واصلت الأسواق العالمية أداءها الإيجابي، رغم حالة الترقب التي تسيطر على قرارات المستثمرين في ظل توتر العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتزايد تحذيرات صنّاع السياسة النقدية في أمريكا من تداعيات الرسوم الجمركية.
ارتفعت الأسهم الأمريكية في نهاية ثاني جلسات الأسبوع، ونجح مؤشر "داو جونز" الصناعي في محو معظم خسائره منذ بداية العام، وسط أداء إيجابي لشركات صناعة الرقائق، إذ تفوقت "إنفيديا" على "مايكروسوفت" من حيث القيمة السوقية لفترة وجيزة خلال التعاملات.
جاء هذا الانتعاش في وول ستريت مع ترقب الأسواق اتصالاً هاتفياً بين الرئيس "دونالد ترامب" ونظيره الصيني "شي جين بينج" هذا الأسبوع، آملين في أن يُفضي إلى تهدئة التوترات التجارية بين البلدين بعد تبادل الاتهامات بانتهاك الهدنة المؤقتة.
وفي ظل هذا المناخ الحذر، ارتفعت أيضاً البورصات الأوروبية والصينية، لكن الأسواق اليابانية أغلقت على تباين، رغم اقتراب مؤشر "إم إس سي آي" للأسهم العالمية من أعلى مستوياته على الإطلاق.
وفي تطور جديد على صعيد السياسة التجارية الحمائية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية، وقّع "ترامب" قراراً تنفيذياً يقضي برفع الرسوم الجمركية على واردات الصُلب والألومنيوم بمقدار الضعف إلى 50% اعتباراً من صباح الأربعاء.
أما بخصوص آفاق السياسة النقدية الأمريكية، توقع رئيس الفيدرالي في أتلانتا خفضاً واحداً لأسعار الفائدة هذا العام رغم استمرار حالة عدم اليقين، لكن "ليزا كوك" عضوة مجلس محافظي الفيدرالي أعربت عن قلقها إزاء تداعيات الرسوم الجمركية على التضخم وسوق العمل.
عززت بيانات رسمية جديدة من وجاهة هذه التقديرات، إذ سجل عدد الوظائف المتاحة في الولايات المتحدة ارتفاعاً طفيفاً خلال أبريل، بالتوازي مع زيادة ملحوظة في حالات التسريح، في مؤشر على احتمال تباطؤ زخم سوق العمل.
لم تقتصر الدلائل الجديدة على تداعيات الرسوم الجمركية على الجانب الأمريكي فحسب، بل أشار مسح أجرته "إس أند بي جلوبال" إلى انكماش قطاع التصنيع الصيني في مايو بأسرع وتيرة منذ سبتمبر 2022، وانعكست هذه البيانات سلباً على أسعار خام الحديد، والنحاس.
من جانبها، خفّضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها السنوية لنمو الاقتصادين العالمي والأمريكي، محذرة من أضرار السياسات الحمائية التي يتبعها "ترامب".
بالعودة إلى القارة العجوز، تباطأ معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى 1.9% في مايو، ليتراجع دون المستوى المستهدف عند 2%، في حين سجلت سويسرا أول انخفاض في الأسعار منذ قرابة أربع سنوات، في مؤشر على نجاح بعض الدول الأوروبية في احتواء موجة التضخم الأخيرة.
تعرضت أسعار الذهب لضغوط جراء ارتفاع الدولار، وعمليات جني الأرباح من قِبل المستثمرين على خلفية الاضطرابات التجارية، وتجدد التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا بسبب التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا، فضلاً عن الضبابية التي تكتنف مصير المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران.
وفي سياق متصل، أفاد مجلس الذهب العالمي في تقرير، بأن مشتريات البنوك المركزية من الذهب تباطأت للشهر الثاني على التوالي في أبريل، رغم مواصلة مصارف الأسواق الناشئة تعزيز احتياطياتها الرسمية.
واستطاعت أسعار النفط الاستفادة من التوترات الجيوسياسية العالمية، رغم القلق المتنامي من انعكاسات الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي العالمي، ومواصلة "أوبك+" تسريع وتيرة زيادة الإمدادات، لذا يبقى السؤال الأبرز: هل تستمر هذه الموجة الصعودية؟
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: