بنوك تتباطأ في فصل إدارة «الالتزام» عن «الحوكمة»

بالرغم من حرص غالبية وحدات القطاع المصرفي على التطبيق السليم لقواعد الحوكمة والممارسات العالمية في هذا المجال، وهو الأمر الذي يوليه بنك الكويت المركزي بالغ العناية والمتابعة لتحصين البنوك وعدم تعريضها للمخاطر، ما زالت بعض البنوك تعاني قصوراً في توفير البيئة المناسبة لعمل الوظائف الرقابية لديها، وكذلك توفير التبعية المناسبة لها، نتيجة الجمع بين بعض الوظائف ومنها وظيفة الالتزام ووظيفة الحوكمة.

وفي الوقت الذي سارعت فيه غالبية البنوك، إلى تأسيس إدارة منفصلة للالتزام وإدارة أخرى للحوكمة، تتباطأ بعض البنوك في فصل هاتين الإدارتين بما يضمن لكل منهما العمل بكفاءة وفعالية وتركيز أكبر، وهو ما انعكس سلباً خلال السنوات الأخيرة على قدرتها في الوفاء بالمتطلبات الرقابية، وتسبب في تسجيل مخالفات وغرامات ضدها وضعف منظومة الحوكمة لديها، مما نتج عنه استقالات لأعضاء في مجالس إدارات والإدارة التنفيذية لبعض البنوك.

وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر استشارية أن طبيعة ونطاق عمل إدارة الالتزام في البنوك يختلف كثيراً عن إدارة الحوكمة، مشيرة إلى أن إدارة الالتزام معنية بضمان التزام البنك بمتطلبات القوانين والتعليمات الرقابية خلال جميع مراحل تنفيذ العمليات والخدمات والمعاملات المصرفية التي يقوم بها، والعمل جنبا إلى جنب مع إدارات الأعمال في مراجعة المنتجات والخدمات الجديدة وسبل تطويرها، بما يتوافق مع القوانين والتعليمات، فضلاً عن قيامها بتحديد وتقييم مخاطر عدم الالتزام التي تواجه البنك واعداد الخطط والتقارير حول كفاءة إدارة البنك لتلك المخاطر، هذا إلى جانب العمل كحلقة وصل مع بنك الكويت المركزي وهي لحالها مهمة شاقة.

وقالت إن إدارة الحوكمة تركز على التحقق من التطبيق السليم لدليل وقواعد الحوكمة بما يضمن توافر حوكمة رشيدة، خاصة على مستوى مجلس الإدارة وأعضائه ولجانه والإدارة التنفيذية، من حيث اضطلاعهم بدورهم ومسؤولياتهم تجاه البنك ومساهميه، كما تتولى كذلك مهام الإفصاح والشفافية على اعتبار أن الافصاح والشفافية هما جزء أساسي من قواعد الحوكمة وأحد محاورها الرئيسية.

وأضافت: لعل ما يؤكد وجوب هذا الفصل هو أن لإدارة الحوكمة دورا مهما في التحقق من إطار الالتزام، ومن أن حوكمة الالتزام متوافرة لدى إدارة الالتزام وتسير بالشكل السليم والمطلوب بحسب ما نصت عليه قواعد الحوكمة، وكذلك الحال أيضاً فإنه مطلوب من إدارة الالتزام مراجعة أعمال إدارة الحوكمة والتأكد من التزامها بمهامها وفقاً للتعليمات.

وتساءلت المصادر: كيف تكون الإدارتان مدمجتين، وكلاهما يتحقق من الآخر؟ وأين هي الاستقلالية وتجنب تعارض المهام، الذي أكدت عليه تعليمات «المركزي» وكذلك الممارسات الدولية السليمة؟

على صعيد متصل، أكدت مصادر أخرى أن التبعية المناسبة والسليمة لإدارة الالتزام تكون للجنة المخاطر التابعة لمجلس الإدارة، مسترشدة في ذلك بالتطبيق الصحيح لأكبر البنوك في الكويت وكذلك كبرى البنوك في المنطقة، وكذلك استرشاداً بتعليمات البنك المركزي الواردة بقواعد الحوكمة، والتي تنص على أنه «تعتبر وظيفة الالتزام من العناصر الأساسية في إدارة المخاطر للبنوك نظراً للطبيعة الخاصة لمخاطر عدم الالتزام، والتي تشمل مخاطر العقوبات القانونية أو الرقابية أو المالية أو السمعة وغيرها من السلبيات قد يتعرض لها البنك في حال عدم الالتزام».

هذا يدل على أن لجنة المخاطر أولى بإدارة الالتزام وأقرب لها، ولكن ليس هذا هو الخيار الوحيد المتاح أمام البنوك بالنسبة لتبعية إدارة الالتزام، بل ان هناك خياراً آخر أجازته نفس التعليمات المذكورة، وهو تشكيل لجنة للالتزام تكون تابعة لمجلس الإدارة أيضاً وتكون تبعية إدارة الالتزام لها وترفع تقاريرها إليها، أو دمج لجنة المخاطر والالتزام معا كما هو معمول به في أكبر البنوك المحلية.

أما من حيث تبعية إدارة الحوكمة فتكون للجنة الحوكمة، ويكفي أن نستدل من اسم اللجنة نفسها أنها معنية بمتابعة تطبيق دليل وقواعد الحوكمة في البنك والإشراف على إدارة الحوكمة ومراجعة تقاريرها، أما استمرار بعض البنوك بجعل تبعية إدارة الالتزم للجنة الحوكمة أو للجنة التدقيق – كما هو الحال الآن – فهو أمر غير مناسب ولا يتوافق مع روح قواعد الحوكمة ولا مع الهدف الذي يسعى البنك المركزي إلى تحقيقه من خلال التطبيق السليم للقواعد.

مزايا فصل إدارة «الالتزام» عن «الحوكمة»

1- تحقيق أهداف البنك المركزي في التطبيق السليم للتعليمات الذي يصب في مصلحة البنك ومساهميه وعملائه.

2- كثرة عدد وحجم المخالفات والجزاءات الموقعة ضد البنوك تستدعي وجود إدارة منفصلة للالتزام لتجنب ذلك.

3- وجود إدارة منفصلة للالتزام سوف يتيح لها التركيز في أعمالها وينعكس على فعالية عمليات المتابعة والمراجعة التي تقوم بها مع الإدارات المختلفة، فضلاً عن تقديم دعم أفضل لإدارات الأعمال بما ينعكس على جودة العمل والخدمات المقدمة وحماية العملاء.

4- يساهم بشكل كبير في تجنب الوقوع في مخالفات جسيمة قد تضر بسمعة البنك منها مخالفات تتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومخالفات في عمليات التمويل / الإقراض، سواء للشركات أو الأفراد، فضلاً عن مخالفات عديدة تتعلق بالمعاملات المختلفة مع العملاء، وبالتالي تفادي الكثير من الشكاوى والتظلمات.

5- وجود إدارة منفصلة للحوكمة وتزويدها بالأشخاص المؤهلين سوف يتيح لها التركيز في العمل والاضطلاع بمسؤولياتها بشكل فعال، الأمر الذي سيساهم بشكل كبير في التقليل من احتمالية وجود معوقات أو مشكلات قد تؤثر في فعالية أداء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية.

6- وجود إدارة حوكمة فعالة تساند الأعضاء المستقلين كثيراً في القيام بدورهم وإعطائهم نوعا من الطمأنينه إلى الإستمرار في بيئة حوكمة جيدة.