مدينة دبي
نشرت وكالة "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية" تقريرًا تناولت فيه أداء سوق العقارات السكنية في دبي، موضحةً العوامل التي تقف وراء ازدهاره المستمر وآفاق نموه خلال الأعوام المقبلة.
وأفادت الوكالة في تقريرها، أن قطاع العقارات السكنية في دبي يشهد نموًا قويًا ومستدامًا مدعومًا بإصلاحات حكومية وتشريعية مرنة، وسياسات اقتصادية عززت من جاذبية الإمارة للمستثمرين المحليين والدوليين.
أولا: الاتجاهات العامة في السوق
أظهرت بيانات شركة فاليوسترات أن معاملات المبيعات على الخارطة في دبي ارتفعت بنسبة 39% حتى سبتمبر 2025 مقارنة بالعام السابق، بينما تراجعت معاملات سوق العقارات الجاهزة بنسبة 7%.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أسعار القدم المربع في المشاريع الجديدة بنسبة 5% منذ بداية العام 2025، في حين استقرت أسعار العقارات الجاهزة، مما يعكس استقرارًا صحيًا في السوق.
ثانيًا: العوامل الرئيسية وراء ازدهار قطاع العقارات
1- النمو السكاني القوي: شهدت دبي زيادة سكانية بنسبة 5.7% في عام 2024، ومن المتوقع أن يتراوح معدل النمو بين 3.6% و4% سنويًا حتى عام 2027، بدعم من المبادرات الحكومية المشجعة لاستقطاب الوافدين، وهو ما يحد من خطر فائض العرض.
2- قوة الطلب على الفلل والعقارات الفاخرة: يستمر الطلب القوي من قبل العائلات والمستثمرين الأثرياء على الفلل والمنازل الواسعة، في ظل محدودية المعروض منها، ما يجعل هذا القطاع أكثر مرونة واستقرارًا.
كما شهدت سوق العقارات الفاخرة نموًا عالميًا قياسيًا بفضل جاذبية دبي كمركز للأعمال ونمط الحياة الفاخر.
3- الإصلاحات الحكومية والمبادرات الحديثة: أطلقت دبي مبادرات نوعية تشمل:
- برنامج تملك العقار الأول: الذي يهدف إلى تمكين السكان من التملك بأسعار مرنة وخطط تمويل تنافسية.
- مشروع الترميز العقاري: الذي يسمح بملكية جزئية رقمية للعقارات، مما يوسع قاعدة المستثمرين، عن طريق تمكين صغار المستثمرين من تملك العقارات.
- الإقامة الذهبية مقابل استثمار لا يقل عن 2 مليون درهم عززت جاذبية دبي.
- التملك الحر: أصبحت بعض المناطق المميزة مؤهلة للتملك الحر مقابل رسوم. وهذا يؤدي إلى توسيع العروض للمستثمرين غير المحليين.
عوامل اقتصادية داعمة:
تستمر دبي في تقديم عوائد إيجارية جذابة للغاية ومقبولة على الرغم التزايد القوي في الأسعار مقارنةً بالمراكز المالية الأخرى حول العالم.
يدعم ضعف الدولار الأميركي تدفق المشترين والمستأجرين الدوليين، نظرًا لارتباط الدرهم الإماراتي بالدولار، حيث ارتفعت مساهمة الوافدين المقيمين لتمثل نحو 50% من المشترين الجدد.
ثالثًا: التحديات والمخاطر المحتملة
على الرغم من النظرة الإيجابية، إلا أن السوق لا يخلو من تحديات مرتبطة بالظروف الاقتصادية العالمية، ومنها تباطؤ النمو العالمي، وارتفاع التضخم، وانخفاض أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
كما أن زيادة المعروض من المشاريع الجديدة قد تحد من ارتفاع الأسعار في بعض المناطق، في حين أن احتمالات تأخر التسليمات قد تؤدي إلى اختلالات مؤقتة في العرض والطلب.
رابعًا: ديناميكيات الأسعار والعرض
يشهد قطاع الشقق متوسطة السعر أكبر حجم من المعاملات بفضل الأسعار المعقولة والمشاريع الجديدة، إلا أن ارتفاع العرض الجديد بدأ يؤثر تدريجيًا على وتيرة نمو الأسعار، أما قطاع الفلل، فيحافظ على أدائه القوي نظرًا لمحدودية المعروض واستمرار الطلب المرتفع.
وتواصل العقارات الفاخرة تحقيق أداء استثنائي بفضل الطلب الدولي المتزايد، ووجود مشاريع تحمل علامات تجارية عالمية في مجالات الأزياء والسيارات والضيافة.
ويتفوق الطلب على الوحدات السكنية على الخارطة على الطلب على العقارات الجاهزة لأن خطط الدفع ميسرة أكثر، كما تعد العقارات على الخارطة جذابة للأثرياء الذين يبحثون عن صفقات تتضمن شراء عدة وحدات دفعة واحدة.
من ناحية أخرى، إن أسعار العقارات الجاهزة أقل بنحو 20% للقدم المربع كما في الربع الثالث من عام 2025.
خامسًا: حركة الأسعار والطلب في دبي مع الاتجاهات في باقي إمارات الدولة
توقعت وكالة إس آند بي جلوبال أن تحافظ دبي على ريادتها باعتبارها السوق العقاري الأكثر ديناميكية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع استمرار التدفقات الدولية القوية والطلب على العقارات الفاخرة في دعم الزخم.
ومع ذلك، قالت إن العدد الكبير للمشاريع قيد الإنشاء في البلاد قد يؤدي إلى حدوث تباطؤ تدريجي في ارتفاع الأسعار في قطاع الشقق متوسطة الحجم.
وعلى النقيض من ذلك، رجحت أن تشهد أبوظبي نموًا أكثر استقرارًا واستدامة، مع جذب المشاريع المدعومة من الحكومة واستثمارات البنية التحتية للمقيمين على المدى الطويل، في حين أن تركيزها على المستخدم النهائي يحميها من التقلبات.
وأشارت إلى أن أسعار الشقق والفلل المتوسطة في أبوظبي شهدت ارتفاعًا بنسبة 14.4% و11.1% على التوالي في النصف الأول من عام 2025، بحسب شركة جونز لانج لاسال.
وفي الشارقة وعجمان، يبرز سوق العقارات السكنية كمراكز للأسعار المعقولة، مع ارتفاع حاد في قيم المعاملات في ظل بحث المشترين الذين خرجوا من دبي عن بدائل في هذه المواقع المجاورة.
ومن المتوقع أن يستفيد سوق الإسكان في رأس الخيمة من المشاريع السياحية ومشاريع المنتجعات ذات العلامات التجارية، ما يعزز مكانتها كوجهة مثالية لأسلوب الحياة والمنزل الثاني.
وقد حقق هذا السوق نموًا مستمرًا مكونًا من رقمين في بعض المشاريع قيد الإنشاء. ومن المرجح أن تظل أسواق العقارات السكنية في أم القيوين والفجيرة أصغر حجمًا، ولكنها قد تشهد ارتفاعًا تدريجيًا مع تنفيذ مبادرات البنية التحتية والمشاريع السياحية.
سادسًا: أداء المطورين الرئيسيين في دبي
حققت شركات التطوير العقاري في دبي مثل" إعمار" و"داماك" و"بي إن سي" و"أمنيات" مبيعات قياسية في عام 2025.
وأكدت الوكالة أن النظرة المستقبلية للقطاع مستقرة رغم توقع تباطؤ نمو الأسعار في 2026–2027، متوقعة أن تظل جودة ائتمان الشركات العقارية التي تصنفها في دبي مستقرة خلال تلك الفترة، نظرًا لانخفاض ديونها، والإيرادات المستقبلية القوية، وزيادة المبيعات على الخارطة.
وأشارت إلى أنه تم رفع تصنيف الائتماني لشركة إعمار إلى 'BBB+'، وذلك بفضل أدائها القوي، وهوامش ربح تجاوزت 50%. ومركزها النقدي الصافي، والتدفقات النقدية التقديرية القوية، كما حافظت الشركات الأخرى على تصنيفات مستقرة مدعومة بزيادة المبيعات وتحسن التدفقات النقدية.
سابعا: النظرة المستقبلية
توقعت وكالة إس آند بي جلوبال أن يواصل السوق العقاري السكني في دبي أداءه الإيجابي خلال عامي 2026 و2027، مع تباطؤ تدريجي في وتيرة النمو.
ويُرجّح أن تظل أسعار العقارات مستقرة إلى حد كبير، مع استمرار الطلب القوي من المستثمرين المحليين والدوليين، واستفادة السوق من المشاريع الحكومية والإصلاحات التي تعزز الشفافية وتسهّل التملك.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: