نبض أرقام
12:56
توقيت مكة المكرمة

2024/05/17
10:10
05:12

الارتقاء فوق الخصوم.. لماذا تتهافت القوى الكبرى للتمركز عسكرياً في الفضاء؟

2019/03/17 أرقام - خاص

اكتسبت التضاريس الأرضية المرتفعة مثل الجبال والهضاب والتلال أهمية عسكرية منذ مئات السنين، خاصة في الحضارات القديمة التي شهدت صراعات إقليمية متجددة طوال الوقت، فمن يسيطر على هذه البقاع بالقرب من ميدان المعركة يحسم بشكل كبير القتال لصالحه.

 

 

البقاع الأرضية المرتفعة تضمن لمن يهيمن عليها ميزة دفاعية كبيرة، حيث تجعله بمنأى عن أسهم الأعداء وفي الوقت ذاته تسهل عليه استهدافهم بالنبال والحراب وتفريق صفوفهم بالمنجنيق، وإدراكاً لأهميتها العسكرية الكبيرة أصبحت من أولويات المهندسين العسكريين لتصميم الأبراج والحصون والقلاع.

 

لكن يرى البعض أن التضاريس الأرضية المرتفعة لم تعد ذات نفع عسكري كبير في عصر ما بعد البارود، وبلا أهمية أساساً في زمان المعارك الجوية والنيران الساقطة من السماء، فالميزة التي تحلت بها الجبال والهضاب (الارتفاع عن ميدان المعركة) انتقلت إلى الطائرات.

 

"من يملك السماء يسيطر على مجريات الحرب".. هي حكمة جديدة ظهرت مع استخدام الطائرات في الأغراض العسكرية، ولعل التاريخ الحربي يزخر بالعديد من الأمثلة التي تدلل على صحة هذا القول، وأحد أبرز هذه الأمثلة هي معركة "بيرل هاربر".

 

في "بيرل هاربر" عام 1941، استطاعت القوات الجوية اليابانية تدمير القاعدة العسكرية الأمريكية قرب هاواي تماماً وشلت حركة عشرات السفن الحربية وحاملات الطائرات ومئات المقاتلات، وقتلت أكثر من 2400 جندي، بفضل المباغتة الجوية التي مكنتها من الهيمنة على سماء الميدان.

 

عنصر المفاجأة والاعتماد على سلاح الجو كانا المفتاح للانتصار الياباني في هذه المعركة، فالهجوم المباغت مكن اليابانيين من تدمير معظم المقاتلات الأمريكية قبل إقلاعها، كما أن الاعتماد على الطائرات في الهجوم كان يعني أن معظم أسلحة القطع البحرية الأمريكية لن تجد أهدافاً لإصابتها.

 

 

حتى عندما قررت الولايات المتحدة الانتقام وإخراج اليابان من الصراع وإنهاء الحرب العالمية الثانية، بتوجيه ضربة نووية في القلب الياباني، كان ذلك اعتماداً على الطائرات التي استطاعت بلوغ عمق البلاد وإسقاط حمولتها الفتاكة.

 

ونلاحظ من السرد السابق أنه كلما ارتفعت الآلة العسكرية عن أرض الميدان كانت أكثر خطورة، حيث يصعب استهدافها في الوقت الذي يسهل عليها الانقضاض على هدفها بسهولة وفاعلية، ولعل الصواريخ فائقة السرعة والقادرة على التحليق خارج الغلاف الجوي مثال آخر لتطور هذا المفهوم.

 

لكن التطور لم ينتهِ عند هذا الحد، ويطمع الإنسان في هيمنة أكبر، لكنها تأتي هذه المرة مع استفادة اقتصادية مباشرة بثروات هائمة تنتظر من يغتنمها.. نعم عزيزي القارئ إن كان الإنسان قد هيمن على السماء والغلاف الجوي للأرض بالفعل، فالمحطة القادمة هي الفضاء الخارجي.

 

قوة عسكرية فضائية

 

- أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية مقترحاً إلى الكونجرس ينص على إنشاء قوة فضائية تابعة لجيش الولايات المتحدة، وهو ما يعد أحد الأولويات الدفاعية في خطط الرئيس "دونالد ترامب"، وفقاً لما أوردته "سي إن إن" عن مسؤولين في الأول من مارس هذا العام.

 

- بالإضافة إلى الجيش (القوات البرية) والبحرية والجوية ومشاة البحرية (المارينز) وحرس الحدود، ستكون القوة الفضائية بمثابة قسمٍ سادسٍ في القوات المسلحة الأمريكية، لكنها في البداية ستخضع لإدارة القوات الجوية، بنفس الطريقة التي يخضع بها المارينز لإشراف القوات البحرية.

 

- الخبر المفاجئ، هو ما كشف عنه موقع "دفينس نيوز" المتخصص في الأخبار العسكرية، حيث أفاد بأن "ترامب" يخطط لوضع ميزانية تصل إلى ملياري دولار لتمويل هذه القوة خلال الخمس سنوات القادمة مع تجنيد 15 ألف شخص للعمل بها.

 

 

- تزامناً مع هذه الأنباء، قال نائب الرئيس الأمريكي "مايك بنس" في مقال نشره بصحيفة "واشنطن بوست": قمنا باستثمارات تاريخية لإعادة بناء قواتنا المسلحة، ولمواجهة التهديدات الناشئة في الفضاء، يدعو الرئيس إلى إنشاء قوة الفضاء الأمريكية.

 

- في الواقع، المخاوف من التهديدات الفضائية التي تحدث عنها "بنس" وغيره من المسؤولين الأمريكيين، ليست نابعة من مشاهدة أفلام الخيال العلمي التي تجتاح فيها الكائنات الخضراء لعالمنا، وقد تكون نابعة من الرغبة في الارتقاء فوق ميدان المعركة المحتمل مع خصوم أرضيين.

 

- في فبراير من عام 2018، أعدت وكالات استخبارات أمريكية بينها "سي آي إيه"، تقريراً مشتركاً، تحذر فيه من سعي الصين وروسيا لامتلاك أسلحة فضائية مدمرة يمكنها الحد من التأثير العسكري للولايات المتحدة وحلفائها.

 

ثروات هائمة في الفضاء

 

- بسط السيطرة العسكرية في الفضاء لن يكون بلا ثمن، حيث يبدو خطوة على الطريق الصحيح لتأمين المصالح الاقتصادية المحتملة في المستقبل، والتي تعد محور تركيز العديد من الشركات حول العالم الآن.

 

- يعمل علماء وشركات خاصة منذ سنوات على دراسة الفرص الاستثمارية في مجال التعدين الفضائي، من حيث التكاليف والتقنيات اللازمة، وهناك مستثمرون يعكفون بالفعل على تطوير آليات استخراج الموارد من على سطح الكويكبات في المدار الخارجي، بحسب "أويل برايس".

 

- قال معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في دراسة له، إن الكويكب الواحد (يبلغ عرضه 500 متر)، ربما يحتوي على كميات من البلاتين تصل لنحو 175 ضعفاً لما ينتجه العالم سنوياً، وهو ما يعادل مرة ونصف حجم الاحتياطيات المؤكدة في باطن الأرض.

 

 

- ليس هذا فحسب، يرجح العلماء أيضاً احتواء هذه الكويكبات على كميات كبيرة من المعادن الصناعية وحتى النفيسة مثل الذهب والفضة، ورغم المخاوف والتحذيرات حيال بيئة العمل، يرى مصرف "جولدمان ساكس" أن النفقات الرأسمالية لعمليات التعدين الفضائي لن تكون خارج نطاق الاحتمال.

 

- وفقاً لـ"بلومبرج"، فإن "ناسا" تنوي زيارة أحد الكويكبات عام 2023، وتعتقد أنه يحتوى على كميات هائلة من خام الحديد تقدر قيمتها بنحو 10 آلاف كوادريليون دولار (إن كان بالإمكان استخراج هذه الموارد، فمن المؤكد أن السباق إلى الفضاء يبدو مبرراً).

 

- أصدرت أمريكا قانوناً لتشريع عمليات التعدين في الفضاء الخارجي عام 2015، وكان الأول من نوعه في العالم، ويسمح للشركات التي ستنجح يوماً ما في التنقيب عن الموارد على الكويكبات في الفضاء بامتلاك ومعالجة وبيع أي شيء تصل إليه، بحسب "الإيكونوميست".

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة