نبض أرقام
03:59 م
توقيت مكة المكرمة

2025/05/16
2025/05/15

ملخص دراسة: هل صدمات أسعار النفط مهمة؟.. قياس تأثير الإنفاق الحكومي على نمو القطاع غير النفطي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

2024/02/04 بيان صحفي
د. يوسف محمد سعيدي

د. يوسف محمد سعيدي

مستشار اقتصادي بالمجلس النقدي الخليجي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية

 

د. عاطف صالح الرشيدي

الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي

 

تتطلع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (البحرين، الكويت، قطر، السعودية، عمان، الإمارات العربية المتحدة) إلى تسريع التحول الاقتصادي من خلال تبني عدة سياسات اقتصادية منها الانفاق الرأسمالي وتحفيز الاقتصاد غير النفطي بما ينسجم مع الأهداف المستقبلية (رؤية السعودية 2030، رؤية عمان 2040، إلخ). وتجدر الإشارة إلى أن الإنفاق الحكومي يعتبر تاريخيا من أهم أدوات السياسة المالية بدول المجلس بعيداً عن الاعتماد مباشرة على الضرائب كما هو الحال بأغلب الدول النفطية.

 

وفي ظل التقلبات الحادة في أسعار النفط واعتماد الإنفاق الحكومي بدول المجلس بشكل كبير على الإيرادات النفطية فإن دراسة أثر الإنفاق الحكومي الجاري والرأسمالي على زخم التنويع الاقتصادي بهذه الدول تحتاج إلى مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار مصدر تقلبات أسعار النفط واتجاهاتها.

 

يمثل الإنفاق الحكومي، بنوعيه الجاري والرأسمالي، أحد بنود الناتج المحلى الإجمالي. حيث أن زيادة الإنفاق الحكومي تؤدي إلى زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات وبذلك يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الممثل للنمو الاقتصادي تطبيقا لما يسمى نظريا بالمضاعف المالي. ولقياس الأثر المباشر للسياسة المالية التوسعية على النمو الاقتصادي عبر الإنفاق الحكومي أو خفض الضرائب، تم طرح نظرية "مضاعف العمالة" في الثلاثينات من القرن العشرين الماضي على يد الاقتصادي البريطاني "ريكارد خان" في مقالته المنشورة عام 1931م بعنوان "علاقة الاستثمار المحلي بالبطالة"، ثم بعده نظرية "مضاعف الاستثمار" على يد الاقتصادي البريطاني "جون ماينارد كينز " في كتابه الشهير "النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود" المنشور عام 1936م والذي يشير فيه إلى أن الزيادة الإجمالية في الدخل أو الإنتاج أو العمالة تتضاعف كنتيجة للزيادة الأصلية في الأصول المستثمرة.

 

لقد هدفت هذه الدراسة إلى قياس أثر الإنفاق الحكومي على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بناء على مجموعة جديدة من المضاعفات المالية المقدرة. في هذا الإطار، وناقشت أهمية أوجه عدم التناسق في تقلبات أسعار النفط في مدى تأثير الإنفاق الحكومي على نمو القطاع غير النفطي. وكفرضية لأوجه عدم التناسق، قامت الدراسة بالتمييز بين أربع حالات: بين صدمات أسعار النفط الناجمة عن العرض وتلك الناجمة عن الطلب وكذلك بين صدمات أسعار النفط الإيجابية والصدمات السلبية باعتماد التعريفات الاتية:

 

- صدمة الطلب على النفط: تنتج عن تغير أسعار النفط ومجموع إنتاجه العالمي في نفس الاتجاه.


- صدمة عرض النفط: تتولد عن طريق تغير أسعار النفط ومجموع إنتاجه العالمي في اتجاهين متعاكسين.


- صدمات أسعار النفط الإيجابية: تنتج عن ارتفاع الأسعار والصدمات السلبية تنتج عن انخفاضها.

 

وتضمنت الدراسة تغيرات أسعار النفط حسب التصنيفات أعلاه، فمثلا في السنوات 1981، 1982 و1983 انخفضت أسعار النفط بفعل انخفاض الطلب. بينما سنة 2022 وسنة 2008 ارتفعت أسعار النفط على التوالي بفعل تزايد ارتفاع الطلب.

 

وبناءً على ذلك، تم حساب ومقارنة المضاعفات المالية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (فضلاً راجع الأشكال المرفقة) باستخدام دوال الاستجابة النبضية (Impulse Response Functions, IRF) لنموذج الانحدار الذاتي المتجه (Vector Autoregression, VAR) لكل دولة من دول مجلس التعاون، ولنموذج لوحة الانحدار الذاتي المتجه (Panel VAR) لدول مجلس التعاون الستة مأخوذة كمجموعة واحدة، خلال الفترة الممتدة من سنة 1980 إلى سنة 2022.

 



المصدر: المؤلفون

 

وأظهرت نتائج الدراسة أن:

 

- زيادة الإنفاق الحكومي الجاري والرأسمالي تؤدي إلى زيادة أعلى في الناتج المحلي غير النفطي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أثناء فترات التحسن في أسواق النفط وخاصة تلك المدفوعة بالطلب العالمي.


- الإنفاق الرأسمالي (بمضاعف متوسط من 0.2 إلى 0.6) له تأثير أكبر على نمو الناتج المحلي غير النفطي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مقارنة بالنفقات الجارية (بمضاعف متوسط من 0.1 إلى 0.2). علاوة على ذلك، فإن النفقات الجارية بدول البحرين والكويت وعمان وقطر ليس لها تأثير ملموس.


- بالنسبة لمملكة البحرين، يكون أثر الإنفاق الرأسمالي كبيراً على نمو الناتج المحلي غير النفطي خلال فترات الركود في أسواق النفط (من 0.3 إلى 0.7) وكذلك حينما تكون التغيرات في أسواق النفط ناتجة عن شح في العرض (من 0.3 إلى 1.3).


- بالنسبة لدولة الكويت، يبدو أن تأثير مضاعفات الإنفاق الرأسمالي (من 1.8 إلى 3.7) مرتفعاً في فترات تحسن سوق النفط الناتجة عن شح في العرض.


- في المملكة العربية السعودية، تعتبر كلا مضاعفات النفقات الرأسمالية (من 0.1 إلى 0.2) ومضاعفات النفقات الجارية (من 0.1 إلى 0.5) ذات أهمية. إلا أن نتائج الدراسة تبين أن مضاعفات الإنفاق الجاري تكون منخفضة نسبياً خلال فترات الركود في أسواق النفط، بينما تكون مرتفعة نسبياً خلال فترات التحسن في أسواق النفط الناتجة عن صدمات الطلب.


- في دولة عمان، يلاحظ من خلال نتائج الدراسة أن مضاعفات الإنفاق الرأسمالي تبدو متوسطة إلى مرتفعة في كل الفترات (من 0.1 إلى 0.7)، باستثناء فترات الركود في أسواق النفط ووقتما تكون تغيرات أسعار النفط مدفوعة بالعرض.


- في دولة قطر، يستنتج من خلال الدراسة أن مضاعفات الإنفاق الرأسمالي (من 0.8 إلى 1.7) تبدو مرتفعة، باستثناء فترات تحسن أسعار النفط الناتجة عن شح في العرض.


- في دولة الإمارات العربية المتحدة، يستخلص من نتائج الدراسة أن مضاعفات الإنفاق الرأسمالي (من 0.1 إلى 0.2) ومضاعفات الإنفاق الجاري (0.3 إلى 0.6) لها تأثير ملموس خلال فترات الركود في أسواق النفط.

 

تستنتج الدراسة بشكل عام أن التحكم في الإنفاق الجاري وتعزيز الإنفاق الرأسمالي يمكن أن يسمحا لزيادة التوسع المالي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مما يؤدي إلى تأثير أقوى على النشاط الاقتصادي غير النفطي. على المدى المتوسط، كما نستنتج من خلال الدراسة أن الدعم الحكومي لاستثمارات رأسمالية موجهة بعناية قد يساهم في تعزيز قوي للقطاع غير النفطي، فضلاً عن أن الإصلاحات الضريبية الأساسية قد تساعد أيضاً في تحسين استدامة المالية العامة وخفض تذبذباتها. كل هذه الخلاصات تبين أن استخدام الإنفاق الرأسمالي الحكومي المُنتج قد يشكل أداة أساسية وفعالة لتحقيق الأهداف التنموية الاستراتيجية لخطط التنمية الوطنية لدول المجلس من خلال زيادة الإنتاجية المحلية وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.