%.

من المتوقع أن تستقبل دول مجلس التعاون الخليجي بحلول العام 2030 ما يزيد عن 128,7 مليون مسافر، وسيصبح بإمكان هؤلاء زيارة واستكشاف جميع دول المجلس بتأشيرة واحدة على غرار "شنغن".

كما سينتج عن هذا التعاون الاستثنائي بين دول مجلس التعاون مفهوم جديد للسياحة في المنطقة وسيساهم ذلك في تعزيز نمو الاقتصاد بشكل كبير، وزيادة فرص العمل، إلى جانب إبراز تراثنا الثقافي الغني، ومواقعنا الطبيعية الخلابة، بالإضافة إلى مشاركة كرم ضيافتنا الأصيل مع العالم أجمع.

وتزيد هذه التوجهات ثقةً بأننا سنتجاوز طموحاتنا الحالية خلال عقد من الزمن.

ويتوقع أن تستقطب المنطقة أكثر من 200 مليون زائر وأن تصبح السياحة عماد الاقتصاد.

مرافق وشبكة ربط متطورة

قال الزعابي إن المنطقة ستمثل مثالاً يحتذى به عالمياً في قطاع السياحة والترفيه من خلال الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والربط بين شبكات النقل براً وجواً وبحراً.

وأضاف: لنتصور وجود شبكة سكك حديدية على غرار تلك التي في أوروبا، حيث تتيح التنقل بسلاسة عبر البلاد، هذا بالإضافة إلى سهولة الحصول على تأشيرة موحدة لدول مجلس التعاون، عندها سيتسنى لنا امتلاك منظومة سفر رائدة تعزز الربط الجوي ونمو قطاعات السياحة بشكل لافت.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تمنح دولة الإمارات أولوية كبيرة لتعزيز البنية التحتية السياحية.

فمن المتوقع أن يشكل مطار زايد الدولي الذي تم افتتاحه حديثاً بطاقة استيعابية تبلغ 45 مليون مسافر سنوياً، مركزاً رائداً على مستوى حركة النقل الجوي عالمياً.

وفي الوقت نفسه، سيكون المبنى الجديد أكبر مطار في العالم بقدرة على التعامل مع 250 مليون مسافر سنوياً.

ويسلط التقدم الذي أحرزته السعودية من المركز 27 إلى المركز 13 في مؤشر الربط الجوي الصادر عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا-IATA)، الضوء على النمو الذي حققته في مجال الطيران مع مبادرات مثل إطلاق شركة "طيران الرياض" وتوسعة مطار الملك سلمان الدولي.

علاوةً على ذلك، يشهد قطاع الضيافة في قطر ازدهاراً بعد استضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022.

وتوقع تقرير خاص بوكالة الاستشارات العقارية العالمية "نايت فرانك" بأن يشهد القطاع نمواً بنسبة 89% من خلال ما يزيد عن 56,000 غرفة فندقية بحلول عام 2025.

وتساهم عُمان والكويت أيضاً في دعم مشهد السياحة في المنطقة.

وتعمل شركة الطيران الاقتصادي العمانية الجديدة على تعزيز تواجدها في مجال الطيران، في حين يعكس المبنى رقم 2 الذي أوشك على الانتهاء في مطار الكويت الدولي التزام الكويت بتطوير بنية تحتية متميزة في مجال النقل.

الترفيه والثقافة

عند التفكير في التجارب الاستثنائية ووجهات الترفيه المناسبة للعائلات بحلول عام 2035، نستطيع أن نقول بكل ثقة إن دول المجلس مستعدة لاحتلال مرتبة الصدارة.

وقال رئيس ميرال: تفخر دولة الإمارات باحتضانها مجموعة واسعة من أفضل المدن الترفيهية والمعالم السياحية عالمياً.

وتوفر أبوظبي مجموعة استثنائية من التجارب العالمية - بدءاً من الألعاب المشوقة في عالم فيراري، جزيرة ياس أبوظبي، إلى أكبر حديقة ترفيهية داخلية للحياة البحرية في العالم سي وورلد جزيرة ياس، بالإضافة إلى المغامرات التي تتحدى الجاذبية في كلايم أبوظبي.

ولا شك بأن إمارة دبي تضيف إلى هذا النسيج الترفيهي العديد من الوجهات المتميزة مثل أتلانتس أكوافنتشر، وآي إم جي عالم من المغامرات، والقرية العالمية النابضة بالحياة، حيث يقدم كل منها تجربةً فريدة من الترفيه والمغامرة بما يلبي تطلعات الزوار على اختلاف اهتماماتهم.

تستثمر السعودية حالياً بشكل كبير في الوجهات الترفيهية، وذلك من خلال المشاريع الطموحة مثل مدينة القدية الترفيهية بما تضمه من وجهات ترفيهية عالمية المستوى، بما في ذلك مدينة "سيكس فلاغز".

علاوة على ذلك، سيكون مشروع "ذا ريج" "The Rig" أول وجهة سياحية في العالم على منصة نفط بحرية، تحتفي بالتاريخ العريق للمملكة في مجال النفط والغاز.

من ناحية أخرى، كان لصعود السياحة أثره في تعزيز مكانتنا ومسارنا على المستوى العالمي.

وقد أصبحت وجهات مثل جزيرة ياس وجزيرة السعديات نقاط جذب لاستضافة العديد من المؤتمرات والمعارض الدولية، وذلك بعد نجاح إكسبو 2020 دبي الذي استقبل أكثر من 24 مليون زائر.

وتوفر المعالم الثقافية مثل متحف اللوفر أبوظبي، وقصر الوطن، ومتحف دبي للمستقبل، إلى جانب المعالم السياحية القادمة مثل متحف التاريخ الطبيعي، للزوار لمحة عن تنوع تاريخ المنطقة ونسيجها الثقافي.

وتهدف العلا، في السعودية، إلى استقبال مليوني زائر لخوض تجارب الترفيه والثقافة، فضلاً عن توفير 40,500 فرصة عمل بحلول عام 2035.

كما تعد دار الأوبرا في كل من الكويت وعُمان من المعالم الثقافية البارزة في دول مجلس التعاون.

كما تستقطب المنطقة حقوق الملكية الفكرية على مستوى العالم، ويتضح ذلك من خلال وصول تجارب الفن الرقمي الغامرة مثل "تيم لاب بوردرلس" في جدة و"تيم لاب فينومينا" في أبوظبي.

الرياضة محفز للنمو الاقتصادي

تلعب الأحداث الرياضية دوراً محورياً في دفع الرؤية العالمية والنمو الاقتصادي لمنطقتنا.

وإذا ما أخذنا دولة الإمارات على سبيل المثال، فنحن نفخر باستضافة البطولات والأحداث الرياضية الدولية مثل مباريات دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA) أبوظبي، وسباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1، الذي يقام أيضاً في السعودية وقطر والبحرين، واستقطاب المشجعين الدوليين واستعراض قدراتنا كوجهة رائدة للسياحة الرياضية.

ومن خلال نجاحها في الحصول على حقوق استضافة كأس العالم في عام 2034 والتخطيط لاستضافة أحداث مثل بطولة المصارعة العالمية الترفيهية "WWE"، تساهم السعودية بدورها أيضاً في إحداث الزخم باعتبارها وجهة رئيسية للأحداث الرياضية الكبرى.

وما زال إرث استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم يتردد صداه بصورة إيجابية في جميع أنحاء دول التعاون، حيث شهدت قطر ارتفاعاً كبيراً بنسبة 31% في مساهمة السياحة في الناتج الإجمالي المحلي.

لقد شهدت الفنادق قبل الحدث ارتفاعاً كبيراً في معدلات الإشغال بلغت نسبتها 85%.

في حين استقبل مطار حمد الدولي في الدوحة ما يزيد عن 20 مليون مسافر.

وبالتطلع إلى المستقبل، نستطيع القول أن النهج الملهم الذي تتبعه دول التعاون نحو تحقيق رؤى طموحة وتبني استراتيجيات مبتكرة سوف يضمن ترسيخ مكانة المنطقة لتغدو مركزاً سياحياً عالمياً رائداً بحلول عام 2035.

ويتبنى قادة المنطقة رؤية جديدة في التفكير؛ وريادة في التوجه وتحمل الأعباء والمسؤوليات للتحول نحو مستقبل مستدام وحيوي.

إننا نستشرف منطقة يصبح فيها بإمكان الزائر أن يستقل القطار من أبوظبي إلى الرياض، وتضم ما يزيد على 750 بوابة مطار ترحب بنحو 600 مليون زائر.

وأؤمن بنجاح المنطقة في العام 2035 – ومضيها قدماً نحو مستقبل حافل بالفرص والازدهار.