استعرض الأستاذ "طارق العسيري" المؤسس والشريك لـ"بوابة أرقام المالية"، خلال جلسة نقاشية بعنوان "المحتوى المدفوع والبيانات البديلة" ضمن فعاليات اليوم الثاني لمنتدى الإعلام العربي في دورته الثامنة عشرة، المحتوى الإعلامي المدفوع والبيانات البديلة وأهميتها، ودور وموقف وسائل الإعلام حيالها.
وقال: "إن البيانات البديلة قد تكون المخرج المناسب للتحديات التي تواجهها وسائل الإعلام في هذه الأيام، لا سيما تحديات الموارد المالية".
وأشار إلى أن البيانات البديلة هي نوع من أنواع البيانات الذي لم يكن له وجود قبل سنوات، وأحدث ثورة في عدد من القطاعات المالية، والتمويلية، والرعاية الصحية، والإعلانات، موضحا أنه في طريقه حالياً للاستفادة منه في مختلف الجهات الإعلامية، لا سيما أنها تختلف عن البيانات التقليدية التي كان يتم الحصول عليها بالطرق الشائعة، إذ وجدت هذه البيانات البديلة مع ثورة التكنولوجيا والهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي، ويتم الحصول عليها وتجميعها وتحليلها واستخلاص نتائج ومؤشرات هامة منها على أصعدة كثيرة.
وذكر أن البيانات البديلة تعتبر أحد الخيارات المتاحة أمام وسائل الإعلام لتوفير دخل جديد أمام التغيرات الحاصلة في القطاع من ناحية التكنولوجيا والإعلان، إذ تعتبر الإعلانات والرعاية المصدر الرئيسي التقليدي للدخل لدى وسائل الإعلام، وتواجه تحديا مع مرور الوقت.
ونوه بأن البيانات البديلة ليست جديدة، إذ يتم استخدامها في مجالات عدة منها الرعاية الصحية والشحن والمالية والتسويق وغيره، لكن المتأخر في هذا المجال هو وسائل الإعلام.
وفي المجال المالي قارن "طارق العسيري" بين المصادر التقليدية للبيانات المالية والتي تشمل قواعد البيانات الحكومية والخاصة، والقوائم المالية التفصيلية للشركات، وتقارير مجالس الإدارة المطولة للشركات، والإحصاءات والتقارير الدورية.. وغيرها، وبين المصادر التي توفرها البيانات البديلة، كحركات ومعاملات البيع والشراء من خلال البطاقات الائتمانية، والتي ترصد سلوك المشترين والمستهلكين، وفي أي اتجاهات يتم إنفاق الأموال وتحديد المستهدفات من خلال رصدها.
وقال إن هناك أيضا إيصالات الشراء المرسلة عبر البريد الإلكتروني، وإيصالات الشحنات والطرود البريدية، والتي تعطي صورة واضحة للاقتصاد العالمي، ومراقبة حركة تغير الأسعار للمنتجات والخدمات، وتتبع حركة الطيران، وعدد تحميلات تطبيقٍ ما، وتتبع حركة السياح عبر الإنترنت، ومراجعة وتقييم المنتجات وأسعارها عبر الإنترنت وغيره، وهو ما يوفر كمًّا هائلا من البيانات البديلة ويعطي صورة شاملة عن أحوال مختلف القطاعات كالاقتصاد والسياحة والتجارة وغيرها الكثير، مشيراً إلى أن هذه البيانات تساعد أيضاً على التنبؤ المسبق، وهذه من الفروق بين البيانات العادية والبيانات البديلة.
وذكر "العسيري" القطاعات التي تستخدم هذه البيانات البديلة وهي عديدة، وتشمل:
- الحكومات التي تستخدمها في رسم سياساتها، وحماية البيئة وتعزيز تخطيطها العمراني، والتعرف على شبكة طرقها، وهو ما تتيحه صور الأقمار الاصطناعية.
- القطاع المالي والذي وصفه "العسيري" بأنه القائد الأكبر في البيانات البديلة، إذ يسعى المستثمرون ومديرو الصناديق للبحث عن معلومات تسمح لهم بالتفوق الذي يعشقونه ويمنحهم ميزة تنافسية.
- القطاع الصحي، حيث تستفيد شركات الأدوية ومراكز الأبحاث من سيل المعلومات الواردة والتي توفرها الساعات الرقمية الرياضية.
- قطاع الطاقة، إذ تعتمد شركاتها على تحليل البيانات لمئات الصور للطبقات الجيولوجية في حفر الآبار والتنقيب عن الغاز والنفط.
- قطاع الشحن والنقل، والذي يعتمد على تحليل البيانات لتنقُّل العملاء ومعرفة ساعات الذروة لتحديد أسعارها.
- قطاع السياحة والسفر، إذ تستفيد شركات السفر على الإنترنت من معلومات المسافرين وأذواقهم، وتتنبأ بتوجهاتهم السياحية نتيجة استفادتها من البيانات البديلة.
أما عن قطاع الإعلام، قال "طارق العسيري" إن الإعلام متأخر في تبني البيانات البديلة، رغم أن لديه أكبر وأقدم كمية معلومات، وتتنوع هذه المعلومات ما بين النص والصورة والفيديو والأرقام وغيره، لكن جهود استخلاص البيانات البديلة وصياغتها كمنتجات غير متوفرة بشكل جيد حاليا، إذ لدى كل وسيلة إعلامية كنز -من المعلومات- لكنه مهجور.
وذكر "العسيري" أن هناك خطوات ضرورية لإيجاد البيانات في المؤسسات الإعلامية، وهي:
- تحديد مصادر المعلومات والبيانات الخام التي لا تتوفر في أماكن أخرى.
- تجميع المعلومات بالقدر الكافي.
- إيجاد طرق آلية لمعالجة المعلومات وتنظيمها.
- دمج المعلومات المجمعة مع مصادر أخرى لإيجاد قيمة مضافة.
- تقديم تحليل ودراسة للمعلومات والبيانات.
- تصدير البيانات من خلال منصات (API).
وأشار إلى منصات API والتي تتمثل في مشاركة وجمع المعلومات المتوفرة لدى الوسيلة الإعلامية مع وسيلة إعلامية أخرى ينتج عنها فائدة أكبر، بحيث يكون لدى كل منصة إعلامية API يتم استقاء المعلومات منها من قبل الجمهور سواء بشكل مجاني أو مدفوع.
وقال العسيري إن لدى "موقع أرقام" مثالا متقدما وواضحا للبيانات البديلة في القطاع الإعلامي، إذ كان سبّاقا في هذا المجال، فلدى "أرقام" مجموعة من البيانات البديلة تم بذل مجهودات كبيرة في تجميعها وتنسيقها وتحليلها ودمجها وربطها، وتوفيرها كمنتجات على هذا الموقع، كالمعلومات التفصيلية حول المشاريع، ومعلومات أسعار المواد البتروكيماوية التي يصعب الحصول على أسعارها رغم إنتاجها في دول الخليج، وتولت "أرقام" توفيرها، ومعلومات حول أسعار بعض المواد التي تؤثر على أسعار بعض الشركات.
وحول تحديات المحتوى المدفوع والبيانات البديلة، قال "طارق العسيري" إنها تكمن في صعوبة إيجاد متخصصين في المجال، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية ورفع كفاءة العاملين، بالإضافة إلى إيجاد استراتيجية طويلة المدى.
وأفاد بأن حماية معلومات البيانات البديلة، أمر لا يمكن التأكيد عليه، خاصة أنه لا يوجد إطار تنظيمي لحمايتها، وأن مواقع التواصل الاجتماعي -والتي تتوفر على منصاتها بيانات كثيرة- لا يمكن مراقبتها، خاصة أن مفهوم إيجاد أطر منظمة وحاكمة لمراقبة هذه البيانات، أمر جاء متأخراً، ولم يواكب انطلاقة هذه المنصات.
واختتم "العسيري" جلسته حول المحتوى المدفوع والبيانات البديلة بدعوة وسائل الإعلام والمهتمين إلى الاستفادة من هذه البيانات وبذل الجهود لإعادة صياغتها وتقديمها بالشكل المناسب.
وتجدر الإشارة إلى أن "المنتدى الإعلام العربي" يُعقد بتنظيم من "نادي دبي للصحافة" تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
ويشغل المنتدى -منذ انطلاقه للمرة الأولى عام 2001- مكانة متميزة كأبرز وأشمل ساحة للحوار المهنيّ المتوازن حول الموضوعات والقضايا المعنيّة بواقع ومستقبل الإعلام في العالم العربي، مع استقطاب نخبة من أبرز خبراء هذا القطاع الحيوي من مختلف أنحاء المنطقة والعالم. كما يهدف المنتدى إلى تحفيز الحوار البنّاء بين الإعلاميين العرب وكذلك تشجيع التواصل الإيجابي بين الإعلام العربي ونظيره الغربي، لتعزيز التفاهم بين المدارس الفكرية في العالم، والإسهام في تطوير المُنتج الإعلامي العربي شكلاً ومضموناً. وقدّم المنتدى على مدار سنوات مجموعة مهمة من التقارير المرجعيّة الشاملة حول الإعلام العربي في إطاريه التقليدي والجديد (الإعلام الاجتماعي) بالتعاون مع مجموعة من أرقى المؤسسات الأكاديمية والبحثية العربية والدولية، ويشارك فيه جمع غفير من الإعلاميين والكتّاب والمهتمين.
والجدير بالذكر أيضاً أن فريق بوابة أرقام المالية يحتفل هذا العام بالذكرى الثانية عشرة لتأسيسها.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: