لماذا لا يعمل 92 مليون أمريكي؟

 ذكر تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" أن حوالي 92 مليون أمريكي لا يعملون في الوقت الحالي، لكن وزارة العمل الأمريكية لا تعتبرهم عاطلين عن العمل رغم ذلك.
 

وأشار التقرير إلى أن وزارة العمل تصنف المواطنين على أنهم عاطلين عن العمل إذا كانوا يبحثون عن وظيفة، إلا أن أولئك الذين لا يعلمون ولا يبحثون عن عمل يتم وضعهم في فئة "خارج سوق العمل".
 

وارتفع عدد الأمريكيين الذين ليسوا ضمن سوق القوى العاملة لأعلى مستوى في 15 عامًا، وهو التطور الذي فشل العديد من الاقتصاديين وعلماء السكان في توقعه مسبقًا.
 

وتساءل التقرير حول ما اعتبره "اللغز" الذي يتمثل في ما يفعله هؤلاء الـ 92 مليون أمريكي، مشيرًا إلى وجود بعض الأفكار حول هذا الأمر.
 

التقاعد والدراسة
 

وأوضح التقرير أن إحصاءات العمالة تركز عادة على الجانب الرمادي من الرسم البياني السابق، والذي يشير إلى الأشخاص الذين ضمن القوى العاملة، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمام بالأجزاء الملونة من الرسم والتي توضح أسباب عدم مشاركة الأمريكين في سوق العمل.
 

ويشير الرسم البياني إلى أن 41 مليون أمريكي لا يعلمون لأنهم متقاعدين، وهؤلاء يمثل الأغلبية الكبيرة منهم أشخاص في سن التقاعد بالفعل، لذا فمن المنطقي للغاية اعتبارهم خارج القوى العاملة وليس ضمن العاطلين عن العمل.
 

كما يتخلف 15 مليون شخص في الولايات المتحدة عن القوى العاملة بسبب أنهم لازالوا في المرحلة الدراسية، رغم أن هناك بعض الطلاب الذين يعملون في نفس وقت دراستهم، لذا يتم اعتبارهم ضمن سوق العمل.
 

وجدير بالذكر، أنه يتم تصنيف هؤلاء الذين يبحثون عن عمل لكنهم غير قادرين على إيجاد فرص توظيف ضمن القوى العاملة لكن يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل.
 

ويوضح التقرير أن هذه الإحصاءات تشير إلى أن معظم الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 20 عامًا ليسوا ضمن القوى العاملة لأنهم لازالوا يدرسون، في حين أن معظم من يتجاوز عمرهم 65 عامًا ليسوا ضمن سوق العمل لأنهم متقاعدين، وهو ما لا يمثل لغزًا بشكل خاص.
 

رعاية الأسر وعدم البحث عن وظائف
 

وتساءل التقرير حول مدى وجود لغز بشأن الأشخاص الذين في سن العمل الأساسي والذي يتراوح بين منتصف العشرينات إلى منتصف الخمسينات.
 

وكان تقرير قد نشرته "فاينانشال تايمز" بعنوان "أكثر من 20 مليون أمريكي في سن العمل لا يريدون وظيفة" يشير إلى حقيقة وجود أمريكين في سن العمل لكنهم ليسوا ضمن القوى العاملة، إلا أن "وول ستريت جورنال" تشير إلى أن حتى هؤلاء لديهم أسباب واضحة لعدم مشاركتهم في سوق العمل.
 

ويوجد العديد من الأشخاص في هذه القائمة لا يعملون بسبب أنهم يهتمون برعاية عائلاتهم، مثل الآباء وربات البيوت والأشخاص الذين يستقرون في المنزل لرعاية أفراد الأسرة الكبار في السن، أو من لديهم أمراض تتطب الرعاية.
 

وتعتبر أكثر الأجزاء غموضًا هؤلاء الذين يريدون العمل لكنهم لا يبحثون، وأولئك يظهرون في الإحصاءات تحت بند "أخر"، ومن ضمن هؤلاء الأشخاص الذين يريدون الحصول على وظيفة لكنهم لا يتكلفون عناء البحث، ومنهم العديد من الشباب.
 

وأثار تراجع المشاركة في القوى العاملة في الولايات المتحدة منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي انتباه الاقتصاديين والسياسيين على حد سواء.
 

ويشير البعض إلى هذه البيانات كدليل على أن الاقتصاد أسوأ وضعًا مما يوحي به معدل البطالة الذي يبلغ رسميًا 5.1%، وهو ما يعني بالنسبة لكثير من الاقتصاديين أن الاحتياطي الفيدرالي، وصناع السياسة المالية عليهم فعل المزيد لدعم الاقتصاد، وإعادة المواطنين إلى العمل، في حين أنه يعني بالنسبة لأخرين أن الاستراتيجيات الحالية فشلت حتى الآن.
 

ما الذي تغير منذ 1999؟
 

فما الذي تغير منذ عام 1999؟، يعتقد التقرير أن أثر ثورة المواليد تظهر بوضوح في هذه البيانات، ففي عام 1999 كان سن جيل الطفرة السكانية في البلاد يتراوح بين منتصف الثلاثينات إلى منتصف الخمسينات، إلا أن هؤلاء أصبحت أعمارهم الآن تتراوح بين منتصف الخمسينات إلى الستينات.
 

ويشير تقرير "وول ستريت جورنال" إلى أن التركيبة السكانية ليست المسؤولة عن حقيقة أن المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين منتصف العشرينات إلى الخمسينات يعملون أقل حاليًا مقارنة بنظرائهم منذ 15 عامًا.
 

ومع رصد الأسباب التي قدمها هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين منتصف العشرينات والخمسينات لعدم المشاركة في القوى العاملة في عامي 1999 و 2014، فإن أكبر حصة تذهب لهؤلاء الذين لا يعملون بسبب المرض أو الإعاقة، وهي الفئة التي سجلت ارتفاعًا بين كل الفئات العمرية.
 

وارتفعت نسبة الأشخاص الذين في الخمسينات من أعمارهم وذكروا الإعاقة كسبب لعدم العمل من 8% في عام 1999 إلى 11% في 2014.
 

كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يرغبون في العمل لكنهم ليسوا ضمن القوى العاملة بسبب الإحباط أو عوامل أخرى، إلا أن هذه الزيادة "متواضعة إلى حد ما".
 

ويبرز الرسم البياني التالي كيف تغيرت حصة الأشخاص الذين ليسوا ضمن القوى العاملة من إجمالي عدد السكان خلال السنوات الخمسة عشر الماضية.
 

مبررات وحلول
 

ورغم كل ما سبق، إلا أن التقرير يعود ليشير إلى أن هذا لا يمنع من وجود بعض الألغاز، مثل حقيقة أن 2.6 مليون أمريكي يريدون العمل لكنهم لا يبحثون عن وظائف، مشيرًا إلى أن هذه الفئة بشكل خاص تحتاج إلى محاولة أفضل للفهم.
 

كما أن الأمريكين الذين يختارون البقاء في المنزل لرعاية الأسر قد يتجهون للعمل في حال كان لدى الولايات المتحدة سياسات مختلفة لرعاية الأطفال والأسر.
 

ويرى التقرير أن هذه البيانات لا يمكن أن تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي يمر بمرحلة "وردية"، لكنها توضح أن الاقتصاد لم يتعافى من الركود الذي تعرض له منذ 8 سنوات.