الحاجة أم الاختراع..كيف بدت ملامح الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية؟ وكيف غيرتا العالم؟

امتدت الثورة الصناعية على مدار الثلاثة قرون الماضية، ولكن يمكن اختصارها في جملة واحدة: "أنها جلبت تغيرات جوهرية كان العالم في أمس الحاجة إليها"، وتنقسم الثورة الصناعية إلى مراحل ثلاث الأولى من عام 1760 حتى 1840، والثانية من عام 1870 حتى 1914، والثالثة من عام 1969 حتى عام 2000، وتناول "إنترستينج إنجنيرينج" في تقرير ملامح المرحلتين الأولى والثانية.
 

ويمكن تعريف الثورة الصناعية بأنها نتاج رغبة لدى البشرية للتطوير والتوسع والنمو والإبداع وابتكار تقنيات جديدة – بمعنى آخر "الحاجة أم الاختراع".

ملامح الثورة الصناعية الأولى:
 

- بدأت هذه المرحلة عندما اكتشف العالم شكلا جديدا من الطاقة، وهو "البخار" ثم ابتكر المهندس البريطاني "طوماس نيوكومن" أول نموذج من محرك بخاري عام 1712 حيث استخدمه في ضخ المياه إلى المناجم، وكانت هناك حاجة لهذا الاختراع بسبب ارتفاع تكاليف استخدام الخيول في ضخ المياه للمناجم.

- ازدهرت صناعة المنسوجات في عام 1700، واتجه الأثرياء نحو الحرير والملابس الجاهزة، ولكن كانت هناك تحديات تكمن في الوقت الطويل الذي كان يستغرقه العمال في الصناعة.

- على أثر ذلك، ابتكر البريطاني "جيمس هارجيفز" آلة كانت بمثابة ثورة في صناعة النسيج، وهي آلة "سبينينج جيني" التي كانت تقلل الوقت في الصناعة وتزيد إنتاجية المنسوجات الجاهزة إلى ثمانية أضعاف حجم الإنتاج قبل اختراعها.

- في عام 1778، تمكن "جيمس واط" في الاستفادة من طاقة البخار في تحريك الأشياء والعمل على تطوير محرك "نيوكومن" مع إجراء تعديلات تزيد من الكفاءة في العمل والتشغيل وتوفير استهلاك الطاقة.

- بالنظر إلى الثورة الصناعية، يلاحظ أنها لم تكن مجرد طاقة بخار أو قطن أو فحم، فهناك العمود الفقري: وهو "الحديد".

- في القرن الثامن عشر، كان على أي الشخص يريد تحويل الحديد المصبوب إلى حديد مطوع وضع قطعة في فرن ذي حرارة مرتفعة ثم الطرق عليه وهو ساخن، ولكن "هنري كورت" ابتكر طريقة في صناعة الحديد تعتمد على تحريك الحديد المصهور داخل فرن ارتدادي ثم نزع الكربون من المعدن المنصهر للحصول على مزيج حقيقي من المعدن السميك المذاب.

- استخدم المزيج القوي من الحديد في تشكيل العديد من الأغراض الصناعية، وتم استخدام طاقة البخار في إذابته.

ملامح الثورة الصناعية الثانية:
 

- يفهم من الثورة الصناعية الأولى أنها انحصرت في ابتكار محرك البخار وطاقته وصناعة النسيج والحديد، وهي صناعات تبدو بسيطة حاليا، ولكن بعد انتهاء هذه المرحلة بقرن تقريبا، شهد العالم تغيرات سريعة في أشكال الابتكار والطاقة من نفط وغاز إلى كهرباء.

- في الثورة الصناعية الثانية، شهد العالم ابتكارات في صناعات الاتصالات والنقل والصناعات التحويلية، ومن "التلغراف"..بدأت الأمور.

- يعد التلغراف حجر الزاوية لأنظمة الاتصالات في العصر الحديث وابتكره "صمويل مورس" في القرن التاسع عشر، وظهرت أول محطة "تلغرام" فقط في 1844، ويرى البعض أن "مورس" جاءته فكرة استخدام الكهرباء في الاتصالات عندما كان في رحلة عودة لأوروبا بحرا عام 1832، وكان على متن السفينة العالم "مايكل فاراداي" الذي كان يناقش مع الركاب اختراعه "الطاقة الكهرومغناطيسية"، ومن ذلك، حصل "مورس" على فكرة إرسال رسائل مشفرة عبر أسلاك.

- كان أيضا لتكنولوجيا "النقاط والأشراط" فضل كبير في صناعة الاتصالات – وعرفت بـ"شفرة مورس" – التي مكنت الشعوب من التواصل معبر مسافات بعيدة.

- مع ذلك، كان التلغراف مجرد وسيلة لإرسال رسائل فقط دون تواصل ملموس، وفي عام 1876، جاء "ألكساندر جراهام بل" باختراع الهاتف، ولكن العقل الحقيقي وراء تطوير الهاتف كان "أنطونيو ميوتشي" الملقب بـ"أبي الاتصالات الحديثة".

- على ما يبدو، تسارعت الاختراعات في الثورة الصناعية الثانية، فبعد الهاتف، تقدم "طوماس ألفا إديسون" برهانه لإضاءة العالم عندما سجل براءة اختراع المصباح الكهربائي عام 1878.

- شهدت ملامح هذه المرحلة الصناعية أول رحلة طيران بواسطة "الأخوان رايت"، ثم في أوائل القرن التاسع عشر قدم الأمريكي "هنري فورد" السيارة "موديل تي" ودخل بالعالم إلى مرحلة جديدة من وسائل النقل.

- باع "فورد" أكثر من خمسة عشر مليون وحدة من السيارة "موديل تي" في حوالي خمس عشرة دولة وحقق نجاحا باهرا.