خلال سنوات قليلة، تحولت صناعة الأدوية في الصين من كونها أرخص مصدر للمكونات الدوائية الفعالة في العالم إلى مركز رئيسي للابتكار الدوائي من حيث ابتكار العقاقير الجديدة والأكثر فعالية، حتى أن الشركات المحلية أصبحت تنتج أدوية فائقة الجودة بدلاً من التركيز على تسويق أدوية رخيصة ومقلدة في سوق كانت تهيمن عليه شركات الأدوية الجنيسة التي تكرر إنتاج الأدوية غير المحمية ببراءات اختراع.

نقلة نوعية
اتسمت صناعة الأدوية في الصين خلال معظم أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين بدورها كأكبر منتج عالمي للمواد الفعالة والأدوية الجنيسة، إذ اعتمدت شركات الأدوية الغربية بصورة كبيرة عليها كقاعدة تصنيعية ضخمة، حيث كانت الصين بمثابة ورشة عمل لا غنًى عنها، لكن الابتكار والتطوير كان يتم في دول أخرى.
صنع في الصين
لكن سرعان ما تحولت الصين إلى صناعة منافسة عالمية في مجال الابتكار، بدعم من المبادرات الوطنية الاستراتيجية، إذ حددت خطة "صنع في الصين 2025" الطب الحيوي والأجهزة الطبية عالية الأداء كقطاعين أساسيين لتحقيق القدرة التنافسية العالمية، مما مهد الطريق لموجة غير مسبوقة من الاستثمار والتطوير، وعزز الثقة في أن الصين قادرة على أن تصبح رائدة في مجال الابتكار الدوائي.
|
بالدلائل..كيف نجحت صناعة الأدوية الصينية في المنافسة عالميًا؟ |
|
|
النقطة |
التوضيح |
|
عملية التسجيل |
يبلغ الوقت اللازم لتسجيل المرضى في التجارب السريرية في الصين حوالي نصف المتوسط العالمي، بفضل وجود مجموعة كبيرة من المرضى الذين لديهم احتياجات طبية، كما أن تكلفة المريض هناك تقل بحوالي 50% عن مثيلتها في الولايات المتحدة وأوروبا.
|
|
الأدوية المبتكرة |
ارتفعت حصة الصين من الأدوية العالمية المبتكرة المرشحة في التجارب السريرية إلى 30% هذا العام من 8% في 2018، بينما انخفضت حصة الولايات المتحدة إلى 36% من 47%، حسب بيانات "ماكينزي".
|
|
التجارب السريرية |
انخفض الوقت المستغرق للحصول على الموافقة على التجارب البشرية إلى 87 يومًا من 501 يوم، وفي العام الماضي أجرت الشركات في البلاد ثلث التجارب السريرية في العالم.
|
|
اتفاقات الترخيص |
خلال النصف الأول من هذا العام، كان ما يقرب من ثلث كافة اتفاقيات الترخيص العالمية التي وقعتها شركات الأدوية الكبرى مع شركات صينية.
|
|
الموافقة على الأدوية |
منذ بداية الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021-2025)، تمت الموافقة على طرح 204 أدوية مبتكرة في السوق، إلى جانب 387 دواء للأطفال، و147 دواء للأمراض النادرة، مما يلبي بفعالية احتياجات الفئات السكانية الرئيسية من الأدوية.
|
|
الترتيب العالمي |
أصبحت صناعة الأدوية الصينية الثانية على مستوي العالم بعد الولايات المتحدة، لأن عدد الأدوية المبتكرة قيد التطوير تشكل حوالي 30% من الإجمالي العالمي.
|
ما وراء التحول الجذري؟
تسارع الابتكار في مجال الأدوية بدعم من تجنيد جيوش من المرضي في التجارب السريرية إلى جانب الأرباح التي جنتها الشركات من صناعة الأدوية الجنيسة، كما تعتمد شركات الأدوية الصينية بصورة كبيرة على الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية وهو ما ساهم في خفض تكلفة التجارب السريرية، لكن ذلك أثار مخاوف من أن بعض التجارب قد لا تلبي المعايير الأخلاقية.
شيخوخة السكان
ومع ارتفاع نسبة شيخوخة السكان في البلاد وتزايد انتشار الأمراض المزمنة بما يشمل السرطان والسكر، وبالطبع مع عدد السكان الهائل يتزايد الطلب على العلاجات الطبية المتقدمة، ويتيح لشركات الأدوية المحلية تحقيق إيرادات ضخمة وتوسيع نطاق عملياتها.

الابتكار الدوائي
أصبح الغرب يراهن بشدة على الابتكار الدوائي الصيني، وافتتحت "فايزر" الأمريكية هذا العام مركزًا جديدًا للبحث والتطوير بمنطقة بكين الاقتصادية والتكنولوجية للتنمية، ووقعت شركة الأدوية البريطانية "أسترازينيكا" اتفاقية لاستثمار 2.5 مليار دولار في بكين على مدى السنوات الخمس المقبلة، بما في ذلك إنشاء مركز بحث وتطوير استراتيجي عالمي.
التوسع
استحوذت شركة تطوير الأدوية الأمريكية "نوفيشن بايو" Nuvation Bio على "آن هارت ثيرابيوتكس" AnHeart Therapeutics الصينية في العام الماضي، مما أتاح لها الوصول لدواء السرطان التجريبي "تاليتريكتينبيب" الذي تنتجه الشركة وتمت الموافقة عليه في الولايات المتحدة منذ ذلك الحين.

دليل الجودة
خلال السنوات الأخيرة، ارتفع عدد الأدوية التي طورتها شركات صينية وحصلت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووكالة الأدوية الأوروبية، ولا تعد تلك الموافقات انتصارات تجارية فقط بل إنها شهادة بجودة الابتكار الصيني.
من الانتقاد للخوف
فقبل خمس سنوات فقط، كان قطاع الأدوية في الصين موضع سخرية لفشله في إنتاج لقاح فعال لفيروس "كوفيد-19"، لكن اليوم يحذر مسؤولو شركات الأدوية الغربية من أن شركاتهم تخاطر بفقدان زمام المبادرة في الابتكار لصالح الصين.
تحديات
رغم سرعة التطور إلا أن الشركات المحلية لا يزال أمامها الكثير قبل أن تصبح ضمن كبرى شركات الأدوية العالمية مثل "إيلي ليلي" أو "أسترازينيكا"، إذ لم تظهر أي من الشركات الصينية في الصناعة بعد ضمن قائمة أكبر عشرين شركة أدوية مدرجة في العالم من حيث القيمة السوقية.
الخلاصة
نجحت الصين في إحداث تحول جذري لصناعة الأدوية من التقليد والأدوية الجنيسة إلى الابتكار الدوائي والمنافسة العالمية، ولم يظهر زخم الصناعة حتى الآن أي علامات على التباطؤ بل قد تتوسع الشركات المحلية أكثر خاصة في المجالات العلاجية المعقدة، إلى جانب إمكانية الاستفادة بالتطور التقني فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.. فهل تنجح الشركات الصينية في منافسة أكبر شركات الأدوية في العالم؟
المصادر: أرقام - ساوث تشاينا مورنينج بوست – الإيكونومست – ماكينزي - جلوبال تايمز – بلومبرج – دراج باتينت واتش – فاينانشال تايمز
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: