نبض أرقام
02:59 م
توقيت مكة المكرمة

2025/12/13
2025/12/12

3 فقاعات في سماء المال .. هل يتحمل الاقتصاد العالمي الانفجار المقبل؟

07:26 ص (بتوقيت مكة) أرقام

ليس بالأمر المطمئن أن يبدأ الكثيرون بالعودة لصفحات التاريخ بحثاً عن دلائل لفهم ما يحدث اليوم. فالمراقبون للاقتصاد العالمي غمروا الإنترنت بتحليلات تربط بين الفقاعات المالية الثلاثية الحالية، المدفوعة بتطلعات الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، ومستويات الدين غير المسبوقة، وبين فترات مماثلة في الماضي.

 

تتنوع نقاط المرجعية التاريخية لمكونات هذه الفقاعة الثلاثية بين الحماسة البريطانية في منتصف القرن التاسع عشر للاستثمار في سكك الحديد، التي تشبه الحماس الحالي لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، وبين هستيريا زهور التوليب في هولندا أيام رامبرانت التي تلمّح إلى جنون العملات المشفرة، وصولاً إلى خطوط الائتمان التي استُخدمت لمنع نابليون من السيطرة على أوروبا، والتي تشبه حالياً مستويات الديون العالمية المتصاعدة.

 

 

بينما بعض هذه التشبيهات مفيدة، إلا أن أي مقارنة لا تصل إلى الكمال، خصوصاً في ظل المشهد المالي الحالي المعقد.

 

ومع اقتراب انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، تبرز أسئلة ملحّة: كيف وصلنا إلى وضع لا تتشكل فيه فقاعات كبيرة فحسب، بل ثلاث فقاعات في آن واحد؟ وما مدى خصوصية هذه المرحلة التاريخية؟ وكيف ستتطور الأحداث؟

 

فقاعة تغذي الأخرى

 

لكي يتحقق شيء على أرض الواقع، يحتاج إلى ضخ كافٍ من الأموال. ففي الأشهر الثلاثة التي انتهت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جرى ضخ 57 مليار دولار لشركة إنفيديا، الرائدة في إنتاج الرقائق اللازمة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي. وبينما بدأت التحذيرات من الإنفاق المفرط على مشاريع رقمية غير مجدية تتصاعد، جاءت تقارير المبيعات القياسية للربع الأخير لتمنح ثقة بأن الاتجاه سيستمر إيجابياً.

 

لكن ليس الجميع متفائلين. بعض المستثمرين، ممن توقعوا انهيار سوق الإسكان الأمريكي عام 2008، يحذرون بشدة من التضخم المفرط في قطاع الذكاء الاصطناعي.

 

ومن بين العوامل المقلقة عودة مصطلح "مقايضة التخلف عن سداد الائتمان" ، الذي يستخدم حالياً لتغطية مخاطر عدم سداد الديون المخصصة لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، على غرار ما حدث مع سوق الإسكان قبل أكثر من عقد.

 

وحذّر المدير التنفيذي لغوغل مؤخراً من أن أي انفجار محتمل لفقاعة الذكاء الاصطناعي لن يترك أي شركة بمنأى عن الخسائر، حيث يمكن أن تنهار شركات وتتكبد خسائر فادحة، وربما تبقى مراكز البيانات التي كلف إنشاؤها مليارات الدولارات بلا استخدام.

 

قلق العملات المشفرة

 

تسببت المخاوف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في تباطؤ شهية المستثمرين تجاه الاستثمارات الأكثر مخاطرة، مثل العملات المشفرة.

 

أدى الانخفاض الأخير في سعر البيتكوين إلى إشعال مخاوف من انهيار أوسع في سوق العملات الرقمية.

 

ووفق بعض التحليلات، يمكن اعتبار تقلبات البيتكوين مؤشراً مبكراً على انخفاض محتمل في أصول أخرى، خاصة أن جزءاً من الشركات انتقل مباشرة من تعدين البيتكوين إلى بناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي.

 

فقاعة الدين الصورة الأصعب

 

أما الفقاعة الثالثة، فهي الأكثر إثارة للقلق، وتتعلق بالديون العامة والخاصة. فقد تجاوز حجم الديون الحكومية حول العالم 100 تريليون دولار في العام الماضي، مع زيادة أسرع مما كان قبل الجائحة.

 

في كينيا، يذهب أكثر من نصف إيرادات الدولة لسداد الديون، بينما يقترب عبء الدين الأمريكي من مستويات ديون إيطاليا واليونان، وهما دولتان ارتبطت ماليتهما العامة بالضعف.

 

وعند إضافة الدين الخاص، يصبح حجم الديون أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج الاقتصادي العالمي.

 

ويأتي جزء متزايد من هذا الدين الخاص لتمويل بناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي. ففي الولايات المتحدة، أصدرت أربع شركات أمريكية رائدة في هذا المجال نحو 90 مليار دولار من السندات الاستثمارية منذ بداية سبتمبر.

 

 

تكاليف التمويل والمخاطر

 

طالما كانت الشركات تمول مشاريع الذكاء الاصطناعي من أرباحها التشغيلية، بقي الحديث عن الفقاعة محدوداً.

 

لكن مع اللجوء إلى الاقتراض بكثافة، بدأ مراقبو السوق يرفعون تحذيراتهم. فقد ارتفعت تكلفة إصدار الدين، وأصبح تأمينه ضد مخاطر عدم السداد مسألة مهمة، حيث اقتربت الأسعار لبعض السندات من مستويات قياسية شهدتها 2008.

 

ومع ذلك، يستمر بناء مراكز البيانات، إذ يقدر عددها بحوالي 12 ألف مركز حول العالم، نصفها تقريباً في الولايات المتحدة.

 

وتسعى جهود أوروبية لتقليل الفجوة الجغرافية عبر بناء المزيد من المرافق، إذ أعلنت المفوضية الأوروبية عن استثمار 20 مليار يورو لإنشاء "مصانع جيجا" للذكاء الاصطناعي. وقد يكون البطء النسبي في أوروبا حليفاً، إذ يحمي المنطقة من خطر تشبع العرض في الأسواق.

 

فقاعات قديمة ونظرة مستقبلية

 

تشبه فقاعات العملات المشفرة حمى التوليب الهولندية في القرن السابع عشر، بينما يشهد الذهب اهتماماً متزايداً كملاذ آمن ضد تقلبات السوق، مع توقعات وصول أسعاره إلى مستويات قياسية العام المقبل.

 

وعلى الرغم من أن الانفجار المحتمل لفقاعة الدين العام قد يكون كارثياً، فإن بعض الفقاعات، مثل الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، يمكن أن تتحول إلى قيمة طويلة الأجل، حتى بعد تكبد المستثمرين الأوائل لفترات قصيرة من الخسائر.

 

حتى سكك الحديد البريطانية القديمة، رغم خسارة المستثمرين الماليين الفادحة، أثبتت فائدتها على المدى الطويل.

 

اليوم، يواجه الاقتصاد العالمي تحدياً فريداً بوجود ثلاث فقاعات متداخلة: الذكاء الاصطناعي، العملات المشفرة، والدين المتصاعد. وبينما تكشف التجارب التاريخية عن مخاطر مماثلة، إلا أن الطبيعة المتشابكة لهذه الفقاعات تجعل من الصعب التنبؤ بالنتائج النهائية.

 

ومع ذلك، يمكن للتخطيط الحذر والاستثمار المدروس، إلى جانب الوعي بالمخاطر، أن يخفف من أثر أي انفجار محتمل ويحول جزءاً من التحديات إلى فرص اقتصادية مستدامة.

 

المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.