لن تكون هناك خسائر أو ضحايا بعد ذلك، مع حقيبة حماية الطائرات من المتفجرات!

تجنباً لإحدى أزمات الطيران المدني حول العالم، الانفجارات التي تحصل على متن الطائرات، اجتمع فريق بحثي متعدد الجنسيات على مشروع هندسي داخل جامعة شيفلد البريطانية ليخرج بنظام جديد لمقاومة القنابل التي يتم تهريبها على متن الطائرات، وقد تم اختباره في تجارب درامية خلال المدة القصيرة الماضية، المشروع عبارة عن حقيبة بمواصفات خاصة، وتسمى FlyBag أو "حقيبة الطيران" لامتصاص الصدمات والشظايا الناجمة عن الانفجارات، بحيث إذا فشل الأمن في اكتشاف وجود قنبلة في إحدى حقائب الركاب ووصلت إلى حاوية الأمتعة على متن الطائرة، فإنها ستحتوي الانفجار ولن يؤثر على الركاب أو هيكل الطائرة نفسه.

التجارب التي تمت على "حقيبة الطيران FlyBag" استعانت بالطائرات القديمة في مطار كوتسوولدز في جلوسيسترشاير Gloucestershire إحدى مقاطعات جنوب غرب إنجلترا، الحقيبة تشبه شنطة السفر ولكن حجمها ضخم بحيث تكون هي بمثابة الحاوية التي تحمل حقائب الركاب بداخلها، وتنطوي على مزيج من أربع طبقات من مواد مختلفة من الأقمشة والمواد المركبة، بما في ذلك طبقة "Kevlar" من الألياف الصناعية التي تتمتع بصلابة ومرونة وتُستَخدَم عادة كسُترة واقية من الرصاص.

أظهرت نتائج التجارب أن الانفجارات التي تحدث بداخل الحقيبة على متن الطائرة لا تسبب أي ضرر.

التصاميم الحالية لحاويات الأمتعة في الطائرات تعتمد على المعدن الصلب المقوى، والعديد من شركات الطيران يرى أنها ثقيلة ومكلفة جدا، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن تتأثر الطائرة بخلل في حالة الانفجارات نتيجة كسور في هيكل الحاوية، لكن الجميل في فكرة الحقيبة أنها ليست خفيفة الوزن فحسب، بل أيضا قوية ومرنة بما فيه الكفاية للتعامل مع الآثار الحيوية التي تولّدها الانفجارات وبدون كسر لأي جزء في الطائرة. السيد زانجاني من الشركة الاستشارية للمشروع يقول: "تقنيات المواد نفسها التي تكونت منها طبقات الحقيبة ليست جديدة، ولكن الجمع بينها هو المميز، وكانت الحيلة الجديدة تكمن في جعل سُمك نسيج الحقيبة 1.3 مليمتر فقط، ويكون أيضا قادراً على امتصاص الضغط بطريقة يمكن التنبؤ بها. لقد حان الإقدام خطوة واحدة إلى الأمام."

مشروع FlyBag يتم تمويله من قِبَل المفوضية الأوروبية ويعمل عليه مجموعة من المعاهد والشركات المتخصصة. أحد قادة المشروع هو الدكتور "آندي تياس" وهو متخصص في هندسة المتفجرات بجامعة شيفيلد ومدير شركة Blastech للإنشاءات الصناعية يقول: "نحن سعداء بالطريقة التي تمت بها التجارب، لقد اختبرنا FlyBag من قبل داخل مختبرنا في بوكستون، ولكن في الهواء الطلق فقط. كنا قد عرفنا أن الحقيبة تم توسعتها وكان السؤال (لأي مدى سيؤثر هذا التوسع على هيكل الطائرة ولن يسبب مشاكل؟ هل سيؤثر سلباً على خزانات الطاقة بالطائرة؟)، وما وجدناه بعد التجربة انها لا تفعل ذلك".

بالنسبة لعامل الأمان، أهمية هذه الحقيبة تكمن في إنه إذا كانت هناك قنبلة قد انفجرت أثناء الرحلة، فالأمر لن يكون كارثياً كما كان يحدث في العادة، وسيبقى ركاب الطائرة على قيد الحياة، غالباً أمتعة الركاب فقط هي التي ستتضرر. يضيف د. آندي قائلاً: "شهدت بنفسي اختبارا واحدا للحقيبة داخل طائرة، حيث وضعنا حقيبة تحتوي على قنبلة مع الأمتعة الأخرى داخل الـ FlyBag على متن طائرة "إيرباص 320" قديمة... من مسافة آمنة، يمكن أن نسمع التفجير ولكن لا يمكن أن نرى أي أثر واضح. بعد تفريغ الحقيبة من الهواء وتطهيرها من الغبار، تبيّن أن الانفجار قد قضى على بعض الأمتعة، لكن "حقيبة الطيران" نفسها ظلت سليمة دون وجود أية علامات تُذكر على سطح الطائرة.

من حيث التصميم الهندسي للحقيبة، فقد تم تصميمها للتعامل مع أربعة آثار من التي تُخلِّفها القنابل، ويتطلب كل منها خصائص مختلفة للرد على كل نوع من تلك الآثار:

- الهزة الأرضية التي تحدث بسب الضغط العالي -التي تُحدثه القنبلة- يمكن أن تدفع الأشياء لـ 20000 ميل في الساعة، لذا ينبغي أن تتسم الحقيبة بمزيج من القوة والمرونة.

- كرة النار من الغازات المتوهجة تثير درجات الحرارة إلى 3,000 درجة سيليسزية، فمن المفترض أن تكون الحقيبة مقاومة للحريق أيضا.

- إطلاق الغازات ثم ملء أي فراغ بما يسمى بـ "الضغط شبه الثابت". الدكتور آندي يشبه هذا بضخ الهواء داخل إطارات السيارة أو عجلات الدراجة حتى تنفجر"، لذلك فحقيبة الطيران يجب أن تكون قادرة على التمدد لاستيعاب هذا دون أن تتمزق.

- والأثر الرابع من انفجار قنبلة هو هروب الأجزاء الصلبة التي في الأمتعة "كالسحّاب وعجلات الحقائب" وتتحول إلى شظايا، فلا بد أن يكون ذلك الكيس أو الحقيبة مرنا للغاية.

عن طرح حقيبة الطيران FlyBag داخل الأسواق، يقول "دوناتو زانجاني" منسق المشروع من الشركة الاستشارية الإيطالية D'Appolonia. كنا بحاجة فقط لأحدث الاختبارات من أجل إثبات أن النظام الذي لدينا به كل المقومات التي تمكنه من الدخول إلى السوق"؛ ومن أوائل شركات الطيران التي أبدت اهتماما بحقيبة الطيران كانت شركة "ميريديانا Meridiana" الإيطالية، وتأمل أن يكون هناك نوع من FlyBag من شأنها أن تُعلَّق داخل الأمتعة في الطائرات ضيقة الجسم بالذات.

بالتأكيد ما دمنا قد وصلنا لهذه المرحلة المتقدمة من التغلب على أمر كهذا يتعلق بأمن الناس في الهواء، فلا بد أننا سننتظر مزيدا من الإمكانات والخصائص التي تُضاف إلى الحقيبة، الأخبار المتاحة الآن أن هناك نوعا ثانيا من FlyBag سيغطي خط حاويات نقل الأمتعة التي يتم تحميلها على متن الطائرات ذات الجسم العريض، ويهدف نوع ثالث أن يكون أصغر بكثير لتكون جاهزة داخل مقصورة الطائرة في حال وجود قنبلة مع أحد الركاب. ربما سنرى هذه السترة متاحة في القطارات ووسائل النقل في المستقبل! المهم أنه ربما تكون هناك حلول لمشاكل واقعنا بين ثنايا البحث العلمي.