الكويت الثالثة خليجياً في حجم الأصول الأجنبية الحكومية في الخارج
أوصت دراسة صادرة عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية بضرورة تبني الاستثمارات الخليجية لحسابات دقيقة للمخاطر مع تحسين قدراتها التنافسية والاخذ في الاعتبار ان الفوائض المالية الخليجية الحالية مرحلية ستحتاج اليها هذه الدول لاحقاً ومعرفة للتغير في أي وقت.
واوضحت الدراسة التي حصلت »الوطن« على نسخة منها ان الفوائض النفطية التي تحققت لدول الخليج في الآونة الاخيرة ساعدت على اتجاه هذه الدول للقيام بالمزيد من الاستثمارات الخارجية خاصة في ظل تشبع الاسواق المحلية بها، واشار تقرير اعده معهد »التمويل الدولي« الى ان الفوائض الخليجية التي وجهت الى الخارج خلال السنوات (2006/2002) بلغت نحو 542 مليار دولار، وهو ما يمثل %36 من الاجمالي التراكمي لحجم الاصول الخليجية في الاسواق العالمية، وهذا يعني ان دول الخليج اطلقت الى اسواق العالم اكثر من ثلث الثروة التي بدأت في تكوينها منذ اكثر من نصف قرن.
واضافت ان الاستثمارات الخليجية تتنوع بين مناطق عدة في العالم تشمل الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الاوسط وآسيا بالاضافة الى دول اخرى، وتجدر الاشارة الى ان ضعف الدولار في الآونة الاخيرة ادى الى خسائر كبيرة بالنسبة لصافي الاموال المستثمرة وهو ما ادى بدوره الى قيام المستثمرين الخليجيين بتحويل جزء من محافظهم الاستثمارية المقومة بالدولار الى عملات اخرى وخاصة اليورو والاسترليني بهدف زيادة العائدات وتجنب ضعف الدولار.
وعلى صعيد متصل ساعدت تدفقات السيولة المتنامية في دول مجلس التعاون الخليجي شركات المنطقة على توسعة استثماراتها الدولية والقيام بالمزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ الخارجي والتي بلغت في الفترة (2006/2002) نحو 76 مليار دولار جاء %90 منها تقريباً في عامي 2005 و2006 مع الصعود القياسي لأسعار النفط. وفيما يلي التفاصيل:
قالت الدراسة ان تدفقات الاستثمار الاجنبي الواردة في العالم عام 2006 بلغت نحو 1309.9 مليارات دولار، كان نصيب الدول المتقدمة منها نحو 857.5 ملياراً اي ما نسبته %65.7 من الاجمالي، وكان نصيب الولايات المتحدة %20.4 من حصة الدول المتقدمة جميعاً، اما الدول النامية فاستحوذت على ما نسبته %29 من الاجمالي اي ما يعادل 379.1 مليار دولار، كان نصب آسيا من التدفقات في العام ذاته نحو 259.4 مليار دولار وحصلت الصين على ما نسبته %26.8 من هذه التدفقات.
وعلى الصعيد الخليجي، استطاعت دول المجلس ان تقوم بدور فعال في النظام المالي العالمي، وتجدر الاشارة الى ان تلك الدول تمكنت عام 2006 من تمويل -سواء بشكل مباشر او غير مباشر- ما يقرب من ربع العجز في الحساب الجاري الامريكي، وتؤكد التطورات الاقتصادية المتلاحقة التي شهدتها دول المجلس في السنوات الاخيرة الرغبة الجادة لدى القيادات السياسية والاقتصادية في تلك الدول في تحقيق اندماج اكبر في الاقتصاد العالمي.
وقد ظهر دور الفوائض المالية لدول الخليج لأول مرة في السبعينيات، وتجاوزت الفوائض قدرتها الاستيعابية في ذلك الوقت وكانت تلك المرحلة بمنزلة التجربة الاولى لدول الخليج في مجال الاستثمارات الخارجية التي تميزت غالبيتها في شكل استثمارات غير مباشرة متمثلة في شراء وتداول الاسهم والسندات في الدول الغربية خاصة في امريكا واوروبا.
وابتداء من القرن الحالي وعلى اثر الطفرة النفطية الجديدة، ظهرت على الساحة متغيرات جديدة غيرت بشكل ملحوظ من طبيعة الاستثمارات الخليجية في الخارج وقد شجعت الزيادة الاخيرة في الفوائض المالية معظم دول المنطقة على انشاء صناديق الاستقرار المالي - والتي تتضمن مبالغ كبيرة مخصصة للاستثمار الخارجي - بهدف تنويع مصادر الدخل وضمان ايرادات مستمرة للاجيال القادمة.
كذلك فان تحسن مناخ الاستثمار في الدول العربية نتيجة للاصلاحات الاقتصادية التي تمت بها ادى الى توجيه المزيد من الاستثمارات الخليجية للتوظيف في تلك الدول سواء في مشروعات عقارية او سياحية او مشروعات مالية مباشرة وغير مباشرة.
وقد اثر انتشار ظاهرة العولة وترابط اقتصاديات العالم في جغرافية الاستثمارات الخليجية في الخارج والتي تتوزع على النحو الآتي %55 في ادوات استثمار امريكية %19 في استثمارات اوروبية، %11 في الدول العربية ومثلها في الدول الاسيوية وما يقدر بنحو %4 في مناطق اخرى.
بالاضافة الى ان تفضيل الاستثمارات الخليجية لادوات الاستثمار قد اختلف خلال السنوات القليلة الماضية، اذا ارتفعت نسبة الاستثمارات المباشرة الى ما يزيد على %15 في الوقت الراهن مقابل %11 قبل اربع او خمس سنوات فقط كما انخفضت نسبة الودائع المصرفية في محفظة الاستثمارات الخليجية من %45 عام 2001 الى حوالي %27 في نهاية عام 2006.
وتقدر الفوائض المالية لدول الخليج في الاسواق العالمية بأكثر من 500 مليار دولار ويعزز ارتفاع اسعار النفط في الفترة الاخيرة فوائض البلدان المصدرة للخام وبالتالي استمرار التدفقات الرأسمالية الخارجية من المنطقة الخليجية، وحيث ان اسعار الطاقة ستبلغ في المتوسط 85 دولارا للبرميل، فان المنطقة ستظل من اولى المناطق المصدرة لرأس المال في الاقتصاد العالمي، وطالما بقيت اسعار النفط فوق 50 دولاراً للبرميل فان هناك اموالا فائضة يمكن استثمارها.
اجمالي الصادرات
وفي هذا الاطار اشار تقرير اعده معهد التمويل الدولي الى ان اجمالي صادرات دول مجلس التعاون الخليجي قدرت بنحو 1.542 تريليون دولار في الفترة من 2006-2002 اتجه منها نحو تريليون دولار الى الواردات اما الفوائض الخليجية - سواء الحكومية او الخاصة - التي توجهت الى الخارج بلغت نحو 542 مليار دولار وهو ما يمثل %36 من الاجمالي التراكمي لحجم الاصول الخليجية في الاسواق العالمية، وهذا ما يشير الى ان دول الخليج اطلقت الى اسواق العالم اكثر من ثلث الثروة التي بدأت في تكوينها منذ اكثر من نصف قرن، واسهمت تلك الاموال الفائضة التي دخلت اسواق رأس المال العالمية في زيادة الاصول الاجنبية لدى دول المجلس.
ويشتمل التوزيع الجغرافي للفوائض على نحو 300 مليار دولار في الولايات المتحدة و100 مليار دولار في اوروبا و60 مليار في الشرق الأوسط ومثله في آسيا، الى جانب نحو 22 مليار دولار في مناطق أخرى في العالم.
كما قام المستثمرون الخليجيون باستثمار اكثر من 19 مليار دولار في اسواق العقارات العالمية عام 2006 بارتفاع %14 عن عام 2005، وتم انفاق نحو 13 مليار دولار في الولايات المتحدة، واربعة مليارات في بريطانيا، ومليار دولار في ألمانيا، ومثلها في جنوب افريقيا.
وفي سياق متواصل، انخفضت حصة ودائع البنوك من الاصول الخارجية لدول الخليج في السنوات القليلة الماضية، في حين زادت حصة الاستثمارات في الاسهم والاستثمارات الاجنبية المباشرة، وقد اسهمت الفوائض المتنامية في دول الخليج - والتي يقترب حجمها من الفوائض الصينية - في تعميق الاختلالات العالمية، ومن مظاهرها العجز الضخم في ميزان المعاملات الجارية الامريكي، وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان الفوائض الخارجية المجمعة لدول الخليج بلغت نحو 200 مليار دولار عام 2006 أي ما يعادل ربع العجز الامريكي.
والجدير بالذكر ان ما اعيد استثماره في اقتصادات المنطقة الخليجية من الفوائض البالغة نحو 1.1 تريليون دولار والتي حققها منتجو النفط بين عامي 2003 و2007 لا يزيد على 10 الى %15،، ومن المتوقع ان تبلغ التراكمات الخليجية المالية المستثمرة في الخارج نحو 2000 مليار دولار بحلول عام 2009 مقارنة بـ 1550 مليار في الوقت الراهن، ويمثل الدخل من هذه الاصول ما بين 20 الى %22 من الناتج المحلي الاجمالي لدول المنطقة، وهو الامر الذي يؤكد تأثير هذه الاصول في الاقتصادات الخليجية، وتجدر الاشارة الى استحواذ الامارات على اكبر نسبة من الاصول الاجنبية للدول الخليجية في الخارج، يليها السعودية ثم الكويت.
تراجع الدولار
وعلى صعيد الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة، يحوز مستثمرون من القطاعين الخاص والعام في منطقة الخليج مئات المليارات من الدولارات في اوعية استثمارية امريكية وخاصة السندات الحكومية والاسهم والعقارات، ويمثلون بشكل متزايد مصدرا لتمويل عجز ميزان المعاملات الجارية للولايات المتحدة.
وقد ادى ضعف الدولار في الآونة الاخيرة الى خسائر كبيرة بالنسبة لصافي رؤوس الاموال المستثمرة، وهو ما ادى بدوره الى قيام العديد من المستثمرين الخليجيين بتحويل جزء من محافظهم الاستثمارية المقوَّمة بالدولار الى عملات اخرى وخاصة اليورو والجنيه الاسترليني بهدف زيادة العائدات وتجنب ضعف الدولار.
وفي السباق ذاته، قدر مصرفيون خسائر الاموال الخليجية في السوق الامريكية نتيجة هبوط الدولار بحوالي 97 مليار دولار، ومن المتوقع ان تزيد هذه الخسائر بعد الاخذ في الاعتبار هبوط اسعار الاسهم واصول وموجودات الشركات الامريكية، كما فقدت ايرادات دول الخليجي من صادرات النفط اكثر من %15 من قيمتها منذ بداية عام 2007 كانعكاس لخسارة الدولار.
وفيما يتعلق بالاستثمارات الخليجية في القارة الاوروبية، تبحث عدة بنوك مركزية في الخليج زيادة الاستثمار في اليورو بسبب ضعف الدولار، بالاضافة الى اتجاه المستثمرين الخليجيين للاستثمار في اوروبا بعد رفض الكونغرس الامريكي صفقة شركة موانئ دبي العالمية لشراء امتياز ادارة ستة موانئ امريكية رئيسة بداية عام 2006 بدعوى انها تمثل تهديدا للأمن القومي الامريكي.
وفي هذا الاطار، اكدت »الايكونوميست« ان %50 من الاستثمار الاجنبي المباشر الموجه من دول المجلس موجهة الى الاسواق الاوروبية، ويبرهن على ذلك عدد الصفقات التي عقدت في شهور قليلة ماضية، كان ابرزها لمركز دبي العالمي بشراء حصة في »دويتشه بنك« الاوروبي تصل نسبتها الى %2.2، كما تمكنت الشركات الخليجية من التوغل اكثر في الاسواق الاوروبية واستحوذت على حصص كبيرة في توسعات »ساينزبيري« وسلسلة سوق مركزي في بريطانيا، بالاضافة الى فرص استحواذ جيدة على شركات عالمية مثل »جورجيس« و»موزعان ستانلي«.
وعلى صعيد متصل، أعلنت هولندا انها ستتخذ عام 2008 اجراءات عملية بالاضافة الى سن قوانين خاصة لتشجيع الاستثمارات الخليجية بها والسماح بأن تتحول هولندا الى نافذة للاستثمارات الخليجية في دول التكتل الاوروبي، وتجدر الاشارة الى ان حجم الصادرات الهولندية الى دول مجلس التعاون الخليجي بلغ نحو 8.5 مليارات يورو عام 2006.
كذلك تسهم الاستثمارات الخليجية في شمال افريقيا في خلق وظائف جديدة والحد من الفقر، وتجذب المنطقة رؤوس الاموال الخليجية لاقامة المزيد من المشروعات والمدن السياحية العقارية، نتيجة انخفاض اسعار الاراضي الى جانب المزايا والتسهيلات الاخرى التي تتسابق دول شمال افريقيا في تقديمها لجذب الاستثمارات اليها.
ويحتل الجزائر المركز 120 بين 175 دولة شملها مسح اجراه البنك الدولي للدول التي توفر بيئة ملائمة للاعمال، بينما جاء ترتيب المغرب في المركز 115، وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى حرص المغرب على تنفيذ المشروعات الاستثمارية من خلال تسهيل قواعد العمل المعقدة بما يخدم المستثمرين الخليجيين والذين ابرموا صفقات مشروعات تصل قيمتها الى 30 مليار دولار.
وعلى الصعيد الآسيوي، تجدر الاشارة الى ان الدول الآسيوية - خاصة الاقتصادات الناشئة فيها والاكثر نمواً - لديها من القدرات والمؤهلات ما يجعلها من افضل الوجهات الاستثمارية، نتيجة الاستقرار السياسي والاقتصادي اللذين تتمتع بهما، الى جانب طبيعة النظام المصرفي لديها - وخاصة في سويسرا - والذي يتمتع بنظام السرية الذي يجذب بعض المستثمرين، وقد حققت دول غرب آسيا - بحسب تقرير الاونكتاد - عام 2005 اعلى معدل نمو لتدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة والتي زادت بنسبة %85 لتبلغ نحو 34 مليار دولار.
ويرتبط عمق العلاقات بين دول الخليج والدول الآسيوية بعدة نقاط، يتمثل اهمها فيما يتعلق بالصادرات الآسيوية والتي تلقى رواجاً كبيراً في الاسواق الخليجية نتيجة انخفاض اسعارها وارتفاع جودتها، وفيما يتعلق بالصادرات النفطية الخليجية، تعتبر الدول الاسيوية من اهم الاسواق سواء لمنتجات النفط الخام او للمنتجات البتروكيماوية ومشتقات النفط، الى جانب التدفقات الاستثمارية الخليجية للاسواق الآسيوية، والظهور القوى للشركات الآسيوية القادرة على تنفيذ مشروعات ضخمة في مجالات البنية التحتية وقطاع النفط متفوقة على الشركات الامريكية والاوروبية فيما يتعلق بالسعر والجودة والاداء المرتفع.
وفي السياق ذاته، تعتزم دول المجلس استثمار نحو 250 مليار دولار في آسيا على مدى السنوات (2011/2007)، وستكون الصين مؤهلة لاستقطاب نصف هذه الاموال، كما تستقطب الهند ملياري دولار من الاستثمارات الخليجية، ومن المتوقع ان تتيح اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين - الخليجي والهندي- المجال لتفعيل الانشطة التجارية والاستثمارية.
وفي هذا الاطار، تجدر الاشارة الى ان التجارة المتبادلة غير النفطية بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي بلغت نحو 19.48 مليار دولار خلال عامي 2005 و 2006، ومتوقع ان تتجاوز 24 مليار دولار عام 2007، وتقدر استثمارات دول التعاون في الهند بحو 406.3 ملايين دولار تعادل %1 من مجموع الاستثمار الاجنبي المباشر الذي استقطبته الهند، وتعتبر الامارات اكبر مستثمر، اذ تسهم بنحو %79 - وهو ما يعادل 321.1 مليون دولار - من اجمالي استثمارات الدول الخليجية، تليها البحرين باستثمارات قدرها 32.7 مليون دولار، ثم عمان باستثمارات قدرها 24.51 مليون دولار، والسعودية 19.18 مليون دولار، والكويت 8.87 ملايين دولار،فقطر بمبلغ 0.09 مليون دولار.
كما يعد اقتصاد ماليزيا المنتعش هو محور اهتمام المستثمرين الخليجيين، ويبلغ معدل نمو اجمالي الناتج المحلي به اكثر من %6 سنويا منذ عام 1980، وتتوقع كوالالمبور ان تستثمر دول الخليج 20 مليار دولار في مناطقها الاقتصادية الخاصة، وعلى الاقل 3 مليارات دولار في الاعوام (2011/2007).
صفقات واستحواذات
وساعدت تدفقات السيولة المتنامية في دول مجلس التعاون الخليجي شركات المنطقة على توسعة استثماراتها الدولية، ونجحت العديد من الشركات في اثبات وجودها محليا واقليميا على مدى السنوات القليلة الماضية، ونجحت في تحقيق المزيد من الارباح التي شجعتها على السعي الى فرص اكبر وأوسع في الاسواق العالمية.
وتعبر صفقات الاستحواذ والاندماج الخارجي عن تحول في نهج الدول النفطية أو الدول ذات الفائض التجاري فقد تحولت من ايداع الفوائض في البنوك أو استثمارها في سوق الاسهم الى استثمارها في شركات لها موجودات محددة وواعدة وفي هذا الاطار انفق مستثمرو الخليج اكثر من 76 مليار دولار على عمليات اندماج واستحواذ خارجية في السنوات الخمس الماضية »2002 - 2006«، جاء %90 منها تقريبا في عامي 2005 و2006 وذلك مع الصعود القياسي لاسعار النفط، كما انفقت الدول الخليجية ما يقدر بنحو 68 مليار دولار على التملك في الخارج خلال عام 2007
وتعد صفقة شراء الشركة السعودية للصناعات الأساسية »سابك« في مايو من عام 2007 لوحدة البلاستيك التابعة لشركة »جنرال الكتريك« »جي. أي« مقابل 11.6 مليار دولار هي أكبر عملية استحواذ من نوعها يقوم بها مستثمرون خليجيون، وتتجاوز صفقة استحواذ موانئ دبي العالمية على منافستها البريطانية »بي أند أو« مقابل 7.77 مليارات دولار عام 2005
وتجدر الاشارة الى عقد »سابك« عام 2002 لصفقة حيازة قسم البتروكيماويات التابع لمجموعة الكيماويات والبتروكيماويات الدنماركية »دي. اس. ام« بتكلفة حوالي ملياري دولار، وساعدت هذه الصفقة الشركة السعودية على ان تصبح عاشر أكبر شركة كيماويات على مستوى العالم مع عائدات بلغت نحو 20.9 مليار دولار عام 2005
وعلى صعيد متصل استحوذت شركة الاستثمارات البترولية الدولية »أيبيك« التابعة لحكومة أبوظبي على نسبة تبلغ %20.85 من شركة نفط »كوزومو« اليابانية - رابع اكبر شركة نفط يابانية- بقيمة تبلغ 780 مليون دولار كما أعلنت مبادلة للاستثمار التابعة لأبوظبي عن شراء حصة %7.5 في »كارلايل جروب« الامريكية، بالاضافة الى قيام دبي انترناشيونال كابيتال -وهي الشركة الاستثمارية المملوكة لحكومة دبي- عام 2006 بشراء شركة الدفاع البريطانية »دونكاستر« والتي تصنع قطع الغيار الخاصة بالمقاتلات الامريكية النفاثة والدبابات.
وفي الاطار ذاته، بادرت شركة الخدمات اللوجستية الكويتية »اجيليتي« بشراء عدد من الشركات في سنغافورة والولايات المتحدة عام 2005 كجزء من خططها التوسعية التي تهدف الى وضعها في مركز متميز بين كبريات شركات الخدمات اللوجستية على مستوى العالم، وتجدر الاشارة الى صفقتي شركة »اعمار« العقارية -أكبر شركة عقارية عربية من حيث القيمة السوقية- عام 2006 لشراء »جون لينج هومز« ثاني اكبر شركة مقاولات خاصة في الولايات المتحدة مقابل مليار دولار، وشركة تأجير العقارات البريطانية »هامبتونس انترناشيونال« مقابل 154 مليون دولار ووفرت الصفقتان لـ »اعمار« فرصة كبيرة لدخول الاسواق الامريكية البريطانية ولاكتساب معرفة متميزة في مجال التطور العقاري، فضلا عن الاستفادة من خبرات الشركة البريطانية الواسعة في مجال التسويق.
وتأتي رغبة الشركات الخليجية في التوسع عالميا نتيجة عاملين، يتمثل الاول في حاجتها الى ايجاد قنوات وفرص نمو جديدة خارج نطاق القطاعات والاسواق المحلية التي وصلت الى مستويات التشبع تقريبا، اما العامل الثاني فيتعلق بحاجة تلك الشركات لاكتساب المهارات والقدرات اللازمة للحفاظ على ما حققته من نمو ولاثبات وجودها كقوة فعالة على ساحة المال والاعمال العالمية، كما تعد صفقات الحيازة التي ابرمتها هذه الشركات جزءا حيويا من استراتيجية شاملة تهدف الى الحصول على قنوات ربط سريعة تساعدها على اكتساب مهارات وتقنيات الادارة الغربية.
وعلى صعيد صفقة بورصات »دبي- ناسداك- أو. إم. اكس« لم تتأثر دبي -وهي المدينة التي تأتي معظم ايراداتها من قطاعات غير نفطية كالسياحة والخدمات- بالاضطرابات العالمية، واستمرت في عمليات الشراء والاستحواذ، ودخلت منافسة مع قطر للاستحواذ على حصص في بورصات عالمية، كما دخلت معها في تحد لجلب علامة ناسداك الى دبي.
وتعتبر صفقة بورصة دبي لشراء حصة في شركة ناسداك الامريكية - اكبر سوق للمتعاملات الالكترونية في الولايات المتحدة - هي مجرد بداية لضخ اموال النفط الخليجية في قطاع البورصات الذي شهد حركة متزايدة من الاندماجات في الفترة الاخيرة.
وفي هذا الاطار، شهد النصف الثاني من سبتمبر 2007 توحيد الجهود فيما بين دبي وناسداك استعدادا لامتلاك حصة في بورصة (او. ام. اكس) السويدية، بعد ان توصل الطرفان الى عقد اتفاق تبادل فيما بينهما، ونجحت دبي في اقناع »ناسداك« بالاستثمار في سوق دبي المالي العالمي في مقابل تملك دبي في (او. ام. اكس).
وتم الاتفاق على ان تستحوذ بورصة دبي على بورصة (او. ام. اكس) مقابل 4.9 مليارات دولار، وستقوم بورصة دبي بمبادلة اسهم (او. ام. اكس) مع بورصة ناسداك مقابل %20 من اسهم ناسداك و%28 من بورصة لندن، وفي المقابل ستشتري ناسداك %33 من سوق دبي المالي العالمي، وسوف يتم تغيير اسم سوق دبي المالي العالمي DIFX الى ناسداك - دبي المال العالمي NASDAQ DIFX، كذلك قامت بورصة الدوحة بشراء %10 من بورصة (او. ام. اكس) و%20 من بورصة لندن.
وتدل هذه الصفقات على رغبة دبي وقطر في تنويع مصادر الاقتصاد من الموارد غير النفطية، وذلك من خلال المزيد من صفقات الاستحواذ الاجنبية كبداية للتحول الى مركزين عالميين للخدمات المالية، بالاضافة الى رغبتهما في جذب الخبرات الاجنبية الى اسواقهما المالية الصاعدة وخاصة التجارب التكنولوجية الحديثة.
وتجدر الاشارة الى ان صفقة شراء بورصتي »دبي« و»قطر« لحصص في بورصتي »ناسداك« و»لندن« قد نقلت البورصات العربية من المحلية الى الدولية، مما يعود بالنفع على الاسواق المالية العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة، كما ان صفقة »دبي« مع »ناسداك« و»لندن« تعد نموذجا لتبادل الاستثمارات وتكنولوجيا التداول والتنوع بالاسواق العالمية، مما يساعد في النهاية على توفير سيولة تنعش حركة التداول داخل سوق دبي المالي العالمي.
ويتوقع الخبراء ان يشكل الدمج بين (او. ام. اكس) وبورصة »دبي« خامس اكبر مجموعة للاسواق المالية، وواحدة من اسرعها نموا على المستوى العالمي، وسيتم ذلك من خلال الربط بين التقنيات المتطورة والعلامة التجارية القوية الـ »او. ام. اكس) مع البنية الاساسية لبورصة دبي وقدتها على الحصول على سيولة عالية في اسواق ذات معدلات نمو مرتفعة، ومن المتوقع ان تواصل الشركة الناشئة عن اندماج بورصة دبي و(او. ام. اكس) التركيز على التنمية المستمرة للبورصات الناشطة في دبي وشمال اوروبا.
وعلى صعيد متصل، حذر خبراء ومحللون في لندن من محاولة العرب السيطرة على حصص الاغلبية في شركات ومؤسسات استراتيجية في الغرب الذي مايزال يرفض فكرة امتلاك العرب اسهما تمكنهم من السيطرة على الادارة ويقترح هؤلاء الخبراء امكانية الحصول على حصص لا تتعدى %20، وسيكون هناك %80 من الاموال الغربية بحيث ان الغرب لن يحاول استهداف هذه المؤسسات لانها تضم امواله واستثماراته.
وفي المقابل يؤكد الخبراء الخليجيون على ان الهدف من دخول البورصات العربية للاسواق المالية الغربية ليس السيطرة عليها، بل الاستفادة من خبراتها والتقنيات الحديثة التي تتبعها، فضلا عن منح المستثمرين الفرصة للتداول من موقع واحد في اسهم اسواق عديدة تشمل الولايات المتحدة واوروبا والشرق الاوسط.
5 توصيات لتعزيز الاستثمارات الخليجية في الأسواق العالمية
-1 هناك عدد من العقبات التي تقف امام التوسع الخليجي في الدول الغربية، وهو الامر الذي يتناقض مع مناداة تلك الدول بفتح الاسواق وحرية تحرك رؤوس الاموال، ومطالبتها ايضا للدول النفطية بزيادة استثماراتها للمساعدة على علاج مشكلة الاختلالات المالية التي تعاني منها اهم الاقتصادات الغربية.
فقد ظهرت ردود فعل معاكسة من قبل الحكومات الغربية لصفقات الاستحواذ والاندماج الخارجي التي تقوم بها الدول الخليجية، مثل محاولات تعطيل شراء مطار »اوكلاند« في نيوزيلندا من قبل شركة »دبي لصناعات الطيران« الى جانب العقبات في الولايات المتحدة عقب ابرام صفقة شراء شركة »دبي العالمية« لشراء »بي آند او« البريطانية.
والجدير بالذكر ان العولمة هي التي دفعت العرب والصينيين والروس الى التفكير في شراء اسهم الشركات الغربية، وعلى الذين دعوا الى العولمة الا يعيقوا استمرارها، وان يتم فصل التدخلات السياسية عن الشؤون الاقتصادية، فالمنافسة والسوق المفتوحة تشكل عصبا رئيسيا في الاقتصاد الحر، لذا يجب ازالة كافة العوائق التي تواجهها.
-2 ان بعض الاستثمارات الخليجية في الخارج ليست مكملة لاقتصادات الكثير من دول المجلس، وعلى سبيل المثال صفقة هيئة الاستثمار في قطر لشراء اسواق التجزئة في بريطانيا فهذا القطاع يتميز بسرعة التحولات في الاذواق والمنافسة المرتفعة وقلة هامش الربح.
فيجب ان تُبنى الاستثمارات الخليجية في الخارج على حسابات دقيقة للمخاطر المتوقعة والعائد المأمول، وان تساعد تلك الاستثمارات على تحقيق الاهداف الاستراتيجية للدولة.
-3 يجب التنسيق بين دول الخليج في كيفية استثمار الفوائض المتحققة، فيلاحظ في هذا الصدد عدم وجود تنسيق بين الهيئات الاستثمارية المختلفة، بل ان هناك اكثر من جهة استثمارية حكومية في الدولة الواحدة تدير الاستثمار بطريقة تختلف عن الاخرى، وعلى الرغم من ان هذا الامر قد يحقق منافع لتلك الجهات، فان هناك بعض المجالات الاستراتيجية التي تتطلب التنسيق والتعاون بين دول المجلس لتحقيق اكبر عوائد ممكنة.
-4 حتى تستطيع الشركات الخليجية اكتساب موقع متميز على خريطة الاقتصاد والاعمال العالمية بالاضافة الى حماية اقتصاداتها المحلية من انعكاسات اي انخفاض محتمل في اسعار النفط، فان عليها ان تسعى بصورة جادة لامتلاك القدرات التي تمكنها من المنافسة العالمية بشكل اكثر فعالية.
-5 يجب الاخذ في الاعتبار ان الفوائض المالية المتحققة لدول الخليج هي فوائض مرحلية سوف تحتاج اليها ميزانيات تلك الدول سواء في الاجل القصير او الطويل، فهذه الفوائض ناتجة عن الزيادة الحالية لموارد النفط وهي معرضة للتغير في أي وقت، لذا يفضل استثمار الفوائض داخل الدول ذاتها حتى يمكن تحويلها الى مجالات اخرى عندما يتطلب الامر ذلك، واذا كانت المجالات الداخلية محدودة، فان استثمار هذه الفوائض في الاسواق المالية العالمية ينبغي ان يتم في ادوات مالية قابلة للتسييل في أي وقت، كما يجب تجنب الارتباط باستثمارات طويلة او بنسب كبيرة في شركة او قطاع واحد لعدم مواجهة اي مسؤوليات مالية غير متوقعة.
تحليل التعليقات: