الإدارات الجمركية.. أهميتها ودورها في التنمية

تعتبر سلطات الجمارك من أهم السلطات الحكومية بدول العالم نظرا للدور الكبير والخطير الذي تقوم به في مساعدة الجهات الرقابية بالدول عبر الحدود من خلال تطبيق أحكام الرقابة الأمنية والصحية والزراعية والبيئية والإعلامية وغيرها من الأحكام فضلاً عن تحصيل الرسوم الجمركية التي تمثل رافداً مهماً للدخل القومي.

وتواجه الإدارات الجمركية في دول العالم ضغوطا شديدة ومتزايدة من المجتمع التجاري المحلي والدولي في ظل عصر العولمة وتحرير التجارة، وأصبحت مهام السلطات الجمركية معقدة ومتجددة، حيث أصبح من أهم واجبات الجمارك في الحقبة الأخيرة هو تشجيع التجارة كمطلب أساسي لمنظمة التجارة العالمية وهذا يحتاج بالطبع إلى إحداث توازن بين الرقابة من جهة وتسهيل الإجراءات الجمركية من جهة أخرى.

وفي إطار مواكبة عولمة النشاط الاقتصادي وتحرير التجارة العالمية، سعت الإدارات الجمركية إلى تطبيق توجهات منظمة الجمارك العالمية باستخدام نظم جمركية جديدة لتطوير منظومة العمل بها، والتحول من سلطات لجباية الرسوم إلى سلطات تقدم خدمات جمركية مميزة ومتكاملة تهدف إلى تشجيع وتيسير حركة التجارة وجذب الاستثمارات.

ودعما لهذا التوجه شاع استخدام اصطلاح الإدارات اللوجستية ليعبر عن كافة أشكال الدعم البشرية والمادية والتنظيمية التي تسهل العمليات الجمركية وتجعل المنافذ والموانئ بوابات تعبر منها السلع والبضائع في أسرع وقت، مما يخفض النفقات ويحقق مفهوم الجودة متمثلة في رضا المتعاملين مع الإدارات الجمركية وثقتهم في العاملين بها.

ولما كان الخلاف بين الجمارك وأصحاب البضائع ليس مستبعداً كان لابد من وضع نظم قانونية تهدف إلى سرعة الفصل في المنازعات الجمركية بأقل تكلفة ممكنة، وقد تجسدت هذه الأنظمة في إصدار القوانين الموحدة مثل القانون الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي. وهكذا تعاظم دور الجمارك في تنمية التجارة البينية الدولية وفي الحد من المنازعات الجمركية فضلا عن تعدد آليات تسويتها.

وبالرغم مما تم تحقيقه من تقدم في سبيل تحرير إجراءات التجارة يرى البعض أن الإجراءات الجمركية لا تزال معقدة مما سيكون له تأثير على القدرة التنافسية ومستوى الاستفادة من جهود تحرير التجارة، لذلك نرى أن التحديث الجمركي أصبح مطلبا مهما للتعامل مع التجارة وممارستها من خلال تبني المبادرات الجمركية الناجحة.

واختلف مفهوم عمل الإدارات الجمركية باختلاف مهامها، نتيجة التطورات الاقتصادية التي عرفتها الدول، حيث نجد أن هذه الإدارات تسعى جاهدة لمواكبة التغيرات في الاقتصاد العالمي، بصفتها جهات تنفيذية وباعتبارها وسيلة فعالة في تطبيق السياسات الاقتصادية المتبناة من قبل الدول، فهي تتكفل بتأمين الاحترام الكامل لقوانين المبادلات الخارجية دون أن يشكل ذلك عائقا في وجهة تحرك السلع عبر الحدود، وذلك عن طريق رفع الاختناقات عن الساحات التابعة للمطارات والمواني والمنافذ البرية لتصبح مناطق عبور وليست مناطق تخزين وبالتالي تعمل من أجل أن تصبح هذه الدول قادرة على المنافسة الدولية.

ومما لا شك فيه أن تطبيق البرامج الجمركية الحديثة واستخدام التكنولوجيا الحديثة وتحقيق التنسيق الفعال مع كافة الجهات الحكومية المعنية بالإفراج عن السلع والبضائع عبر المنافذ الجمركية والشراكة مع المجتمع التجاري، سيسهم بدور كبير في تفعيل دور المنافذ والمواني في تسهيل التجارة وسيؤدي إلى زيادة حجم التبادل التجاري وسيؤثر إيجابا على التنمية الاقتصادية.

وهكذا يتضح أن الإدارات الجمركية تعتبر من أهم أركان التجارة الدولية وتلعب دورا رئيسيا في تيسير التجارة، كجهة مسؤولة عن تنفيذ ومتابعة السياسات والقرارات الخاصة بعمليات الاستيراد والتصدير والرقابة في المنافذ الحدودية وتؤثر على حركة انسياب وتدفق البضائع فيما بين الدول.