استراتيجية القطاع البحري في دبي توفر 42 ألف فرصة عمل
بالتزامن مع الطفرة التجارية في بداية القرن العشرين، لعب خور دبي دوراً استراتيجياً في المشهد الاقتصادي المحلي، باعتباره ميناء طبيعياً حيوياً ومركزاً تجارياً رائداً، معززاً بذلك مكانة الإمارة كبوابة بحرية رئيسة لعبور تجار منطقة جنوب شرق آسيا وسواحل إفريقيا الغربية .
بالرغم من التحول الاقتصادي الجذري المرافق لاكتشاف النفط في أوائل السبعينات من القرن الماضي، نجحت دبي في تحقيق توازن اقتصادي قائم على التنوع والتجدد عبر التركيز على تطوير القطاع البحري والتجاري، مع تهيئة البيئة الملائمة لتحقيق نقلة نوعية على مستوى قطاعات جديدة ذات فرص واعدة، وهو ما جعل دبي تتحول خلال فترة زمنية قياسية إلى واحدة من أبرز المدن العصرية القائمة على التمازج بين تراث وحداثة الحاضر .
ويقول سلطان بن سليم، رئيس سلطة مدينة دبي الملاحية إن دبي تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل مدفوعةً برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ومدعومة بإنجازات غير مسبوقة .
إذ يبرز القطاع البحري المحلي كشريك استراتيجي في رسم ملامح النمو المستقبلي وركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية الدولية لإمارة دبي، لا سيّما عقب التوسع الكمي والنوعي والتطور المطّرد الذي شهده على مدى العقود الأربعة الماضية على الرغم من الأزمة المالية والتحديات الاقتصادية الأخيرة التي سادت العالم .
ومن هنا، أولت “خطة دبي الاستراتيجية” اهتماماً كبيراً بتفعيل مساهمة القطاع البحري في الناتج المحلي الإجمالي باعتباره أحد أبرز القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة . ولعلّ الخطوة الأبرز على صعيد تجسيد التوجهات الحكومية الاستراتيجية تتمثل في إطلاق “استراتيجية القطاع البحري” التي تكتسب أهمية خاصة باعتبارها ثمرة التعاون البنّاء بين “سلطة مدينة دبي الملاحية”، و30 جهة حكومية وشبه حكومية في سبيل إرساء ركائز واضحة ومتينة لخلق قطاع بحري آمن ومتجدد .
ويضيف ابن سليم: “على الرغم من النمو المطّرد والتطور النوعي الذي يشهده القطاع البحري المحلي، إلاّ أن هناك العديد من الفرص الكامنة التي لاتزال غير مستغلة إلى الآن والتي من شأنها، حال توظيفها بالشكل الأمثل، تسريع وتيرة تحول دبي إلى أحد أبرز المراكز البحرية المتطورة في العالم” .
وبالنظر إلى السنوات القليلة الماضية، نجد أنّ دبي نجحت في تحقيق إنجازات غير مسبوقة على مستوى منافسة أهم مراكز القوة في الصناعة البحرية العالمية، وفي مقدمتها سنغافورة ولندن وأوسلو وشانغهاي وهامبورغ وهونغ كونغ، وهو ما يؤكد أهمية تكثيف الجهود للاستفادة من الآفاق المستقبلية الواعدة والمزايا الاستراتيجية المتاحة، لا سيّما الموقع الاستراتيجي والبيئة الاستثمارية الآمنة والتشريعات البحرية المتكاملة والمسيرة الاقتصادية المتواصلة، في سبيل وضع دبي في موقع صدارة التنافسية عالمياً .
واستجابةً للمعطيات الراهنة، ترتكز “استراتيجية القطاع البحري” على تعزيز نقاط القوة، المتمثلة بالدرجة الأولى في الموانئ وحركة الاستيراد والتصدير وخدمات التمويل والوساطة، وتطوير الجوانب اللوجستية والخدمات البحرية لتحقيق أقصى قدر من النمو على صعيد ملاك السفن والمعدات البحرية والوسطاء والتمويل والتأمين، بما يسهم في جعل التجمع البحري في دبي أكثر شمولية وتميزاً وتنافسية .
وتستند “استراتيجية القطاع البحري” في دبي إلى رؤية واضحة تتمثل في بناء مكانة طليعية لإمارة دبي كمركز بحري رائد عالمياً، وذلك عبر التركيز على تنظيم وتطوير وتعزيز كل مكونات التجمع البحري التي تتمتع بمزايا تنافسية عالية .
وفي سبيل تجسيد الرؤية الطموحة وإنجاح المهمة المحددة، تقوم الاستراتيجية على الالتزام بمجموعة من القيم الجوهرية التي من شأنها ضمان إيجاد بيئة بحرية آمنة ومتكاملة ومستدامة . وتشتمل القيم الجوهرية على ما يلي: القيادة، التعاون، التميز في خدمة العملاء، الإبداع والابتكار، تطوير الثروة البشرية، حماية البيئة .
وتكمن أهمية “استراتيجية القطاع البحري” في كونها الدعامة الأساسية لجعل دبي منافساً قوياً لأهم المراكز البحرية العالمية، لا سيّما أنها الخطة الأولى في تاريخ الإمارة المستندة إلى ثلاثة محاور رئيسة تتمثل في تنظيم وتعزيز وتطوير القطاع البحري وفق أعلى معايير الكفاءة والتميز والشمولية في سبيل تحقيق هدف طموح يتمثل في ترسيخ مكانة دبي كمركز بحري عالمي من الطراز الأول تجسيداً للتوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله . وتتمثل المحاور الرئيسة التي تقوم عليها “استراتيجية القطاع البحري” في:
تنظيم القطاع البحري
يستند تنظيم القطاع البحري إلى تطوير اللوائح التنظيمية والتشريعات البحرية، بما ينسجم مع المتغيرات الاقليمية والدولية المتسارعة، وتحديث البنى التحتية البحرية والارتقاء بمستوى الكوادر البشرية القادرة على المنافسة عالمياً، فضلاً عن تقديم خدمات متكاملة في مجال التأمين والتمويل والتوريد والغطاء القانوني والوساطة والتشغيل والصيانة والعمالة وفق أعلى معايير الجودة العالمية لتلبية احتياجات وتطلعات قاعدة العملاء .
تطوير القطاع البحري
يهدف تطوير القطاع البحري إلى خلق بيئة بحرية متكاملة وآمنة ومستدامة من شأنها المنافسة عالمياً والاستجابة بفعالية لمتغيرات الأسواق ومواكبة الاتجاهات الناشئة وتحقيق رضا العملاء واستقطاب المستثمرين الإقليميين والدوليين لتوظيف فرص النمو الواعدة ضمن القطاع البحري في إمارة دبي .
تعزيز القطاع البحري
تركز الاستراتيجية البحرية على تعزيز القطاع البحري عبر ضمان الوصول إلى أعلى مستويات الاستدامة التي تعد ركيزة أساسية لخلق بيئة بحرية آمنة في دبي، وذلك من خلال تطبيق أفضل الممارسات الدولية وأعلى معايير السلامة البحرية .
التجمع البحري في دبي . . آفاق غير محدودة
لعلّ التنوع والشمولية من أبرز السمات المميزة للقطاع البحري في دبي الذي يتمتع بآفاق نمو غير محدودة . وفي ظل المعطيات الإيجابية والفرص الواعدة، تم تصميم “استراتيجية القطاع البحري” خصيصاً لتطوير وتعزيز مكونات التجمع البحري المحلي التي تشتمل على المعدات البحرية والتصنيف وملاك السفن والتأمين والتمويل والسياحة البحرية والوسطاء والأحواض، إضافة إلى الموانئ التي تعتبر بدورها أحد أبرز مكامن القوة الداعمة لنمو القطاع البحري في دبي .
وفي سبيل تطوير مكونات التجمع البحري في دبي، تستهدف “استراتيجية القطاع البحري” في دبي إطلاق سلسلة من البرامج والمبادرات المتمحورة بالدرجة الأولى حول الارتقاء بمستوى الخدمات البحرية وتحديث التشريعات واللوائح التنظيمية والبنى التحتية وتحسين العمليات التشغيلية في الموانئ، وتشجيع السياحة البحرية ووضع برامج لوجستية متكاملة وفق أعلى معايير التميز والجودة والابتكار لتحقيق رضا العملاء فضلاً عن تعزيز الأمن والسلامة البحرية، وهو ما يمثل نقلة نوعية على طريق الوصول بدبي إلى مصاف أهم المراكز البحرية العالمية ذات التنافسية العالية . وتحظى المبادرات والبرامج المقررة ضمن الاستراتيجية البحرية بأهمية خاصة باعتبارها خطوة حيوية لتفعيل دور القطاع البحري في دفع عجلة النمو ضمن القطاعات الاقتصادية الحيوية الأخرى، وفي مقدمتها التجارة والتجزئة والسياحة والخدمات اللوجستية والتخزين والبناء والتشييد وغيرها .
تكامل استراتيجي لتحقيق غايات طموحة
تتميز استراتيجية القطاع البحري بكونها تتويجاً للتعاون المثمر والتنسيق البنّاء بين الهيئات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالقطاع البحري في إمارة دبي، طارحةً بذلك نموذجاً مثالياً للتكامل الاستراتيجي المستند إلى أسس متينة ومحاور واضحة في سبيل تحقيق غايات طموحة تصب في خدمة الهدف الرئيس المتمثل في ترسيخ الدور الريادي لإمارة دبي كلاعب محوري في الصناعة البحرية على المستويين الإقليمي والدولي . وتتجلى أبرز الغايات الطموحة في النقاط التالية:
* تعزيز نمو الناتج الإجمالي المحلي لإمارة دبي عبر تطوير وتحسين مكونات التجمع البحري المحلي على قدم المساواة مع أبرز المراكز البحرية الرائدة عالمياً .
* المساهمة في تطوير استراتيجية شاملة ومتكاملة للنقل لتعزيز الدور الطليعي لإمارة دبي على مستوى إدارة وتشغيل شبكات النقل والتجارة والخدمات اللوجستية الدولية .
* دعم جهود تطوير قطاع التجارة والخدمات اللوجستية في خطوة لتعزيز النمو الاقتصادي المطّرد على المدى الطويل .
* تطوير اللوائح التنظيمية والتشريعات البحرية، بما ينسجم مع أفضل الممارسات الدولية وحدث المستجدات المتسارعة .
* تحويل دبي إلى مركز رئيس في ريادة الأعمال وزيادة الإنتاجية، وتشجيع تطبيق أفضل الممارسات المعتمدة عالمياً في توفير الخدمات البحرية .
* التركيز على التخطيط الاستراتيجي لنمو القطاع البحري على المدى الطويل، تماشياً مع الخطط الاستراتيجية والحضرية المعتمدة من قبل حكومة دبي، عبر الارتقاء بمستوى الإمكانات المتاحة على صعيد إدارة الأداء، وصنع السياسات ومنهجيات التخطيط الاستراتيجي ذات الصلة بالقطاع البحري .
* ضمان سلامة العمليات والبنية التحتية في القطاع البحري، للحفاظ على سلامة العمال والركاب والتأكد من جودة البضائع، مع التركيز على تحقيق مستويات عالية من الكفاءة التشغيلية .
* دعم المكانة الريادية لإمارة دبي كوجهة سياحية رائدة في المنطقة والعالم .
* تحديث اللوائح التنظيمية البيئية، وتطبيق أفضل الممارسات الدولية المستدامة ضمن القطاع البحري .
* دعم سياسة التوطين عبر استقطاب الكفاءات المواطنة المؤهلة وتفعيل دورها في دفع عجلة نمو القطاع البحري واعتماد سياسات فاعلة للاستثمار الأمثل في العنصر البشري .
* توظيف التكنولوجيا الحديثة في تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز المزايا التنافسية للقطاع البحري في سبيل توفير خدمات عالية المستوى ترقى إلى تطلعات العملاء .
* تأسيس إطار شامل للإحصاءات والمعلومات البحرية لرصد وتعزيز مستوى الجودة والكفاءة والنمو .
مبادرة داعمة لسياسة التوطين
تعد “استراتيجية القطاع البحري” دعامة أساسية لسياسة التوطين التي تنتهجها حكومة دبي تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة في تعزيز مسيرة التنمية البشرية، باعتبارها إحدى أبرز ركائز المسيرة التنموية الشاملة .
وتستند الاستراتيجية البحرية إلى أسس واضحة للاستثمار الأمثل في العنصر البشري والاستفادة القصوى من الفرص الوظيفية الهائلة المتاحة أمام الكوادر البشرية المواطنة في مختلف المجالات ذات الصلة بالقطاع البحري، بدءاً من الموانئ والأحواض والشحن والتأمين والتمويل والسياحة البحرية والوساطة البحرية والمعدات البحرية وصولاً إلى صيانة وتطوير وتشغيل السفن وغيرها، ما سيسهم بدوره في إثراء القوى العاملة المواطنة وتفعيل دورها في دفع مسيرة النمو والاستدامة وتعزيز تنافسية القطاع البحري المحلي . وتفيد التقديرات بأنّ استراتيجية القطاع البحري من شأنها توفير نحو 42،000 فرصة عمل تساهم بمجملها في 3،8% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي .
إنجازات متلاحقة وجهود متواصلة نحو التميز
ينظر المراقبون بتفاؤل حيال “استراتيجية القطاع البحري” في دبي التي نجحت إلى الآن في تحقيق العديد من الإنجازات، لا سيّما على مستوى تحديث البنى التحتية وإطلاق لوائح تنظيمية وتشريعات بحرية مستحدثة، فضلاً عن تطبيق اشتراطات جديدة من شأنها الإشراف الكامل على جميع العمليات التشغيلية البحرية بما في ذلك تقسيم المراسي الى مراسٍ مخصصة لعمليات الرسو لفترات قصيرة وطويلة ومراسٍ مخصصة لانتظار عمليات التزود بالوقود فضلاً عن مراقبة وتنظيم عمليات رسو السفن تماشياً مع كل القرارات المحلية والدولية لا سيما القانون الاتحادي المتعلق بحماية البيئة وتنميتها وقرارات “المنظمة البحرية الدولية” . كما حققت مبادرات حماية البيئة المائية وتعزيز الأمن والسلامة البحرية نجاحاً ملحوظاً في الحد من معدلات الحوادث والمخالفات البحرية وتخفيض الظواهر المسبّبة للتلوث البحري والاستجابة بفعالية للحالات الطارئة .
وتأتي الإنجازات الأولية لتمهد الطريق أمام تجسيد الأهداف الاستراتيجية المرجوة خلال السنوات القليلة المقبلة، وبالأخص فيما يتعلق في دعم عجلة النمو المستدام للقطاع البحري ودعم دور دبي كلاعب رئيس ومحوري في الصناعة البحرية الإقليمية والعالمية، تجسيداً لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله .
استراتيجية وطنية بجهود حكومية متكاتفة
تمثل “استراتيجية القطاع البحري” خطة وطنية متكاملة تمثل تجسيداً للتكامل الحكومي باعتبارها مبادرة مشتركة بين فريق عمل متكامل من أبرز الخبراء والمختصين من 30 هيئة حكومية في الإمارة، بإشراف “سلطة مدينة دبي الملاحية” ودعم الأمانة العامة للمجلس التنفيذي في إمارة دبي .
وتشتمل الجهات المشاركة في الاستراتيجية على كل من موانئ دبي العالمية/سلطة موانئ دبي، ودائرة السياحة والتسويق التجاري، والأحواض الجافة العالمية، وهيئة الطرق والمواصلات، وبلدية دبي، وشرطة دبي، وجمعية ملاك السفن، وهيئة الطيران المدني، وهيئة تطوير الموارد البشرية، وهيئة المعرفة، وجمارك دبي، واللجنة الوطنية للشحن والإمداد، وخفر السواحل، ومؤسسة دبي للإعلام، ومؤسسات دبي العاملة في البترول، والمنطقة الحرة في جبل علي، والهيئة الوطنية للمواصلات، و”تراخيص”، وهيئة مياه وكهرباء دبي، ووزارة التعليم العالي، ومركز دبي المالي العالمي، والدائرة الاقتصادية بدبي، ودائرة أراضي دبي، والدائرة المالية في دبي، والدائرة القانونية في دبي، ودائرة الإقامة والأجانب في دبي، ودائرة الإحصاء في دبي، ووزارة العمل، ووكالة السفن الإماراتية وشركات التطوير العقاري في الواجهات المائية على اختلاف أنواعها ونشاطاتها .
واستجابة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تعزيز تنافسية دبي على الخريطة البحرية العالمية، تواصل الجهات المشاركة في الاستراتيجية العمل على تطوير سلسلة من المبادرات الرائدة الرامية إلى بناء مستقبل بحري آمن ومستدام .
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}

تحليل التعليقات: