الرئيس التنفيذي لعمليات الزور في كيبيك: الشركة تصدّر شهرياً زيت الوقود منخفض الكبريت إلى قطر

لم تكن ترقيته قيادياً ليصبح نائباً للرئيس التنفيذي لأحد أهم المشاريع النفطية الإستراتيجية في الكويت «مصفاة الزور»، من باب الصدفة، بل تقديراً لكفاءته وخبرته التي بلغت 31 عاماً، منها 24 عاماً في شركة البترول الوطنية الكويتية، و7 سنوات في الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة «كيبيك»، حيث أثبت خلال هذه السنوات الطوال تفانيه وجديته في أداء المهام المنوطة به.

وبجانب خبراته الميدانية شارك في العديد من اللجان المعنية بتنفيذ مشاريع إستراتيجية منها مصفاتا الدقم وفيتنام واللجنة العليا لتطوير حقل الدرة.

الحديث هنا عن نائب الرئيس التنفيذي لعمليات الزور في «كيبيك» علي محمد العجمي، الذي تقع تحت مسؤوليته إدارة عمليات الزور التي تضم مصفاة الزور أحد أضخم المصافي العالمية وأكثرها تعقيداً وحداثة، والذي التقته «الراي» لتسليط الضوء على آخر تطورات مصفاة الزور ومستقبل مشروع مجمع بتروكيماويات الزور.

وأكد العجمي خلال اللقاء أن تشغيل مصفاة الزور فتح آفاقاً وأسواقاً جديدة، وعبرها أصبحت الكويت مصدّراً لزيت الوقود منخفض الكبريت إلى دولة قطر بشكل شهري لاستخدامه في ناقلات الغاز الضخمة وتغطية احتياجاتها المحلية، فيما تعد قطر، في المقابل، أحد المزوّدين الرئيسيين للغاز المسال لمرافق الغاز ومصفاة الزور حالياً.

وكشف العجمي عن تزويد المملكة المتحدة بكميات ضخمة من وقود الطائرات، كما يتم حالياً التجهيز لشحن كميات ضخمة من وقود الطائرات من مصفاة الزور إلى الولايات المتحدة الأميركية، ما يساهم بشكل فعال في ترسيخ العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

وأكد أن «كيبيك» أوفت بالتزامها لجهوزية مصفاة الزور حسب أعلى المعايير والمواصفات العالمية، آخذة بعين الاعتبار تلبية جميع الاحتياجات التشغيلية ومراعاة الاشتراطات البيئية كافة، مشيراً إلى أن التشغيل الكامل لمصفاة الزور سيكون خلال الأيام المقبلة.

وأوضح العجمي أن مصفاة الزور تتميز بمرونتها لتكرير درجات متفاوتة من النفط الخام، كما أنها منفذ حيوي لتصريف النفوط الكويتية الثقيلة التي تعتبر الأقل كلفة بين النفوط الأخرى.

وعن مجمع البتروكيماويات، أفاد العجمي بأنه أحد التحديات الإستراتيجية، وأن هناك ضرورة قصوى للتكامل بين مصفاة الزور ومجمع البتروكيماويات لتحقيق أكبر عائد مالي وتجاري من عمل المصفاة.

وفي ما يلي نص اللقاء:

*ما هي استعدادات التشغيل للمصفاة الثالثة في الزور؟ وما هو تاريخ التشغيل المرتقب؟
- شارفت الشركة الكويتية للصناعات البترولية المتكاملة «كيبيك» على الانتهاء من التشغيل الكامل لمشروع مصفاة الزور بنجاح كبير، ففي يونيو الماضي، أعلنت «كيبيك» التشغيل التجريبي لوحدة تقطير النفط الثالثة والأخيرة في مصفاة الزور.

ومن المتوقع أن يتم التشغيل الكامل لمصفاة الزور الفترة المقبلة، حيث أوفت «كيبيك» بالتزامها لجاهزية المشروع حسب أعلى المعايير والمواصفات العالمية، آخذة بعين الاعتبار تلبية جميع الاحتياجات التشغيلية ومراعاة الاشتراطات البيئية كافة، على الرغم من التحديات التي واجهها المشروع أثناء جائحة كوفيد 19.

وكان للتخطيط المسبق ولتضافر جهود القائمين على المشروع ودعم مؤسسة البترول الكويتية القوي وتعاون الشركات الزميلة وجميع الجهات المعنية وذات الصلة في أجهزة الدولة، الأثر الكبير في تخفيف حدة تلك الصعاب والتغلب عليها.

تسلّم الوحدات

*ما هي مراحل تسلّم وتشغيل وفحص وحدات مصفاة الزور من المقاولين؟
- هناك عدة مراحل لتسلم وحدات المشروع من المقاولين الرئيسين، تبدأ من التسلم المبدئي ومن ثم مباشرة عمليات ما قبل التشغيل، وبعد ذلك مرحلة التشغيل الفعلي، وأخيراً التشغيل التجاري وبدء تصدير المنتجات.

ولكل مرحلة من مراحل التسلم والتشغيل اشتراطات دقيقة للتأكد من كفاءة عمل الوحدات ومطابقة مواصفات المنتجات لمتطلبات التسويق العالمي، حيث يتم تسلم وحدات المصفاة على فترات زمنية متفرقة خلال عملية الاستلام المبدئي ومن ثم التشغيل النهائي والفحص الأخير لجودة الوحدات، وبالتالي يبدأ تغيير التأمين التشغيلي من المقاولين للشركة.

وفي كل حزمة من الحزم الرئيسية الخمس وحدات مجمعة يتم استلامها على حدة، فيما يتم الاستلام النهائي من المقاولين في مرحلة لاحقة.

*وماذا بخصوص المخالصة النهائية؟
- تحتوي المخالصة بين المقاولين والشركة على بنود كثيرة جداً منها ضمان الجودة والتسليم النهائي ومرحلة التسويات المالية، وإغلاق الملف يتطلب أشهراً بعد التشغيل النهائي.

أهم الأسواق

*ما أهم الاسواق المستهدفة؟
- هناك تعاون وثيق بين «كيبيك» ومؤسسة البترول من أجل ضمان وصول منتجات مصفاة الزور إلى جميع الأسواق العالمية وفق خطط قطاع التسويق العالمي.

في بداية التشغيل، كانت منتجات مصفاة الزور تتوجه إلى الأسواق الآسيوية، وذلك بعد التأكد من ضمان الوحدات وجودة المنتجات المكررة وكفاءة العمليات، وخصوصاً في وحدات إنتاج الديزل ووحدات إنتاج زيت الوقود منخفض الكبريت.

ثم توسّع نشاط التصدير الخارجي بالتنسيق المستمر مع قطاع التسويق العالمي وأصبح السوق الأوروبي هدفاً رئيسياً وإستراتيجياً من خلال تزويده بالديزل المطوّر منخفض الكبريت، خاصة أن التقارير الاقتصادية تشير إلى أن هناك طلباً متزايداً خلال فصل الشتاء المقبل على الديزل المطابق للمواصفات الأوروبية.

لقد أصبحت مصفاة الزور مزوّداً رئيساً للإمدادات المستدامة من المنتجات النفطية إلى الأسواق العالمية الآسيوية والأوروبية، كما قامت الشركة بالتصدير لقارتي أميركا الجنوبية وأفريقيا، إذ تتميز صادرات المصفاة بكونها منتجات بترولية منخفضة الشوائب ومستوفية للمعايير المشدّدة التي تطبّقها دول عديدة من أجل الحد من الانبعاثات والتلوث البيئي.

كما يتم تصدير زيت الوقود منخفض الكبريت إلى دولة قطر بشكل شهري لاستخدامه في ناقلات الغاز الضخمة وتغطية احتياجاتها المحلية، إذ تعد قطر أحد المزوّدين الرئيسيين للغاز المسال لمرافق الغاز ومصفاة الزور حالياً.

*هل هناك أسواق جديدة تم تزويدها بمنتجات مصفاة الزور؟
- زوّدنا المملكة المتحدة بكميات ضخمة من وقود الطائرات، حيث تم تصدير 100 ألف طن خلال يوليو ماضي، كما يتم حالياً التجهيز لشحن كميات ضخمة من منتج وقود الطائرات الأكثر نقاءً من مصفاة الزور إلى الولايات المتحدة الأميركية، ما يساهم بشكل فعال في ترسيخ العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

أبرز التحديات

*ما أبرز التحديات التي واجهتكم خلال مراحل استلام وتشغيل مصفاة الزور؟
- يعتبر استلام وحدات المصفاة من أهم التحديات التشغيلية، حيث تم مع بداية جائحة كورونا وما تبعها من تطبيق إجراءات صحية صارمة وإجراءات طبية غير مسبوقة من قبل السلطات المختصة، إضافة إلى كبر حجم المصفاة وتعقيد وحداتها وتطبيق أقصى درجات الأمن والسلامة.

والحمدلله تم تشغيل المصفاة دون أي حوادث مع التطبيق الصارم لإجراءات الأمن والسلامة في أنظمة التشغيل.

وهناك أيضاً تحديات اقتصادية تتمثل في المحافظة على أداء الوحدات بشكل مستمر لضمان استقرار العوائد المالية للمصفاة، لتلبية الاحتياجات الهائلة القادمة من آسيا وأوروبا والأميركيتين، إضافة إلى التحول العالمي في مجال الطاقة المتجددة والحفاظ على تشغيل بيئي عالي الجودة.

*وماذا عن عوائد المصفاة المالية؟
- لن تظهر العوائد المالية الضخمة الحالية من بيع المنتجات في الأرباح المالية للشركة بشكل ملحوظ، نظراً لالتزام الشركة بسداد مبالغ المصروفات الرأسمالية، ما يعني الانتظار لسنوات طويلة.

لذلك يبقى مجمع البتروكيماويات ضرورة لا غنى عنها لضمان ربحية المصفاة.

مجمع البتروكيماويات

*ماذا في شأن مجمع بتروكيماويات الزور؟
- المجمع أحد التحديات الإستراتيجية، وهناك ضرورة قصوى للتكامل بين مصفاة الزور ومجمع البتروكيماويات لتحقيق أكبر عائد مالي وتجاري من عمل المصفاة، إذ يصعب تحقيق أرباح ملحوظة في ظل عمل مصفاة بهذه الضخامة من دون التكامل مع مجمع بتروكيماويات.

لقد تم الانتهاء من التصاميم الأولية لمشروع مجمع البتروكيماويات وتحديث الاقتصاديات الخاصة به، حيث تبين من دراسة اقتصاديات المشروع مدى جدواه الاقتصادية وتعظيم التكامل مع مصفاة الزور، وننتظر حالياً الموافقات النهائية للمضي قدماً لبدء مرحلة التنفيذ.

*وكيف تسير الأمور مع عدم وجود شريك إستراتيجي؟
- وجود الشريك الإستراتيجي مهم للمشروع لحجم الفائدة المترتبة على مشاركته، ويمكننا البدء بالتفاوض مع الشريك متى ما أُتيحت لنا الفرصة، حتى وإن كانت أثناء فترة أخذ الموافقات النهائية للمشروع.

إن مشروع البتروكيماويات بمجمع الزور البترولي مُجدٍ في ظل الثورة التكنولوجية الجديدة، ونمو صناعة السيارات الكهربائية التي تستخدم المواد الأولية التي تنتجها مصانع البتروكيماويات.

*هل تم تحديث القيمة التقديرية للمشروع؟
- نعم، تم تحديث التكلفة التقديرية للمشروع آخذين في عين الاعتبار جميع المتغيرات الناتجة عن جائحة كورونا، كما جاءت تكلفة واقتصاديات المشروع مشجعة.

*وماذا عن خيارات التمويل؟
- تدرس مؤسسة البترول كافة الخيارات التمويلية لمجمع البتروكيماويات، سواء الاقتراض من بنوك محلية وعالمية أو دخول شريك أجنبي، على أن يمتلك هذا الشريك تكنولوجيا التصنيع وخبرة في مجال التشغيل وأن تكون له حصص سوقية في الأسواق العالمية.

*كيف ساهمت «كيبيك» في تعزيز موارد الدولة المالية؟
- تشغيل مصفاة الزور ليس حدثاً مهماً في تاريخ الشركة فحسب، بل يعد حدثاً وإنجازاً كبيراً في تاريخ صناعة النفط والغاز في دولة الكويت، وذلك للأبعاد التي يمثلها هذا المشروع الوطني الضخم والإستراتيجي لمؤسسة البترول الكويتية.

وتتميز مصفاة الزور بمرونتها التي تمكّنها من تكرير درجات متفاوتة من النفط الخام، فتتراوح طاقتها التكريرية من 615 ألف برميل يومياً كحد أقصى عند تكريرها خام التصدير الكويتي أو 535 ألف برميل يومياً لخليط أثقل من النفوط المختلفة، فهي منفذ حيوي لتصريف النفوط الكويتية الثقيلة التي تعتبر الأقل كلفة بين النفوط الأخرى.

كما تعد المصفاة مصدراً آمناً ومستداماً لتغطية احتياجات وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة من منتج زيت الوقود منخفض الكبريت، بالإضافة إلى إنتاج 340 ألف برميل يومياً من المنتجات البترولية عالية الجودة والمطابقة للمواصفات العالمية، ما سيكون له أثر اقتصادي كبير للناتج القومي للدولة.

أما من الناحية البيئية، فإن استخدام منتجات مصفاة الزور في توليد الطاقة الكهربائية سيخفض من معدلات الانبعاثات من محطات توليد الطاقة الكهربائية بنسبة عالية، ما يساهم في تحسين جودة الهواء بشكل كبير.

8 ملايين طن متري صادرات «مصفاة الزور» من المنتجات عالية الجودة

أفاد العجمي بأن منتجات مصفاة الزور من النافثا ووقود الطائرات والديزل منخفض الكبريت وزيت الوقود المنخفض الكبريت والكبريت الصلب تأتي بأعلى المعايير البيئية لتتوافق مع أنظمة البيئة العالمية ومتطلبات الأسواق العالمية، قائلاً: «تفخر (كيبيك) بتمكّنها من تصدير جميع هذه المنتجات بنجاح دون إخلال بالتزاماتها».

وكشف العجمي أن إجمالي ما تم تصديره من المنتجات النفطية عالية الجودة من مصفاة الزور ومرافقها يبلغ أكثر من 8 ملايين طن متري، ما يُثبت قدرة المصفاة على الاستمرار، وتزويد الأسواق العالمية بمنتجات بترولية عالية الجودة.

وأضاف: «تم تصدير نحو مليون طن متري من النافثا، و1.36 مليون طن متري من وقود الطائرات، و1.9 مليون طن متري من الديزل، و3.7 مليون طن متري من زيت الوقود منخفض الكبريت، و131 كيلو طن متري من الكبريت الصلب منذ بداية التشغيل إلى شهر سبتمبر 2023».

85 في المئة من عمالة «مصفاة الزور»... كويتيون

قال العجمي إن مصفاة الزور عملت على توفير أكثر من 1000 فرصة عمل جديدة للعمالة الوطنية، وأعطت فرصه للقطاع الخاص الكويتي للمشاركة في إنجاز وطني يعد الأكبر على المستوى المحلي.

وأوضح أن عدد العاملين في مصفاة الزور يقترب من الألف عامل، لا يقل عن 85 في المئة منهم كويتيون، معبراً عن فخره بوجود عناصر وطنية شابة ساهمت في تحقيق الكثير من الإنجازات للبترولية المتكاملة.

525 عاملاً من فرق التشغيل استفادوا من برامج «كيبيك» التدريبية

شدد العجمي على أن «كيبيك» تولي أهمية قصوى لتطوير العنصر البشري الذي تعتبره أبرز عوامل نجاحها في خطة تشغيل مصفاة الزور، مؤكداً أن الإدارة التنفيذية حرصت منذ نشأة الشركة على توفير أفضل البرامج التدريبية لتأهيل العاملين المختصين بعمليات تشغيل المصفاة حتى يكونوا على أعلى مستوى من الجاهزية للتشغيل ورفع الكفاءة المهنية.

وقال العجمي إن البرامج التدريبية استفاد منها أكثر من 525 عاملاً من فرق التشغيل، واشتملت على استخدام أنظمة محاكاة إلكترونية لوحدات التصنيع مشابهة للوحدات التي تم تشغيلها على أرض الواقع أخيراً، مدعومة بنماذج رقمية لمرافق وأقسام المصفاة كافة، إلى جانب انتداب العاملين في مصفاة الزور للتدريب بشركة البترول الوطنية الكويتية في مصفاتي الأحمدي وميناء عبدالله ثم خضوعهم لبرامج تدريبية ممنهجة بدأت في مركز التدريب البترولي التابع لمؤسسة البترول وأكاديمية «كيبيك» بمصفاة الزور، إضافة إلى برامج أخرى تحت إشراف فريق فني ومتخصص في السلامة والبيئة ومقاولي التنفيذ ومرخّصي الوحدات.

وأضاف: «تمت إتاحة الفرصة لمشاركة الممارسات والخبرات المكتسبة في مؤتمرات وورش عمل قدم من خلالها شباب (كيبيك) العديد من العروض التقديمية والمقالات العلمية وسط حضور خبراء من مختلف دول وشركات العالم، الأمر الذي أدى إلى إكساب شباب الشركة الثقة المطلوبة والقدرة على إبراز إنجازاتهم التي قاموا بها خلال فترة عملهم في الشركة».