أكد المجلس الوطني للتخطيط أن اليوم الوطني لدولة قطر يمثل لحظة اعتزاز عميقة، يحتفي فيها الوطن بمسيرة حافلة بالتقدّم منذ إطلاق رؤية قطر الوطنية 2030. فما تحقق لم يكن وليد المصادفة، بل هو ثمرةُ التزامٍ موحّد وتخطيطٍ منضبط.
وقال: إن استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024–2030) تواصل عملها بنهجٍ تنسيقي شامل، لمتابعة تنفيذ ما تبقّى من أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 لتكون خريطة الطريق التي تُترجم تطلعات الرؤية إلى إنجازاتٍ ملموسةٍ تُبنى بها ملامحُ مستقبلٍ أكثر ازدهارًا واستدامة.
وقال سعادة الدكتور عبد العزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة الأمين العام للمجلس الوطني للتخطيط: لقد بلغت دولة قطر مرحلةً من النضج أصبحت فيها عملية التخطيط الاستراتيجي ترتكز على التنفيذ المنضبط وتحقيق الأثر على نطاقٍ واسع. فاستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة وُضعت تحديدًا لتوجيه هذا النضج المؤسسي نحو عملٍ وطنيٍ متّسق، من خلال توحيد جهود الحكومة وقطاع الأعمال والمؤسسات الوطنية، ضمن أولوياتٍ أوضح ومسؤوليةٍ مشتركة لتحقيق النتائج. وما نشهده اليومَ من تقدّم هو ثمرةُ الانضباط في التنفيذ، وروح التعاون، والالتزام الوطني بتحويل الخطط إلى واقعٍ ملموس.
ويشهد الاقتصاد القطري تحوّلًا نوعيًا نحو نموذجٍ اقتصادي أكثر استدامةً وتنوّعًا وتنافسية، بما يعكس رؤيةً واضحة لبناء اقتصادٍ قادرٍ على مواكبة المستقبل. وتُبرِز المؤشرات الحديثة نجاح النهج الاستراتيجي للدولة، إذ أصبح الاقتصاد غير النفطي المحرّك الرئيس للنمو، مسجلًا ارتفاعًا سنويًا ملحوظًا بنسبة 5.3%.
وفي ظل التحوّل الوطني الذي تشهده دولة قطر، يبقى الإنسان محور التنمية وغايتها. ومع إطلاق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024–2030)، تتّجه الجهود نحو إعادة رسم ملامح منظومتَي التعليم والعمل بما يواكب متطلّبات المُستقبل، وذلك من خلال تطوير مسارات التعليم، وتحديث المناهج، وربط اكتساب المهارات وتنميتها بمتطلبات الاقتصاد المتغيّر.
ويعكسُ تصدُّر دولة قطر لمؤشر مستوى التعليم في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب موقع جامعة قطر ضمن أبرز مؤسسات التعليم العالي في المنطقة، مدى قوّة النظام التعليمي الوطني وقدرته على تزويد خرّيجيه بالمعرفة والكفاءات القادرة على المنافسة عالميًا والمساهمة في دفع عجلة النمو في مُختلف المجالات.
إلى جانب هذا التميّز الأكاديمي، تواصل دولة قطر بناء اقتصادها المستقبلي عبر الاستثمار المستمرّ في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بما يُسهم في تعزيز تنافسية الدولة عالميًا في مؤشرات الإنتاج البحثي. في إطار جهودٍ استراتيجيةٍ تهدف من خلالها إلى زيادة عدد براءات الاختراع لكل مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي بمعدل عشرة أضعاف بحلول عام 2030، في مسعى لتحويل الأفكار المحلية والبحوث العلمية إلى نتائج عملية قابلة للقياس تُحدث أثرًا ملموسًا وتُسهم في مسيرة التنمية الوطنية.
ولا يقتصر هذا التوجّه على المؤسسات فحسب، بل ينعكس مباشرةً على حياة الطلبة والشباب والمهنيين، من خلال مبادراتٍ وطنيةٍ تشمل برامج تطوير المهارات، والإرشاد المهني المُبكر، وضمان حوافز جديدة في سوق العمل وشراكات قطاعية متخصّصة تهيّئ للشباب القطريين مساراتٍ واعدة نحو النجاح والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني.
وتهدف هذه المبادرات إلى رفع نسبة مشاركة المواطنين القطريين في القطاعين الخاص وشبه الخاص إلى أكثر من 20%، تأكيدًا على القناعة الراسخة لدولة قطر أنّ التنمية الوطنية ليست غايةً اقتصاديةً فحسب، بل إنها مشروعٌ إنسانيٌّ بالدرجة الأولى يقوم على توفير الفرص وتمكين المواهب الوطنية وتعزيز الثقة بها.
ازدهارٌ وطنيٌّ متكامل
تُعدّ جودة الحياة في دولة قطر من الإنجازات الوطنية، وهي تتجلّى ليس في تصدّرها للمؤشرات العالمية فحسب، بل في تفاصيل الحياة اليومية التي يعيشها كل من يسكن على أرضها ضمن مجتمعاتٍ آمنة، ومساحاتٍ عامةٍ مُصمّمة بعناية، وبنيةٍ تحتيةٍ متكاملة تراعي احتياجات الجميع وتتيح لهم سهولة الوصول إلى الخدمات والفرص والاستفادة من ثمار التنمية. وقد عزّز النظام الصحي هذا الواقع المُتكامل، إذ حقّقت دولة قطر المرتبة الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودخلت قائمة أفضل عشرين دولة عالميًا في كفاءة الرعاية الصحية، بما يعكس التزامها الثابت بتوفير خدماتٍ صحيةٍ عالية الجودة تُرسّخ مفهوم الرفاه الاجتماعي.
وفي الوقت نفسه، يشهد القطاعان الثقافي والاجتماعي في دولة قطر نهضةً متواصلة تجمع بين الأصالة والتجدّد، من خلال المتاحف، والمهرجانات، والفعاليات الرياضية العالمية التي تُعزّز الانتماء وتحتفي بالموروث الوطني في إطارٍ من الإبداع والانفتاح. كما أصبح قطاع السياحة المتنامي أحد أبرز روافد هذه الحيوية، إذ يستقطب ملايين الزوّار سنويًا ليعيشوا تجربةً تجمع بين كرم الضيافة القطرية، وغنى الثقافة المحلية، وروعة الوجهات العالمية.
بيئةٍ تزدهر بالحياة
تُشكّل الاستدامة البيئية في أيامنا الحالية جزءًا متناميًا من الحياة اليومية في دولة قطر، بما يعزّز جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية. وتمثّل الاستراتيجية الوطنية لخفض الانبعاثات بحلول عام 2030 التزامًا طويل الأمد نحو هواءٍ أنقى، ومجتمعاتٍ أكثر صحة، وإدارةٍ رشيدةٍ للموارد.
وقال سعادة الدكتور عبد العزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة الأمين العام للمجلس الوطني للتخطيط: «إنّ التحدّي الحقيقي ليس في رسم الطموحات للمدى البعيد فحسب، بل في تحويلها إلى واقعٍ ملموس يعزّز جودة الحياة اليومية. ولا يتحقّق ذلك إلا من خلال الشفافية في المتابعة، والجاهزية لمواجهة التحدّيات، والمشاركة الفاعلة من جميع فئات المُجتمع. فمسيرة دولة قطر التنموية مسؤوليةٌ جَماعية، ونجاحها يكمن في وحدتنا وثقتنا بقدرتنا على التقدّم معًا بوحدةٍ وثقةٍ وهدفٍ مشترك.
ويجسّد اليوم الوطني لدولة قطر هذه الروح الجماعية، إذ يشكّل مناسبةً للاحتفاء بالإنجازات، وتكريم الأجيال التي أسهمت في رسم مسيرة الوطن، وتجديد العهد بمسؤولية كل فردٍ تجاه مستقبل أكثر إشراقًا لدولة قطر.
إحصاءات شاملة
صُنِّفت دولة قطر ضمن أفضل 10 دول عالميًا في مؤشر جودة الحياة وفق تصنيف «نامبيو» لعام 2025 إلى جانب تحقيقها المركز الثاني على مستوى قارة آسيا، وفي التصنيف ذاته حقّقت المركز الخامس على مستوى قارة آسيا في مؤشر الرعاية الصحية لعام 2025.
وفي مجال التكنولوجيا، حققت دولة قطر المركز 14 عالميًا وفق تصنيف مؤشر التنافسية الرقمية العالمي لعام 2024 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، ما يجسّد التزام الدولة ببناء بنية تحتية رقمية قوية وامتلاكها الأساسيات اللازمة للمنافسة في الاقتصاد الرقمي العالمي في إطار التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي.
كما صُنفت دولة قطر ضمن أفضل 10 دول في العالم في مؤشر التعليم العالي وفق مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025، وفي مؤشر التعاون بين الجامعات والصناعة في مجال البحث والتطوير في العام ذاته، ما يؤكّد موقعها كمركز عالمي للتميّز الأكاديمي والبحث العلمي.
وفي مجال الذكاء الاصطناعي حقّقت دولة قطر المركز 15 عالميًا في مؤشر المقالات العلمية في الذكاء الاصطناعي لعام 2024، وشهدت الدولة ارتفاعًا بنسبة 194% في تسجيلات الذكاء الاصطناعي التوليدي وبنسبة 55% في الشهادات المهنية وفق تقرير منصة كورسيرا العالمية لعام 2025.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: