تحظى التعاملات والعقود التي تُبرم بين الشركات المدرجة وأطراف ذوي علاقة باهتمام واسع في البيئة التنظيمية للسوق المالية السعودية، وذلك بالنظر إلى ما تنطوي عليه من حساسية خاصة تتعلق بحقوق المساهمين ومبدأ العدالة في السوق، إذ تُعد هذه التعاملات من أبرز المواضيع التي تعكس مدى التزام الشركات بممارسات الحوكمة الرشيدة، ومدى فاعلية الأنظمة في تعزيز الشفافية والثقة.
وتنص اللوائح التنظيمية المعمول بها في السوق المالية السعودية على عدد من الضوابط الدقيقة التي تهدف إلى تنظيم هذه التعاملات بما يحفظ مصالح المساهمين، وتشمل هذه الضوابط تفعيل مشاركة المساهمين في اتخاذ القرار من خلال التصويت في الجمعيات العامة، ولا سيما فيما يتعلق بصفقات مع أطراف ذوي علاقة، حيث يُمنع الطرف المعني من التصويت على الصفقة التي يكون طرفاً فيها، لضمان حيادية القرار ومنع تضارب المصالح.
وفي إطار تمكين المساهمين وتعزيز مشاركتهم، حرصت هيئة السوق المالية على تنظيم عمليات التصويت الإلكتروني، ما أتاح للمستثمرين إمكانية التصويت عن بُعد، وساهم في توسيع نطاق المشاركة وتحسين كفاءة وشفافية عمليات اتخاذ القرار داخل الشركات المدرجة.
وعلى الرغم من أن الجمعية العامة للشركة تملك الصلاحية النظامية للموافقة على هذه التعاملات، إلا أن الأنظمة لا تعتبر هذه الموافقة كافية لإعفاء الأطراف ذات العلاقة من المسؤولية، خصوصاً إذا ما ثبت وجود تضليل، أو إخفاء معلومات جوهرية، أو ممارسات تؤثر سلباً على الشركة أو مساهميها. كما أن اللوائح تتيح للمساهمين الذين يمتلكون 5% أو أكثر من رأس مال الشركة حق اللجوء إلى القضاء لطلب المساءلة النظامية عند حدوث مخالفات أو تقصير من جانب مجلس الإدارة أو التنفيذيين.
وتتضمن الأطر التنظيمية القائمة متطلبات إفصاح دقيقة ووقائية، بالإضافة إلى التأكيد على دور اللجان المتخصصة – مثل لجنة المراجعة ولجنة الحوكمة – في فحص التعاملات مع الأطراف ذوي العلاقة قبل الموافقة عليها. كما تُشترط أن تكون هذه اللجان مستقلة وغالباً من غير التنفيذيين، لضمان الموضوعية والحيادية في التقييم. ويُطلب كذلك من الشركات اعتماد أنظمة رقابة داخلية فعّالة، وتفعيل عمليات تدقيق داخلي وخارجي منتظمة، تُرفع نتائجها إلى الجهات المختصة داخل الشركة، بما في ذلك الجمعية العامة.
ويُنظر إلى هذه التنظيمات كجزء لا يتجزأ من جهود تطوير السوق المالية السعودية، ورفع جاذبيتها الاستثمارية، من خلال تعزيز معايير الشفافية والحوكمة، وتحقيق مستويات أعلى من الثقة بين الشركات والمستثمرين. كما يعكس هذا الإطار التنظيمي التزام المملكة بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الحوكمة، بما يتسق مع مستهدفات رؤية 2030 التي تسعى إلى تحويل السوق المالية السعودية إلى واحدة من أكثر الأسواق كفاءة وجاذبية على المستوى الدولي.
ويقصد بالأطراف ذوي العلاقة الأفراد أو الجهات التي تربطها بالشركة علاقة مباشرة أو غير مباشرة، مثل أعضاء مجلس الإدارة، وكبار التنفيذيين، والشركات التابعة أو الزميلة، أو أي طرف يمتلك قدرة مؤثرة على قرارات الشركة. ويُعد تحديد هذه الأطراف بدقة أحد المتطلبات الجوهرية لضمان شفافية الإفصاح عن التعاملات ذات الصلة، والحد من أي ممارسات قد تؤثر سلباً على نزاهة القرارات أو تخل بمبدأ العدالة بين المساهمين في السوق المالية.
الجدير ذكره بأن هيئة السوق المالية قامت بإعداد دليل توعوي يوضح للمساهم حقوقه في جمعيات المساهمين في الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية.
للاطلاع على دليل حقوق المساهمين اضغط هنا.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: