دعا متخصص في الهندسة الكهربائية إلى السعي نحو إلغاء الجهد الكهربائي 127 فولت باعتباره جهدا غير قياسي يؤثر على أداء الأجهزة الكهربائية المصممة على غير هذا الجهد ويقلص عمرها التشغيلي ويعرض مستخدميها لأخطار محتملة، مطالباً في الوقت ذاته بالإبقاء على جهد التوزيع 220 فولت (والذي سيصبح 230 فولت فيما بعد) حيث ان معظم الأجهزة المنزلية المستخدمة (الثلاجات والغسالات والمجففات والمكيفات والأفران والدفايات والسخانات ) تعمل بهذا الجهد.
محذراً من الاستمرار على نظام الجهد الحالي )127/220 فولت( والذي يترتب عليه عدد من النتائج السلبية من أبرزها الانعزال التام عن نظام الجهد العالمي (230 فولت والذي سيصبح بالتدريج جهدا قياسيا على مستوى العالم)، كذلك زيادة الحوادث المتمثلة في حدوث الصعقات الكهربائية وعطب الأجهزة ونشوب الحرائق الناجمة من استخدام جهدين في المنازل (127 و 220 فولت)، بالإضافة إلى استمرار استيراد أجهزة ومعدات إلى أسواق المملكة مصممة عند جهود أقل من 127 فولت رغم ما ينتج عن ذلك من انخفاض العمر التشغيلي لتلك الأجهزة ومن ثم تدني كفاءتها وأدائها.
وكان ل«الرياض» حوار مع الدكتور عبد الله بن محمد الشعلان أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود تناول فيه تفاصيل هذه القضية الهامة سعياً من «الرياض» لإيجاد حلول عملية تساعد على السعي جديا نحو تغيير الجهد وتلافي تلك الازدواجية من خلال تبني الجهد 230 فولت والذي سيصبح فيما بعد الجهد المطبق والمستخدم على مستوى العالم.. وهنا نص الحوار..
*هل بالامكان إعطاءنا خلفية تاريخية عن الجهود الكهربائية المعتمدة والمطبقة في المملكة حتى وقتنا الحاضر ..؟
المملكة تستورد أجهزة مصممة لجهود أقل من 127 فولت مما يقلص عمرها التشغيلي ويتسبب بتدني كفاءتها وأدائها
-في الحقيقة صدر قرار معالي وزير الصناعة والكهرباء (آنذاك) رقم 2164 وتاريخ 7/6/1396 ه بشأن لائحة قواعد التمديدات الكهربائية في المباني ورقم 235 وتاريخ 10 /3/ 1400ه المتضمنة إيصال الخدمة الكهربائية إلى المباني باعتماد جهود الخدمة الكهربائية للمباني السكنية بالمملكة وهي 127 فولت و 220 فولت للمناطق السكنية والتجارية و 220/380 فولت )60 هرتز(للمناطق الصناعية، ولقد تم اعتماد تلك الجهود تمشيا مع الأحوال والإمكانيات المتاحة لشركات الكهرباء وطبيعة الأحمال ونمط الاستهلاك ونمو الأحمال الكهربائية في ذلك الوقت والمتمثل غالبا في تشغيل بعض الأجهزة ذات القدرات الصغيرة كالمراوح والثلاجات والمصابيح الكهربائية والتي كان من الممكن تشغيلها على جهد خدمة 127 فولت دونما حدوث مشاكل أو مخاطر.
*من وجهة نظرك هل ثمة مخاطر محتملة قد تحدث من جراء التوصيل الخاطىء بين الجهدين ..؟ وما هي الحلول التي ترونها لحل هذه المشكلة وتفادي تلك المخاطر ..؟
-من المعروف أننا في المملكة نستخدم جهودا مزدوجة (127 فولت و 220 فولت) في آن واحد مما يترتب عليه بلا شك مخاطر جمة على الإنسان ذاته وعلى الأجهزة التي يستخدمها بسبب التوصيل الخاطئ أحيانا والخلط بينهما (كأن يوصل مثلا بطريق الخطأ جهاز 127 فولت إلى جهد 220 فولت)، كما يؤدي ذلك إلى لجوء المستهلك إلى استخدام نوعيات مختلفة من القابسات والمقابس (الافياش) والمحولات التي تسبب غالبا مخاطر محتملة في ظل عدم الالتزام بالنوعيات الجيدة التي حددتها المواصفات القياسية السعودية الصادرة بهذا الشأن.
وللبحث عن حل لهذه المشكلة المتمثلة في ازدواجية الجهد وجهد التوزيع 127 فولت غير القياسي والمطبق حاليا في المملكة فإنه من الممكن اتخاذ الخطوات التالية أولاً : السعي نحو إلغاء الجهد 127 فولت باعتباره جهدا غير قياسي يؤثر على أداء الأجهزة الكهربائية المصممة على غير هذا الجهد ويقلص عمرها التشغيلي ويعرض مستخدميها لأخطار محتملة، والإبقاء على جهد التوزيع 220 فولت (والذي سيصبح 230 فولت فيما بعد) حيث إن معظم الأجهزة المنزلية المستخدمة (الثلاجات والغسالات والمجففات والمكيفات والأفران والدفايات والسخانات ) تعمل بهذا الجهد، ثانياً : تلافي الازدواجية في الجهود المستخدمة حاليا في المساكن بتبني جهدا موحدا مما يجنب المستخدم والممتلكات الأخطار الناجمة عن ذلك، ثالثاً : مسايرة الاتجاه الدولي لتوحيد جهود التوزيع في المباني السكنية والتجارية باتباع نظام الجهد 230 فولت كما حددته مواصفة اللجنة الدولية الكهرتقنية (IEC) رقم 38/1983 والتي تتجه إلى تبنيها وتطبيقها معظم الدول الصناعية الكبرى والدول الأوروبية وكثير من دول العالم.
*ما هي في رأيكم الآثار المترتبة على بقاء الوضع الراهن دون تغيير...؟
-في حالة الإبقاء على نظام الجهد الحالي )127/220 فولت( يترتب على ذلك عدد من النتائج السلبية من أبرزها الانعزال التام عن نظام الجهد العالمي (230 فولت والذي سيصبح بالتدريج جهدا قياسيا على مستوى العالم) ، كذلك زيادة الحوادث المتمثلة في حدوث الصعقات الكهربائية وعطب الأجهزة ونشوب الحرائق الناجمة من استخدام جهدين في المنازل (127 و 220 فولت) بسبب التوصيل الخاطىء مع جهد مخالف للجهد المقنن للجهاز، أيضا لجوء المستهلكين إلى استخدام قابسات ومقابس (أفياش) ومحولات للتحويل من نظام جهد إلى نظام جهد آخر مما يشكل مصدر خطر على مستخدمي الأجهزة وعلى الأجهزة ذاتها ،إضافة إلى الاستمرار في السماح بفسح ودخول أجهزة ومعدات إلى أسواق المملكة مصممة عند جهود أقل من 127 فولت رغم ما ينتج عن ذلك من انخفاض العمر التشغيلي لتلك الأجهزة ومن ثم تدني كفاءتها وأدائها ،كذلك صعوبة تطبيق نظام شهادات المطابقة من دول المنشأ بسبب استيراد أجهزة كهربائية ذات جهد مقنن مخالف لجهد الاستخدام في المملكة أو لكونها مزودة بقابسات غير مطابقة للمواصفات القياسية السعودية ويؤدي استخدامها إلى مخاطر في ظل وجود نظام الازدواجية في الجهد المستخدم لدينا حاليا .
*هل يعني حديثكم هذا أنه لا توجد فوائد لثنائية الجهد ولا توجد سلبيات للجهد الموحد؟
-لا توجد فوائد مادية أو مزايا اقتصادية البتة لهذا الجهد الثنائي بل بالعكس ثمة خسائر بشرية ومادية حين الخلط بطريق الخطأ بينهما في الاستخدام (صعق كهربائي وتلف معدات وممتلكات) إلى جانب تكاليف مادية تتمثل في تمديدات وتركيبات إضافية من القابسات والمقابس (الأفياش) والأسلاك والكابلات التي لا داعي لها، أما الجهد الموحد فسيوفر تكاليف اقتصادية في توفير المواد من جهة وتقليل حوادث الاستخدام الخاطىء من جهة أخرى.
*ألا تعتقدون ان تم إصدار قرار بتوحيد الجهد بأن بعض الشركات قد تتكبد خسائر بسببه بالإضافة إلى الخسائر التي ستترتب على المواطنين ممن يملكون أجهزة ذات الجهد الواحد 127؟
-عند إقرار توحيد الجهد فلن يكون التطبيق ملزما في الحال إذ سيؤخذ في الاعتبار وجود أجهزة ومعدات سواء في الأسواق أو لدى المستهلكين تعمل بالجهد 127 فولت، ومن المعروف أن الأجهزة والمعدات لها عمر تشغيلي محدد، لذا فإن توحيد الجهد عند إقراره سيأخذ وقتا (أي فترة انتقالية) يتم خلالها التهيؤ لتبني واستخدام الجهد 230 فولت ثم يصبح القرار بعد ذلك ملزما يجب تطبيقه والعمل به.
*هل تقترحون آلية معينة في اتخاذ قرار توحيد الجهد؟
-يجب أن تتضافر جهود الجهات المعنية في قطاع الكهرباء مثل وزارة المياه والكهرباء وهيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج والشركة السعودية للكهرباء، كذلك جهود المصنعين والمستوردين والمستهلكين في تبني قرار تغيير الجهود الحالية (127 و 220 فولت) والبدء في تطبيق الجهد القياسي الدولي 230 فولت. فمثلا يبدأ الإلزام به في المساكن الجديدة التي ستبنى في الأحياء الجديدة، أما المساكن الحالية فيبدأ التطبيق بشكل تدريجي وخلال فترة زمنية انتقالية تكون شركة الكهرباء عندئذ على استعداد – وبالتنسيق معها – في استبدال أو تغيير بعض التركيبات في محولاتها الكهربائية وتمديداتها الكهربائية.
*ما هي في رأيكم المزايا الناتجة من تبني جهد موحد بالمملكة بدلا من النظام الحالي 127/220 فولت أسوة بدول العالم ..؟
-في حالة تبني نظام الجهد الدولي 230 فولت بدلا من النظام الحالي 127/220 فولت، فإن التغيير المقترح لن يتطلب أي استبدال لمحولات التوزيع أو الكابلات القائمة، حيث يمكن تنفيذه بتكلفة معتدلة نسبيا، كما سيستمر عمل هذه المحولات لحين انتهاء عمرها التشغيلي ومن ثم يتم استبدالها بمحولات مصممة للعمل على نظام الجهد الجديد (230فولت) الذي سيتم تبنيه ، يضاف إلى ذلك أن أية تكاليف سوف يتم استعادتها من خلال المزايا الاقتصادية والفنية التي سيحققها ذلك الجهد ، كذلك فإنه من خلال تبني نظام الجهد القياسي الدولي 230 فولت (المقترح من الهيئة الدولية الكهرتقنية (IEC فإنه سوف يكون من الممكن للمملكة تصدير واستيراد الأجهزة والمنتجات الكهربائية والمعدات اللازمة للصناعة والمصممة عند هذا الجهد بحرية كاملة من وإلى الأسواق العالمية كافة دون أن يكون لدولة ما أي احتكار لكل أو بعض من هذه السلع في أسواق المملكة، كما سيتيح تطبيق النظام المقترح إلى تحقيق التماثل في أنظمة التوزيع الكهربائي مع دول مجلس التعاون لدول الخليج الأمر الذي سيكون له أثر إيجابي على سهولة توحيد مواصفات الأجهزة والمعدات الكهربائية وتسويقها بين هذه الدول، ومن المعروف أن المملكة هي الدولة الوحيدة من بين دول مجلس التعاون التي تنفرد وحدها باستخدام الجهد 127 فولت وتبعا لذلك لا تستطيع تسويق الأجهزة التي تعمل على هذا الجهد في هذه الدول.
*هل لديكم من كلمة أخيرة حول هذا الموضوع تودون إضافتها ؟
-إن موضوع توحيد الجهد في المناطق السكنية هو متطلب يهم جميع المواطنين، ولذلك فإن كل الأطراف المعنية مدعوة للعمل الجاد والسعي الحثيث نحو تحقيقه. كذلك فإنه في ضوء ما تم استعراضه آنفا عن المشاكل والمخاطر الناجمة عن ازدواجية الجهد وكذلك الاستمرار في استخدام الجهد 127 فولت فإن المواطنين الذين يسعون إلى إقامة مساكن لهم غير ملزمين بعمل تمديدات للجهدين 127 و 220 فولت، ولكن من الأجدى أن تكون هذه التمديدات للجهد 220 فولت فقط وأن تكون المقابس (الأفياش) من نوع واحد للعمل على هذا الجهد فقط ، وهذا بلا شك سيوفر على المواطنين ما يعادل نصف التكاليف تقريبا مع ضمان السلامة والأمان بمشيئة الله عند استخدام الأجهزة الكهربائية وبخاصة ذات السحب العالي للتيار مثل المدافىء والمكيفات والأفران والغسالات .
إن هذا الوضع لو بقي دونما تغيير فإن المشكلة ستزداد تفاقما وسوءا مع مرور الوقت، فلا مندوحة إذن من الشروع في حلها وتلافي آثارها السيئة، وإن كان هذا الأمر بالطبع يحتاج إلى فترة زمنية انتقالية حتى يتم في نهاية المطاف من تبنى الجهد القياسي الذي تسعى دول العالم قاطبة إلى تطبيقه واستخدامه، فإن السعي نحو حل هذه المشكلة مبكرا يجعل التكاليف المترتبة على تغييره أخف مئونة وأقل حجما.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: