نظرة في قانون زكاة الشركات المساهمة (3)

أشرت في مقالي السابق إلى أن القانون رقم 46 لسنة 2006 بشأن إلزام الشركات المساهمة العامة والمقفلة بحصة من الزكاة الواجبة عليها، لم ينص على شروط وجوب الزكاة في أصول الشركات، سواء أكانت أصولاً ثابتة أم متداولة، وبسبب هذا الخلل الجوهري فإن القانون لم يعالج كثيراً من المسائل المتعلقة بزكاة الشركات المساهمة مع أهميتها.

أما مقالي هذا فإن الحديث فيه سيدور حول إشكال آخر لا يقل أهمية عن سابقه، ويتمثل هذا الإشكال في احتساب القانون زكاة الشركات بناءً على صافي أرباحها دون أصولها الزكوية، إذ جاء في المادة الأولى منه بما نصه:

• تحصل نسبة مقدارها %1 سنوياً من صافي أرباح الشركات الكويتية المساهمة العامة والمقفلة.

مما يعني أن الشركة المساهمة أو المقفلة لا تجب عليها الزكاة إلا في حال تحقيقها أرباحاً، أما لو تعرضت لخسارة، فلا تجب عليها الزكاة.

إن هذه الطريقة التي أخذ بها القانون اشتملت على إشكالين رئيسين، أولهما أن احتساب زكاة الشركات المساهمة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية يقوم على تزكية الأصول الزكوية وليس صافي الأرباح، ولو رجع المشرع إلى قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 121 بشأن زكاة الأسهم المقتناة بغرض الاستفادة من ريعها، الذي صدر في دورته الثالثة عشرة، المنعقدة بدولة الكويت في الفترة من 2001/12/27-22م لوجد فيه بغيته، إذ جاء فيه: «إذا كانت الشركات لديها أموال تجب فيها الزكاة كنقود وعروض تجارة وديون مستحقة على المدينين الأملياء، ولم تزك أموالها، ولم يستطع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الموجودات الزكوية، فإنه يجب عليه أن يتحرى ما أمكنه، ويزكي ما يقابل أسهمه من الموجودات الزكوية، وهذا ما لم تكن الشركة في حالة عجز كبير بحيث تستغرق ديونها موجوداتها»، أما الإشكال الثاني فيتمثل في أن ربط الزكاة بصافي أرباح الشركة غير منضبط، إذ إن الشركة قد تقوم بتقييم أصولها بالقيمة التاريخية دون القيمة العادلة، وقد تقل التاريخية عن العادلة كثيراً، والعكس صحيح، فتسجل الشركة خسائر بدلاً من تسجيلها أرباحاً، كما أن بعض الشركات قد تبالغ في أخذ المخصصات ـ أكثر من اللازم ـ فتقل أرباحها، وكل هذا مؤثر في الزكاة الواجبة، وقد انتبهت اللائحة التنفيذية إلى هذا الإشكال، لكنها لم تتمكن من معالجته معالجة كاملة، إذ جاء في المادة رقم 2 منها ما نصه: «ولا يعد من قبيل المصروفات والتكاليف الواجبة الخصم المخصصات والاحتياطيات التي تعدها الشركة، باستثناء المخصصات والاحتياطيات التي تعدها البنوك وشركات التأمين وفقاً لمعايير ولوائح الجهات المعنية بالرقابة عليها».

إن إلزام الشركات المساهمة بإخراج الزكاة وفق هذا المعيار لن تبرأ به ذمة المساهمين أمام هذه الشعيرة، لسببين؛ أولهما: أن الزكاة لم تخرج عن كامل أصولهم الزكوية، وأما السبب الثاني: فهو اقتصار القانون على ما نسبته %1 من صافي الأرباح، وأحسب أن الحديث في مسألة النسبة التي أخذ بها المشرع أمر يستحق النظر والدراسة، إلا أنني سأؤجل الحديث عنه إلى الأسبوع القادم بإذن الله.