90 % من العمالة بالسوق غير مدربة
كشف عدد من رجال الأعمال أن 90 % من العمالة الموجودة في السوق تفتقد الى المهارات والخبرات اللازمة للمشروعات مطالبين بتسهيل إجراءات استقدام العمالة المميزة خلال الفترة المقبلة نظرا لزيادة حجم مشروعات المونديال والبنية التحتية.
وقالوا في استطلاع لـالراية الاقتصادية إن العمالة غير المدربة باتت مشكلة تؤرق أصحاب الشركات الوطنية ورجال الأعمال، خاصة في ظل عدم توافرها ضمن الدول المسموح لاستقدام العمالة منها، وطالبوا بوضع آلية ومعايير صارمة لجذب العمال الجنبية الماهرة مع اشتراطات لاستبعاد العمالة غير المدربة، فضلاً عن محاربة العمالة السائبة وتجارة التأشيرات وعمالة التستر التجاري والتي جميعها باتت تشكل عالة على المجتمع تستنزف امكانياته وقدراته الاقتصادية والصحية والغذائية والاجتماعية أيضاً.
ونوهوا إلى أن تحديد استقدام عمالة من دول لا تتوفر فيها الخبرات اللازمة للمشروعات يؤثر بالسلب على تنفيذ المشروعات والالتزام بالجودة والتسليم في المواعيد المحددة.
ولفتوا الى مكاتب استقدام العمالة لا تقدم كل البيانات اللازمة لضمان كفاءة العمال، خاصة انهم يسعون إلى الربح وتوفير عمالة من دول بعينها ربما لا يتوافر فيها معايير فنية تدريبية عالية الجودة لعمالها، وكثيراً ما تكون السير الذاتية للعمال المتواجدين غير صحيحة من البلد المصدر للعمالة.
وفي هذا الصدد قال رجل الأعمال عبدالعزيز العمادي إن العمالة غير المدربة باتت مشكلة تؤرق رجال الأعمال وأصحاب الشركات المحلية، خاصة في ظل الانفتاح الاقتصادي الكبير الذي تشهده الدولة، وتحملاً للمسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتقهم في تنفيذ المشروعات الكبيرة والضخمة الحالية والمزمع تنفيذها ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، ومشروعات مونديال 2022، مقابل حاجة الشركات والمشروعات لعمالة ماهرة ومفنية مدربة تفي بحاجات المرحلة الانشائية والعمرانية الضخمة المقبلة.
وأشار العمادي إلى أن اجبار الشركات الوطنية بجنسيات وأعداد محددة للعمالة يؤثر بالسلب على تنفيذ المشروعات والالتزام من قبلها بالجودة والتسليم في المواعيد المحددة، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن بعض الدول التي يتم التوجه لاستقدام العمالة منها لا تتوافر لديها العمالة الماهرة والمدربة، أو لا يكون لدى شركات الاستقدام خبرة بمجال عمالة هذه الدول، ولا يهمها أيضاً سوى الربح المادي، ما يعني فتح المجال أمام التلاعب والتزوير بالسير الذاتية للعمال، وقد لا يكون هذا من قبل مكاتب الاستقدام بل من عمالة الدول نفسها، وما تقدمه من شهادات تدريب مزيفة لتتحمل الشركات المحلية في النهاية مسؤولية هذا العامل ومهمة تدريبه من جديد، وبالتالي هذا كله يؤثر على طبيعة الأعمال وجودة المشروعات التي تنفذ في البلد وجودتها وسرعة العمل فيها تلبية لخطط التنمية البشرية والاقتصادية في الدولة، فضلاً عن استنزاف الأموال من قبل الشركات والحكومة أيضاً للصرف على هذه العمالة غير المدربة والتي تستفيد من الدولة بأكثر ما تفيدها.
وأكد العمادي في هذا السياق على ضرورة أن تضع الحكومة آلية ومعايير صارمة لجذب العمالة الأجنبية الماهرة واستبعاد العمالة غير المدربة، وذلك من خلال التعاقد أو فتح المجال أمام تعاقدات مهنية عالية المستوى مع الدول التي تمتلك عمالة ماهرة ولديهم معايير عالية الجودة فيما يخص تأهيل وتدريب عمالهم، وبما يفيد المشروعات التي نقوم بتنفيذها بالمرحلة الراهنة، ولا مانع من وضع اشتراطات كما تضع بعض الدول اشتراطات علينا فيما يخص عمالتها، فهذا عقد مشروع بين ما يقدم خدمة ويتلقاها، كذلك لا بد من ترك الخيار أمام الشركات المحلية لاختيار عمالتها من الدول التي تعرف بمهارة فنييها وعمالها، وهذا يعتبر جزءا من الحل الأشمل بضرورة مراقبة الشهادات والتراخيص التي تعطى لبعض العمالة للتأكد من صحتها ومدى صلاحية هذه العمالة للمهن التي تشغلها.
كذلك أشار العمادي إلى ضرورة القضاء على تجارة التأشيرات والتي تعتبر سبباً رئيساً لتواجد أعداد كبيرة من العمالة غير المدربة وغير المؤهلة لتولي مهام عملها التي أتت من أجله إلى البلد، بل تسعى للعمل في أي شيء، وتدعي معرفة العمل بأي شيء، وكذلك العمالة التي تسببت بمشكلات وبات عليها قضايا قانونية كثيرة تحتاج لحلها سريعاً بالانتهاء من تواجدها في الدولة لكونها باتت عمالة تستنزف قدرات البلد الاقتصادية والغذائية والصحية والاجتماعية أيضاً.
عمالة غير مدربة
وفي السياق نفسه أكد ناصر الدوسري مدير عام مجموعة فيجور للتجارة والمقاولات أن العمالة الحالية تفتقر للتدريب والتأهيل الذي يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية من المشروعات الضخمة التي تنفذها الحكومة، أو المشروعات الكبيرة التي تزمع إنجازها في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن نحو 90% من العمالة المتواجدة حالياً في سوق الأعمال القطري هي عمالة غير مدربة، وغالبيتهم بلا تخصصات محددة أو ذات مرجعية اكاديمية أو فنية تفي بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها في تنفيذ مختلف المشروعات الإنشائية والعمرانية، ما يعني أن غالبيتهم عمالة غير مفيدة تؤدي لتأخر الشركات قفي تسليم مشروعاتها الملتزمة بها أصلاً ضمن جدول زمني محدد، كما تكون السبب في وجود ثغرات ونواقص في المشروعات المسلمة لعدم وجود عمالة ماهرة تنفذ ما هو مطلوب منها بالشكل الصحيح، وهذا بالنهاية يسبب للشركات العقارية وغيرها وكذلك الحكومة هدراً كبيراً للمال والوقت والجهد، ضارباً مثالاً على ذلك بخسارته أكثر من مليون و200 ألف دولار منذ عمله بهذا المجال على العمالة غير المؤهلة من مصاريف إقامة ورواتب وغير ذلك، بينما حاجته فيما لو توفرت عمالة مدربة ومؤهلة ستكون أقل من ذلك بكثير.
وأوضح الدوسري أن السبب في تراكم أعداد العمالة غير المدربة يرجع لاشتراطات الاستقدام التي تحدد دول العمالة المستقدمة وكميتها من دون الأخذ بعين الاعتبار احتياجات كل شركة من العمالة الماهرة التي قد لا تتوافر في هذا الجنسية أو تلك، وهذا ما يدفع بالكثير من الشركات لاستقدام عمالة غير مدربة، والتكفل بتدريبها داخل البلد على أمل الاستفادة منها في تنفيذ مشروعاتها، وهذا يشكل عبئاً كبيراً على الشركات، واهداراً للوقت والمال والجهد.
وعلق الدوسري على دور مكاتب استقدام العمالة بأنها لا تقدم كل البيانات اللازمة لضمان كفاءة العمال، وهذا أمر قد لا يكون بمقدورهم لكونهم في النهاية يسعون إلى الربح وتوفير عمالة من دول بعينها ربما لا يتوافر فيها معايير فنية تدريبية عالية الجودة لعمالها، وكثيراً ما تكون السير الذاتية للعمال المتواجدين غير صحيحة من البلد المصدر للعمالة.
واشار الى ان الدول المصدرة للعمالة الماهرة والتي تلتزم بمعاهد فنية وتحوي دورات تدريبية لعمالتها باتت معروفة، ولكن المشكلة أنها لا تكون ضمن قائمة الدول المسموح للاستقدام منها، أو أن تكون أعداد المتوافر منها بحسب اشتراطات الاستقدام قليلة ولا تكفي لكل الشركات، لافتاً إلى وجود خمس دول تتضمن معاييرها المهنية فيما يخص عمالها على التدريب والمهنية والجودة في العمل وهي الصين وتايلند والهند وبنغلاديش ومصر بينما بقية الدول الخرى المصدرة للعمالة تفتقر لهذه الميزات في تدريب العمالة في بلدانها قبل إرسالها للعمل في الدول الأخرى، وهذا ما يسبب العديد من المشكلات للشركات المحلية باستضافة عمالة غير مدربة تكون ملزمة بتدريبها والعناية باحتياجاتها من دون مقابل كبير وبمخاطر عالية، كأن لا ينجح البعض في الأعمال الموكلة إليه فيضطر الكفيل للاستغناء عنه، أو الاستعانة بأحد العمالة الماهرة المتواجدة في السوق المحلية، وهذا خطأ وتحايل على العوائق أو حدوث مشكلات في العمل لاختلاف طبيعة العمل هنا عن بلد العامل الأصلي ما يؤدي لمشكلات وشكاوى قد نستغني عنها بالكامل فيما لو استطعنا جلب عمالة ماهرة تعرف تماماً عملها، وقادرة على تحمل ضغط العمل لكونها مؤهلة لهذا العمل بالذات.
وطالب الدوسري الجهات المختصة باستقدام العمالة بأن تعي الدور الكبير الذي تقدمه العمالة الماهرة والمدربة في تنفيذ المشروعات بالسرعة وبالجودة المطلوبة، والعمل مع الشركات الوطنية وشركات الاستقدام المحلية سواء عبر الاجتماع بهم لمعرفة مشكلاتهم وما يعانونه بهذا المجال لتوفير بيئة عمالية سليمة وماهرة تقدم للبلد خدماتها وخبراتها بالشكل المطلوب والمثل لتنفيذ المشروعات بالسرعة والجودة المطلوبتين أو من خلال وضع الحكومة لآلية واضحة ومحددة الاشتراطات لاستقدام العمالة توافق معايير المهنية والجودة في العمل، وتحمي الشركات من تسيب العمالة ومشكلات العمالة غير المدربة، فضلاً عن تسهيل اجراءات الاستقدام بما تحتاجه الشركات المحلية فعلاً من عمالة ماهرة وفنية مدربة، وبخاصة الشركات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة، والتي هي في الحقيقة اساس الاقتصاد الوطني وعلى كاهلها تقع مسؤولية بناء الوطن.
وزارة خاصة بالعمال
ومن جانبه أكد رجل الأعمال يوسف الكواري على أن أعدادا كبيرة من العمالة الحالية هي عمالة غير مدربة، وغالبيتها نتيجة بيع تأشيرات وعمالة سائبة، وغير قانونية لعدم وجود جهات تشغلها وتكون مسؤولة عنها، لافتاً في هذا السياق إلى معاناة مختلف الشركات من حيث توافر العمالة الماهرة والمدربة، والتي بحسب قوله غير موجودة وإن وجدت فإن أسعارها مرتفعة جداً لكونها غير متوفرة ولا يوجد بديل نتيجة تحديد العمالة من دول بعينها من قبل إدارة العمل ولجنة الاستقدام بناء على اعتبارات التركيبة السكانية وقضايا أخرى تخص علاقتنا بهذه الدول، ما دفع بكثير من الشركات ولتسيير أعمالها إلى استقدام عمالة غير مدربة، ومن ثم تدريبها، ولكن هذا أيضاً أوصلنا لمشكلات جديدة وخلافات مع العمال، إما بسبب فشله في العمل واكتشاف زيف مهارته، أو بسبب الانفاق على تدريبه ومن ثم نكران هذا المعروف لتبدأ رحلة مطالباته لشيء لم يكن يملكه أصلاً، وكل ذلك استنزاف للأموال ولجهود الشركات ورجال الأعمال وتؤثر سلباً على سيرورة المشروعات وجودة تنفيذها.
وأضاف الكواري أن قوانين الاستقدام لم تعد تواكب التطور التنموي والعمراني الكبير الذي تشهده الدولة، ويرجع ذلك للتعامل مع هذه المسألة بالطريقة القديمة، وعدم قدرة لجنة الاستقدام لكونها لجنة مشتركة من جهات عدة على وضع اشتراطات على الدول المصدرة للعمالة تتضمن تدريبها في بلدها قبل السماح بالتعاقد معهم، أو أن تلجأ الوزارة وشركات الاستقدام إلى التعاقد مع جهات فنية وأكاديمية في تلك الدول مهمتها تدريب العمالة ضمن التخصصات التي تحتاجها قطر بالفعل، وأن تقوم بترشيح هذه الجهات لتساعد الشركات المحلية على الاختيار الصحيح فضلاً عن آلية متابعة من قبل وزارة العمل تتوافر فيها جهات فاحصة للعمالة ضمن التخصصات التي قدمت لأجلها، وذلك لضمان مصداقية هذه العمالة والشهادات التي يبرزونها على أنها حقيقية لنكتشف بعد ذلك بأنها غير صحيحة، لافتاً إلى أن العلاج لهذه المشكلات يكون غالباً بالتشديد على الشركات ما يؤدي إلى زيادة العمالة غير الناجعة، ويرفع الأسعار كرد فعل ارتجالي،
وحول الحلول لهذه القضايا أكد الكواري أن العمالة باتت تشكل نحو 85% من سكان قطر، وهي مشتتة اليوم بين وزارة العمل ووزارة الداخلية ولجنة حقوق الإنسان، وبالتالي بات ضرورة اليوم أن تكون هناك وزارة الجوازات وشؤون الوافدين تتولى مهمة تسيير أمور العمالة، وتساعد الشركات الوطنية ورجال الأعمال على اختيار الأنسب والتعاون مع من يقدم بالفعل خدمات جليلة للبلد، فضلاً على قدرتها القيام باحصائيات ودراسات عن العمالة تفيد الشركات وغيرهم في تتبع المشكلة منذ بدايتها وعلاجها فوراً من دون اللجوء لعدة جهات ما يضيع الجهد والوقت على الجميع، وأيضاً أن تتضمن هذه الوزارة إدارة متخصصة للتنسيق مع دول العالم المصدرة للعمالة، وتتفق مع جهات مختصة لديها على تأهيل وتدريب عمالتها ضمن ما نحتاجه بالفعل، وذلك يكون من خلال انجازنا لخارطة عمالية للمهن التي تحتاجها الدولة خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة سواء في القطاع الخاص أو الحكومي.
كذلك لا بد من الانتهاء من العمالة السائبة لكونها تثير المشكلات ويزيدون من التركيبة السكانية للدولة من دون أن يقدموا أي فائدة للمجتمع، بل باتوا يشكلون مصدر ضرر للاقتصاد الوطني، هذا إلى جانب ضرورة مكافحة التستر التجاري الذي لا يقدم أي قيمة مضافة للاقتصاد والمجتمع القطري، خاصة بعد أن أصبحت نسبة هؤلاء كبيرة وتفوق النصف مليون.
وطالب الكواري بضرورة تطوير أنفسنا كشركات ورجال أعمال ومواطنين، والبدء بتغيير بعض العادات التي نسير عليها كالاصرار على أن يكون السائقون والخدم من جنسيات بعينها لعدم حرمان الآخرين من العمالة الماهرة التي تتضمنها هذه الجنسية، بل أن يكون هدفنا التركيز على الجودة في العمل وليس على العدد، وهذا ما نحتاجه للفترة المقبلة.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}

تحليل التعليقات: