نبض أرقام
12:56 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/11/01
2025/10/31

كيف يقودك عقلك للربح أو للخسارة في سوق الأسهم؟

2025/10/31 أرقام - خاص

يعد طرح قصص نجاح لأشخاص من المشاهير مثل "لاري فينك" أو "وارين بافت" أو "بيتر لينش" ملهمًا للكثيرين لاستكشاف سبل النجاح في سوق الأسهم، ولكن في الوقت نفسه قد يجعل البعض يشعرون بـ"الإحباط" بدعوى أن قصص النجاح تلك استثنائية وغير قابلة للتكرار، لا سيما مع غياب رؤوس الأموال الكبيرة.

 

وعلى الرغم من أن البدء برأس مال كبير يمنح المتداول ميزة نسبية في قدرته على التنويع في الأسهم التي يشتريها بصورة كبيرة وتكوين محفظة أكثر توازنًا واستقرارًا، كما يمنحه أيضًا الفرصة لتنمية رأسماله بصورة أسرع، غير أن كثيرين تمكنوا من تحقيق اختراقات في سوق الأسهم معتمدين على الادخار و"الصبر".

 

 

الاستثمار الطويل الهادئ

 

فطريقة التفكير التي ساعدت هؤلاء المتداولين المشهورين عاونت من هم أقل شهرة ومالاً بل و"علاقات للنجاح في عالم التداول، ليتأكد أن أسلوب التفكير وربما بعض "الحيل العقلية" تبقى حاسمة للغاية في قدرة المتداول على النجاح بالطبع مع قدرته على التحليل الصحيح لسوق الأسهم.

 

ومن الأمثلة على ذلك يبرز "كريس ريف" الذي يعمل في شركة تأمين في ولاية أوهايو، ولم تكن لديه خلفية مالية أو خبرة في التداول، ولكنه قرر القراءة في عالم الاستثمار، واعتمد على أكثر من كتاب ومقال تحليلي من مصادر موثوقة لمعرفة أسس الاستثمار الصحيح وكيفية قراءة قوائم الشركات.

 

وبدأ "ريف" رحلته الاستثمارية في عام 2010، بعد الأزمة المالية العالمية، التي أثرت على الكثيرين ممن يعملون في مجاله (التأمين)، مدفوعًا برغبة في تأمين مستقبل مالي أكثر استقرارًا.

 

واعتمد "ريف" على الاستثمار الشهري المنتظم بمبلغ 500 دولار فقط، وركز على شركات ذات توزيعات أرباح مستقرة مثل "بروكتر أند جامبل" و"جونسون أند جونسون" و"كوكا كولا".

 

وأصر "ريف" على إعادة استثمار الأرباح بشكل منتظم، في نفس الشركات ذات الطبيعة المستقرة التي تقوم بتوزيعات منتظمة للأرباح، واستخدم مداخيله الإضافية (مكافآت العمل وغيرها) باستمرار في رفع قيمة محفظته الاستثمارية، لذا وبعد 13 عامًا من الاستثمار وصلت محفظته إلى أكثر من 450 ألف دولار.

 

متوسط تكلفة الدولار

 

وقرر "ريف" استخدام استراتيجية "متوسط تكلفة الدولار (Dollar Cost Averaging (DCA))، وهي أسلوب استثماري يهدف إلى تقليل تأثير تقلبات السوق على عملية شراء الأصول المالية، مثل الأسهم أو صناديق المؤشرات، من خلال توزيع مبلغ الاستثمار على فترات زمنية منتظمة بدلاً من استثماره دفعة واحدة.

 

 

في هذه الاستراتيجية، يقوم المستثمر بتخصيص مبلغ ثابت من المال، مثل 500 ريال شهريًا، ويستثمره في نفس الأصل المالي بغض النظر عن سعره في السوق في ذلك الوقت.

 

هذا يعني أنه في الأشهر التي يكون فيها سعر السهم منخفضًا، سيشتري عددًا أكبر من الأسهم، وفي الأشهر التي يكون فيها السعر مرتفعًا، سيشتري عددًا أقل. وبهذا، يحصل المستثمر على متوسط سعر شراء أقل على المدى الطويل مقارنةً بمحاولة توقيت السوق.

 

على سبيل المثال، إذا قرر مستثمر استثمار 2,400 ريال على مدار أربعة أشهر، بمعدل 600 ريال شهريًا، وكان سعر السهم في كل شهر كالتالي: 60 ريالا، 48 ريالا، 72 ريالا، و54 ريالا، فإنه سيشتري على التوالي: 10 أسهم، 12.5 سهم، 8.33 سهم، و11.11 سهم. في النهاية، يكون قد اشترى حوالي 41.94 سهم بمبلغ إجمالي 2,400 ريال، ومتوسط سعر شراء يقارب 57.2 ريال للسهم.

 

ومن أبرز فوائد هذه الاستراتيجية أنها تقلل من التوتر النفسي المرتبط بمحاولة توقيت السوق، وتساعد المستثمرين على الالتزام بخطة استثمارية منتظمة، خاصةً لمن لديهم دخل شهري ثابت. كما أنها مناسبة للمبتدئين الذين لا يمتلكون خبرة كبيرة في تحليل الأسواق أو اختيار توقيت الدخول والخروج.

 

"دع القلق وابدأ الحياة"

 

وعلى الرغم من أن كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" للفيلسوف "ديل كارنيجي" يُعرف بأنه دليل للتطوير الذاتي، فإنه يمكن تطبيق أحد أفكاره الأساسية وهي "تقبّل الأسوأ والعمل على تلافيه"، بفاعلية لافتة في عالم الاستثمار في الأسهم.

 

فالقلق والتقلبات جزء لا يتجزأ من التجربة اليومية للمستثمر، حيث يواجه باستمرار احتمالات الخسارة سواء بسبب قرارات خاطئة أو أحداث اقتصادية غير متوقعة.

 

تطبيق هذا المبدأ يعني أن المستثمر يبدأ أولاً بتصور أسوأ سيناريو ممكن – مثل خسارة نسبة كبيرة من قيمة محفظته – بأن يقول لنفسه بأنني سأُبقي على نسبة جيدة من رأسمالي في كل الأحوال تعينني على البدء من جديد بعد التعلم، ثم يعمل بهدوء على تقليل أثر هذا السيناريو عبر استراتيجيات مدروسة.

 

 

الشاهد على أهمية هذا النهج يتجلى في القرارات العقلانية التي يتخذها المستثمر حين يتقبل احتمال الخسارة مسبقاً إذ يتحرر من القيود العاطفية، وينتقل إلى الإجراءات الوقائية، مثل تنويع المحفظة لتقليل المخاطر المرتبطة بسهم أو قطاع معين.

 

كما يمكن الاحتفاظ بجزء من المحفظة في أدوات منخفضة المخاطر، بالإضافة إلى تحديد حد للخسارة لكل صفقة، وهو ما يمنع الانجراف العاطفي في حال تدهور السوق.

 

"حيل عقلية"

 

وفي هذا الإطار، يؤكد "جيم كريمر"، الخبير الاستثماري في مقابلة مع "بلومبرغ" أن العديد من المتداولين الأفراد نجحوا في تطبيق مبدأ "تقبّل الأسوأ والعمل على تلافيه"، وهو ما يتماشى تماماً مع فلسفة كارنيجي.

 

ويشير "كريمر" إلى أن بعض المستثمرين الأفراد الذين دخلوا السوق خلال فترات التقلب الشديدة، مثل أزمة كوفيد أو انهيار أسهم التكنولوجيا، لم ينهاروا نفسياً أو يبيعوا في حالة ذعر كما كان متوقعاً.

 

بل على العكس، كانوا قد خططوا مسبقاً لاحتمالية فقدان نسبة كبيرة من قيمة محافظهم، وتعاملوا مع الأمر بهدوء، واستمروا في الاستثمار أو أعادوا توزيع أصولهم بطريقة أكثر عقلانية.

 

من الأمثلة التي ناقشها كريمر، مستثمر شاب يعرفه شخصيًا بدأ التداول في عام 2020، وخسر في البداية أكثر من 40% من محفظته بسبب انهيار أسهم شركات كانت عُرضة للمضاربة مثل "زووم" و"بيلوتون" (Peloton).

 

هذا المستثمر لم ينسحب من السوق، إذ أعاد تقييم استراتيجيته وبدأ في الاستثمار في شركات ذات أساسيات قوية مثل "بيركشاير هاثاواي" و"أبل"، وقلل من حيازته للأسهم المتقلبة، وبعدها تعافت محفظته وحققت نمواً تجاوز 25%  بعد عامين.

 

ويمكن القول إن هذا السلوك يعكس جوهر مبدأ "كارنيجي" بأنه عندما تتقبل الأسوأ (الخسارة في سوق الأسهم) كجزء من المعادلة، فإنك تتحرر من الخوف، وتبدأ في العمل على تحسين الوضع بشكل هادئ، بما يسمح لك باتخاذ قرارات أفضل.

 

 

وهناك "حيلة عقلية" أخرى تعتمد على محاولة المتداول "توجيه النصح" لذاته، بمعنى أن يعتبر كما لو كانت أصوله مملوكة لشخص آخر أو لصديق، ويسأل نفسه: "ماذا ستكون نصيحتي له في هذه الحال؟" ويعمل على تطبيقها.

 

فهذه الطريقة أيضًا تخلص الشخص من الكثير من الأعباء النفسية التي يعاني منها كثيرون بسبب اعتبارهم للخسارة بمثابة "هزيمة" ولذا يشعرون بضغط كبير، أو بحالة "النشوة" مع الربح، ومع اعتبار الأسهم مملوكة لشخص آخر يتحرر من الكثير من الضغوط وبالتالي يفكر بشكل أوضح ويتصرف بشكل أكثر حسمًا.

 

المصادر: أرقام- بلومبرغ- بيزنيس إنسايدر- ماركت ووتش- كتاب "دع القلق وابدأ الحياة"

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.