على مر التاريخ، ظلت حيازة الذهب تمنح شعورًا بالأمان باعتبارها وسيلة للتحوط في أوقات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي أو الاضطرابات بشكل عام، وفي العام الحالي أصبح المعدن الأصفر من أبرز المستفيدين من حالة من عدم اليقين السياسية والتجارية، التي دفعت البنوك المركزية والمستثمرين للبحث عن ملاذ آمن.
الطلب لا يتوقف
مع تزايد الطلب على المعدن النفيس من قبل المستثمرين القلقين الباحثين عن الأصول الآمنة، تجاوز سعر الذهب مستوى 3 آلاف دولار للأوقية للمرة الأولى على الإطلاق في منتصف مارس، ووصل اليوم إلى 4 آلاف دولار، بعدما سجل إغلاقات قياسية في أكثر من أربعين جلسة خلال العام الحالي حتى الآن.
عوامل داعمة
أوضح "ستيفن إينيس" الشريك الإداري في شركة إدارة الأصول "إس بي آي" SPI أن ارتفاع الذهب بدأ قبل وقت طويل من بداية ولاية الرئيس الأمريكي "ترامب" الثانية لكن المسرح السياسي المحيط بالإغلاق الفيدرالي في واشنطن منحه دفعة جديدة، موضحًا أن الأمر لم يعد يتعلق بالتضخم أو أسعار الفائدة بل بالتآكل البطيء للثقة النقدية.
هل يمكن أن يتوقف الطلب؟
بعد صعود شبه متواصل، قد تلتقط السوق أنفاسها مع سعي المستثمرين لجني الأرباح، أو حال انتهاء إغلاق الحكومة الفيدرالية أو خفض التعريفات الجمركية بصورة كبيرة، والتوصل لاتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، لكن تظل مشتريات البنوك المركزية الركيزة الأساسية التي تدعم الزخم الصعودي للأسعار، وبالتالي قد تؤثر على السوق بصورة أكبر حال قلصت تلك البنوك احتياطاتها.
هل تلتقط أسواق الذهب أنفاسها بعد سلسلة من المستويات التاريخية؟ |
||
المحلل/الجهة |
|
التوضيح |
"أكاشي دوشي" الرئيس العالمي لاستراتيجية الذهب لدى "ستيت ستريت إنفسمنت مانجمنت" |
|
يرى أنه للحفاظ على استمرار ارتفاع أسعار الذهب، يجب أن تستمر التدفقات الداخلة مع تداول الأسعار أعلى 4 آلاف دولار من أجل دعم السوق.
كما يرى أن هناك فرصة لجني بعض الأرباح وتراجع الأسعار، لكن ذلك قد يقتصر على نسبة من 5% إلى 7%.
|
"جيك هانلي" المدير الإداري لدى "تيكريوم" |
|
أشار إلى أن البنوك المركزية العالمية عززت احتياطاتها رغم ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية.
وأوضح في السابق أنه بمجرد وصول الذهب إلى مستوى 4 آلاف دولار – وهو ما سجله اليوم - ربما يشهد السوق استقرارًا لالتقاط أنفاسه وتأسيس مستويات دعم أكثر قوة.
|
رؤى متفائلة
يتوقع "جولدمان ساكس" وصول السعر إلى 4900 دولار للأوقية بحلول أواخر العام المقبل، وتوقع "يو بي إس" استمرار ارتفاع أسعار المعدن الأصفر خلال الأشهر المقبلة، ويرى "دويتشه بنك" أن ارتفاع السعر يبرز مخاوف المستثمرين، في حين دق "بنك أوف أمريكا" ناقوس الخطر.
دق ناقوس الخطر
أوضح "بول سيانا" الخبير الاستراتيجي لدى "بنك أوف أمريكا" أن العديد من المؤشرات الفنية تشير إلى أن الارتفاع القوي للمعدن الأصفر قد يفقد زخمه مع اقتراب الأسعار من مستوى أربعة آلاف دولار، موضحًا مجموعة من الإشارات منها "تشبع الشراء" التي تنذر بفقدان زخم الاتجاه الصعودي للذهب.
شراء مضاربي
رغم إقرار "سيانا" بأن الضغوط الاقتصادية والكلية والتوترات الجيوسياسية دفعت التدفقات نحو الذهب، إلا أنه حذر من تضخم مراكز المضاربة، ومن أن الأسواق قد تشهد تصحيحًا حال ضعف أو تغير أي من العوامل الداعمة أو المعنويات أو فاجأت السياسة النقدية السوق.
تراجع قصير المدى
وأوضح أن المعدن الأصفر ارتفع على مدار سبعة أسابيع متتالية وهو نمط لطالما سبق ضعف الأسعار على المدى القصير، مشيرًا إلى تداول الذهب بنسبة تقارب 21% أعلى المتوسط المتحرك لمئتي يوم، وبحوالي 70% فوق متوسطه المتحرك لمئتي أسبوع، وهي مستويات كانت تعرف في السابق بذروات السوق.
نظرة تاريخية
أشار "سيانا" إلى أنه منذ وصول سعر الذهب إلى مستويات منخفضة في 2015، ارتفع السعر بحوالي 85% بحلول 2020، ثم صحح بحوالي 15% بحلول 2022، ثم ارتفع بنسبة 130% أخرى.
المزيد من الصعود
رغم ذلك يرى "سيانا أن الطفرة الحالية لا تزال أقل مقارنة بما حدث في السبعينيات والألفينيات، مما يشير إلى إمكانية تسجيل المزيد من الارتفاع خلال السنوات القليلة القادمة، مع عدة عمليات تصحيح في منصف الطريق، ونصح بتوخي الحذر مشيرًا إلى مقاومة عند مستوى 4 آلاف دولار، ومحذرًا من احتمال حدوث تراجع قبل الارتفاع التالي نحو 5 آلاف دولار.
الخلاصة
بعدما شهدت أسعار الذهب سلسلة من الارتفاعات المستمرة تجعلها تتجه نحو تسجيل أفضل أداء سنوي منذ عام 1979 عندما ارتفعت بأكثر من 100% خلال فترة من التضخم المرتفع وانخفاض قيمة الدولار، قد تلتقط السوق أنفاسها مع جني المستثمرين لبعض الأرباح ثم تعاود مسيرتها الصاعدة كما يتوقع أغلب المحللين، ويظل التساؤل، متى أو عند أي مستوى سعري تنتهي موجة الصعود الحالية؟
المصادر: أرقام - فورتشن – ماركت ووتش – ياهو فاينانس – وول ستريت جورنال - بلومبرج – نيويورك تايمز
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: