مع اقتراب الموعد الذي تم تحديده لانطلاق العملة الجديدة عام 2010 فإن الحلم الخليجي بكيان سياسي واقتصادي بدأ يدنو من الخليجيين يكتسب مشروع العملة الخليجية الموحدة المزمع اطلاقه في عام 2010 اهمية اقتصادية قصوى لدى الدول المعنية لما يحمله من انسيابية وسهولة تدفق ونقل الاموال وتداولها بين دول الخليج.
هناك معلومات مرشحة من عدة أطراف ذات صلة بأن دول مجلس التعاون الخليجي المشاركة في مشروع الوحدة النقدية أوردت 14 اسما مقترحا للعملة الموحدة، حيث تميل دول المجلس وفقا لمعلومات من مصدر في الامانة العامة لدول المجلس إلى اختيار اسم دارج وليس جديدا كما كانت تحمل المقترحات الأولى، ويتوقع أن يكون من نصيب إحدى عملات الدول التي تنطلق بها الوحدة وهي الريال او الدينار (أسماء العملات المعتمدة في السعودية وقطر والكويت والبحرين).
وأشار المصدر أن اختيار أحد هذين الاسمين لن يكون له علاقة بسعر العملة المحلية سواء الريال أو الدينار، لكن وفق مراقبين، فإن الدينار أكثر حظا لمبررات سيكولوجية ترتبط في ذهنية الخليجيين بسعره المرتفع مقارنة بالدولار وبقية العملات في المنطقة أو حول العالم، على أن الأمر سيقتصر على الذهنية ولن يكون له علاقة بالسعر الذي ستقوم به العملة الخليجية.
وسيكون الاسم وتحديد السعر من مهام المجلس النقدي الذي يؤسس بعد مصادقة الدول المشاركة في الوحدة على الاتفاقية التي أجيزت في قمة مسقط.
ووفق المعلومات، فإنه يعتقد أن المجلس النقدي الذي يهيئ لتأسيس البنك المركزي الذي سيكون مقره الرياض، سيجري دراسة استطلاعية تتعلق بسيكولوجية المواطن الخليجي حول الاسم الذي يفضله للعملة، وهذا لا يتعارض مع ميول تجاه تسميتها الدينار ولم تعط الدراسة المتوقعة نتائج غير هذا الاتجاه.
وينتظر أن تستكمل الدول الأربع المشاركة في الوحدة النقدية مصادقتها على الاتفاقية لتكون نافذة مع مطلع عام 2010، وفيما يتعلق بعملة الربط، ترجح مصادر أنه استنادا إلى أن معظم دول المجلس ترتبط بالدولار فإن العملة الموحدة ربما تكون مرتبطة بالكامل بالدولار أو بسلة عملات يكون النصيب الأكبر فيها للدولار والخيار الثاني قد يكون هو المرجح حاليا في ذهنية ذوي العلاقة بمشروع الوحدة النقدية.
ومن جهتهم قال رجال اعمال ان تحقيق العملة الخليجية الموحدة سيخدم اقتصاديات دول الخليج ويجعل منها قوة اقتصادية عالمية يمكنها مواجهة اي مشكلات عالمية كما اشاروا إلى ان توحيدها سيوحد سعر الصرف ويحل مشكلات التجارة البينية مؤكدين على ضرورة وجود اليات صحيحة لتنظيم التحول إلى العملة الموحدة.
بداية يري محمد عيسى لحدان المهندي ان التفكير بدأ مبكرا في الاتحاد الاقتصادي من خلال إصدار زعماء دول المجلس الست واعتمادهم الاتفاق الاقتصادي الموحد في بداية الثمانينيات ولكن لم ير أي من تلك القرارات النور إلا في هذه السنوات القليله مشيرا إلى ان توحيد العملة الخليجية سيساهم بشكل قوي في دعم اقتصادات دول مجلس التعاون مؤكدا دعمه لهذا القرار الصائب متمنيا أن يكون لدول مجلس التعاون بداية قوية كي تستطيع أن تواجه أي تحديدات تلقي بظلالها على توحيد العملة.
واضاف المهندي ان دول الخليج دول منتجه للبترول واقتصادها قوي .ولكن يجب أن يكون هناك خطة قوية ومنظمه لمعرفة كيفية تعامل دول مجلس التعاون مع العملة الموحده متوقعا ان تربط دول الخليج عملتها الموحدة بأسعار الصناعات الثقيله كالنفط والغاز مشيرا إلى أن من فوائد العملة الموحدة إلغاء مخاطر العملات الوطنية، وتقاسم مخاطر العملة بين الدول الخليجية مما يعطيها قوة اقتصادية لا تتحقق للعملات المحلية منفردة.
وتابع المهندي أن من فوائد توحيد العملة، ارتفاع مستوى الكفاءة الاقتصادية نتيجة لاتساع السوق وانخفاض التكاليف وتوحد أسواق الدول الخليجية في سوق واحد. متوقعا أن تساهم العملة الموحدة بسوق أكبر حجما قياسا بالسوق الحالية القائمة على عملات وطنية مختلفة وأسواق مالية صغيرة غير متكاملة وهو ما يساعد على الاستفادة من اقتصادات الحجم الكبير من خلال خفض التكاليف والقدرة على تقديم الخدمات والسلع بكفاءة. وأضاف أن الوحدة النقدية ستعزز التوجه نحو تنويع اقتصادات دول المنطقة، الحد من الاعتماد الكلي على العائدات النفطية، واستقرار أسعار الصرف للعملات بما يؤدي إلى استقرار معدلات التضخم، وتخفيض كبير في تكاليف المعاملات التجارية والمالية للشركات والمؤسسات والتوسع في حركة المبادلات التجارية وبالتالي تقليل أسعارها بالنسبة للمستهلك النهائي وزيادة سيولة وكفاءة أسواق المال.
فائدة للمواطن الخليجي
اما علي حسن الخلف فيقول ان توحيد العملة الخليجية له الكثير من الإيجابيات التي ستعود بالفائدة على المواطن الخليجي بالدرجة الأولى.. ومن ضمن هذه الإيجابيات أنه سيخفف من حدة التباين في أسعار العملات وسيعمل على تخفيف أعباء مشكلات تحويل العملات الخليجية وغير ذلك مشيرا الى ان توحيد العملة أمر جيد لنا كقوة عربية خليجية وخصوصا أمام الدول المتقدمة وأضاف الخلف أعتقد إننا سنشهد انطلاقة قوية للعملة الخليجية ..ولكن المهم من ذلك هو التأكد من وجود آليات منتظمة يمكن أن تحافظ على استمرار نمو اقتصادات دول المنطقة عند تحقيق العملة الخليجية وأهمها سعر الصرف وإزالة العوائق التي تقف في طريق تسهيل التجارة البينية.
واشار الخلف أن وجود البنك المركزي الخليجي في الرياض والتي تعتبر من اقوى اقتصادات دول العالم هو بحد ذاته عامل محفز لإدارة العملة بالشكل المطلوب مضيفا ان اقتصاد دول الخليج قوي لأنه مصدر لرأس المال أكثر منه مستقطب للاستثمار فوجود الاحتياطيات النفطية والغاز بنسب عاليه يزيد من احتمالية فرض العملة الخليجية بشكل قوي داخلياً وخارجياً وبلا شك سنستفيد من توحيد العملة الخليجية.
لا نريد تأخيرا أكثر
عبد الهادي الشهواني أشار إلى أن توحيد العملة الخليجية كان من المفترض أن يتم منذ 27عاما لذلك لا نريد أن نتأخر أكثر من ذلك ونريد أن نتوحد ونصبح قوة اقتصادية عالمية متمنيا تحقيق العملة الموحدة في العام 2010 مشيرا إلى ان هناك بعض القضايا الكبرى كانت تشكل عوائق لتوحيد العملة الخليجية مثل معايير التضخم والدين العام واسعار الفائدة ..ولكن كل هذه العوائق ذللت عن طريق النقاشات المتواصلة بين دول الخليج .
واضاف الشهواني أن اغلب عملات دول الخليج مربوطة بالدولار وتختلف هذه العملات في أسعار الصرف. كما أن الاحتياطيات المالية في هذه الدول مختلفة مثلها مثل بقية القوانين التي تتحكم في نمو الاقتصاد وكذلك مدى الاعتماد على القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية.
كيان خليجي اقتصاديا موحد
ومن جهته، شجع محمد كاظم الأنصاري توحيد العملة الخليجية لأنها ستؤتي ثمارها لاحقاً وستحقق وجود خليجي قوي عربيا وعالمياً مضيفا انه لا توجد سلبيات كبيرة في سبيل تحقيقها بل انه من الممكن توحيد العملة في العام 2010 إذا وجدت الإرادة الجماعية ولكن لا بأس من تأجيلها لمدة عامين أو ثلاثة إذا وجد أن المصلحة الاقتصادية تقتضي ذلك وعدد الأنصاري بعض فوائد توحيد العملة والتي من ضمنها تسهيل عملية التجارة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دول المنطقة وتفاوض دول الخليج مع الدول الأجنبية لتحرير التجارة والمساهمة في تسهيل مخاطر الائتمان وأن توحيد العملة ستكون الخطوة الأولي لتوحيد احتياطيات المنطقة معتمدة على عملة واحدة.
وأضاف الانصاري ان «ما يطمح له المواطن الخليجي أن تذلل جميع العقبات لكي يستطيع تعظيم مصالحه الاقتصادية بالشراكة مع مواطنين من دول أخري، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي معتبرا ان ذلك» سيزيد قدرة الاقتصاد الخليجي ويساهم في حل البطالة ورفع مستوي المعيشة.
«32» مليون نسمة يتداولون عملة واحدة
العديد من الآراء انطلقت تنادي بضرورة الحفاظ على المكاسب التي حققتها الدول الخليجية في هذا الطريق والذي قطعت فيه شوطا كبيراً فمن جانبهم حث الخبراء دول الخليج على التخلي عن قدر من السيادة لتعزيز التكامل السياسي ولضمان نجاح طويل المدى للعملة المزمع طرحها .
وأجمع الخبراء أنه من المهم حدوث تنوع في اقتصادات دول الخليج العربية التي تعتمد بشكل أساسي على النفط، وذلك من منطلق ضرورة أن تكون هناك قاعدة اقتصادية أوسع من أجل استقرار الحالة الاقتصادية.
ورغم اقتراب موعد طرح العملة الخليجية الموحدة والتي لم يتم حتى الآن الإعلان عن أسمها إلا أن الآمال بإقامة وحدة نقدية تكتنفها مخاوف من جانب بعض البنوك المركزية من التخلي عن سلطاتها لسلطة إقليمية، ومن تذبذبات أسعار النفط التي تتسبب في تقلبات كبري باقتصاديات الدول التي يعتمد الجانب الأكبر من دخلها على البترول.
وإذا نجحت الوحدة فإنها ستسفر عن منطقة يتداول فيها 32 مليون نسمة عملة موحدة ويزيد إنتاجها الاقتصادي السنوي على 300 مليار دولار، وتعد مصدر جانب كبير من الصادرات النفطية في العالم. وإلى ذلك قام المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية بإصدار دراسة حملت عنوان « مستقبل الوحدة النقدية الخليجية» طالب فيها المركز بضرورة استكمال الجوانب الفنية اللازمة لإنجاز الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي قبل بدء العمل رسميا بالعملة الخليجية الموحدة بحيث تشمل إلى جانب أسعار الفائدة المصرفية والتضخم النقدي كلا من سياسات الائتمان والإصدار والاستثمار والادخار.
الدراسة دعت إلى نية خليجية لتهيئة القطاع الخاص الخليجي لتحقيق عملية التحول بنجاح على غرار ما فعله الاتحاد الأوروبي مع تأسيس سلطة نقدية موحدة تسبق البنك المركزي الخليجي والاتفاق على سعر صرف نقدي موحد مع إحراز مستوي عال من التقارب بين الدول الأعضاء في السياسات الاقتصادية والمالية والتشريعات المصرفية.
التجارب السابقة
تجربة الاتحادات النقدية في مناطق أخرى من العالم تلقي الضوء على التحديات التي من الممكن أن تواجه دول مجلس التعاون وهي تتطلع لإقامة الاتحاد النقدي الخليجي، وهناك حاليا خمسة اتحادات نقدية في العالم منها ثلاثة في أفريقيا وواحد في منطقة الكاريبي وواحد في أوروبا منطقة اليورو، وتم في كل هذه الاتحادات طرح عملة مشتركة باستثناء منطقة الاتحاد النقدي لجنوب أفريقيا حيث تلعب عملة أفريقيا الجنوبية، الراند، دور العملة الموحدة .
في حين طبقت منطقة اليورو سوقها المشتركة قبل إنشاء الوحدة النقدية، فقد نفذت الاتحادات النقدية الأخرى تسلسلاً عكسياً حيث تعمل على تنفيذ التكامل الاقتصادي الشامل بعد انقضاء عدة عقود على دخول اتحاداتها النقدية حيز التنفيذ، ومع استمرار مباحثات الخليجيين فإن الخبراء يستخلصون عدة دروس مهمة من تجارب الاتحادات النقدية في العالم يتعين الالتزام بها لضمان نجاح تجربة التكامل الخليجية
ومنها ضررورة الإجماع السياسي والإتفاق الاقتصادي في عدة قضايا تشمل الإطار المؤسسي والتوجيهات الإرشادية لبنك مركزي مشترك ومستقل، وتقاسم العوائد من حق صك العملة المشتركة، والإطار المؤسسي والسياسي لترسيخ الاستقرار الاقتصادي الكلي في كل من الدول الأعضاء، بما في ذلك اعتماد آلية مؤسسية لإجراء التحويلات المالية لتخفيف أثر الصدمات غير المتماثلة على البلدان الأعضاء في الاتحاد النقدي.
أيضاً ضرورة تشكيل سلطة نقدية موحدة تعلو السلطات الوطنية وتكون مسؤولياتها بوضوح هي صياغة وإدارة السياسة النقدية.
إضافة لضرورة حفاظ كل الدول على أوضاع مالية قابلة للاستمرار، مع أهمية الأخذ في الاعتبار أن العملة الخليجية الموحدة قد تصبح وضعا غير قابل للاستمرار، وخاصة في حالة إحدى الدول الأعضاء الكبري، يمكن أن يعرض الاتحاد لمزيج غير مرغوب من السياسات، وهو ما قد يؤدي لتقويض أهداف السياسات الاقتصادية الكلية الأخرى مثل استقرار الأسعار وأن يؤثر سلبا على سمعة الاتحاد برمته وجدارته الائتمانية، ولايجاد وضع مالي قوي فانه سيتعين على دول مجلس التعاون النظر في وضع سياسة ماليتها العامة في إطار متوسط الأمد وحسنا فعلت القيادات الخليجية عندما استغلت الطفرة السعرية في النفط لتكوين فوائض مالية تستطيع ان تواجه بها أية أزمات ناجمة عن تراجع الأسعار.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: