مؤكداً أن دول الخليج تجاوزت قرار فك الارتباط بالدولار.. د. اليوشع: المطلوب تسريع الوحدة النقدية الخليجية في ظل حرب العملات

رأى رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية الدكتور أحمد اليوشع أن دول مجلس التعاون الخليجي تجاوزت قرار فك الارتباط بالدولار من خلال سعيها لإنشاء الاتحاد النقدي، وإن أي مشروع لفك الارتباط بالعملة الأمريكية يتطلب توافقاً وقراراً جماعياً من جانب دول المجلس.

ويذهب اقتصاديون إلى ان خيار التخلي عن الربط بالدولار بدا مطروحا أكثر من اي وقت مضى لدول وتجمعات كثيرة في العالم بعد ان تراجعت العملة الأمريكية إلى مستويات متدنية في ظل حرب العملات بين الصين وأوروبا وأمريكا.وقال د. اليوشع «لا يمكن لدولة كالبحرين أو غيرها من دول الخليج أن تأخذ قراراً منفرداً، وذلك لارتباط دول المجلس باتفاق العملة الخليجية الموحدة، وكانت دول الخليج اتخذت قراراً سابقاً بالارتباط بالدولار».

وأوضح أن «تراجع الدولار يؤدي إلى تراجع العملات بالنسبة للبحرين وقطر وعمان وحتى الكويت التي تعتمد على سلة عملات، ولكن النسبة الطاغية في هذه السلة للدولار».

ويرى خبراء أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى الضغط على سعر الدولار عالميا للخروج من تبعات أزمتها وجعل الصادرات الأمريكية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، مما سيؤدي إلى خفض سعره إلى أقل درجة ممكنة.

ونبه د. اليوشع إلى أن «من سلبيات انخفاض الدولار أنه يرفع سعر الواردات، وخصوصاً السلع الاستهلاكية التي تأتي من أوروبا، كما أنه يزيد من تكلفة المشروعات حيث ترتفع أسعار الآلات والمعدات»، وذلك يزيد من نسبة التضخم.

في المقابل، لفت إلى أنه «في الجانب الإيجابي يسهم انخفاض الدولار في تراجع العملات المرتبطة به، مما يساعد على زيادة الصادرات والمنافسة في السوق الأجنبية». وأوضح أن «البحرين مثلاً لديها صناعات عدة، مثل: الحديد، والكابلات، وهذا الانخفاض يجعل سعر الصادرات أرخص مما يساعدها على دخول الأسواق». ومضى قائلاً: «من إيجابيات انخفاض قيمة صرف العملات أيضاً تزايد جدوى المشروعات الاستثمارية، فإذا كان هنالك مشروع غير مجد لربما يصبح ذا قيمة إذا انخفض سعر العملة لأن مقدرة التصدير والبيعة في ظل انخفاض العملة أكبر».

ودعا د. اليوشع إلى «توظيف هذه الآليات في حال أرادت الاستمرار في الارتباط بالدولار».

ويرى خبراء أن دول الخليج ليست دولا صناعية، ولا تمتلك صادرات صناعية كبيرة وبالتالي فإنّ إمكانية استفادتها من انخفاض العملة قليلة، ولذا فإن الربط بسلة عملات الخيار الأسلم لوقف التضخم.

ويذهب رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية إلى أن «ربط العملة الوطنية لسلة عملات يظل خياراً أفضل، ولكن الإشكالية تكمن في وجود اتفاقية خليجية وتتطلب موقفاً واحداً».

ومن جانب آخر، لفت د. اليوشع إلى أن «هنالك سيولة ضخمة في الأسواق تقدر بترليونات الدولارات، وذلك أسهم في خلق سوق عالمي يتأثر كثيراً بالمضاربين، وخصوصاً في سوق العملات»، مشيراً إلى أن «تحركات العملات قد لا تعكس بالضرورة واقع الدولة واقتصادها». وقال: «إن من يحرك سعر العملة هم المضاربون الذين يهتمون بالأرباح فقط». ولكن د. اليوشع لم ينفِ قدرة أمريكا وأوروبا في التحكم بعملاتها ولكن ليس بمعزل عن دور المضاربين الأساسي.

وأكد أن «الشيء الأهم الذي يعزز تراجع سعر الدولار هو سياسة الاتحاد الفدرالي القائمة على ضخ أموال في الاقتصاد مما أدى إلى ارتفاع السيولة في السوق العالمية بشكل كبيراً، ومنطقياً فإن الدولار يتراجع».

واستبعد رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية أن تتجه دول الخليج إلى سلة عملات حالياً، وقال: «إن قرار الربط بالدولار قد حسم».

وانتهى د. اليوشع إلى القول بأنه «ليس المهم مواصلة الربط بالدولار أو اعتماد سلة العملات، بل الأهم خلق العملة الخليجية الموحدة واتخاذ خطوات عملية باتجاه تكملة مشروع الاتحاد النقدي».

وبيَّن أيضاً أنه «لا يمكن التفكير في سلة عملات لا يكون الدولار فيها مكوناً رئيسياً».

وفي سياق متصل، رأى وزير الخزانة الامريكي تيموتي غايتنر انه من غير الواقعي الاعتقاد بان الدولار الامريكي يمكن ان يفقد موقعه كعملة مرجعية للنظام النقدي العالمي خلال السنوات العشر القادمة.

وأوضح خلال مؤتمر في واشنطن «لا اعتقد بشكل واقعي، ان يكون هناك أدنى احتمال لتغيير حقيقي» لتنظيم النظام النقدي العالمي «في العقد المقبل».

وكان غايتنر يرد على سؤال بشان الاحتجاجات المتزايدة على هيمنة الدولار، من قبل العديد من الدول الناشئة مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل.

غير أن الوزير الأمريكي لم يستبعد احتمال تغير الأمور على الأمد البعيد كما سبق أن أكد. وأضاف انه ستكون هناك بالتأكيد «تغييرات لكن لا اعتقد أن ذلك سيحصل سريعا».