نبض أرقام
11:32 م
توقيت مكة المكرمة

2025/09/12

درس من وادي السيليكون: الابتكار الحقيقي يبدأ من العميل

2025/09/12 أرقام

- في مقبرة وادي السيليكون المترامية الأطراف، حيث تُدفن أحلام آلاف المنتجات التقنية، يطرح سؤال جوهري: لماذا تفشل معظم الأفكار الواعدة؟ وهل من وصفة علمية لتجنب هذا المصير؟

 

- وهنا يقدم مارتي كاجان، الذي يُوصف بـ"الأب الروحي" لإدارة المنتجات الحديثة، إجابات شافية في كتابه الأيقوني "مُلهم: كيف تبتكر منتجات تقنية يحبها العملاء"، راسماً خارطة طريق واضحة للنجاة.

 

- يعود كاجان في هذا الإصدار برؤية أكثر نضجاً وعمقاً، مركزاً على محورين حاسمين: أولهما تحديد المهام الجوهرية لمدير المنتج لإنهاء حالة الغموض التي تكتنف دوره.

 

- وثانيهما، كيفية بناء ثقافة منتج حقيقية، قادرة على استكشاف المشكلات الجوهرية للعملاء وحلها ببراعة استثنائية.

 

كاجان يضع إصبعه على جرح القطاع التقني

 

 

- قبل أن يقدم كاجان العلاج، يشخص أسباب الداء بجرأة، معتبراً أن النهج التقليدي المسمى بـ "نموذج الشلال" ليس سوى وصفة مؤكدة للكارثة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- يبدأ هذا النموذج، الذي ما زالت تتبناه شركات كبرى، بخرائط طريق مثقلة بالميزات وينتهي بمنتجات فاشلة، لا يلتفت إليها أحد. ويُفنّد كاجان الأساطير التي بُني عليها هذا النموذج عبر بعض الحقائق الصادمة، أبرزها:

 

وهم دراسات الجدوى: يؤكد كاجان أن ركيزتي دراسة الجدوى -توقعات الأرباح وتقديرات التكلفة- هما في الواقع ضربٌ من التنجيم في المراحل المبكرة، فلا يمكن معرفة حجم الإيرادات قبل إيجاد حلّ يثبت قيمته، ولا يمكن تقدير التكلفة الحقيقية قبل فهم تعقيدات التنفيذ.

 

خرافة خرائط الطريق: تتمثل الحقيقة الصادمة، كما يطرحها الكتاب، في أن نصف أفكارنا على الأقل مآلها الفشل. لذا، فإن خرائط الطريق المفصّلة لعام كامل ليست سوى قائمة من الأوهام. وحتى الأفكار الناجحة تحتاج إلى دورات تحسين متعددة قبل أن تحقق قيمة فعلية.

 

تهميش العقول المبدعة: في النموذج التقليدي، يُعامل مدير المنتج كـ "جامع للمتطلبات"، بينما يُستدعى المصممون والمهندسون بعد فوات الأوان. يحذر كاجان من أن هذا النهج يهدر أهم مصادر الابتكار: عقول المهندسين التي لا تقتصر قيمتها على كتابة الأكواد.

 

التركيز على المخرجات لا النتائج: تُموّل الشركات "المشروعات" وتدفعها على خط الإنتاج، وتأمل خيرًا. لكن كاجان يوضح الفارق الجوهري: المشاريع هي "مخرجات"، بينما الهدف الأسمى هو تحقيق "نتائج" ملموسة، مثل زيادة الإيرادات أو كسب ولاء العملاء.

 

تجاهل العميل حتى اللحظة الأخيرة: يوضح كاجان أن الخلل الأكبر في نموذج الشلال هو تكديس كل المخاطر في نهاية العملية، حيث يأتي التحقق من قبول العميل بعد فوات الأوان. والصواب، كما يرى، هو أن يكون استطلاع رأي العميل عملية مستمرة تبدأ مبكرًا وتتكرر دائمًا.

 

الوصفة الثورية: من الشلال إلى الاستكشاف المستمر

 

- للخروج من هذا المأزق، يطرح كاجان فلسفة جديدة ترتكز على ثلاثة مبادئ ثورية تقلب الطاولة على التفكير التقليدي:

 

- عالج المخاطر أولاً، وليس أخيرًا.

 

- ابنِ المنتجات بشكل تشاركي، لا تتابعي.

 

- ركّز على حل المشكلات، لا على تنفيذ الميزات.

 

- تُترجم هذه المبادئ إلى منهجية عملية تُعرف بـ"الاستكشاف والتسليم المستمر"؛ فبدلاً من خطوات نموذج الشلال المعقدة، يختزل كاجان العملية في دورة سريعة ومتكررة: الأهداف ← الاستكشاف ← التسليم.

 

- وتهدف هذه الدورة إلى أن تكون بمثابة اختبار حاسم يجيب على أربعة أسئلة مصيرية بأسرع وقت ممكن:

 

القيمة: هل سيقتنع العميل بالمنتج ويدفع مقابله؟

 

قابلية الاستخدام: هل سيتمكن من استخدامه بسهولة؟

 

الجدوى الفنية: هل يستطيع فريقنا التقني بناءه؟

 

الجدوى التجارية: هل يخدم هذا المنتج أهداف شركتنا؟

 

صندوق الأدوات: تقنيات لبناء منتجات تلقى رواجًا

 

 

- لا يكتفي كاجان بالتنظير، بل يزود القارئ بصندوق أدوات عملي؛ فبدلاً من خرائط الطريق التقليدية، يدعو إلى استخدام أدوات توفر سياقًا تجاريًا، كرؤية المنتج وأهدافه. ولتأطير عملية "الاستكشاف"، يقترح تقنيات فعّالة، منها:

 

تقييم الفرصة: وهي أداة موجزة تجبر الفريق على تحديد الهدف التجاري، والمشكلة، والسوق المستهدف قبل كتابة أي سطر برمجي.

 

رسالة العميل: يشير كاجان إلى نهج أمازون الفريد، حيث تبدأ عملية التطوير بكتابة بيان صحفي افتراضي يصف المنتج النهائي بعيون العميل، وهي تقنية تجبر الفريق على التفكير في القيمة من اليوم الأول.

 

لوحة الشركة الناشئة: وهي أداة مثالية لرسم نموذج العمل المتكامل للمشاريع الجديدة، من الفكرة وحتى قنوات التوزيع.

 

- كما يشدد كاجان على أهمية "اختبار القيمة" مبكرًا، مؤكدًا أن مجرد تقليد المنافسين لا يكفي لإغراء العملاء، بل يجب أن يكون منتجك أفضل وخارج المنافسة.

 

- ويقترح لذلك طرقًا سريعة ورخيصة لاختبار الطلب، مثل إطلاق صفحة بسيطة لقياس اهتمام المستخدمين قبل استثمار موارد ضخمة في المنتج.

 

هل كتاب "مُلهم" لا غنى عنه؟

 

- أبدع مارتي كاجان في تقديم هذه النسخة المحدثة، التي تتجاوز كونها مجرد كتاب لتصبح مرجعًا شاملًا ومنهجية عمل متكاملة.

 

- سواء كنت مديرًا ناشئًا أم خبيرًا متمرسًا، يقدم لك هذا الكتاب رؤى ثاقبة وأدوات عملية لتجنب مقبرة الفشل وصناعة منتجات لا تكتفي بالنجاح، بل يعشقها العملاء.

 

- إنه ليس كتابًا يُقرأ مرة واحدة، بل هو دليل استراتيجي، يكشف أسرار إتقان هذا الفن المعقد.

 

المصدر: ميديام

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.