تأسيس شركة للنطاق العريض يساعد على تقديم خدمة انترنت منخفضة التكلفة وعالية السرعة

خلال الأعوام الماضية شهدت السلطنة نموا قويا في استخدامات تقنية النطاق العريض للنفاذ إلى خدمات شبكة الإنترنت المتنقلة ( بواسطة الحاسب المحمول والهاتف النقال ) ولكنها تخلفت عن بعض البلدان في المنطقة في مجال توافر النطاق العريض الثابت.

في أكتوبر 2013 أصدر مجلس الوزراء قرارا بتأسيس شركة جديدة تتولى توفير البنية الأساسية (التحتية) لخدمات النطاق العريض لكل المواطنين والمقيمين بالسلطنة.

وقد بدأت هذه الشركة الجديدة ( الشركة العمانية للنطاق العريض) عملها في يناير هذا العام.

وفي مقابلة حصرية نشرتها الشقيقة عمان أوبزيرفر تحدث الرئيس التنفيذي للشركة سعيد المنذري حول المساهمة الإجمالية لتقنية النطاق العريض في الاقتصاد الوطني بجانب هيكل ورؤية الشركة.

وكانت دراسة قد أجراها البنك الدولي مؤخرا قد توصلت إلى أن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل شهدت نموا اقتصاديا يرتبط بازدياد معدل انتشار استخدام تقنية النطاق العريض على المستوى الوطني .

ووجدت الدراسة أن الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان شهد نموا متسقا مع هذا الانتشار بمعدل 1.38% لكل زيادة بنسبة 10% في انتشار أو نفاذ هذه التقنية على امتداد البلد. وقد تفاعلت اقتصادات هذه البلدان إيجابا مع التحول الذي حدث في الطريقة التي يتواصل بها الناس و أسلوب تقديم بعض الخدمات الرقمية بعد توظيفها لتقنية اتصالات النطاق العريض عالية السرعة.

وقد دفع الأثر الاقتصادي والاجتماعي العالمي لشبكة الإنترنت بالأمم المتحدة إلى اعتبار التمتع باستخدام تقنية النطاق العريض أحد الحقوق الأساسية للإنسان إلى جانب حق الحصول على الغذاء والكهرباء والماء النقي والمأوى. وقد تمكنت دراسات عديدة من تحديد الأثر الاقتصادي الإيجابي لتقنية النطاق العريض في جانب إيجاد الوظائف.

فعندما تستخدم هذه التقنية يتم تقديم بعض الخدمات بكفاءة أعلى بحيث يحدث تغييرا في نوعية الخدمات المتاحة ووظائف من يقدمونها.

إن الخدمات الرقمية المرتكزة على النطاق العريض تؤثر على الاقتصاد. ففي حين أن الخدمات الرقمية قد تؤدي إلى فقدان وظائف تقليدية إلا أنه يتم استحداث عدد أكبر من الوظائف الجديدة لتقديم هذه الخدمات الرقمية. فمثلا ربما تُفقَد وظائف بمكتب البريد مع اتجاه الناس إلى إرسال عدد أكبر من الرسائل الإلكترونية وعدد أقل من الرسائل الورقية التقليدية. ولكن سيتم إيجاد المزيد من الوظائف لتيسير خدمة البريد الإلكتروني.

وقد توصلت دراسة أجرتها مؤخرا شركة مكنزي للأبحاث في الولايات المتحدة إلى أن تقنية النطاق العريض توجد2.6 وظيفة مقابل كل وظيفة يتم فقدانها. إن استحداث وظائف جديدة هو أحد الطرق التي يمكن أن يساهم بها النطاق العريض في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وفي هذا السياق تأسست الشركة العمانية للنطاق العريض باستراتيجية تهدف إلى إنشاء بنية أساسية لاستخدامات تقنية النطاق العريض على مستوى السلطنة. وتشمل خطة الشركة سلسلة من الخطوات مثل استلام أسلاك الألياف البصرية التي قامت بتمديدها شركة حيا للمياه والتي تمر الآن بحوالي 80 ألف مسكن تقريبا في مسقط. .

وتخطط الشركة أيضا لتخصيص أموال من أجل ربط المناطق الريفية عبر الأقمار الصناعية والتقنيات الأخرى القابلة للتطبيق. ويقول المنذري إن الشركة ستقدم بنية أساسية معقولة التكلفة للنطاق العريض لتيسير استخدام شبكة الإنترنت عالية السرعة لكل المواطنين والمقيمين ومؤسسات الأعمال بالسلطنة.

ويقول إن الشركة العمانية للنطاق العريض ستقدم بذلك منافع اقتصادية واجتماعية تتسق مع رؤية الحكومة في بناء اقتصاد مستدام في الأجل الطويل.

وبحسب المنذري فإن “ السبيل إلى ضمان تحقيق أثر إيجابي على الاقتصاد هو وجود كيان مثل الشركة العمانية للنطاق العريض يرغب في توظيف أسلاك الألياف البصرية وتوصيلات الأقمار الصناعية لربط كل المواطنين والمقيمين بالسلطنة.” ويضيف قائلا “بمجرد أن نكمل إقامة البنيات الأساسية الجديدة سنقوم ببيع خدمة التوصيلات إلى مشغلي الاتصالات مثل عمانتل والنورس كي تتولى تقديم الخدمات عالية السرعة في كل ربوع عمان. نحن الآن نشرف على نقل أسلاك الألياف البصرية من شركة حيا إلى عهدة شركتنا الجديدة ونعمل على تشغيل الأسلاك الموجودة بأسرع ما يمكن في مسقط.

وفي عام 2015 سنبدأ في إقامة البنية الأساسية لمناطقنا الخاصة بنا خارج العاصمة.” ويقول المنذري في حين أن دور الشركة محصور في معظمه على إنشاء وإدارة البنية الأساسية المادية للنطاق العريض مثل أسلاك الألياف البصرية و أبراج الإرسال إلا أن الشركة ستعمل أيضا في مجال البنيات الأساسية النشطة في المناطق الريفية .

ويقول المنذري : في محافظة مسقط سنواصل إقامة شبكة الألياف البصرية التي بدأتها شركة حيا ونخطط لتغطية 90% من المحافظة بحلول عام 2021. كما نخطط أيضا للعمل مع مقدمي خدمات المرافق الأخرى للتقليل من تكاليف الإنشاءات المدنية من خلال الاستفادة المشتركة من الحفريات خصوصا مع مشاريع الكهرباء والمياه.

وذلك ما سيعجل بنشر خدماتنا ويقلل من التأثير السلبي على حركة السير والمواطنين والمقيمين.” ويضيف الرئيس التنفيذي إن شركة عمان للنطاق العريض ستنشئ شبكة موصولة بالأقمار الصناعية للمناطق الريفية التي لا يوجد بها نطاق عريض حتى تتمكن عمانتل والنورس من تقديم خدماتهما لأهل الريف.

وقال إن الشركة تعمل تحت إشراف وزارة النقل والاتصالات إلى أن يتم تشكيل مجلس إدارتها. وتمول الحكومة الشركة في الوقت الحالي ولكن في المستقبل ربما سيفتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في رأسمالها. ويقول إن المساعدة المالية من الحكومة بالغة الأهمية لإنشاء شركة بنيات أساسية بهذا الحجم لأن العائدات من الاستثمار ستأخذ وقتا طويلا قبل أن تتحقق كما يصعب الحصول على الاستثمار الخاص.” ويقول المنذري إنهم نفذوا دراسة تحليلية لنفقاتهم المتوقعة وقدموا نتائج الدراسة إلى الحكومة لمراجعتها.

“ إننا في الوقت الراهن نحصل على التمويل من وزارة المالية عبر وزارة النقل والاتصالات.

وقد بدأنا في تلقي هذا التمويل مع بداية هذا العام.” وحول خارطة الطريق الخاصة بالشركة يقول الرئيس التنفيذي إنهم يتوقعون بنهاية العام الحالي أن تكون لديهم فكرة واضحة حول حجم العمل التشغيلي الممكن ومقدار الدعم الذي يمكن أن يقدموه لمشغلي خدمات الاتصالات مثل عمانتل والنورس.

ويتوقع المنذري حدوث تحول كبير في البنية الأساسية للاتصالات في السلطنة في الأعوام الخمسة أو الستة القادمة حيث ستيسر تقنية النطاق العريض خدمات الحكومة الرقمية ( الإلكترونية) بما في ذلك الصحة الرقمية والتعليم الرقمي.

ويقول إنه سيكون سعيدا إذا حققت الشركة هدفها في التشغيل التجاري لتوصيلات الألياف البصرية الموجودة حاليا من خلال إتاحتها لشركات الاتصالات بنهاية العام الأول لعمل الشركة. ويقول انهم يركزون اهتمامهم أيضا على تكوين الشركة وتعيين موظفيها وإكمال أهدافهم لهذا العام في حين أن عملهم التنفيذي الموسع سيبدأ في العام القادم.

وقد دشنت الشركة مؤخرا مسابقة بالاشتراك مع مجلس البحث العلمي . وستنشر على الموقع الإلكتروني للمجلس مواضيع تتعلق بتقنية النطاق العريض للباحثين والطلاب يوم 15 يونيو الجاري . وهناك إمكانية حصول أصحاب المواضيع الفائزة على تمويل من المجلس لإجراء مشروع بحثي أكبر في المستقبل .