في خطوة غير مسبوقة، حصلت وكالة الفضاء الأوروبية على 22,1 مليار يورو من دولها الأعضاء لتمويل برامجها للسنوات الثلاث المقبلة، في مؤشر قوي على جهود أوروبا لتعزيز استقلاليتها في قطاع الفضاء.
يتجاوز حجم هذه المساهمات التي حُددت الخميس عقب اجتماع للوكالة على المستوى الوزاري في مدينة بريمن الألمانية، ذاك الذي خصصته دول وكالة الفضاء الأوروبية الـ23 عام 2022.
والأهم من ذلك، حصلت الوكالة الأوروبية على كامل المساهمات التي كانت تأمل بها تقريبا، وهو مستوى غير مسبوق.
وقال المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية يوزيف أشباخر عند إعلان النتائج "أتقدم بالشكر للدول الأعضاء والمشاركين والمتعاونين. لقد صنعتم التاريخ".
واعتبر أشباخر في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن التمويل القياسي الذي أُعلن عنه في بريمن "دليل ثقة" بوكالة الفضاء الأوروبية".
وأكد أن الوكالة "تحقق النجاح لأوروبا من خلال الصواريخ والمركبات الفضائية"، مضيفا "تقع علينا الآن مسؤولية هائلة في تطبيق هذا التمويل بفعالية، لأن توفير هذا القدر من التمويل لنا هو التزام أيضا".
تتولى وكالة الفضاء الأوروبية التي تحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسها، تنسيق مشاريع الفضاء المدنية بين دولها الأعضاء، كما تعمل بانتظام مع المؤسسات الأوروبية.
تشكّل هذه المبالغ الآخذة في الازدياد جزءا من اتجاه متسارع، إذ تناهز الأموال التي حصلت عليها وكالة الفضاء الأوروبية في عام 2025 ضعف ما حصلت عليه عام 2016 إثر اجتماع بمدينة لوسيرن السويسرية.
قبل هذا الاجتماع، أبدت وكالة الفضاء الأوروبية أملها في انتزاع مساهمات بقيمة 22,2 مليار يورو (25,7 مليار دولار). وبالتالي، فإن المساهمات التي حصلت عليها عقب الاجتماع الوزاري في بريمن قريبة جدا من هذا الهدف، وهو أمر نادر الحدوث.
وقبيل الاجتماع، توقع الخبراء أن تبلغ الموازنة حوالى 20 مليار يورو لتمويل برامج الوكالة حتى عام 2028.
شهد المشهد الفضائي تغيرا جذريا في السنوات الأخيرة، مع ظهور شركات خاصة اكتسبت نفوذا بالغا (مثل "سبايس إكس" و"بلو أوريجين")، في سياق دولي آخذ في الاضطراب جراء تصاعد الصراعات وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، أحد البلدان الرئيسية في قطاع الفضاء.
وبات الفضاء، وهو مجال استراتيجي، يُعنى أيضا بالاقتصاد والأمن وقدرات العمل المناخي والسيادة الرقمية للدول الأعضاء.
وعلق أشباخر "لكل أزمة نصيبها من الفرص، وقد تغيّرت أمور كثيرة في السنوات الأخيرة".
وأضاف "قبل كل شيء، أظهرت حرب روسيا العدوانية في أوكرانيا بوضوح للجميع، بما في ذلك الشعوب، معنى الاعتماد التكنولوجي على أصحاب المليارات. لذا، فإن المرونة السيادية ترتدي أهمية حاسمة".
- ألمانيا المساهم الرئيسي -
ومن المواضيع التي احتلت موقعا مركزيا في المناقشات، جرى اعتماد برنامج ERS "+Europe Resilience from Space+ أي +مرونة أوروبا من الفضاء+"، والذي يشمل مراقبة الأرض والملاحة والاتصالات.
ولهذا البرنامج، كغيره من البرامج، استخدامات مزدوجة، مدنية وعسكرية، وتُقدر ميزانيته بـ 1,35 مليار يورو، وهدفه تعزيز الأمن الأوروبي.
كما كان متوقعا، أسفر الاجتماع عن زيادة كبيرة في التمويل الألماني الذي بات يتجاوز 5 مليارات يورو، ما يضع برلين في مرتبة متقدمة عن فرنسا التي رفعت مساهماتها إلى 3,6 مليار يورو، مقارنة بـ 3,2 مليار يورو في عام 2022.
وأشار وزير التعليم العالي والبحث والفضاء الفرنسي فيليب باتيست إلى أن "هناك مساهمة فرنسية كبيرة جدا في مجال الفضاء، وهي جزء من مساهمة أوروبية، ولكن أيضا من خلال عدد من البرامج الوطنية خارج إطار وكالة الفضاء الأوروبية".
وأوضح أن "إجمالي المبالغ التي تخصصها فرنسا للأنشطة الفضائية المدنية بات 16 مليار يورو حتى عام 2030".
مع ذلك، أكدت فرنسا أن وكالة الفضاء الأوروبية باتت تحتاج إلى تطوير طريقة عملها.
وقال الوزير الفرنسي "نحن بحاجة إلى استراتيجية، ثم إلى تمويل. ربما نحتاج إلى وقف تدفق تمويل المشاريع من كل حدب وصوب".
وأضاف "نحن بحاجة إلى حوكمة قوية في مكان ما. وهذه الحوكمة الرشيدة مرتبطة بلا شك بالاتحاد الأوروبي".
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: