هل تغير الكوارث الطبيعية خريطة الاستثمار في الأسواق المالية؟

في أواخر أغسطس 2005، لم يتخيل سكان "نيو أورلينز" أن مدينتهم ستغرق بسبب إعصار "كاترينا"، في واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ أمريكا، لكنها لم تكن النهاية، بل بداية تساؤلات اقتصادية جوهرية: كيف تؤثر الكوارث على الاستثمار؟ وهل يمكن أن تتحول المناطق المنكوبة لاحقًا إلى فرص مربحة؟

صدمة اقتصادية
- أسفر "كاترينا" عن خسائر بلغت 160 مليار دولار، تعادل 1% من الناتج المحلي الأمريكي آنذاك، فيما خلّف إعصار "ريتا" التالي له أضرارًا بقيمة 23.7 مليار دولار، وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 1.8% في سبتمبر 2005.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

استجابة السوق

- انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.2% بعد كاترينا مباشرة، وسجلت شركات التأمين خسائر بـ4.4%، في حين ارتفعت أسهم شركات البناء بـ3.1% بفضل توقعات إعادة الإعمار.

أدوات تحوط
- أبرزت الكوارث أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية، كما أظهرت الدراسات أن الاستثمارات البيئية حافظت على استقرار نسبي خلال الأزمات المناخية، إذ تراجعت بمعدل أقل بـ30% من نظيراتها التقليدية في فترات التقلبات.

أسواق جديدة

- تُعيد الكوارث الطبيعية تشكيل الأسواق بدفع الاستثمارات نحو حلول مثل البنية التحتية المقاومة للمناخ، والطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، ففي أستراليا، تضاعفت الاستثمارات في التقنيات المناخية خلال عام 2020، عقب حرائق الغابات الكبرى التي اندلعت بين يونيو 2019 وفبراير 2020 وتسببت بأضرار اقتصادية تُقدّر بـ100 مليار دولار.

تنويع طبيعي

- أصبح الاستثمار في الموارد الطبيعية مثل النحاس والليثيوم خيارًا استراتيجيًا، ووفق بيانات "فان إيك"، حققت هذه السلع عائدًا سنويًا بمتوسط 7.8% بين 2010 و2023، مقابل 5.2% للأسهم العالمية.

سندات الكوارث

- برزت سندات الكوارث (Cat Bonds) بقوة في أعقاب إعصار كاترينا عام 2005، كوسيلة لنقل جزء من مخاطر الكوارث الطبيعية إلى الأسواق المالية، حيث توفر للمستثمرين عوائد مرتفعة، مقابل تحملهم خسارة رأس المال في حال وقوع كارثة محددة، وبلغت قيمة هذا السوق 40 مليار دولار بنهاية 2023، مع عوائد تخطت 8% في بعض الفترات.

فرصًا عقارية

- رغم الدمار، أظهرت الكوارث فرصًا عقارية مستقبلية، حيث كشفت دراسة أن المناطق المعاد إعمارها شهدت ارتفاعًا في أسعار العقارات بنسبة تصل إلى 12% خلال خمس سنوات.

تكيف استثماري

- أدخلت المؤسسات الكبرى سيناريوهات الكوارث إلى نماذج المخاطر، حيث أطلق "جولدمان ساكس" وحدة استثمارية تركز على فرص ما بعد الكوارث في البنية التحتية والطاقة النظيفة.

دروس الماضي

- تُظهر حوادث "كاترينا" و"ريتا" و"هارفي" أهمية توقيت دخول السوق بعد الكارثة، فالتحركات المبكرة قد تكون محفوفة بالمخاطر، بينما تحقق الاستثمارات المدروسة لاحقًا أرباحًا حقيقية، لا سيما مع دعم حكومي مثل الحوافز الضريبية، وتوجيه الاستثمارات، ما يحول الكوارث إلى فرص.

نظرة مستقبلية

- مع تصاعد الكوارث المناخية، بات من المرجح أن يصبح الاستثمار في هذا المجال أكثر تنظيمًا، فضلًا عن أن الذكاء الاصطناعي ونماذج التنبؤ المتقدمة قد تفتح آفاقًا جديدة لاستباق الأزمات.

المصادر: أرقام – بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس – ياهو فاينانس – بلومبرج - فاينانشال تايمز - كامبريدج أسوشيتس - فان إيك - إميرالد جورنال - جامعة لوند – إنفستوبيديا - جامعة كامبريدج - مارين بوست – تايلور آند فرانسيس – إكونستور - نت إنترست