تعاني الكويت من تحديات كبيرة في تأمين مصادر المياه العذبة نظرًا لمحدودية الموارد الطبيعية والاعتماد شبه الكامل على تحلية مياه البحر، ووفقا للبيانات فان المخزون الاحتياطي الاستراتيجي للمياه في البلاد انخفض إلى %55 تقريبا من إجمالي سعة التخزين الكلية بتاريخ 4 مارس الحالي والتي من المفترض ان تكون بمعدلات اعلى تتجاوز الـ%80 ذلك بعد خروج العديد من وحدات التحلية للصيانة. وامام تدني المخزون المائي فقد تكون منظومة المياه أقل قدرة أمام أي طارئ محتمل قد يؤدي إلى تعطل إضافي في وحدات التحلية.
وفي ظل استمرار ارتفاع الطلب على المياه وزيادة الضغط على البنية التحتية، تبرز الحاجة إلى إيجاد حلول مستدامة لضمان استقرار الإمدادات على المدى الطويل.
ومما لاشك فيه ،إن استمرار البلاد في الاعتماد على تحلية المياه بالوقود الأحفوري قد يعرضها لمخاطر تشغيلية وبيئية واقتصادية، مما يجعل التحول نحو تحلية المياه بالطاقة الشمسية خيارًا ضروريًا وملزما لضمان أمن المياه على المدى الطويل.
وتعتمد الكويت على مصادر رئيسية للمياه العذبة، وهي:
أولا: تحلية مياه البحر: تشكل أكثر من %90 من إمدادات المياه في البلاد، مما يجعلها تعتمد كليًا على كفاءة وتشغيل محطات التحلية.
ثانيا: المياه الجوفية: محدودة وغير صالحة للشرب من دون عمليات معالجة متقدمة او خلط مع المياه المقطرة.
ثالثا: إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة: تستخدم لأغراض الري والصناعة، لكنها ليست بديلاً لتوفير المياه العذبة.
تحديات حالية
1 - انخفاض المخزون الاستراتيجي إلى %55، مستوى منخفض جدا يزيد من مخاطر نقص الإمدادات عند حدوث أي أعطال إضافية.
2 - تعطل وحدات التحلية بسبب الصيانة: مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، وزيادة الضغط على الوحدات المتبقية.
3 - ارتفاع الطلب على المياه بسبب زيادة عدد السكان والأنشطة الصناعية والاستهلاك المرتفع.
4 - معدل استهلاك عال للفرد من المياه، تشير الإحصاءات إلى أن متوسط استهلاك الفرد في الكويت يبلغ حوالي 500 ليتر يوميًا، من أعلى المعدلات عالميًا. هذا الاستهلاك المرتفع يشكل تحديًا لإدارة الموارد المائية في البلاد، خاصة مع الاعتماد الكبير على تحلية مياه البحر المكلفة من حيث الطاقة والتكاليف.
5 - نسب تسرب مرتفعة في شبكات المياه، حيث تُقدَّر نسبة الفاقد بنحو %25–%30 من إجمالي المياه المنتَجة، وفق بيانات رسمية. هذا يعني أن ربع المياه المُحلّاة على الأقل تُهدر بسبب تسربات في الشبكات أو أعطال في البنية التحتية.
تأثيرات نقص المخزون
مع انخفاض المخزون الاحتياطي، تزداد احتمالية حدوث أزمة مائية في حال تعطلت وحدات تحلية إضافية أو تعرضت الشبكة لأي مشكلات تقنية، وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، منها:
1 - انخفاض القدرة على تلبية الطلب اليومي:
- يؤدي نقص المياه إلى اضطرار الجهات المسؤولة عن التوزيع إلى ترشيد الإمدادات أو قطعها عن بعض المناطق لفترات زمنية محددة.
- قد تتأثر القطاعات الصناعية والتجارية التي تعتمد على المياه المحلاة في عملياتها.
2 - زيادة الضغط على محطات التحلية:
- مع تشغيل المحطات المتبقية بطاقتها القصوى، فإن معدلات استهلاك الطاقة سترتفع، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية وتقليل العمر الافتراضي للمعدات.
3 - ارتفاع مخاطر الأعطال في الشبكة المائية:
- تشغيل محطات التحلية بأحمال عالية قد يؤدي إلى تكرار الأعطال، مما يزيد من الحاجة إلى الصيانة المتكررة.
- شبكات التوزيع قد تواجه انخفاض الضغط المائي أو تسربات تؤثر في كفاءة التوصيل.
4 -زيادة التكلفة المالية :
- ارتفاع استهلاك الطاقة نتيجة تشغيل المحطات بكامل طاقتها يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج.
- قد تضطر الدولة إلى استيراد المياه أو البحث عن حلول طارئة بتكاليف مرتفعة.
حلول إستراتيجية
لمواجهة التحديات، يجب تنويع مصادر المياه وتعزيز الاستدامة المائية عبر الحلول التالية:
أولًا: تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، نظام المزود المستقل للمياه والطاقة:
- تعتبر تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية من أكثر الحلول استدامةً، حيث تعتمد على مصادر طاقة متجددة بدلاً من الوقود الأحفوري، وتساهم في تقليل التكاليف التشغيلية والانبعاثات الكربونية. وقد تطورت تكنولوجيا تحلية المياه بالطاقة الشمسية مما يشجع القطاع الخاص في المساهمة في بناء محطات طاقة شمسية وتحلية مياه بنظام المزود المستقل.
مزايا نظام المزود المستقل للمياه والطاقة (IWPP) بالطاقة الشمسية:
- تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري: مما يخفض تكاليف التشغيل ويحسن الاستدامة الاقتصادية.
- خفض استهلاك الكهرباء للتحلية: مما يقلل الضغط على الشبكة الكهربائية.
- تعزيز أمن المياه في المستقبل: من خلال توفير مصدر إضافي ومستدام للمياه.
- تخفيض التكلفة على الدولة في توفير المياه.
ثانيًا: تحسين إدارة الموارد المائية وتعزيز المخزون الاستراتيجي:
- زيادة السعة التخزينية للمياه لضمان توافر احتياطي كافٍ يكفي لفترات الطوارئ.
- تطوير تقنيات إعادة استخدام المياه المعالجة لدعم الاستخدامات غير المنزلية مثل الري والصناعة.
- رفع كفاءة شبكات التوزيع للحد من الهدر والتسربات المائية.
- تعزيز ثقافة الترشيد المائي عبر حملات توعوية فعالة.
ثالثًا: تطوير تقنيات تحلية أكثر كفاءة وأقل استهلاكًا للطاقة:
- اعتماد تقنيات التناضح العكسي العالية الكفاءة التي تستهلك طاقة أقل مقارنةً بالطرق التقليدية واستخدام الطاقة الشمسية في تشغيلها.
- استخدام أنظمة تحلية هجينة (Hybrid Desalination Systems) تجمع بين الطاقة الشمسية والتقنيات التقليدية لزيادة الكفاءة والاستدامة.
مستقبل المياه في الكويت
نظرًا لأن محطات التحلية الحالية تعتمد بشكل أساسي على الوقود الأحفوري والكهرباء، فإن أي تقلبات في توفير الوقود أو مشكلات في إنتاج الكهرباء قد تؤثر بشكل مباشر في توفر المياه واستدامة إمداداتها. وأبرز المخاطر المرتبطة بهذا النظام:
1 - ارتفاع استهلاك الطاقة.
2 - تأثيرات بيئية.
3 - تقليل الاستثمار في بناء محطات تحلية.
5 حلول لضمان استدامة الامن المائي
- تعزيز الاستثمارات في مشاريع تحلية المياه بالطاقة الشمسية عبر نظام المزود المستقل للمياه والطاقة (IWPP).
- تحسين سياسات الصيانة لمحطات التحلية لضمان عدم خروج عدد كبير من الوحدات عن الخدمة في وقت واحد.
- مستوى المخزون الاحتياطي الاستراتيجي يجب الا يقل عن %70 %80 لتقليل مخاطر الانقطاع.
- تنويع مصادر المياه واستخدام أنظمة تحلية منخفضة استهلاك الطاقة.
- وضع خطط طوارئ فعالة لضمان استمرارية إمدادات المياه في حالات الأزمات .
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: