اشتراط الخبرة عائق أمام التحاق المواطنين بالوظائف
يشتكي العديد من المواطنين حديثي التخرج، سواء من حملة الدبلومات أو حملة شهادات الإعدادية أو الثانوية العامة أو البكالوريوس أو الدراسات العليا من صعوبة إيجاد فرص عمل سواء في القطاع الحكومي أو الخاص تلبي طموحاتهم، وتحقق متطلباتهم، فكثير منهم لم يحصلوا بعد على وظيفة في المجال الذي يحلمون بالعمل فيه، ويعود ذلك إلى أن سوق العمل في مجمله يشترط "الخبرة"، وهو ما أكده العديد من حديثي التخرج، حيث إن متطلبات سوق العمل وشروط التوظيف أصبح من الصعب تلبيتها، نظراً للتقدم السريع والتطور الذي تشهده القطاعات المختلفة، فكثير من جهات العمل ترغب في توظيف أصحاب الخبرة والمؤهلين لمواكبة هذا التطور السريع، والدفع بشركاتهم إلى مزيد من التقدم والرقي .
ولفت مسؤولو التوظيف في قطاعات العمل المختلفة إلى أهمية "الخبرة" كشرط للتعيين، خاصة في بعض المجالات التي تحتاج إلى خبرة علمية وعملية كمجالات الهندسة والبنوك والتأمين بأنواعها المختلفة وكذلك تكنولوجيا المعلومات، فيما تسبب ذلك في مزيد من الإحباط لدى الخريجين الجدد، ودفعهم للتساؤل عن طرق الوصول إلى تلك الخبرة التي تبدأ من سنة وقد تصل حتى 5 سنوات كحد أدنى .
وأكد بعض من كبار المسؤولين وجود فرص عمل لحملة الدرجات العلمية المختلفة، تتناسب معها، كما ألقى بعض المسؤولين اللوم على حديثي التخرج الذين يصنعون أحلاماً من الخيال ولا ينظرون إلى الواقع، إضافة إلى وجود نسبة تسرب من العمل في قطاعات العمل المختلفة تصل إلى 9% .
"الخليج" التقت عدداً من الطلبة وخريجي الثانوية العامة وحملة الدرجات العلمية المختلفة، أكدوا جميعهم أن عملية الحصول على فرصة عمل لا تسير على طريق معبد، بل طريق مملوء بالعوائق والتحديات .
وأشار عبدالرحمن آل علي، حاصل على دبلوم عال في تكنولوجيا المعلومات، إلى انه يتلقى الوعود والردود من العديد من جهات العمل الحكومية والخاصة، على توظيفه أو تدريبه، ولكنه يجد أن معظمها لا توفر فرصة عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، فالعديد من جهات العمل توفر فرص عمل وتتواصل مع الباحثين عن عمل في مجالات مختلفة لا تتعلق بالتخصص الدراسي الذي تخرج منه الباحث عن عمل، فيما بحث عن العمل في العديد من البنوك، مؤكداً وجود عروض عمل جيدة لديها، ولكنها مازالت لا تتناسب مع طموحه .
الخبرة
وقال أحمد عبدالله النخلاوي، حاصل على شهادة الإعدادية ويعمل في إحدى الجهات الحكومية: بالرغم من حصولي على خبرة عملية مدتها 4 سنوات في مجال عملي، إلا أنني عندما أتقدم بطلب للعمل في البنوك أو شركات الطيران أو قطاعات العمل الأخرى، إما أن يخبرونني بأن خبرتي ليست كافية أو أنها لا تتناسب مع الوظائف الشاغرة، ما أدى إلى استيائي، كما يشترطون اللغة الانجليزية بالرغم من أن الوظيفة التي أتقدم إليها ليست بحاجة إليها ."
شهادات
واشتكى محمد سعيد الراشدي، يبلغ 31 عاماً، وحاصل على شهادة الثانوية العامة، من عدم حصوله على فرصة عمل في الأقسام الإدارية في قطاعات العمل المختلفة والتي يرغب في العمل بها .
وأشار إلى أن معظم جهات العمل تختار الخريجين الحاصلين على شهادات البكالوريوس وأصحاب الدراسات العليا، وذوي الخبرات العملية التي قد تتراوح من سنة إلى 5 سنوات كحد أدنى، بينما لا تولي الشركات اهتماماً له ولأمثاله من حملة شهادات الإعدادية أو الثانوية .
وأوضح حسن العبيدلي، 29 عاماً، حاصل على ماجستير إدارة هندسية، ويعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، أنه تقدم بطلبه الوظيفي وشهادات خبرته إلى نحو 5 شركات ومؤسسات حكومية وخاصة، بحثاً عن عمل في مجاله الهندسي من أجل تحسين وضعه الحالي، حيث يرغب في الحصول على وظيفة بدخل وحوافز أفضل بعد حصوله على درجة الماجستير مؤخراً .
وذكر إلى أن العديد من الجهات تشترط "الخبرة" العملية والعلمية، ولكن بالرغم من حصوله على ذلك، فمازال يعاني صعوبة الحصول على فرصة عمل أخرى تُحسن من وضعه الحالي .
