الصانع حصل على 20 مليار دولار من 181 بنكا منها 3 مصارف كويتية

فيما يترقب اكثر من 118 مصرفا في الكويت والخليج وحول العالم بدء نظر القضايا المتهم فيها الملياردير السابق معن الصانع, سواء في جزر الكايمن او السعودية او البحرين او الكويت او نيويورك وكذا محاكمة كبار مساعديه وعلى رأسهم غلين ستيوارت في كاليفورنيا, كشفت صحيفة سويسرية شهيرة "بيلانز" عن اسرار جديدة في قصة تورط الصانع في العديد من المخالفات المالية والمصرفية في تقرير ينشر للمرة الاولى للمحرر المالي ليو موللر, وتبين من التقرير ان واقعة مرض سليمان القصيبي كانت سببا وراء تجوال الصحيفة للكشف عن المزيد من الاسرار, فقد تبين ان هناك وثائق نسبها الصانع لسليمان القصيبي في نفس الوقت الذي كان فيه الاخير يرقد بين الحياة والموت في احد المستشفيات السويسرية, ففيما كان سليمان القصيبي بالعناية المركزة في المستشفى اواخر فبراير 2009 ولا يمكنه التوقيع على اية اوراق او نقاش اي امر مالي او عائلي او شخصي نظرا لدخوله في الغيبوبة, كانت هناك قروض موقعة باسمه لعدد من المصارف تحصل بموجبها الصانع على جانب من المليارات محل الخلاف والتقاضي, وقد كانت هذه المفارقة بداية جادة للبحث عن سر المليارات التي حصل عليها الصانع وورط اسرة زوجته من عائلة القصيبي فادخلها دائرة الديون لقروض لم تحصل عليها ولم تدخل خزانتها.

وان كان المرحوم باذن الله سليمان القصيبي وافته المنية في 22 فبراير 2009 عن 82 عاما, فان الاسابيع التالية كشفت عن حجم الانهيار المالي الذي احدثته التواقيع المزورة والتي ثبتت من خلال 3 جهات رسمية وشبه رسمية:

حسب ما صدر عن جهة بحرينية معنية بمكافحة التزييف والتزوير .

الثانية: حسب ما صدر عن جهة حكومية في ابوظبي اثبتت تزوير تواقيع سليمان القصيبي.

الثالثة: ما كشفته خبيرة التواقيع المشهورة اودري غيلز حيث قالت ان ما يقارب الـ 500 وثيقة مزورة بلغت قيمتها عدة مليارات من الدولارات.

وحسب رصد بيلانز وليو مللر, فان اجمالي المصارف الدائنة للصانع بلغ 118 مصرفا تتوزع على القارات الخمس من بينها 3 مصارف كويتية, منحته قروضا فاقت الـ 20 مليار دولار, وقالت المجلة: ان سمعة ومكانة عائلة القصيبي كانت بمثابة الضمانة لدى المصارف لتضخ ملياراتها للصانع, وازاء ضخامة الكارثة كانت هناك 3 امور مهمة هي:

الاول: قرار الدائنين اتخاذ اجراءات قانونية بحق الصانع في مجلس الشيوخ الاميركي معتبرة ان ذلك احد اكبر مخطط احتيالي يقوم به رجل اعمال في تاريخ البنوك.

الثاني: المحامي الجنائي الأميركي ايريك لويس الذي يقود المعركة القانونية لإعادة الاعتبار لمجموعة القصيبي يعترف بعد 27 عاما من الخبرة الطويلة في نظر قضية مادوف وانهيار بنك الاعتماد والتجارة, يقول عندما قدم شهادته في جلسة استماع اللجنة المالية في الكونغرس في شهر سبتمبر الماضي: ان قضية الصانع هي الأكبر من حيث الاحتيال والسرقة, اذ تم من خلالها غسل ما يقارب التريليون دولار أميركي وخسارة اكثر من 20 مليار دولار.

قام سايمون تشارلون, وهو محقق في قضايا احتيال في مكتب ديلويت باطلاع الكونغرس على الشبكة التي اسسها معن الصانع والتي امتدت من دول الخليج الى سويسرا فجزر الكايمان, وحول استغلاله لسمعة عائلة القصيبي للقيام بذلك. وفي هذا الاطار, صرح تشارلون الذي بدوره حقق في قضية الاختلاس هذه قائلاً: ان عملية الاحتيال التي قام بها الصانع هي غاية في التطور وتطلبت استخدام تقنيات عالية الجودة والسرية.

وفضلا عن الامور الثلاثة السابقة فان بنك البحرين المركزي اقر حين احال الامر للنيابة العامة في البحرين واغلاقه مصرف اوال بان هناك محاولات مشبوهة ومخالفات جسيمة غير مسبوقة, وقد عزز المركزي البحريني رؤيته من خلال تقريري ارنست اند يونغ وهيبس البريطانية المحدودة وكلاهما عدد المخالفات التي ارتكبت من قبل الصانع وبنك اوال وشبكة متكاملة من المسؤولين كانوا يعملون وفق اوامر الصانع حسب تقارير تلك الجهات, كما كشفت احدى الشركات الاميركية عن تحويلات قام بها الصانع من صرافة القصيبي تجاوزت الـ 160 مليار دولار منها 5 مليارات لحساباته الخاصة وقد ارغمت محكمة في نيويورك 4 من اكبر المصارف العالمية للافصاح عن التحويلات وتواريخها وحجمها, وضمت المصارف بنك اوف اميركا واتش اس بي سي وستاندرد اند تشارترد.

وفيما كشفت بيلانز عن سر قيام البنوك بعدم التدقيق ومنحها مليارات الدولارات للصانع بتواقيع ثبت عدم صحة بعضها, القت الضوء على تطور ثروة الصانع والتي انطلقت من علاقة المصاهرة مع اسرة القصيبي فقط وغير ذلك لم تشر المجلة الى اية استثمارات او سابقة اعمال قام بها الصانع قبل ان يحصل على الجنسية السعودية قالت المجلة انها حصلت على محاضر تحقيق ضمت بعضا من عمليات الاحتيال التي قام بها الصانع واظهرت تبخر 9 مليارات دولار واختلاسها من 118 بنكا حسب تعبيرها واعتبرت المحاضر ان تلك العملية من اكبر عمليات الاحتيال كما قال احد الضحايا لمعد التقرير.

وامام تلك الكارثة والمقرر لها ان تشهد مزيدا من التفاعل خلال الفترة المقبلة في عدة محاكم حول العالم تنقل المجلة عن محامي الصانع استهانته بحجم الازمة فيكتفي بالقول : لا توجد اتهامات موجهة لموكلي معتبرا انه نزاع شخصي بين طرفين تجاريين حيث يبلغ حجم تجارتهما مليارات الدولارات وهو الامر الذي تنفيه الوقائع جملة وتفصيلا منذ قدوم الصانع للسعودية وبدء عمله في صرافة القصيبي واسناد سليمان القصيبي له من قبل ادارة حصة العائلة من اسهم في احد المصارف الكبري, وقد تبين ان الصانع حين تولى ادارة الصرافة المعروفة في السعودية والمملوكة تاريخيا لاسرة القصيبي العريقة في مجال التجارة حرص على خلق دائرة من الموظفين تستمع فقط لاوامره مما مهد له الطريق للقيام بتحويلات فاقت الـ 160 مليار دولار .

ومن المثير حسب المجلة فان الصانع الذي بدأ حياته موظفا في صرافة القصيبي - شغل مدير تشغيل قسم صغير من شركة القصيبي - بلغت مصاريفه الشهرية حسب محاميه ليزلي اكثر من 800 الف دولار , ومن عام 1980 تاريخ ارتباطه باسرة القصيبي حتى 2003 حين فوجئ العالم خصوصا في الخليج باحتلاله المركز 62 في قائمة فوربس لمليارديرات العالم بثروة بلغت 7 مليارات دولار .

وتقول بيلانز : في عام 2003, اصبح سليمان القصيبي رب الاسرة, وفي تلك الاثناء كان الصانع يعمل على بناء سمعته الخاصة كمستثمر ثري واستحصل في تلك المرحلة على الجنسية السعودية وظهر اسمه في الموقع 62 على قائمة فوربس لاثرياء العالم لعام 2009 بثروة قدرت قيمتها بسبعة مليارات دولار. وهذا يعد انجازا كبيرا في عالم المال والاعمال. وبعد ذلك, قام الصانع بتوسيع شركة الصيرفة وافتتح مكاتب جديدة لها في الخبر, كما حظر على موظفيه التواصل مع مدراء الاقسام الاخرى مصرا على وضع كل خطوط الاتصال الهامة تحت تصرفه... ومن خلال مجموعة سعد, نجح الصانع في تأسيس امبراطوريته الاستثمارية الخاصة به, وذلك في مجال استثمار العقارات الفاخرة في لندن واعمال الطاقة في سيدني وتجارة الماس وتملك طائرات من طراز ايرباص. وفي عام 2007, اشترى الصانع حصة بـ 3% في اكبر البنوك البريطانية من خلال عملية مازالت تتكشف اسرارها حيث عمد الى اصدار صكوك لكنه لم يجمع الا نحو 650 مليون دولار فيما كانت الصفقة بـ 6.6 مليار دولار ثم اختفاء اسم الشركة التي قامت بعملية الشراء وهي سنجولاريس وتقول بيلانز: اصبح الصانع اكثر نفوذا من والد زوجته. اما في جنيف, فقد اسس الصانع شركة سعد للخدمات المالية بالتعاون مع مدراء اجانب.

في عام 2003, اسس الصانع مصرفا لحساب المؤسسة المصرفية الدولية وذلك في الطابق الثاني عشر من برج شيراتون في البحرين.

فضلا عن ذلك, اتهمت عائلة القصيبي الصانع بانه وقبل ذلك كان قد نجح في بناء حقيبة استثمارية خاصة استندت الى اتفاقات ائتمان وهمية وذلك كخطوة استكشافية لعملية الاحتيال, لكن احدا لم يهتم لهذا الامر. وادار الصانع المؤسسة المصرفية العالمية بنفسه لغاية 2005 الى ان تراجع منصبه بعد ذلك ليتولى حموه منصب رئيس مجلس ادارة المؤسسة. وفي مايو 2009, انهى النظام الذي كان الصانع يسيطر عليه في جميع المعاملات الهامة نفسه حتى النهاية, وذلك وفقاً لتقرير التحقيق المقدم الى البنك المركزي في البحرين من قبل مدققي ارنست اند يونغ, وقد نفت عائلة القصيبي ان يكون افراد العائلة او سليمان القصيبي على اطلاع وثيق بعمليات المؤسسة المصرفية العالمية.

وبهذه القضية, ابدى المحققون اهتماما بالغا في امكانية الحصول على دليل واحد يثبت وجود بنك سليم, فقد اكتشف المحققون 64 جهاز كمبويوتر و 7 سيرفرات وكانت المفاجأة المدوية انه لا صحة لوجود زبائن حقيقيين, وان الاتفاقات والقروض مزورة بالكامل فضلا عن التلاعب الحاصل بمحاضر الاجتماعات, وبحسب تقرير المدققين, فقد اعترف الموظفون الذين تم استجوابهم ان لا وجود لعميل واحد للبنك, كما أنه لم يكن لديهم أي اتصال مع الزبائن وليس لديهم أية معلومات بشأن وثائق متعلقة بضمان القروض. وفي السياق عينه, اكتشف المحققون التقنيون أنه تم التحكم بأجهزة الكمبيوتر كافة عن طريق برنامج خاص من الخارج, وتم التحكم بجهاز الكمبيوتر الخاص بالمدير التنفيذي للبنك عن بُعد, واللافت في الموضوع هو قيام إحدى الموظفات بالمحافظة على بعض الملفات خارج مقر البنك, فاصطحبت هذه الموظفة المحققين الى موقف للسيارات تحت الارض وارشدتهم الى حيث أخفت هذه الوثائق في كيس من البلاستيك داخل صندوق سيارتها مؤكدة انها تلقت تعليمات للعبث بهذه الوثائق.

ونتيجة لذلك, تكونت مجموعة من الشكوك حول وهمية المصرف ودخلت عدة مصارف دائرة الشكوك ومنها اتش اس بي سي, ودويتشه بنك الالماني وبي ان باريبا, وسيتي بنك, ويو بي اس وكريديت سويس, وكان من المفارقات ان ارسلت اتفاقيات القروض بواسطة الطريق البري من البحرين للسعودية عن طريق غلين ستيوارت لتعود للبحرين حاملة تواقيع سليمان القصيبي ومن هنا بدات وتكرست اكبر عملية احتيال مصرفي. وهنا خلص الخبراء الجنائيون الى استنتاج مفاده ان توقيع سليمان القصيبي مزور عدة مرات وعلى ملفات وصفقات مختلفة فضلا عن تزوير محاضر اجتماعات لم يحضرها سليمان أصلاً, فمثلاً وجود محضر اجتماع بتاريخ 21 فبراير 2009 برئاسة القصيبي في حين ان هذا الاخير كان يرقد في المستشفى في زيوريخ وتوفي في اليوم التالي.

ويختم الكاتب: بالرغم من كل عمليات الاختلاس هذه وتبييض الاموال, لا يزال الصانع حراً طليقاً مع تعرضه لحظر سفر بغية الحد من تحركاته وما يزال يذهب الى عمله في مدينة الخبر تاركاً لمحاميه مهمة التواصل مع المحاكم, مبتعداً عن إثارة الضجة الاعلامية من خلال تقليص المعلومات الخاصة به.

من جهتها, لا تزال عائلة القصيبي تسعى للحصول على حقوقها في الخارج وحاولت الحصول على بعض التعويضات والمساعدات من خلال اجراءات لتجميد جميع المعاملات, خاصة بعدما بدأت البنوك السعودية تطالب بأموالها.