هل تعتبر المزادات العقارية نتاجا طبيعيا لما خلفته الأزمة المالية العالمية على الشركات والمستثمرين، ولماذا كثرت خلال الفترة الأخيرة في السوق المحلي، وهل من تأثير لها في أسعار السوق ومجرياته، وهل تعد وسيلة مثلى وأسرع لتسويق العقارات؟ أم أنها باتت طريقة للتخلص من الرهونات العقارية والإيفاء بالمديونيات؟ ولماذا لا يوجد نظام خاص بها بحيث يتم تنظيمها بشكل دوري على أيدي شركات متخصصة؟
أسئلة عدة طرحتها القبس على المعنيين بالشأن العقاري الذين أكدوا أن المزادات التي نراها في السوق منذ فترة هي ظاهرة وقتية ستنتهي بمجرد تسييل العقارات المرهونة والتي تعثر ملاكها في سداد ما عليهم من مديونية تجاه البنوك، كذلك هناك بعض المؤسسات صانعة السوق اتخذت من المزادات وسيلة للتخلص من الضرائب التي وقعت عليها بحكم القانونين رقم 8 و9 لسنة 2008 واللذين فرضا رسوم 10 دنانير على الأراضي الفضاء السكنية التي تزيد على 5 آلاف متر مربع وتمتلكها أي مؤسسة أو فرد، في حين يقتصر دور بعض المزادات كإجراء شكلي فقط، بحيث يتم الاتفاق مسبقا مع المشتري على السعر وتكون جلسة المزاد شكلية.
وأكدوا أن السوق خلال العشر سنوات الماضية شهد عددا محدودا للغاية من المزادات العقارية التي لم تكن تلقى إقبالا على غرار الإقبال الحالي الذي نراه على المزادات، سواء من المنظمين أو الراغبين في الشراء، وذلك نظرا لأن حركة البيع والشراء كانت أكثر مرونة ناهيك عن انتعاش السوق وارتفاع نسب السيولة فيه، فلم تكن هناك دواع ضرورية لتنظيم المزادات، لاسيما وأن البعض كان يخشى من المزادات التي يتم تنظيمها بقرار قضائي لرغبتهم في عدم انتظار إجراءات المحاكم التي تطول لفترات تصل الى أشهر وأحيانا سنوات، أما اليوم فإن تلك المزادات تعد نتاجا طبيعيا لما خلفته الأزمة المالية من شريحة شركات ومستثمرين متعثرين عن الإيفاء بما عليهم من التزامات مالية تجاه البنوك، وباتت تضم فرصا لبعض المستثمرين، لاسيما تلك التي تقيم أسعارها بواسطة إدارة الخبراء، حيث تعد أسعارها مناسبة وغير مبالغ فيها.
وأشاروا إلى تأثير المزادات العقارية المتعددة التي شهدها السوق خلال الفترة الأخيرة في الأسعار، مؤكدين أنها ساهمت في رفع الأسعار وتسعير المناطق، وغيرت من موازين السوق وآليات العرض والطلب، خصوصا أن القائمين على بعض المزادات يضعون السعر الابتدائي للمزاد بناء على رأس المال المدفوع مسبقا، بالإضافة إلى الأرباح التي كان يجب تحقيقها وهو الأمر الذي جعل الكثير من العقارات تباع في تلك المزادات بأسعار أعلى من أسعار السوق، مما كان له انعكاس مباشر في زيادة أسعار العقارات المجاورة والمماثلة في المواصفات.
وأما بعض المزادات التي أجريت على العقارات التجارية فقد أكد خبراء السوق أن العقار التجاري بطبعه ثقيل في التسويق ولا يجد بسهوله من يرغب في شرائه نظرا لارتفاع سعره مقارنة بالعقارات الاستثمارية والسكنية، لذلك لجأت بعض المؤسسات إلى تنظيم المزادات لبيع العقارات التجارية حتى تتمكن من توفير مشترين لها بسرعة بغية عدم انتظار فترة طويلة قد تصل الى سنوات لحين إيجاد المشتري الراغب في الشراء.
وأضاف خبراء العقار انه يفترض أن تكون هناك جهات متخصصة في طرح العقارات بالمزاد العلني بشكل منتظم، ولكن وفقا للمعايير المتبعة عالميا في المزادات بحيث تطرح العقارات في المزادات بأقل من سعر السوق، حتى ينتهي السعر على سعر يوازي السعر السوقي للعقار وليس بأغلى من سعر السوق، حتى لا يتم الإضرار بالسوق وبالمتعاملين فيه.
وأكدوا أن السوق العقاري المحلي يعاني ومنذ فترة طويلة من ارتفاع غير مبرر للأسعار وهو ما تسبب في تدني العوائد بشكل ملحوظ، حيث شهدت عوائد العقار تراجعا خلال السنوات الخمس الماضية بنسب بين %50 و%60 من 13 و10 في المائة في السابق إلى نحو يتراوح ما بين %4 و%6 والسبب الرئيسي في ذلك هو ارتفاع الأسعار، لذلك يجب على الجهات المعنية بالسوق ضرورة مراقبة أي تدخل يدفع في اتجاه مزيد من التضخم في الأسعار، خصوصا أن السوق لم يعد يحتمل المزيد من الارتفاع، لذلك لا بد من إحكام الرقابة على تلك المزادات وإلزام القائمين عليها بالتقييد بأسعار ابتدائية تقل عن أسعار السوق.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: