محللون يوضحون لـ أرقام أسباب تراجع السوق السعودي وتوقعاتهم للفترة القادمة

أكد محللون لـ أرقام، أن التراجع الذي شهدته السوق المالية السعودية جاء مدفوعًا بعوامل تتعلق بتوزع السيولة وتغيرات في توجهات المستثمرين، أكثر من ارتباطه بالأساسيات أو نتائج الشركات.

وأوضحوا أن السوق لم يتفاعل إيجابيًا مع إعلانات الأرباح، رغم تحقيق معظم القطاعات أداءً جيدًا باستثناء البتروكيماويات، حيث تراجعت أرباحها نتيجة دورة طبيعية للقطاع.

كما أشاروا إلى أن ضعف السيولة يعود للمنافسة مع أدوات الدين والمرابحات من جهة، وتوجه المستثمرين نحو فرص الطروحات الأولية والأسواق الخارجية من جهة أخرى.

وبحسب البيانات المتاحة لدى أرقام، شهد مؤشر السوق السعودي "تاسي" تراجعاً ملحوظاً منذ بداية عام 2025 وحتى 17 أغسطس، حيث خسر نحو 9.5 % من قيمته، متأثراً بضغوط بيعية واسعة شملت معظم قطاعات السوق.

وخلال هذه الفترة، غلب اللون الأحمر على أداء الشركات المدرجة، إذ انخفضت أسعار أسهم 210 شركات مقابل ارتفاع 40 شركة فقط، وقد بلغ معدل قيمة التداولات اليومية نحو 5.47 مليار ريال، فيما وصل إجمالي الصفقات المنفذة إلى أكثر من 71 مليون صفقة.

ونقلاً عن وحدة التحاليل المالية في أرقام، انخفضت الأرباح المجمعة للشركات السعودية (باستثناء أرامكو) خلال الربع الثاني 2025 بنسبة 8% قياساً بالربع المماثل لتصل إلى 38.29 مليار ريال متأثرة بشكل رئيس من نتائج أعمال قطاعات البتروكيماويات والنقل.

في حين أظهرت الحصيلة الإجمالية لنتائج الشركات السعودية انخفاض الأرباح المجمعة إلى نحو 123.93 مليار ريال بنهاية الربع الثاني 2025، أي متراجعة بنسبة 16% عن المماثل.

عبد اللطيف السيف المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سبعين للاستثمار

وقال عبد اللطيف السيف، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سبعين للاستثمار، إن السوق المالية السعودية لم تتفاعل بشكل إيجابي مع نتائج الربع الثاني.

وأوضح السيف في لقاء مع أرقام، أن هناك عدة عوامل وراء ذلك، تتضمن انخفاضاً لأرباح السوق بشكل عام مقارنة بالعام الماضي وخاصة في بعض القطاعات الكبيرة والمؤثرة مثل الطاقة والبتروكيماويات، إلى جانب أرباح أقل من التوقعات لبعض الشركات حديثة الطرح التي كان هناك تفاؤل بتحقيقها نموًا أكبر.

وأشار إلى تأثر السوق بأحداث خارجية، منها المخاوف من توترات تجارية وتقلبات أسعار النفط التي انعكست سلبًا، بالإضافة إلى انخفاض أحجام التداول، مما يعكس ضعف معنويات المستثمرين.

وبيّن أن وجود بدائل استثمارية منافسة مثل أدوات الدين والمرابحات التي توفر عوائد جيدة، وتقلل نسبياً من جاذبية سوق الأسهم.

وأضاف أن توجه بعض المستثمرين إلى أسواق خارجية، وعلى رأسها السوق الأمريكي الذي حقق أداءً إيجابيًا خلال الفترة الماضية.

طارق فضل الله الرئيس التنفيذي لشركة نومورا لإدارة الأصول - الشرق الأوسط

ومن جانبه أشار طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لشركة نومورا لإدارة الأصول – الشرق الأوسط، إلى أن "تاسي" لم يتفاعل مع نتائج الربع الثاني في قطاعات البنوك والاتصالات لأن المؤشر يظل متركزًا في عدد محدود من الشركات القيادية ذات الوزن المرتفع، ولا يعكس بالضرورة اتساع قاعدة السوق.

وأضاف أن الأرباح المجمعة تراجعت بنحو 8% حتى بعد استبعاد الأثر الكبير لأرباح أرامكو، وهو ما ضغط على معنويات المستثمرين.

أسباب ضعف السيولة

وحول أسباب ضعف السيولة في السوق، أشار السيف إلى أن المنافسة مع القنوات الاستثمارية الأخرى مثل أدوات الدين والمرابحات لعبت دورًا رئيسيًا، مضيفاً أن السوق السعودي شهد نشاطًا ملحوظًا في الطروحات الأولية  وحقوق الأولوية، وهو ما أدى إلى توزع السيولة المتاحة على هذه الفرص بدلاً من تداول الأسهم القائمة.

وبيّن أن فترة العطلات الصيفية ساهمت أيضًا في ضعف مشاركة المستثمرين الأفراد، بالإضافة إلى استمرار توجه بعض المستثمرين نحو الأسواق العالمية التي سجلت أداءً أفضل، مثل السوق الأمريكي.

المفاجآت في نتائج الشركات

وأكد السيف أن نتائج الربع الثاني حملت مفاجآت إيجابية في بعض القطاعات، أبرزها البنوك والنقل والسلع الرأسمالية المرتبطة بمشاريع البنية التحتية.

في المقابل، جاءت المفاجآت السلبية في قطاعات التجزئة والطاقة والخدمات الاستهلاكية، إضافة إلى قطاع الإعلام والترفيه.

التراجع الحالي غير مبرر ويخلق فرصًا للمستثمر طويل الأجل

فادي عربيد الشريك المؤسس ومدير الاستثمارات في شركة أموال كابيتال

من جانبه، قال فادي عربيد، الشريك المؤسس ومدير الاستثمارات في شركة أموال كابيتال، إن التراجع الجاري في السوق السعودية يُعد غير مبرر من الناحية الأساسية، لافتًا إلى أن أرباح الشركات ما تزال قوية بشكل عام في معظم القطاعات، باستثناء البتروكيماويات التي يمر ضعفها الحالي بدورة طبيعية مرتبطة بالقطاع.

وأشار عربيد إلى أن أسواق الخليج الأخرى، وخاصة الإمارات، سجلت مكاسب قوية مؤخرًا مدعومة بمفاجآت إيجابية مماثلة في الأرباح.

 وأضاف أن السوق السعودي تاريخيًا كان يتداول بعلاوة سعرية كبيرة مقارنة بنظرائه في الأسواق الناشئة مثل مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، إلا أن تلك العلاوة تكاد تختفي حاليًا، مما يجعل التقييمات الحالية جذابة، خاصة في ظل المتانة المالية للمملكة وصلابة أرباح شركاتها.

وبيّن أن ضعف السوق الأخير يبدو مرتبطًا أكثر بتغيرات في تدفقات المستثمرين، موضحًا أن الأفراد تحديدًا اتجهوا نحو أدوات دخل ثابت بعوائد مرتفعة، مثل إصدارات الشريحة الأولى من البنوك السعودية التي تقدم عوائد بين 5.5% و6.5%. لكنه شدد على أن هذا التوجه يتجاهل كلاً من توزيعات الأرباح الجيدة وفرص النمو المتوسط الأجل للشركات السعودية.

توقعات الفترة القادمة

وتوقع السيف أن يشهد السوق تعافيًا تدريجيًا خلال الفترة المقبلة، خصوصًا بعد انتهاء العطلة الصيفية، مدعومًا بتوقعات خفض أسعار الفائدة عالميًا، واستقرار أسعار النفط، واستمرار النمو في الاقتصاد غير النفطي، إلى جانب تعزيز الاستثمارات الحكومية في المشاريع الكبرى.

وذكر أن الأداء قد يتباين بين الشركات خلال النصف الثاني بناءً على نمو ربحيتها، مشيرًا إلى أن أبرز المخاطر التي قد تواجه السوق تتمثل في احتمالية تراجع أسعار النفط أو تباطؤ الاقتصاد العالمي أو ارتفاع التضخم العالمي بما قد يؤجل خفض أسعار الفائدة، فضلًا عن أي تباطؤ محتمل في الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والمشاريع.

ومن جانبه، توقع عربيد أن التصحيح الحالي مدفوع بتغيرات السيولة وليس بالأرباح، وهو ما يشكل فرصة جذابة لدخول المستثمرين الباحثين عن التعرض طويل الأجل للسوق السعودي.

وأوضح فضل الله أن انخفاض أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة شكّلا عاملين رئيسيين للضغط على السوق منذ بداية العام، مشيرًا إلى أنه حتى مع احتمالية تراجع الفائدة قليلًا ابتداءً من سبتمبر، فإن القلق سيبقى مسيطرًا على المستثمرين بشأن آفاق الأرباح في العام المقبل إذا لم تتحسن أسعار النفط.