تواصل التوترات التجارية والجيوسياسية إحكام سيطرتها على حركة الأسواق العالمية، بعد تصعيد خطير في الشرق الأوسط.
نجحت وول ستريت في تسجيل مكاسب خلال تعاملات الخميس، مدعومة بتحسن معنويات المستثمرين بشأن آفاق القطاع التكنولوجي، بعد إعلان "أوراكل" عن نتائج مالية قوية قفزت بسهمها بأكثر من 13%، مما أضفى زخماً واسع النطاق على السوق.
وذلك رغم تراجع سهم "بوينج" بنحو 5%، إثر حادث مأساوي تحطمت فيه طائرة تابعة لشركة "إير إنديا" الهندية من طراز "بوينج 787" بعد دقائق من إقلاعها، في كارثة أودت بحياة نحو 290 شخصًا.
أما على الضفة الأخرى من الأطلسي، طغى الأداء السلبي على معظم الأسواق الأوروبية، باستثناء مؤشر "فوتسي 100" البريطاني، الذي أغلق عند مستوى قياسي جديد للجلسة الثانية على التوالي، رغم انكماش اقتصاد المملكة المتحدة بوتيرة أسوأ من المتوقعة خلال أبريل، وللمرة الأولى في ستة أشهر.
وفي آسيا، تباين أداء أسواق البر الرئيسي في الصين، فيما هوت بورصة هونج كونج تحت ضغط خسائر في قطاع التكنولوجيا، أما طوكيو، فقد تقهقرت بفعل موجة بيع طالت شركات التصدير والسيارات.
لم يدُم تفاؤل الأسواق باتفاق أمريكا والصين على تسوية الحرب التجارية، حيث أعلن "ترامب" أن إدارته ستُرسل خلال الأسبوعين القادمين خطابات للدول لإخطارها بالرسوم التي ستُفرض عليها، مشيراً إلى أنه لن يدخل في مفاوضات جديدة.
وعلاوة على ذلك، هدد "ترامب" بزيادة الرسوم الجمركية على واردات السيارات قريباً، في محاولة لإجبار الشركات العالمية على توطين عملياتها الإنتاجية داخل الأراضي الأمريكية، ليعاود تصعيد نهجه التجاري الحمائي مرة أخرى.
أثّرت عودة شبح التوترات التجارية سلباً على أداء العملات المشفرة، في حين استفاد الذهب من حالة عدم اليقين هذه، لا سيما في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث صرّح "ترامب" باحتمال وقوع صراع عنيف.
ورغم تصاعد التوتر في منطقة تستحوذ على قرابة ثُلث المعروض العالمي من النفط، تراجعت أسعار الذهب الأسود وسط ترقب المستثمرين لما قد تسفر عنه هذه المستجدات الجيوسياسية.
ويبدو أن مصرف "جيه بي مورجان" يملك تفسيراً لهذا الأداء الضعيف، إذ أبقى على توقعاته لمتوسط سعر برميل النفط بين 60 و65 دولاراً خلال العام الحالي، و60 دولاراً في عام 2026، لافتاً إلى أن الأسعار الحالية تعكس بالفعل علاوة المخاطر الجيوسياسية.
ورغم الأداء الهادئ نسبيًا للأسواق خلال تعاملات الخميس، فإن مخاوف "ترامب" تحققت وانفجرت معها الأسواق فجر الجمعة، على خلفية هجمات شنتها إسرائيل على إيران، قائلة إنها استهدفت البرنامج النووي والقدرات العسكرية لطهران.
تسبب ذلك في ارتفاع حاد للغاية في أسعار النفط (ناهز 8% عند مرحلة ما)، إلى جانب زيادة أسعار الذهب، فيما حين انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، وتراجعت معظم بورصات آسيا، وهبطت البيتكوين بشكل ملحوظ.
بسبب تمسكه بموقف نقدي مُشدد منذ مطلع العام الحالي، جدد "ترامب" هجومه اللاذع على رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول"، واصفاً إياه بـ"الأحمق"، ومكرراً مطالبته بخفض تكاليف الاقتراض التي يراها تعرقل النمو الاقتصادي دون داعٍ في ظل لانخفاض التضخم.
وفي خضم هذه التطورات الاقتصادية والسياسية والتجارية المتسارعة، يبقى السؤال الأهم هو: كيف يتجنب المستثمر الخسارة الفادحة في سوق الأسهم؟
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: