نبض أرقام
04:54 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/10/05
2025/10/04

محبوب الحق .. الاقتصاد بمعناه الإنساني

2025/10/02 أرقام - خاص

ذات مساء من العام 1947، كان "محبوب الحق" يقف في ظل منزله في البنجاب يراقب الأفق المشتعل بالفوضى التي رافقت استقلال الهند وتقسيمها مع باكستان. ارتبك وخاف، شأنه شأن الأطفال حين تنقلب الجغرافيا والوجوه فجأة، وظل سؤال العدالة والمصير يطارده طوال حياته: كيف يمكن للاقتصاد أن ينقذ الناس من الخوف والفقر؟


 

النشأة والتعليم

- بعد أن كبر "محبوب الحق" وترعرع وسط تحديات المجتمع الجديد، شق طريقه إلى "كامبريدج" ثم "ييل" و"هارفارد"، ليكتسب أدوات التحليل الأكاديمي ويواجه النظريات الجامدة بقوة الفكرة والجرأة، ولم يكن مجرد طالب متميز، بل عقل يبحث عن معنى أكبر للاقتصاد في حياة الناس.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

تخطيط باكستان

- عاد "محبوب الحق" إلى بلاده بعزم إصلاحي، فقاد لجنة التخطيط الباكستانية في الستينيات خلال "الخطة الخمسية الثانية"، والتي صنفت حينها قصة نمو مبهرة عالمياً بعدما حققت البلاد طفرة نمو اقتصادي عالمية استرعت انتباه المؤسسات الدولية، لكن "محبوب" لم يكتف بالانبهار، بل شرع ينتقد غياب العدالة في توزيع هذه المكاسب.

 

تحدي الكبار

- في لحظة جريئة، أصدر "محبوب الحق" تقارير محلية ودولية تكشف احتكار 22 أسرة للثروة والأعمال الصناعية في ستينيات باكستان، ولم يخشَ مواجهة أصحاب النفوذ، مؤمناً أن النمو الصحيح لا يكتمل دون تحقيق الإنصاف الاجتماعي ومكافحة الفقر والأمية.

 

مكافحة الفقر

- بين عامي 1970 و1982، عمل "محبوب الحق" لدى البنك الدولي، وشارك في صياغة سياسات مكافحة الفقر حول العالم مع "روبرت ماكنمارا"، الرئيس الخامس لمجموعة البنك الدولي، كما عارض المنهجيات القديمة، ليركز جهده على وضع الإنسان في صميم التنمية بدل الاقتصاد المجرد، داعياً إلى سياسات تشمل التعليم والصحة وتقليص الفجوات الاجتماعية.

 

صداقة فكرية 

- برزت شراكة فكرية عميقة مع الاقتصادي الهندي "أمارتيا سن"، الحائز على جائزة نوبل، حيث بدأت علاقتهما من أروقة "كامبريدج"، وتطورت إلى تعاون حي في الأمم المتحدة عند صياغة تقارير التنمية البشرية، ليشكل حوارهما المستمر حول العدالة وحقوق الإنسان منطلقًا لاستثمار قدرات البشر وصناعة الفرص بدل الاكتفاء بتعظيم نتائج المؤشرات.

 

صياغة الحلول

- عاد "محبوب الحق" إلى باكستان ليشغل مناصب وزارية: التخطيط، المالية، التجارة، وعبر هذه الوظائف، طوّع السياسات لتخدم الشرائح الفقيرة، وأعاد رسم خارطة الأولويات الحكومية على أساس العدالة وتكافؤ الفرص، ولم ينجر خلف المسارات التقليدية للنمو، ودعا بلا كلل إلى السلام بين الهند وباكستان؛ والاستثمار في التعليم والصحة لجميع الأفراد دون أي تمييز.

 

 

التنمية البشرية

- في التسعينيات، خلال عمله الاستشاري بالأمم المتحدة، قدم "محبوب الحق" للعالم المفهوم الثوري: "مؤشر التنمية البشرية" (HDI)، حيث عارض اختزال التقدم في الناتج المحلي أو الحسابات المالية، وأصرّ على دمج التعليم، والصحة، ومستوى الدخل في معيار موحد يحقق مقارنة عالمية إنسانية عادلة.

 

أثر عالمي

- اعتمدت الأمم المتحدة والمؤسسات العالمية مؤشر "محبوب الحق"، ليصبح معياراً رسمياً لقياس جودة الحياة وليس فقط عوائد الإنتاج، حيث استخدم قادة وحكومات هذه المؤشرات من أجل ترتيب أولوياتهم وتعديل استراتيجياتهم لتستهدف الإنسان أولًا، وليس الربح فقط.

 

طرفا نقيض

- انتقدته قوى السوق الحرة اليمينية لكونه تدخليًا للغاية، تحت ذريعة تطويع الأسواق لحل مشاكل اجتماعية، وفي نفس الوقت، انتقده بعض اليساريين المدافعين عن العدالة الاجتماعية لأنه لم يكن جذريًا بما يكفي في دعواته لإعادة الهيكلة والتوزيع، أو مواجهة هيمنة النظم الاقتصادية الرأسمالية العالمية.

 

 

إرث خالد

- حتى وفاته في نيويورك عام 1998، ظل "محبوب الحق" صوتًا مؤثرًا في الحوارات الدولية حول التنمية، قبل أن يترك وراءه مؤلفات وأفكارا رائدة تُدرس حتى اليوم، وتحولت معايير التنمية البشرية إلى ركيزة في تقييم الدول وسياسات الأمم المتحدة، مؤكدًة أن الطريق للتقدم يبدأ من الإنسان لا من الناتج المحلي وحده.

 

سجل مشرف

- أدرج اسم "محبوب الحق" ضمن قائمة خمسين مفكراً رئيسياً في قضايا التنمية، إلى جانب أسماء مثل "كارل ماركس" و"توماس مالتوس" و"المهاتما غاندي"، وقد ورد ذلك في كتاب الباحث "ديفيد سايمون" بعنوان "Fifty Key Thinkers on Development"، الصادر عن دار "روتليدج" في لندن عام 2006.

 

المصادر: أرقام – إندبندنت - معهد باكستان لاقتصاديات التنمية - منصة جيه ستور - أوراق بحثية عدة (منشورة على ريسيرش جيت وأكاديميا دوت إديو) - مدونة لجامعة أكسفورد

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.