كيف تستغل الهند الحرب التجارية الأمريكية لإغراء الشركات بالاستثمار؟

من نافذة مكتبه في بنغالور، عاصمة التكنولوجيا في الهند، يرى "بنجامين لين" محطة المترو التي تحمل اسم شركته "دلتا إلكترونيكس"، هي لافتة صغيرة لكنها رسالة كبيرة: الشركة جزءٌ من مستقبل المدينة، لكن الاستثمار التايواني ليس مجرد إنفاق دعائي؛ إنه رهان على جنوب الهند كخيار بديل لسلاسل التصنيع المعتمدة على الصين.

سلاسل توريد

- بعد ستة أشهر من ولاية "ترامب" الثانية، لم تتحسن آفاق التجارة العالمية، فبينما يناقش المصنعون مسألة مغادرة الصين، التي فُرضت عليها بعضٌ من أشد التعريفات الجمركية الأمريكية، تسعى الهند إلى الاستفادة من إعادة هيكلة سلاسل التوريد المحتملة.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

البداية الحقيقية

- في السنوات الأولى التي أعقبت الاستقلال عن الحكم البريطاني، أعطى رئيس الوزراء "جواهر لال نهرو" الأولوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي لدولته، وكانت النتيجة اقتصادًا مغلقًا معروفًا بمنتجات رديئة الصنع، وجذبت إصلاحات التسعينيات استثمارات أجنبية وساهمت في تسارع النمو، لكن بنية الاقتصاد بقيت مائلة بقوة نحو الخدمات.

الطموح والواقع

- أطلق رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" حملة "صنع في الهند" عام 2014 بهدف أن يسهم قطاع التصنيع بنحو ربع الناتج الاقتصادي بحلول 2025، ومع ذلك، في السنة المالية المنتهية في مارس 2024، ظلّت مساهمة القطاع عند 17.3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، دون تغيير جوهري عن مستواها قبل عقد من الزمن.

قوة تاميل

- بالرغم من أن ولاية "تاميل نادو" تمثل نحو 6% فقط من سكان الهند، فإنها تضمّ مصانع أكثر من أي ولاية أخرى في البلاد، وتنتج أكثر من 40% من صادرات الهند من الإلكترونيات وما يقرب من نصف صادرات البلاد من المركبات وقطع غيارها.
 

التصنيع والطاقة

- تسجّل "تاميل نادو" 24.1% في حصة التصنيع من إجمالي القيمة المضافة للولاية، وهو ما يتجاوز المتوسط الوطني البالغ 17.3%، كما أن متوسط توافر الطاقة للفرد بها أعلى من غيرها، ما يعكس بنية تحتية للطاقة أكثر موثوقية في الولاية، ويجعلها حالة نموذجية لسبب تركز الصناعات عالية القيمة في جنوب الهند.

نموذج هوسور

- باتت مدينة "هوسور"، شمال غرب "تاميل نادو"، في قلب اقتصاد التصنيع الهندي، تستضيف ما تصفه شركة "أولا إلكتريك موبيليتي" بأنه أكبر مصنع في العالم للدراجات الكهربائية، وعلى الحافة الجنوبية الشرقية من المدينة، تبني "تاتا إلكترونيكس" مجمعًا واسع النطاق لإنتاج جوالات "أيفون" على أراضٍ كانت فيما مضى تُستخدم كمعابر متكررة للأفيال.

حوافز حكومية

- اختارت شركة "إنترناشيونال إيروسبيس مانيفاكتشرنج" (مشروع مشترك بين "هندوستان أيرونوتيكس" و"رولز رويس") مدينة "هوسور" لإنشاء مجمع صناعي يهدف إلى توسيع إنتاج توربينات الطائرات النفاثة وقطع الغيار للقطاعين المدني والعسكري، وأوضحت أن السبب الرئيسي للاختيار كان سهولة الإجراءات التي وفرتها حكومة "تاميل نادو".

مصنع المصانع

- تعتزم شركة "تيتان إنجينيرنج آند أوتوميشن" توسيع إنتاجها في الولاية من الآلات المستخدمة من قبل منتجي الإلكترونيات والمعدات الطبية والمركبات الكهربائية والجوالات الذكية، بعد ارتفاع إيراداتها بنسبة 50% في السنة المالية 2024، ونفت أن تكون الرسوم الجمركية هي المحرك وراء هذه القرارات.

محطة مترو

- تدير "دلتا إلكترونيكس" مجمعًا صناعيًا على مساحة 125 فدانًا في كريشناجيري بولاية "تاميل نادو"، يقوم بإنتاج شواحن السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى المعدات التي ستُستخدم في تصنيع الآيفون من قِبل المصنّعين المتعاقدين مع "آبل"، التي أعلنت خططًا لتوريد معظم جوالاتها الذكية المُوجّهة إلى الولايات المتحدة من الهند.

خارج الصين

- تدير "دلتا" 19 مصنعًا في آسيا، معظمها في تايوان، مع مصنعين في الصين وثلاثة في تايلاند، ومع ذلك، يزداد الطلب من العملاء على أن تقوم الشركة التايوانية بتوريد منتجاتها من مصانعها في الهند، لتنويع سلاسل التوريد وجعلها أقل اعتمادًا على الصين، بالإضافة إلى الارتباك الناتج عن رسوم "ترامب" الجمركية، ويقول رئيس عملياتها في الهند: "نتبع العميل، وإذا طلب العميل الانتقال خارج الصين، نخرج منها".

المصادر: أرقام – بلومبرج – موقع "صنع في الهند"