وعود خادعة
وقالت براءة رائد، حاصلة على دبلومة في المبيعات، "إن العديد من مؤسسات التعليم العالي تجذب الطلبة من خلال الوعود الخادعة التي تؤكد من خلالها توفير فرص عمل بعد التخرج مباشرة، ولكنني انتهيت من الدراسة منذ عامين، ومازلت حتى الآن من دون أي عمل، حيث إن العديد من الجهات تشترط الخبرة العملية، أو تشترط العمل كفترة تدريبية من دون أي مقابل لشهور عدة حتى التثبيت أو إنهاء فترة العمل .
كما أن البرامج التعليمية التي حصلنا عليها أثناء الدراسة، لا تتصل مع الواقع في بعض الحالات أو تعاني بعض أوجه القصور، ما يجعل الخريج بحاجة إلى مزيد من البرامج التعليمية الإضافية التي تكسبه بعض المهارات التي قد يحتاجها في سوق العمل" .
فرص عمل
وعلى الجانب الآخر، يعزم العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية في الدولة، على توفير فرص عمل لخريجيها، كما توفر لهم الرعاية من خلال عقد اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الشركات في سوق العمل من أجل توظيف الطلبة وتدريبهم سواء أثناء الدراسة أو بعد تخرجهم، حيث أكد سلطان حسين كرمستجي مدير كليات التقنية العليا للطلاب والطالبات في أبوظبي، أن كليات الطلاب تنظم العديد من معارض الإرشاد الوظيفي بمشاركة جهات ممثلة للقطاعات الصناعية والاقتصادية والإدارية في الدولة، والتي قدمت الكثير من العروض الوظيفية لطلاب الكلية في مختلف التخصصات الدراسية، بالإضافة إلى تنظيم حملة توعوية لنشر ثقافة العمل في القطاع الخاص، المنبثقة عن مبادرة "أبشر" لتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، تحت شعار "القطاع الخاص ليس مجرد وظيفة"، وتعمل الكلية على تعريف الطلاب بالتخصصات المطلوبة في سوق العمل كما تنظم ورش عمل لكتابة السيرة الذاتية للبحث عن وظائف وطرق المقابلات الوظيفية .
وأكد أحمد العلي مدير كلية الإمارات للطيران، تأمين فرص عمل للخريجين منها بنسبة 90-95%، في مجالات هندسة صيانة الطيران وهندسة الكمبيوتر والإلكترونيات، وتطوير برمجيات الكمبيوتر وإدارة الأعمال وإدارة السياحة، وإدارة النقل الجوي وهندسة الطيران، حيث تعمل الكلية على تدريب الكفاءات الوطنية في مجالي المراقبة الجوية وهندسة الطيران وصيانة الطائرات إضافة إلى دراسات أخرى، كما توفر لهم دورات تدريبية من أجل إكسابهم الخبرة العملية في مجال عملهم .
وأشار نجم الطنيجي ضابط أول شؤون إدارية وتوظيف في معهد مصدر، إلى أن أكثر من 50% من خريجي المعهد حصلوا على عمل في الشركات المحلية والدولية، في حين أن 35 % يتابعون دراستهم لنيل شهادة الدكتوراه في المعهد والجامعات الدولية الأخرى، كما أنه يتم توظيف خريجي المعهد في شركات رائدة، بما في ذلك مبادلة، وسيمنز، وبرتم للاستشارات، وكيو للاستشارات، وأرامكو السعودية، ومصدر للطاقة، وبونيت كاربون، وأريفا سولار، ولوكس للاستشارات، وجنرال إلكتريك، وهيئة البيئة في أبوظبي، و EON ، وهيلتي للإنشاءات، وبرايس ووترهاوس كوبرز، وأيرينا، ويونيليفر، وورامبول للاستشارات .
وأشار إلى أن برامج التدريب الداخلي ومعارض التوظيف والأيام الوظيفية وورش العمل المهنية تساهم في تسهيل توظيف طلاب معهد مصدر بعد التخرج، فيما تتيح فعاليات التواصل مثل المؤتمرات الدولية والندوات والمحاضرات للطلاب فرصة التواصل مع أصحاب العمل ومناقشة مشاريعهم وآفاقهم المهنية .
وأكد تخريج أكثر من 200 طالب وطالبة حتى الآن من بينهم 70 خريجاً في الدفعة الأولى عام 2011 ونحو 54 خريجاً في الدفعة الثانية عام ،2012 وأكثر من 90 خريجاً في دفعة 2013 .
معارض التوظيف
وبالرغم من شكوى العديد من حديثي التخرج بالدرجات العلمية المختلفة من صعوبة الحصول على فرصة وظيفية تناسبهم، أشارت مريم المرزوقي مدير التوطين في مجموعة الموارد البشرية في بنك ابوظبي الوطني، إلى استقبال كافة طلبات التوظيف التي يتقدم بها الباحثون عن عمل، سواء من خلال الموقع الإلكتروني أو التقديم المباشر أو من خلال معارض التوظيف والتي يتم توظيف نحو 20% من العاملين في البنك من خلال معارض التوظيف سنوياً .
ولفتت إلى إجرائهم أكثر من 150 مقابلة مباشرة مع الباحثين عن العمل خلال أحد معارض التوظيف .
وأكدت أهمية المقابلات المباشرة مع الباحثين عن عمل والتي تكشف عن المؤهلين للعمل في البنك، حيث كشفت المقابلات عن أن نحو 40% من الباحثين عن عمل مؤهلين للعمل في الأقسام المختلفة في البنك .
كما يشكل البنك قاعدة بيانات للباحثين عن عمل باستمرار من أجل التواصل معهم، فيما يطرح البنك 4 برامج تدريبية للطلبة من حديثي التخرج أو الراغبين في الحصول على فترة تدريبية بهدف إكسابهم الخبرة العملية، مؤكدة طرح البنك أكثر من 100 وظيفة سنوياً للمواطنين في القطاعات المختلفة، ومنها المالية والقانونية والإدارية، والعقارات وغيرها .
تسرب الكوادر
وأكد يونس عبدالعزيز النمر الرئيس التنفيذي للموارد البشرية مؤسسة الإمارات للاتصالات "اتصالات"، أن ظاهرة تسرب الكوادر الوظيفية من وظائفهم، تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه "اتصالات" حيث تبلغ نسبة التسرب 4% بالمقارنة مع الجهات المحلية الأخرى التي تصل نسبة التسرب فيها إلى 9%، مشيراً إلى أن نقص الخبرة لدى حديثي التخرج تتغلب عليها "اتصالات" من خلال إخضاعهم للعديد من عمليات تدريب وتطوير مستمرين، لافتاً إلى أن "اتصالات" تجذب المواطنين للعمل في مجالات الهندسة والمبيعات والمشروعات .
وأشارت فاطمة محمد المزروعي مساعد تنفيذي في قسم الموارد البشرية في شركة "إكسا" للتأمين إلى وجود نقص في بعض التخصصات الجامعية التي تلبي احتياجات المسؤولين في قطاع العمل، مما يدفعهم إلى استهلاك الكثير من الوقت وبذل مزيد من الجهد، من أجل إعداد الباحثين عن العمل بشكل يليق للعمل في الوظيفة التي تقدموا بطلبهم عليها . لذلك يجب على الجهات التعليمية في الدولة النظر في تلك التخصصات وإعداد برامج تعليمية، لتكسب الطلبة الخبرة في مجالات العمل المختلفة، ومنها قطاع التأمين، حيث تسعى شركات التأمين للوصول إلى كوادر إماراتية مؤهلة في المجال .
ولفتت إلى أن كافة قطاعات العمل أو المراتب الوظيفية المختلفة لا تستطيع أن تستقبل أو توظف كافة المتقدمين بطلبات للعمل في شركاتهم، حيث إن بعض الوظائف تتطلب درجات علمية معينة ومؤهلات إضافية وخبرة سابقة، كالمراكز الإدارية العالية .
بنك أبوظبي التجاري: زيادة نسب التوطين
أكدت إيمان أحمد عبدالرحمن مديرة التوطين في بنك أبوظبي التجاري، طرح البنك أكثر من 100 فرصة تدريبية للراغبين في العمل في البنك، حيث يهدف البنك إلى زيادة نسبة التوطين بمعدل 5% سنوياً .
ولفتت إلى إجراء مقابلات مباشرة مع الباحثين عن عمل باستمرار من أجل توظيف أصحاب المؤهلات في القطاعات المختلفة التي يحتاجها البنك، فيما يقدم البنك نحو 200 شاغر وظيفي لأصحاب الخبرة في الأعمال البنكية، من حملة الدبلومات أو البكالوريوس أو الدراسات العليا، منوهة إلى ان العديد من المواطنين لديهم طموحات كبيرة كالحصول على مرتب عال في بداية سنوات العمل، وساعات عمل أقل وإجازات سنوية كثيرة أو مزيد من المميزات أو الحوافز كتذاكر السفر وغيرها من العلاوات .
إرشادات
قدم فهد المعمري رئيس وحدة العلاقات الخارجية في هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية "تنمية"، عدداً من الإرشادات للباحثين عن عمل، منها تحديد الرغبات والمهارات التي يتمتع بها الباحث عن عمل .
كما يفضل تحديد الأهداف الوظيفية على المدى القصير والمتوسط والبعيد، حيث يطمح العديد من الخريجين إلى العمل في مناصب قيادية مباشرة بعد التخرج، مشيراً إلى أهمية إعداد وتحديث السيرة الذاتية باستمرار، بالإضافة إلى التحضير للمقابلة الوظيفية ومن ثم متابعة الجهة التي تم إجراء المقابلة معها .
ومن المهم أيضاً اختيار الوظيفة المناسبة والملائمة للتخصص الدراسي والميول المهني .
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}

تحليل التعليقات: