توترات جيوسياسية تعود للواجهة، وآفاق تجارية تخيم عليها الضبابية، وسط أداء مضطرب للأسواق العالمية في أول جلسات يونيو، يحلق الذهب والنفط عالياً.
شهدت الأسواق الأمريكية أداءً إيجابياً في جلسة الإثنين، وسط محاولة المستثمرين تقييم مستقبل الأوضاع التجارية والجيوسياسية، ورغم صدور بيانات عن معهد إدارة التوريد أظهرت انكماش نشاط القطاع الصناعي للشهر الثالث على التوالي في مايو إثر مجموعة من العوامل، منها تداعيات الرسوم الجمركية.
على النقيض، تخلفت بورصات القارة العجوز عن الركب مع استمرار انكماش النشاط الصناعي بمنطقة اليورو خلال مايو، وفي حين أغلقت الأسواق الصينية أبوابها في عطلة رسمية، تراجعت الأسهم اليابانية تحت ضغط ارتفاع الين، واستمرار اضطراب العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين.
إذ تبادلت الصين وأمريكا اتهامات بانتهاك الهدنة التجارية التي أبرمتها الدولتان في الثاني عشر من مايو الماضي، لكن تصريحات مسؤولي إدارة الرئيس "دونالد ترامب" التي أفادت بأنه سيُجري اتصالاً بنظيره "شي جين بينج" قريباً، ساعدت على تهدئة مخاوف المستثمرين.
مع ذلك، حدّ إعلان "ترامب" نهاية الأسبوع الماضي عن مضاعفة الرسوم الجمركية على الصُلب والألومنيوم إلى 50%، من تحسن معنويات المستثمرين، ما دفعهم لزيادة الطلب على الأصول الآمنة، ليقفز الذهب بنسبة 2.5%.
وبالإضافة إلى المخاطر التجارية، تلقت أسعار الذهب دعماً من عودة التوترات الجيوسياسية للواجهة، إذ شنت أوكرانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع ضربة جوية بالطائرات المُسيّرة على مطارات وقواعد جوية روسية، في عملية مفاجئة وُصفت بأنها هجوم "بيرل هاربر الروسي".
أدى تصاعد التوترات العسكرية في شرق أوروبا إلى ارتفاع النفط بحوالي 3% وسط مخاوف تراجع الإمدادات الروسية، لكن بعض المحللين يرون أن هذه الزيادة لن تستمر طويلاً في ضوء مواصلة تحالف "أوبك+" جهوده للتخلي عن تخفيضات الإنتاج الطوعية.
إذ اتفقت ثمانية من الدول الأعضاء في التحالف السبت الماضي على رفع إنتاج يوليو القادم بمقدار 411 مليون برميل يومياً، وهي زيادة إضافية مماثلة لما تم إقراره بشأن إنتاج شهري يونيو ومايو.
وفي سياق متصل، اندلعت حرائق في غابات مقاطعة ألبرتا الكندية، ما أدى إلى تعطل 7% من طاقة إنتاج كندا من النفط الخام الثقيل، حيث تهدد النيران واسعة الانتشار العمليات في مناطق النفط الرملي.
على صعيد آخر، تابعت الأسواق تصريحات لعدد من مسؤولي الفيدرالي، تضمنت إشارات إلى إمكانية مواصلة خفض أسعار الفائدة إذا ظلت الرسوم الجمركية عند مستوياتها الحالية التي لم تؤدِ إلى تسارع كبير في التضخم، ولم تتسبب في اختلال توازن مخاطر الأسعار والبطالة.
فشلت هذه الإشارات في دعم الدولار الذي تراجع قرب أدنى مستوياته منذ 3 سنوات، بسبب تقلص جاذبية العملة الأمريكية في نظر المستثمرين إثر السياسات التجارية الحمائية، وتصاعد الشكوك حول استدامة الدين العام لأكبر اقتصاد على مستوى العالم.
ووسط كل ما تشهده الأسواق من تقلبات في المرحلة الراهنة، يبقى السؤال قائماً: أيهما أكثر قدرة على تحقيق الربح، الأسهم الكبرى أم الصغيرة؟
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: