المالية والصناعة تضع مشروع قانون لمكافحة الإغراق بالدولة
2007/02/18
البيان
أعرب عدد من رجال الأعمال والمصنعين بالدولة عن قلقهم من تعرض الصناعات الوطنية بالدولة للإغراق. والإغراق يعني قيام شركة ما ببيع سلعة معينة بسعر أقل من سعر السوق الذي يتم فيه بيع السلعة ذاتها في بلدها الأم.
ويرى العديد ممن استطلع «البيان الاقتصادي» آراءهم بشأن مستقبل الصناعات الوطنية في ظل آفة الإغراق أن مصنعين من الخارج يستغلون سياسة السوق المفتوحة والتي تنتهجها الدولة في إدارة اقتصادها لإغراق أسواقنا بمنتجاتهم ما يلحق أضرارا بالصناعات الوطنية في الدولة ومستقبلها خاصة في ظل توجه الإمارات لتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة مع دول صناعية كبرى.
ويتحدث هؤلاء عن غياب دور فعال لجمعية اتحاد الصناعيين فيما نفى البعض منهم علمه بوجود تلك الجمعية. كما أجمعوا على ضرورة تحسين جودة المنتج المحلي ليكون قادرا على المنافسة عالميا وشددوا على أهمية اتخاذ تدابير صارمة لمحاربة تلك الآفة الخطيرة والتي قد يكون لها أثر سلبي على مستقبل اقتصاد الدولة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة وصارمة لمحاربتها.
خالد البستاني: تحرير التجارة لا يعني فتح الباب على مصراعيه للموردين الأجانب
قال خالد على البستاني وكيل الوزارة المساعد لشؤون الموارد والميزانية في وزارة المالية والصناعة إن الإغراق ظاهرة معروفة في الأسواق العالمية، تتضمن بيع أية سلعة في دولة أجنبية بسعر يقل عن تكاليف إنتاجها، ورغم وجود عدة اشتراطات لحدوث الإغراق إلا أن هذا المصطلح أصبح يُستخدم في أغلب الأحيان في التعبير عن أي وضع منطو على قيام المنافس الأجنبي بخفض أسعار منتجاته عن أسعار المنتجات المحلية مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأخيرة.
وشدد على أن النمو الهائل في حجم الإنتاج العالمي لمختلف السلع أدى إلى انتشار هذا الشكل من أشكال السعي نحو السيطرة على الأسواق، وقد بلغت عدد حالات الإغراق حوالي 400 ألف حالة في أنحاء العالم. أما عن دور كل من جمعية اتحاد الصناعيين وجمعية حماية المستهلك في مكافحة الإغراق فقال إن جمعية اتحاد الصناعيين وجمعية حماية المستهلك جمعيات ذات نفع عام، ولا أظن أنه من الإنصاف أن نطالبها بأكثر من الصلاحيات الممنوحة لها،
ونشكر لهم جهودهم في سبيل رفع درجات الوعي وتثقيف فئات المجتمع تجاه القضايا الاقتصادية التي تهمهم، وهو أمر لا يمكن التقليل من شأنه لأنه من المهم جداً تحت وطأة انتشار الإغراق في أسواق العالم أن تكون هناك توعية للمستهلكين بأن الإغراق قد يوفِّر سلعة رخيصة الثمن في الأجل القصير، ولكنه سوف يدمِّر صناعة محلية بكاملها في الأجل الطويل.
ومعنى ذلك أنه بعد عدة سنوات سوف يكون المستهلك مضطراً لشراء هذه السلعة بثمن باهظ دون أن يجد بديلاً لها أو منافساً لمن يبيعها له. وأرى أنه أمر مهم للغاية أن يكون لدى كل دولة إستراتيجية لمواجهة الإغراق باعتباره أحد السياسات غير المشروعة والتي تضر بالاقتصاد القومي،
وفي هذا السياق فإن موضوع الإغراق حظي بعدة تشريعات للحماية منه، فعلى الصعيد الإقليمي صدر القانون الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بقرار المجلس الأعلى لدول المجلس لدول الخليج العربية في دورته الرابعة والعشرين المنعقدة بدولة الكويت في ديسمبر2003.
وعلى الصعيد المحلي، فإنه بعد صدور المرسوم رقم 73 لسنة 2005 بالتصديق على القانون الخليجي الموحد الخاص بالإغراق، وصدور لائحته التنفيذية، تم تكليف وزارة المالية والصناعة بصفتها جهة الاختصاص، بوضع مشروع قانون اتحادي لمكافحة الإغراق يعتمد القانون الخليجي كمرجعية، ويحدد العقوبات الجزائية والتدابير الوقائية والإجراءات التعويضية وفقاً لخصوصية الدولة.
وقامت وزارة المالية والصناعة بالفعل بوضع المشروع وإحالته إلى إدارة الفتوى والتشريع في وزارة العدل، كما تمت مناقشته في اللجنة الوزارية للتشريعات، ونحن في انتظار ما سيتم حياله من إجراءات، وإلى أن يحدث ذلك فإننا نعمل وفقاً للقانون الخليجي الموحد.
وعما إذا كان هناك بالفعل إغراق للسلع الأجنبية في أسواق الدولة، وعن مستقبل المنتج الوطني في ظل توجه الإمارات لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دول صناعية كبرى، وعن مدى تأثر الاقتصاد الوطني من هذا الإغراق فيجب أولا أن نتفق على أن تحرير التجارة لا يعني فتح الباب على مصراعيه للموردين الأجانب، وما يحدث من حالات إغراق للسوق المحلي بمنتجات أجنبية بأسعار تقل عن أسعارها في بلد المنشأ،
هو نوع من أنواع المنافسة غير الشريفة التي تتعرض لها معظم دول العالم، فهناك أكثر من 100 دولة في العالم تعاني من ظاهرة الإغراق التجاري. وقد بلغ عدد الشكاوى التي وردت إلى منظمة التجارة العالمية 335 شكوى، ولا يخفى أن منطقة الخليج تحديداً تعاني بسبب المنافسة غير العادلة والإغراق، وأن الأمر يستدعي مزيداً من الجهد في هذا الصدد.
وقد تنبهت منظمة التجارة العالمية للأمر ووضعت الضوابط القانونية التي تحد من انتشاره، كما صدرت بشأن الإغراق تشريعات قانونية في دول مجلس التعاون، وفي الدولة تم الانتهاء من المشروع وفي انتظار صدوره. إلا أن هذا لا يعني أننا يجب أن نقلل من خطورة تأثير الإغراق.
وفي هذا الصدد فإنني أستعير المصطلح الذي استعمله معالي الدكتور محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة في واحد من اللقاءات الصحافية معه، حيث رأى أن الإمارات تتمتع بـ «ميزة نسبية» مشيراً إلى «الحصانة» التي يفترض أن منتجاتنا الوطنية قد اكتسبتها من خلال تعاملها منذ سنوات طويلة في ظل اقتصاد حر وأسواق مفتوحة ومنافسة شديدة من المنتجات الأجنبية، وهو ما تفتقده صناعات في دول أخرى.
وبالفعل أرى أن السياسة الاقتصادية الحرة التي تبنتها الدولة منذ تأسيسها، وغياب القيود الكمية أو الإدارية على التجارة الخارجية من شأنه أن يساعد على زيادة صادرات الدولة من منتجاتها الوطنية، إضافة إلى تحسين المنتجات الوطنية من ناحية الجودة والمواصفات والأسعار لمنافسة السلع المشابهة، إلا أن ذلك في رأيي يتطلب مزيداً من الوعي من قبل المستثمرين والمنتجين المحليين بأهمية العمل على تعظيم القدرة التنافسية لمنتجاتهم من خلال عنصري الجودة والسعر، وهو ما نعمل جميعاً على تطويره وتنميته.
وعن إذا ما كنا مع فرض رسوم استيراد إضافية على السلعة المغرقة لإزالة الضرر عن الصناعات الوطنية فأرى أن هذا أمر مشروع، وقد أقرته المعايير الدولية، فقواعد اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية تعطي الحق للدولة في الحد من الواردات الأجنبية بوسائل عدة لحماية الاقتصاد الوطني،
حيث أتاحت منظمة التجارة العالمية للدول الحق في حماية منتجاتها وصناعاتها الوطنية واتخاذ تدابير وإجراءات للحماية أو الوقاية من الممارسات الضارة بالصناعات والمنتجات الوطنية من خلال مجموعة من الأساليب، هذه الأساليب تشمل قواعد مكافحة الإغراق ومكافحة الدعم والإجراءات الوقائية والأساليب الجمركية (جداول التنازلات الجمركية والتقييم الجمركي وقواعد المنشأ والحصص التعريفية)
والأساليب الكمّية (القيود الكمّية والحصص في تجارة المنسوجات والزراعة) والمواصفات والمقاييس للسلع الزراعية والصناعية بالإضافة إلى أساليب أخرى. كما يحق لأية دولة أن تطبق إجراءات مكافحة الإغراق ضد الواردات التي تقل أسعارها التصديرية عن أسعارها المحلية في الدولة المصدِّرة وتسبب ضرراً بالصناعة الوطنية المحلية.
واتفاقية مكافحة الإغراق جاءت بالمادة السادسة من اتفاقية الجات والتي تتكون من ثلاثة أجزاء وتضم في مجملها 18 مادة، تخوِّل للبلدان المعنية فرض رسوم لمكافحة الإغراق على واردات كل المصدِّرين المتسببة في الإغراق والضرر بشكل غير تمييزي ومتساوٍ بحيث لا يتجاوز رسم الإغراق هامش الإغراق. وبشكل عام فإنه من حق الدول أن تفرض إجراءات وقائية تتمثل في رفع الرسوم الجمركية عن المستويات التي سبق أن التزمت بها في حال ثبت أن الأمر يضر باقتصادها الوطني.
نظام خليجي لمكافحة الإغراق
اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر 2003 القانون (النظام) الموحد لمكافحة الإغراق والتدبير التعويضية والوقائية لدول المجلس كقانون إلزامي اعتبارا من الأول من يناير 2004. ويهدف هذا القانون (النظام) إلى مكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية من خلال قيام دول المجلس باتخاذ التدابير اللازمة ضد تلك الممارسات في التجارة الدولية والموجهة إلى ها من غير الدول الأعضاء والتي تتسبب بضرر للصناعة الخليجية أو تهدد بوقوعه أو تعيق قيامه والتي تشهد على وجه التحديد: الإغراق، الدعم، الزيادة غير المبررة في الواردات.
فرض التدابير: يكون فرض تدابير مكافحة الإغراق أو التدابير التعويضية على السلع المستوردة للدول الأعضاء متى ثبت أن السلعة موضوع التحقيق تسببت في الإغراق أو تم تقديم دعم لها وألحقت ضررا ماديا بصناعة خليجية قائمة أو هددت بوقوع مثل هذا الضرر أو كان من شأنها التسبب في إعاقة إقامة صناعة خليجية.
التدابير المؤقتة: يجوز في ظل الظروف العاجلة التي قد يترتب على التأخير فيها إلحاق ضرر يتعذر إصلاحه، اتخاذ تدابير مؤقتة وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية.
التدابير النهائية: يجوز فرض تدابير نهائية لمواجهة الإغراق أو الدعم أو الزيادة غير المبررة في الواردات عندما يثبت بصفة قاطعة من التحقيق وجود الإغراق أو تقديم الدعم أو الزيادة غير المبررة في الواردات، وأن المصلحة العامة للدول الأعضاء تقتضي اتخاذ مثل هذه التدابير، كما يجوز إيقاف أو خفض هذه التدابير أو زيادتها.
أشكال التدابير: يجوز أن تأخذ تدابير مكافحة الإغراق والتدابير التعويضية وإجراءات الحماية الوقائية أي شكل بما في ذلك فرض الرسوم الجمركية أو القيود الكمية أو الأمرين معاً.
فرج بن حمودة: تنسيق بين اتحاد الصناعيين والمالية والصناعة للتصدي لظاهرة الإغراق
يبين فرج على بن حمودة رئيس جمعية اتحاد الصناعيين أن الإغراق هو تصدير السلع من البلدان الرأسمالية بأسعار تقل كثيراً عن أسعار السوقين الداخلية والخارجية بقصد التغلب على المنافسين، والاستيلاء على الأسواق الخارجية، كما هو تصدير السلع بأسعار بخسة وتطبيق سياسة الإغراق بشكل واسع، من قبل الاحتكارات الرأسمالية كوسيلة لتعجيل التصدير وتحطيم المنافسين في السوق الرأسمالية العالمية وإخراجهم من المزاحمة، وكوسيلة لجني الأرباح الاحتكارية في السوق الداخلية وزيادتها بصورة مفرطة نتيجة الحد من عرض السلع.
وبعد القضاء على المنافسين والاستيلاء على الأسواق عن طريق الإغراق تعمد الاحتكارات إلى رفع أسعار السلع ويؤدي الإغراق في البلدان التي تطبق سياسة التصدير الإغراقي إلى ارتفاع أرباح الاحتكارات نتيجة زيادة الأسعار والضرائب في حين يؤدي في البلدان المستوردة سلعاً إغراقية إلى خنق الصناعة الوطنية وزيادة البطالة
وجواباً على ذلك تلجأ الدول التي تتعرض لإغراق الدول الأخرى إلى زيادة الرسوم وإعلان الحروب التجارية، لقد انتشر الإغراق انتشاراً واسعاً في سياسة الدول الرأسمالية التجارية الخارجية في فترة الأزمة الاقتصادية العالمية (1929-1933) وقبل الحرب العالمية الثانية كانت بعض الدول الرأسمالية بصورة خاصة تصدر بأسعار الإغراق.
أما بشأن دور جمعية اتحاد الصناعيين في دعم الصناعة في الدولة فقد تأسست الجمعية في أبو ظبي من قبل الصناعيين بدعم من حكومة أبو ظبي وغرفة تجارة وصناعة أبو ظبي، وقد تم إعفاء أعضاء الجمعية من دفع رسوم العضوية وتهدف الجمعية إلى دعم خطط الصناعيين وتقوية الروابط مع كل القطاعات التي تخدم المسيرة الصناعية،
وجمعية اتحاد الصناعيين تمثل الصناعيين في إمارة أبو ظبي في الوقت الحالي ونسعى أن تكون على مستوى الدولة في المستقبل إن شاء الله، وفترة التأسيس لجمعية اتحاد الصناعيين تعتبر فترة ليست كبيرة مقارنة بالمؤسسات الأخرى المهتمة بالصناعة ورغم ذلك تسعى الجمعية إلى إنشاء مركز للمعلومات يوفر معلومات حقيقية واقعية عن المنتجات الصناعية ونوعيتها والمصانع
ولاشك أن هذه المعلومات سوف تمكن أصحاب المصانع والجمعية والجهات المسؤولة من الوقوف على حقيقة الممارسات المختلفة لأصحاب المصانع والتجار في كافة القطاعات داخل سوق الإمارات وهو ما يعتبر قاعدة أساسية لمحاولة رصد أية محاولات للإغراق ورغم ذلك يجب أن نأخذ في الاعتبار أن عمليات مكافحة الإغراق في معظم دول العالم تقوم بها أجهزة رسمية مختصة،
وذلك وفقاً لقوانين تنظيم عمليات المنافسة ومكافحة الإغراق وربما يكون هذا هو التوجه الذي تسعى إلى ه دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل النية لإصدار قانون تنظيم المنافسة خلال الفترة المقبلة، وكان هناك تعاون وتنسيق بين الجمعية ووزارة المالية والصناعة للتصدي لظاهرة الإغراق.
وعما إذا كان هناك إغراق للسلع الأجنبية في أسواق الدولة، فبالفعل بدأت ظاهرة الإغراق للسلع الأجنبية في أسواق الدولة تظهر في بعض القطاعات على سبيل المثال عمليات إغراق الدولة بالأجهزة الإلكترونية بنسبة 3% من إجمالي قيمة مستوردات القطاع التي تبلغ سنوياً 20 مليار درهم.
أما بالنسبة لمستقبل المنتج المحلي في ظل توجه الإمارات لتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة مع دول صناعية كبرى فأرى أنه هنالك تحديات كبيرة وصعوبة بالغة وخاصة بعد توقيع اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الكبرى التي لديها القدرة ونزعة السيطرة على الأسواق الصغيرة وتحويلها إلى أسواق مستهلكة وتتحكم هي فيها ليس من ناحية الأسعار وحسب وإنما أنواع السلع التي تسمح بتصديرها إلى هذه الدول، لذلك يجب أن يكون هناك تنسيق كامل بين الصناعيين والمشرعين قبل التوقيع على اتفاقيات تحديث الصناعات المحلية.
أما بخصوص إذا ما كنا مع فرض رسوم استيراد إضافية على السلعة المغرقة فبالطبع من حق كل دولة اتخاذ التدابير وسن القوانين اللازمة لحماية صناعاتها الوطنية كما هو الحال في أميركا وأوروبا، وإننا بالتأكيد نؤيد فرض رسوم استيراد إضافية على السلعة المغرقة في حالة إثبات حدوث إغراق حسب القوانين المنظمة لذلك وهناك دول تفرض رسوماً على البضائع والمنتجات والسلع الخارجية خاصة إذا كان المنتج المحلي يغطي الطلب.
ولا شك أن اقتصاد الدولة سيتأثر من سياسة الإغراق لكن يمكن التقليل من هذه الآثار من خلال تنويع الاعتماد على الصناعة والتركيز على الصناعات التي تكون فيها المدخلات رخيصة، والتركيز على قطاع الخدمات وتنويع مصادر الدخل كذلك التنسيق مع دول المنطقة بعدم الدخول في منافسات إقليمية تضر كافة الأطراف في المنطقة وتقديم جميع التسهيلات للمصانع من خلال توفير الأراضي الصناعية وخدمات الماء والكهرباء والطاقة بأسعار تشجيعية وتمويل المشاريع الصناعية برسوم أو فوائد قليلة.
خالد بوحميد: من الضروري وجود قانون محلي لمكافحة الإغراق يتلاءم مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية
يرى خالد بوحميد مدير العلاقات العامة والشؤون الدولية لشركة ألمنيوم دبي، والمتحدث الرسمي باسم دوبال أن الإغراق عبارة عن بيع سلعة في الدولة المستوردة بسعر يقل عن سعر بيعها العادي في الدولة المصدرة، ويسمى الفرق بين السعرين بهامش الإغراق.
ويوضح أن جمعية اتحاد الصناعيين لها دور كبير في دعم الصناعة، ويتمثل هذا الدور في كون الجمعية هي صوت للصناعة من خلال توصيل وتوضيح مشاكل ومعوقات الصناعة للحكومة والجهات المعنية عن قطاع الصناعة، كما أن الجمعية هي حلقة وصل مهمة يتم من خلالها طرح المقترحات ومرئيات قطاع الصناعة في ما يطرح من أفكار لدعم هذا القطاع الاقتصادي الهام وخاصة في إطار المخطط والإستراتيجيات الصناعية فهي أداة فعالة في هذا الجانب،
كما أن من أدوارها أنها تمثل تجمعاً قانونياً للصناعيين الذي يطالب بمطالبهم ويدعمها ويحمي مصالحهم وهذا دور هام يجب أن تقوم به الجمعية. وأعتقد أن من أدوار الجمعية الهامة هي أن تقدم الاستشارة والدعم الفني للمؤسسات الصناعية وأن تناقش في إطارها المشاكل التي يواجهها قطاع الصناعة واقتراح الحلول المناسبة والتنسيق فيما بين المصانع في ما يخص القطاع بشكل عام.
كذلك المشاركة والمساهمة بشكل مباشر في عملية إعداد القوانين والتشريعات التي تتعلق بتنظيم القطاع. أما فيما يتعلق بدور الجمعية في محاربة الإغراق فهي أولا لابد أن تكون على اطلاع بالاتفاقيات الدولية والقوانين والتشريعات التي تتعلق بمكافحة الإغراق
وخاصة اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ومن ثم مساعدة المؤسسات الصناعية على التعرف على الحقوق والواجبات التي تتضمنها هذه الاتفاقيات والقوانين، ويجب أن يكون دورها تثقيفياً من خلال تنظيم ورش العمل والندوات وتقديم المشورة الفنية والقانونية للمؤسسات الوطنية حتى تستطيع مواجهة مشاكل الإغراق والدفاع عن حقوقها ومصالحها.
أما بشأن دور جمعية حماية المستهلك في محاربة الإغراق فمن وجهة نظري الشخصية أن دور الجمعية في هذا الجانب لم يكن للأسف الدور الفعال، وأستطيع أن أقول إنها لم يكن لها دور في الأساس نظرا لأن الجمعية لم تكن فعالة فيما يخص قضية حماية المستهلك، وهذا ناتج عن ظروف الجمعية وعدم بحث الجمعية لنفسها عن دور في القضايا التي تهم المستهلكين، لأن الجمعية كانت تنقصها الخبرة والكوادر التي تؤهلها للقيام بدورها المطلوب،
وحاولت الجمعية أن يكون لها دور في حماية المستهلك ولكن لم تساعدها الظروف في ذلك لأسباب عديدة لا يمكن التطرق إلى ها بأكملها هنا، من أهمها عدم وجود دعم للجمعية ومحاولة تهميش دورها والبعد عن القضايا التي تهم المستهلك مما أدى إلى اقتناع كثير من المستهلكين بقدرة الجمعية في الدفاع عن قضاياهم وبالتالي أثر ذلك في قضية محاربتها للإغراق التي هي من وجهة نظري قضية تخص أكثر جمعية اتحاد الصناعيين وأصحاب الصناعة أكثر من المستهلكين
لأن المستهلك يبحث عن السعر الأقل والإغراق قد يكون في كثير من الأحيان في مصلحة المستهلك لأنه يوجد سلع مستوردة بأسعار تقل عن أسعار السلع الوطنية ولكنه لا يفكر في مصلحة المنتجين بقدر ما يفكر في مصلحته في المقام الأول، وكان من المفترض من جمعية حماية المستهلك أن تعمل على توعية المستهلكين بأضرار الإغراق على الصناعة المحلية وتوجيههم في قضية الاستهلاك والتركيز على أهمية دعم الصناعة الوطنية وعلى الجودة وليس السعر بالنسبة للسلع التي يستهلكونها.
وعما إذا كان هناك إغراق فعلي للسلع الأجنبية في أسواق الدولة، نعم هناك إغراق في أسواق الدولة لبعض السلع الأجنبية حيث تتواجد بعض السلع التي تستورد من بعض الدول وتباع بأسعار تقل عن أسعارها في الدول المستوردة منها، وقد ظهرت في الفترة الماضية قضايا تتعلق ببعض الصناعات الوطنية التي عانت من موضوع الإغراق ووجود سلع إغراقية أدت إلى الإضرار بالصناعة الوطنية
وتسبب هذا في تحقيق خسارة للصناعة الوطنية بشكل كبير تمثلت في عدم تحقيق أرباح أو مبيعات تغطي قيمة الإنتاج وانخفاض مبيعاتها وأرباحها بشكل كبير أو كفاءتها الإنتاجية مما أضر بمصالحها وعدم قدرتها على منافسة السلع المستوردة التي تباع بأسعار أقل وهذا يعتبر إخلالاً بمبدأ المنافسة العادلة التي تنادي به منظمة التجارة العالمية وأحد المبادئ الأساسية للتجارة الحرة.
فالإغراق يحمل أضرار ومشاكل كبيرة على الصناعات الوطنية.وفيما يتعلق بمستقبل المنتج الوطني في ظل توجه الإمارات لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دول صناعية كبرى فأرى أن الهدف من توقيع اتفاقيات التجارة الحرة هو إعطاء منتجات الدول الموقعة على مثل هذه الاتفاقيات الفرصة للدخول إلى الأسواق من خلال ما يسمى بالنفاذ للأسواق.
والنفاذ للأسواق مصطلح تجاري يعني قدرة المنتجات الوطنية أو الصادرات لدولة معينه في الوصول أو الدخول إلى سوق الدول الأخرى. ويعتبر موضوع النفاذ للأسواق من أهم المواضيع التي تبحث ويتم التفاوض عليها في إطار اتفاقيات التجارة الحرة وتحرير التجارة العالمية.
حيث تهدف الدول من التفاوض إلى فتح الأسواق لانسياب وانتقال السلع والخدمات بينها دون عوائق أو حواجز جمركية أو غير جمركية. إن الدول عند الدخول في مفاوضات لتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة تضع نصب أعينها ومن أولوياتها نفاذ صادراتها من السلع والخدمات التي تستطيع المنافسة في الأسواق الدولية
وإلي أسواق الدول التي تتفاوض معها وذلك من خلال ما يسمى بقوائم السلع التي تحدد السلع التي سيتم إعفاؤها من الرسوم الجمركية وتحاول أن تضع في هذه القوائم أهم صادراتها من السلع والتي تمثل نسبة كبرى من تجارتها والتي تستطيع منافسة المنتجات الأجنبية وحتى تضمن دخولها إلى أسواق الدول الأخرى دون معوقات.
لذلك فإن توقيع اتفاقيات التجارة الحرة تحدد مستقبل الصناعات الوطنية من خلال فرص جديدة للتجارة وتشجيع الصناعة الوطنية بشكل كبير من خلال استيراد مدخلات الصناعة والمواد الأولية التي يعتمد عليها كثير من الصناعات من دون رسوم جمركية في اغلب الأحيان ومن دون عوائق غير جمركية.
حيث تعمل الاتفاقيات على إزالة هذه الرسوم أو تخفيضها وإزالة العوائق غير الجمركية كما تأتي أهمية موضوع النفاذ للأسواق لأنه يمثل فرصاً كبيرة للصناعة الوطنية لتصريف منتجاتها من السلع في الأسواق التي تكون في كثير من الدول مرتفعة جدا مما يتسبب في صعوبة تصدير المنتجات المحلية التي تواجه هذه العوائق بالإضافة إلى العوائق غير الجمركية والحواجز الفنية وغيرها من العوائق.
وتعمل اتفاقية التجارة الحرة كما أوضحنا على إزالة أو التخفيف من هذه العوائق وتذليلها. كما تتيح الاتفاقيات حصول المنتجات المحلية عند تصديرها في الدول الأخرى على معاملة مماثلة للمعاملة التي تعامل بها المنتجات المشابهة في هذه الدول المستوردة وهذا ما يطلق عليه مبدأ «المعاملة الوطنية»، وعليه فإن الهدف الأول من اتفاقيات التجارة الحرة هو تحرير التجارة، فاتفاقيات التجارة الحرة تعتبر أحد الوسائل الهامة في التجارة الدولية لضمان دخول المنتجات الوطنية من السلع ودخول موردي الخدمات للأسواق،
وعن إذا ما كنا مع فرض رسوم استيراد إضافية على السلعة المغرقة لإزالة الضرر عن الصناعات المحلية فأرى أن معالجة الضرر الذي ينتج عن الإغراق له آليات وإجراءات تفرضها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وبشكل خاص الاتفاقية الخاصة بمكافحة الإغراق
والتي تعتبر الدولة احد أعضاء هذه المنظمة التي بموجبها تلتزم بتطبيق هذه الآلية والإجراءات. كما أن أي ضرر تتعرض له الصناعات الوطنية بمثابة ضرر للاقتصاد باعتبار أن الصناعة جزء أساسي وقطاع حيوي في الاقتصاد الوطني وبالتالي فان أي ضرر على هذا القطاع من الطبيعي أن يؤثر على الاقتصاد بشكل سلبي.
شبيب أحمد بن شبيب: إثبات حدوث الإغراق ليس بالسهولة التي يتصورها البعض
يقول شبيب أحمد بن شبيب خبير صناعي إن الإغراق يعرف في أبسط مفاهيمه في قانون (الجات) سابقا أو منظمة التجارة حاليا على أنه تميز سعري على المستوى الدولي للمنتج حيث يباع المنتج في بلد الاستيراد بسعر أقل من الذي يباع فيه في بلد التصدير.
ولابد من الإشارة إلى أن هناك إلى ات عديدة ومعقدة للكشف عن حدوث الإغراق وإثبات عمليه حدوثه والتي ليست بالسهولة التي قد يتصورها البعض، وللعلم لا يجوز لأي حكومة أن تقيم دعوى إغراق أو تقوم بإجراء تحريات بخصوص مكافحة الإغراق إلا بناء على شكوى كتابية مقدمة من مصنع محلي أو مجموعة مصانع أو اتحاد
يمثل هذه المصانع طبقا للمادة الخامسة من اتفاقية مكافحة الإغراق وهو شرط أساسي ولكن يجب الانتباه إلى أن القانون لا يختص بالإغراق وحده ولا يختص فقط بدولة الإمارات وحدها وإنما يشمل دول مجلس التعاون الخليجي والذي أقر في ديسمبر من عام 2003.
أما بشأن التدابير الوقائية للإغراق وكذلك التدابير التعويضية للإغراق، حيث التدابير الوقائية تعني إيقاف منتج قبل أن يتم طرحه في السوق وإحداثه للضرر، وكذلك التدابير التعويضية بعد حدوث الإغراق. وللعلم فإن هذا القانون قد جاء لمكافحة الممارسات التجارية الغير مشروعه في منظمة التجارة العالمية وهي المنافسة الغير مشروعه والتي تأتي من استفادة السلع المصدرة من الدعم المباشر وكذلك تشويه الظروف المناسبة في حالة إغراق الأسواق الأجنبية بالسلع المصدرة.
مكافحة الإغراق تتلخص في:
أولا الإقرار بوجود الإغراق حيث يأخذ في الاعتبار الأمور التالية:
- حجم المبيعات في السوق المحلية بمعنى أنه يجب أن تكون البضاعة لا تقل في كميتها عن 5% من الإجمالي المستورد.
- مراقبة أسعار المنتج في الدولة المستوردة لفترة لا تقل عن 6 أشهر ومراقبة الكميات الكبيرة منها - اللجوء للمقارنة البسيطة والتي تتم من خلال المقارنة بين القيمة الاعتيادية للمنتج وسعر التصدير مع الأخذ بالاعتبار مستويات التجارة والخصائص والكميات ونسبة الخصومات.
- أسعار العملات حيث أن الفرق في أسعار العملات يؤدي أحيانا لظهور هوامش إغراق مصطنعة وليست حقيقية كما أن حساب هوامش الإغراق يتطلب الأخذ في الاعتبار سعر الصرف بتاريخ البيع وذلك للمقارنة بين القيمة الاعتيادية وسعر الصرف. أيضا يستخدم سعر الصرف في العقود الآجلة لحساب هوامش الإغراق.
ـ ثانيا: تقرير الضرر - التجميع: ينظم اتفاق 1994 ممارسة «تقييم الضرر التجميعي» أي تجميع الواردات الاغراقية من البلدان التي تخضع في آن واحد لتحقيقات مكافحة الإغراق لغرض تحديد الضرر على الصناعة المحلية،
كما لا يجوز لسلطات التحقيق أن تجمع تقييم هذه الآثار إلا إذا كانت عتبات هوامش الإغراق كميات مهملة وعتبات أحجام الواردات الإغراقية قليلة الشأن، بالإضافة إلى أن تجميع تقييم آثار الواردات ملائم على ضوء ظروف المنافسة فيما بين المنتجات المستوردة والمنتجات المحلية المشابهة.
- عوامل الضرر وتحليلي السببية: والذي يشمل بحث أثر الواردات الإغراقية على الصناعة المحلية المعنية تقييما لكل العوامل والمؤشرات الاقتصادية ذات الصلة والتي تؤثر على حالة الصناعة، بما فيها الانخفاض الفعلي والمحتمل في المبيعات والأرباح أو الناتج أو النصيب من السوق أو الإنتاجية أو عائد الاستثمار أو الاستغلال الأمثل للطاقات
والعوامل التي تؤثر على الأسعار المحلية وضخامة هامش الإغراق والآثار السلبية الفعلية والمحتملة على التدفق النقدي والمخزون والعمالة والأجور، علما بأن تحليل الهامش أمر مسموح به ولكنه ليس إلزاميا في بعض النظم حيث هناك من يلجأ إلى مقارنة هوامش الإغراق بهوامش الضرر ويفرض رسوم مكافحة الإغراق على أساس أدنى الاثنتين.
ثالثا التهديد بوجود الضرر: من عوامل الإقرار بوجود ضرر على الصناعات المحلية يتمثل في معدل الزيادة الكبيرة في الواردات الإغراقية إلى السوق المحلي مما يكشف عن احتمال حدوث زيادة كبيرة في الاستيراد، بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة متوافرة بحرية أو زيادة كبيرة وشيكة في قدرة المصدر مما يكشف عن احتمال حدوث زيادة كبيرة في الصادرات الإغراقية في سوق العضو المستورد مع مراعاة مدى توافر أسواق تصدير أخرى لامتصاص الصادرات الإضافية.
وبالنسبة لجمعية اتحاد الصناعيين فهي جمعية نشطة في منطقة جغرافية محددة وهي إمارة أبو ظبي فقط، والقائمون على تلك الجمعية من الصناعيين النشطين في المجال الخاص، ويمثلون شريحة كبيرة من أصحاب المنشآت الصناعية في أبو ظبي.
أما فيما يختص بدور الجمعية فكان حسب علمي هناك خطط لتفعيل دور الجمعية بصورة أكبر من خلال جعل الجمعية بمثابة حلقة الوصل ما بين الصناعة والدوائر الحكومية.
أما بخصوص إذا ما كان هناك بالفعل إغراق في أسواق الدولة فبرأيي أنه لا يمكن الإجابة على هذا السؤال إلا عن طريق جهات متخصصة في هذا المجال لأن إثبات حدوث الإغراق كما ذكرت مسبقا يتطلب إجراءات دقيقة ولا يجوز قذف الحكم مسبقا. كذلك يتطلب الأمر تعريف القطاع الخاص بحقوقهم وبوجود جهات تعنى بالدفاع عنهم وعن حقوقهم الموروثة والمكتسبة على أرض هذه الدولة.
وعن مستقبل المنتج الوطني في ظل توجه الإمارات لتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة مع دول صناعية كبرى فأعتقد أن المصانع الكبيرة سوف تستفيد جراء دخول الإمارات في تلك الاتفاقيات أما المصانع المتوسطة فهي نوعين أحدهما سيستفيد والآخر سيخسر، فالمستفيد سيكون المصنع الذي قام بتهيئة نفسه لمواجهة هذه المرحلة والذي لم يتهيأ لأسباب عديدة منها التكلفة المادية،
وعما إذا ما كنا مع فرض رسوم استيراد إضافية على السلعة المغرقة لحماية المنتج الوطني فأنا شخصيا مع مبدأ إثبات وإقرار وجود الضرر أولا، وحيث أن دولة الإمارات عضو في مجلس التعاون الخليجي والذي يشمله القانون الخليجي الموحد لمكافحة الإغراق وأيضا عضوية الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في منظمة التجارة العالمية
أما بالنسبة لقيمة الرسوم المقترحة فيجب تحديدها بعد دراسة مطولة تدخل في باب إقرار وقوع ضرر الإغراق. أما عملية تحديد الرسوم بطريقة عشوائية أو طبقا لاجتهادات فردية فلا يجوز أن يحدث في الإمارات وذلك لأنها دولة متقدمة ولها قيمتها ومكانتها الاقتصادية على الخارطة العالمية.
تحديات أمام الصناعات العربية
رغم انضمام العديد من الدول العربية للاتفاقيات الدولية إلا أنه يتضح أن غالبية هذه الدول لم تهيئ نفسها كما يجب للتعامل مع ظاهرة الإغراق حاضرا ومستقبلا، ولا يقع هذا العبء على تلك الدول فقط بقدر ما يقع على بقية الأطراف الأخرى وخاصة منها المشرفون على الصناعات الصغرى أو المتوسطة، وتبقى التحديات المطروحة على الصناعات العربية الصغيرة والمتوسطة متعددة ومتنوعة. وتساهم هذه المعطيات في إمكانية مضاعفة عمليات الإغراق.
من جهة أخرى هناك التحديات الخارجية والتي يمكن أن يكون لها أثر غير مباشر على نشاط الصناعات العربية. وبقيت شكاوى الإغراق تقتصر في غالبيتها على الدول المتقدمة فيما تبقى تلك الشكاوى محدودة في البلدان النامية ومنها البلدان العربية نظرا للشروط المعقدة لتقديم الملفات المتعلقة بالإغراق وإثبات الضرر والإلمام بجوانب عديدة لعملية التوريد واحتساب الأسعار وما يتطلبه من اختصاص وحرفية. وتعتبر هذه الوضعية من أهم التحديات أمام الصناعات العربية.
يحيى لوتاه: تطوير المنتجات السبيل الوحيد لضمان قدرة المنافسة
يعتبر المهندس يحيى بن سعيد آل لوتاه نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة س. س. لوتاه قضية الإغراق من أكبر التحديات الاقتصادية التي تؤثر على اقتصاد كثير من الدول. وبالنسبة للإمارات فالإغراق له تأثير سلبي على تطور الصناعة المحلية،
وإغراق أسواق الدولة بالسلع يرجع إلى عدم قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة ذلك أن المستهلك الإماراتي يتميز عن غيره بسعيه الدائم للحصول على أجود السلع وعامل الأسعار يأتي في المرتبة الثانية دائماً، والصناعة الوطنية لدينا في مهدها وتواجه مشكلة في كيفية إخراج المنتج بما فيها الجزء الدعائي.
أما عن دور جمعية اتحاد الصناعيين في دعم الصناعة بالدولة ومحاربة الإغراق فأرى أن جميع القطاعات المعنية بالصناعة في الدولة سواء أكانت جهات حكومية وأهلية تقوم بجهد كبير في نشر الوعي الصناعي في المجتمع ودعم قطاع الصناعة في الإمارات بما يحقق حماية الصناعة الوطنية محلياً
بل تعمل على اتساع قاعدة الصناعة الوطنية لتشمل إيجاد أسواق خارجية لتستقبل السلع المنتجة وقد أتت هذه الجهود ثمارها التي نراها اليوم في وصول المنتجات المحلية إلى الأسواق العالمية ولكن يجب أن نتذكر دوما أننا في بداية الطريق ولدينا فرصة كبيرة في المنافسة عالميا بجيل جديد من الصناعات الذكية.
أما بشأن دور جمعية حماية المستهلك في محاربة الإغراق فيعتبر مجال حماية المستهلك في الإمارات في بدايته بالقياس مع الدول المتقدمة التي أنشأت جمعيات ومنحتها صلاحيات كبيرة ولا تقتصر حماية المستهلك على الأسعار فقط بل تتسع لتشمل مجالات أكبر كحق المستهلك في المعرفة والاختيار حتى يتمكن من التمييز المقارنة بين المواد الاستهلاكية المتنوعة على أسس علمية وفنية،
ومع صدور القوانين الأخيرة لحماية المستهلك نأمل أن يكون دور الجمعيات الأهلية أكثر فعالية وتأثيراً في نشر الوعي بين المستهلكين. وعما إذا كان هناك إغراق فعلي للسلع الأجنبية في أسواق الدولة فأرى أن ظاهرة الإغراق ظاهرة تمس جميع الدول التي تنتهج سياسة السوق المفتوح ودولة الإمارات وفي ظل نظامها الاقتصادي الذي تتبناه والذي يقوم على الحرية الاقتصادية والانفتاح على اقتصادات العالم
وعدم فرض إجراءات أو قيود معطلة أو معرقلة لحركة التبادل التجاري أيضا ونتيجة لتبعات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة الثنائية أصبح السوق الإماراتي يمتلئ بمئات البدائل للسلعة حيث يبقى الاختيار مفتوحا أمام رغبات التاجر أو المستهلك في شراء سلعته في ظل معطيات عديدة أهمها الأسعار أو الجودة أو بلد الصنع أو الماركة التجارية.
ولذا فان أسواق الإمارات كانت ولا تزال ميداناً لمختلف المنتجات السلعية التي تأخذ طريقها للخارج من خلال إعادة التصدير، أيضا أرى أن الصناعة الوطنية لها مكانتها في السوق الإماراتي ولكنها بحاجة إلى مزيد من الدعم لتثبيت أقدامها للوقوف في مواجهة الإغراق السلعي لأسواق الدولة.
أما فيما يتعلق بمستقبل المنتج المحلي في ظل توجه دولة الإمارات لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دولة صناعية كبرى فأعتقد أن اتفاقيات التجارة الحرة تمثل صورة من صور التوجه الدولي نحو تحرير التجارة العالمية وهي بلا شك عامل إضافة يحقق الكثير من الايجابيات كما انه في نفس الوقت يمثل تحدياً كبيراً للدول التي لديها سياسات اقتصادية غير واضحة
وعلى سبيل المثال فإن تدعيم الروابط الاقتصادية بين دولة الإمارات والدول الصناعية الكبرى ستؤدي إلى فتح أسواق تلك الدول أمام الصادرات الإماراتية وخاصة الصناعات الوطنية الهامة مثل البتروكيماويات والألمنيوم، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع إنتاج هذه القطاعات التي تبحث عن أسواق كبيرة،
أيضا يمكن أن تؤدي مثل هذه الاتفاقيات إلى زيادة التنافسية في أسواق الدولة وإتباع معايير أكثر صرامة فيما يتعلق بالشفافية مما يزيد من جاذبية الدولة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويرفع من جودة المنتجات مما يعود بالنفع على المنتج المحلي والمستهلك في وقت واحد.
ولكن يجب ألا نغفل وجود عدد من السلبيات خاصة وان معظم الصناعات الوطنية هي صناعات وليدة لم تصل إلى مستوى الجودة المطلوب بعد، أيضا كثرة عدد الشركات الصناعية الصغيرة التي لا تستطيع الوقوف أمام متطلبات السوق وأعتقد أن تطوير المنتجات والخدمات هو السبيل الوحيد لضمان قدرة منافسة المنتج المحلي أمام المنتجات الأجنبية
خاصة وان العالم حاليا يشهد تنافسية تجارية كبيرة يجب أن نستفيد منها ونحن نرى أن أي قرارات أخرى بعد العمل على إيجاد التنافسية بين المنتج المحلي والمستورد هي من باب المساعدة ولكنها تكون عديمة الفائدة إذا ما تم إهمال دعم قطاع الصناعة فالمستهلك والسوق هو الذي يحدد هذا الأمر طبقا لمعايير الجودة والسعر والخدمات وبغيرها لن يعني إصدار القوانين وفرض الرسوم أي شيء بل سيكون ذلك عاملاً آخراً في زيادة أسعار السلع المستوردة مما يشكل إرهاق وعبء كبير على المستهلك.
وعن مدى تأثر اقتصاد الدولة بآفة الإغراق فأعتقد أن اقتصاد دولة الإمارات يتمتع بتعددية في روافده الأمر الذي يؤمن له القوة والاستمرار تحت مختلف الظروف والاتفاقيات وبلاشك أن الإغراق في جزء منه عامل ايجابي وليس سلبياً من وجهة نظر ذلك أن تعدد السلع واختلافها وانخفاض تكلفة وجودة نسبة كبيرة منها سيدفع المستهلك الواعي
إلى القدرة على تقييم السلع مما سيعطي الأفضلية للنوعية الجيدة وهذا بلا شك سيرفع الوعي الاستهلاكي للمستهلك وهي نتيجة ايجابية خاصة إذا تزامن ذلك مع رفع معايير الجودة للمنتجات المحلية نكون قد حققنا النجاح في كافة الاتجاهات الكم والكيف والوعي.
عيسى الأنصاري: فرض رسوم إضافية ليس وسيلة ناجحة لحماية السوق
يرى عيسى الأنصاري نائب الرئيس التنفيذي لشركة الأنصاري للصرافة أن الإغراق هو عرض بضائع بكميات كبيرة مما يؤدي إلى انخفاض سعر البضاعة كوسيلة للفوز بحصة أكبر من السوق ومنافسة الشركات الأخرى. ويعتقد أن دور جمعية حماية المستهلك مهم جدا وذلك لحماية المنتج المحلي ويمكن للجمعية أن تساهم في نواح متعددة
أولا: توعية المستهلك بأهمية حماية المنتج المحلي.
ثانيا : تحديد المنتجات التي هي بحاجة إلى الحماية من الإغراق وتخطيط لسبل تطوير المنتج المحلي.
ثالثا: المساهمة في سن قوانين لحماية المنتجات المعرضة لخطة الإغراق.
ويرى أنه يجب أن ندعم المنتج المحلي لكي يصل إلى المستويات العالمية كأفضل طريقة لمنافسة المنتج الأجنبي. فليس بالضرورة أننا نواجه إمكانية توقيع اتفاقية التجارة الحرة. ويمكن اكتشاف الجوانب الإيجابية في الاتفاقية بل ومنافسة المنتج الأجنبي في بلدانها. كما ينبغي أن ينصب التوجه نحو تطوير ودعم المنتج المحلي لكي يصل إلى مستويات ينافس بها المنتج الأجنبي.
أما بشأن الحاجة إلى فرض رسوم استيراد إضافية على السلعة المغرقة فيعتقد أن فرض الرسوم ليس الطريقة الوحيدة لحماية الصناعات المحلية ولكن وكما ذكرت هناك وسائل عديدة لدعم المنتج المحلي ليبلغ درجة يستطيع أن ينافس فيها المنتج الأجنبي. أما إذا كان هناك إغراق فهو مع فرض رسوم إضافية لإزالة ضرر الإغراق.
التدابير التي ينبغي لها أن تفرض لحماية المنتج المحلي من آفة الإغراق تتمثل في تطوير المنتج المحلي، كذلك يجب توعية المستهلك بأهمية دعم المنتجات الوطنية بالإضافة إلى أنه قد يكون تطوير بعض القوانين والتشريعات ضروريا لحماية المنتج المحلي خاصة إذا كان هذا المنتج حيويا ومهما لاقتصاد الدولة. كما أن للإغراق تأثيرات سلبية على اقتصاد الدولة لأنه يؤدي إلى خسارة الشركات الوطنية وإضاعة فرص العمل ويؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني ويؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي.
د. أحمد البنا: لا يمكن الجزم بوجود إغراق لأسواق الدولة
يقول الدكتور أحمد البنا الخبير الاقتصادي إن الإغراق هو عبارة عن القيام بواسطة شركات ومؤسسات أو دول بعمليات بيع أو عمليات تصدير المنتجات أو السلع أو خدمات بأسعار أقل من أسعار الكلفة الإنتاجية أو بأسعار مدعومة لأغراض الدخول إلى أسواق جديدة ومنافسة النسبية من تلك السلع أو الخدمات بغرض الحصول على أكبر حصة من أسواق.
حيث أن هذا الإغراق يؤدي إلى وجود هذه السلعة بشكل غير سليم حيث يؤثر على قوانين المنافسة الشريفة ويعتبر من إحدى الممارسات الضارة في التجارة العالمية ويؤثر بشكل مباشر على قطاع الصناعة وقطاع الخدمات. وعن دور جمعية اتحاد الصناعيين في دعم الصناعة بالدولة ومحاربة الإغراق يرى أن جمعية اتحاد الصناعيين حسب القوانين والدور التي تقوم به هو التجميع فالجمعية ليس لديها سلطات تشريعية أو تنفيذية
ولكن تساهم في تطوير قطاع الصناعة من خلال تقديم الرأي والتنسيق في المواقف وتقديم كذلك الدعم للهيئات والمؤسسات الرسمية وذلك لا يوجد لها دور مباشر في محاولة الإغراق ولكن بما أن الإمارات عضو في منظمة التجارة العالمية فإنه للوزارة المعنية (وزارة الاقتصاد) الحق بممارسة حقوقها وتقديم الشكاوى بما يخص الإغراق ومنع حدوثه في أسواق الدولة.
أيضا هناك جمعية حماية المستهلك وهي كذلك جمعية وينطبق عليها نفس ما ينطبق على جمعية اتحاد الصناعيين ولكن يمكن أن تقوم الجمعية بدور كبير في مساندة الجهات الرسمية المحلية والاتحادية لمحاربة الإغراق. وعما إذا كان هناك بالفعل إغراق للسلع الأجنبية في أسواق الدولة فإنه لا يمكن الجزم بشكل نهائي بأن هناك إغراقاً للسلع الأجنبية بأسواق الدولة آخذين بعين الاعتبار أن كلف الإنتاج تتغير من دولة إلى أخرى
إضافة إلى أن هناك متغيرات اقتصادية بكلف الإنتاج من حيث كميات الإنتاج فإذا كانت كميات الإنتاج محددة ربما تكون كلفتها عالية واذا كانت كميات الإنتاج كبير فإذن كلف إنتاجها تكون أقل بكثير وربما كانت بعضاً من الممارسات الخاطئة لبعض من المنتجات التي تم إغراقها ولكن الجهات الرسمية تصدت لها وذلك حسب القوانين الدولية وقوانين دولة الإمارات.
أما بالنسبة لحجم خسارة الصناعات الوطنية لهذا الإغراق فللأسف لا تتواجد أي معلومات بهذا الخصوص. وعن مستقبل المنتج المحلي في ظل توجه الإمارات لتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع دول صناعية كبرى فيمكن القول إن هناك بعض التأثيرات السلبية لمنافسة السلع الأجنبية للمنتج المحلي لكن هذا هو واقع الحال في الدولة
وذلك نظراً لانتهاج الإمارات سياسة السوق المفتوح والتي لها تأثيرات ايجابية حيث أن الصناعات الوطنية استطاعت أن تنافس السلع الأجنبية من حيث النوعية والجودة والأسعار. أما بشأن فرض رسوم استيراد إضافية على السلع المغرقة لإزالة الضرر عن الصناعات المحلية فلا تستطيع أي دولة منضمة للتجارة العالمية اتخاذ أي إجراء إلا بعد النظر فيه من قبل المنظمة ويمكن التقدم بطلب للمنظمة باتخاذ تدابير وقائية عاجلة إذا تم إثبات الضرر على أن تقوم اللجان والهيئات التابعة بالنظر والبت بالموضوع.
كما أن الإغراق وسيلة تستخدمها بعض من الشركات والمؤسسات والدول للدخول من خلال منتجاتها إلى أسواق جديدة والقضاء على المنتجات الداخلة وهناك بعض من النتائج السلبية ولكن يجب أن لا ننسى أن هناك إجراءات يمكن أن تتخذها الدول لحماية نفسها من الممارسات الضارة وذلك حسب الالتزامات والاتفاقيات الموقعة تحت مظلة منظمة التجارة العالمية.
تحليل التعليقات: