نبض أرقام
02:16 م
توقيت مكة المكرمة

2025/11/23
2025/11/22

ولادة السيارة الذكية: مركبة تتعلم وتتفاعل وتتخذ القرار

09:00 ص (بتوقيت مكة) أرقام

بينما تنشغل العناوين بالسيارات الكهربائية والاتصال الرقمي، تؤكد قيادات التكنولوجيا أن التحول الحقيقي الذي سيعيد تشكيل صناعة السيارات ليس الكهرباء ولا البرمجيات… بل الذكاء الاصطناعي.

 

يدخل العالم مرحلة جديدة تُسمّى "السيارة المُعرَّفة بالذكاء الاصطناعي"، حيث تتحول المركبة من مجرد منصة للبرمجيات إلى كيان ذكي يتعلم، ويتوقع، ويتخذ القرار في اللحظة نفسها.

 

هذا ما توضّحه ديبتي فاتشاني، النائب الأول للرئيس والمدير العام لقطاع السيارات في شركة "آرم" ( Arm ) البريطانية، مؤكدة أن مستقبل الصناعة بدأ بالفعل، وأن من يتأخر خطوة سيخسر سباق الأمان والابتكار وتجربة العملاء.

 

 

سيارات تُقاد بالذكاء الاصطناعي

 

على مدار السنوات الماضية، مثّلت السيارات المعتمدة على البرمجيات (SDVs) نقطة تحول كبيرة، إذ أتاحت تحديثات مستمرة من السحابة وإدارة مركزية لكل وظائف السيارة.

 

بيد أن الجيل الجديد يتجاوز ذلك نحو مفهوم أعمق: السيارة المُعرَّفة بالذكاء الاصطناعي (AIDV).

 

في هذا النموذج، لا يقتصر الأمر على تشغيل البرمجيات، بل على دمج الذكاء الاصطناعي داخل «حلقة اتخاذ القرار الفوري» في كل أنظمة المركبة.

 

السيارة لا تنفّذ فقط، بل تتعلم من البيئة المحيطة، وتتكيف مع أسلوب السائق، وتضبط أداءها ذاتياً.

 

من دعم السلامة عبر استشعار المخاطر في الوقت الحقيقي، إلى مساعد شخصي داخل المقصورة ينظّم يوم السائق ويتفاعل معه، وصولاً إلى أنظمة طاقة ذكية تضبط الاستهلاك حسب الطريق والحمولة.. جميعها لم تعد ترفاً، بل توقعاً أساسياً لدى السائقين.

 

وليس هذا نظرياً. فبحسب بيانات حديثة، يخطط 75% من صناع السيارات عالمياً لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في مركباتهم قبل نهاية 2025.

 

والسؤال اليوم لم يعد: هل سيقود الذكاء الاصطناعي الجيل القادم من السيارات؟ بل كم سيستغرق انتشار ذلك بشكل آمن وواسع؟

 

الركيزة الأولى

 

توضح فاتشاني أن الذكاء الاصطناعي الفعّال يحتاج إلى حوسبة فورية ومن دون اعتماد على السحابة، خصوصاً في حالات مثل تفادي المشاة أو الاستجابة للأوامر الصوتية.

 

ولهذا تتجه الصناعة نحو معالجة البيانات على الحافة (Edge Compute) داخل السيارة نفسها.

 

 

إضافة إلى ذلك، تحتاج السيارات إلى هندسة قابلة للتوسع تتيح إعادة استخدام البرمجيات عبر مختلف الطرازات، ما يقلل التكلفة ويتيح تقديم مزايا الذكاء الاصطناعي حتى للسيارات الاقتصادية.

 

ولأن ارتفاع "ذكاء" السيارة يزيد أيضاً من المخاطر، فيجب الالتزام الصارم بمعايير السلامة ISO 26262 والأمن السيبراني ISO/SAE 21434، مع توفير أنظمة أمان مدمجة مثل:

 

- التمهيد الآمن.

 

- العزل الذاكري.

 

- الجزر الأمنية.

 

- التكرار والنسخ الاحتياطي لضمان الصمود أمام الأعطال والاختراقات.

 

 

الركيزة الثانية

 

وتشير فاتشاني إلى أن الذكاء الاصطناعي في السيارات يتجاوز العتاد. فالنماذج البرمجية التقليدية التي تفصل بين مهام مثل الرصد والتصنيف والسيطرة، يتم استبدالها الآن بمنصات برمجية شاملة تربط بين جمع البيانات وتدريب النماذج ونشرها داخل السيارة.

 

هذه البرمجيات الجديدة تتعلم من مليارات المشاهد الحقيقية لقيادة البشر، وتستطيع تحويل المدخلات الحسية مباشرة إلى أوامر تشغيلية — ما يعني:

 

- قرارات أسرع.

 

- دقة أعلى.

 

- تكيّف أفضل مع الظروف.

 

- تقليل الجهد الهندسي المطلوب.

 

الركيزة الثالثة

 

النقطة الأكثر ثورية هي أنه لم يعد من الضروري انتظار تصنيع الشرائح الإلكترونية للبدء في تطوير السيارة.

تلغي النمذجة الافتراضية الاعتماد على العتاد الفعلي في المراحل المبكرة، ما يسرّع تطوير المركبات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ويختصر زمن الدخول إلى السوق بشكل كبير.

 

هذا التطور ضروري لمجاراة السرعة الهائلة في تطور نماذج الذكاء الاصطناعي واحتياجاتها الحوسبية المتزايدة.

 

الفرصة أكبر من مجرد تطوير

 

ترى فاتشاني أن الشركات التي تتبنّى الآن مفهوم السيارة المُعرَّفة بالذكاء الاصطناعي ستكون هي من يحدد مستقبل الابتكار، والأمان، وتجربة المستخدم خلال العقد المقبل. فهذه الثورة ليست تنبؤاً بمستقبل بعيد، بل واقعاً يتحرك بسرعة، والقطار بدأ بالفعل.

 

السيارة التي تتعلم وتتفاعل وتتخذ القرار… لم تعد حلماً. إنها هنا. وعلى صناع السيارات أن يتحركوا الآن.

 

المصدر: جاست أوتو

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.