نبض أرقام
11:44
توقيت مكة المكرمة

2024/05/24
09:54

بعيداً عن العرض والطلب.. كيف تقود "المعلومات" الأسواق للتوازن؟

2018/12/08 أرقام - خاص

تحل فكرة "المزاد" مشكلة كبيرة للغاية تعترض الاقتصاديين وخبراء التسويق في مختلف الأوقات والأماكن وهي تسعير السلع والخدمات. فالمزاد يبدأ بوجود عدد من الناس المهتمين بشراء سلعة بعينها ويقدم البائع أقل ثمن يمكنه القبول به للبيع، ثم يبدأ السعر بالزيادة وفقاً لرغبة المتنافسين حتى التوصل إلى سعر التقاء رغبة البائع بالمشتري ليتم تداول السلعة.

 

 

رفض لـ"التوازن العام"

 

"بول ميلوجروم" أستاذ العلوم الإنسانية والاقتصادية بجامعة "ستانفورد" قدم كتابه "اكتشاف السعر: تصميم المزادات في الأسواق ذات القيود المعقدة" في محاولة لاكتشاف كيف تصل السوق إلى نقطة التوازن في الواقع، وكيف يمكن التواصل لنقطة توازن "مثالية" نظرياً.

 

ويرفض "ميلوجروم" نظرية "التوازن العام" التقليدية، والتي تفترض أن السوق تجد "بطريقة ما" أسعاراً توازن بين العرض والطلب، ويقول: إن اختلاف ما لدى كل طرف من معلومات قد يفضي إلى استقرار السوق في نقطة خلاف "نقطة التوازن الحقيقية" أو "العادلة".

 

فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك مشتريان اثنان فقط في المزاد لشراء قطعة أثرية ما، وكان أحدهما يدرك أن قيمتها الحقيقية تصل إلى مليون دولار، بينما لا يعلم الآخر ذلك ويعتقد أن قيمتها لا تزيد عن نصف مليون دولار، فإنه مع بدء دار العرض المزاد عند مستوى أعلى من نصف مليون دولار فإن الثاني لن يشارك في المزاد من الأصل، وقد يحصل عليها الأول بأقل من قيمتها.

 

أما إذا كان العدد أكبر من ذلك، وكلهم يعرفون القيمة الحقيقية، فإن سعر السلعة غالباً ما سيُباع بسعر يفوق سعرها الحقيقي لأن البعض سيمنّي نفسه بالحصول على قدر من الربح استغلالاً لعنصر "الندرة"، كما أن "رغبة" البعض في اقتناء السلعة قد تقوده لدفع قيمة أكبر من سعرها قليلاً (بافتراض أنه مستهلك رشيد أو أقرب لذلك).

 

"كوكاكولا" و"بيبسي"

 

ولذلك فإن نظرية "التوازن الطبيعي" صادقة في أمر واحد: "مع زيادة الطلب يرتفع السعر، ومع زيادة العرض يقل السعر"، ولكن تجاهل النظرية لقيمة المعلومات يقلل من قيمتها كثيراً، خاصة في أسواق معقدة مثل أسواق الأسهم والعقارات.

 

 

وهنا يظهر مثال على تسعير "كوكاكولا" و"بيبسي" فقد لاحظت دراسة لجامعة "كورنيل" أنه لم يسبق للشركتين تقديم تخفيض في الأسعار في نفس الوقت في الولايات المتحدة قط على مدار 52 أسبوعاً كاملين تمت دراسة سلوك الشركتين التسعيري فيهم.

 

ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الشركتين لديهما "احتكار" للمعلومات حول تكلفة الإنتاج، وبالتالي تدركان المستويات التي ستظلان فيها رابحتين بشكل جيد، ولا تقدمان إلا التخفيضات التي تتيح زيادة المبيعات بإغراء المستهلك بالتخفيض، دون الدخول في حرب سعرية، ولذلك تتجنبان إحداث تخفيضات في نفس الوقت.

 

وفي المقابل، لا يعرف المستهلك أية معلومة عن تكلفة الإنتاج، وكل  ما لديه هو ثمن البيع لذا يقدم على زيادة الشراء عندما يقل السعر طمعاً في الوفورات التي يحققها، وعلى الرغم من "زيف" هذه الوفورات فإنه يقدم على الحصول عليها لمحدودية المعلومات المتاحة لديه.

 

الترددات والأثير

 

وتزداد أهمية المعلومات عندما تكون أكثر "شحاً"، أي أنها غير متاحة للعامة، والمثال على ذلك هو المزادات التي تجريها الولايات المتحدة منذ أكثر من عقدين لبيع ترددات الإذاعات والتلفزيونات، والتي حققت للخزينة الأمريكية ما يربو على المائة مليار دولار حتى الآن.

 

فشركات البث التلفزيوني والإذاعي، بل وشركات الاتصالات، أصبحت تدرك ضرورة "القتال" للحصول على الترددات المختلفة بما جعل لهذه الترددات سعراً قياسياً في ظل محدودية المعروض منها، لاسيما في ظل علم كل "المهتمين بالأمر" بقيمة تلك الترددات وحيويتها لتواصل عمل تلك الشركات.

 

 

واستغلت الحكومة الأمريكية طبيعة السوق تلك في حصد أرباح كبيرة، بل وتلتها المملكة المتحدة وأستراليا وفرنسا والعديد من دول العالم الصناعية، التي قررت استغلال "موقعها الاحتكاري" في بيع "سلعة مرغوبة" و"مُقيدة كماً" وبالتالي يمكن تسعيرها بمبالغ كبيرة.

 

ويرى "ميلوجروم" أن حل مشكلة توازن الأسواق يقوم على محورين متوازيين، الأول: هو "تبصير" المشتري بحقيقة وفرة أو ندرة ما يشتريه وسعره في مختلف الأسواق بما يجعله يتخذ قراره بشكل أكثر رشداً، والثاني: استخدام آليات التكنولوجيا الحديثة من "بلوك تشين" وغيرها في عرض السلع على المشتري مباشرة، بحيث يكون البائع على علم بوجود منافسين له بما يدفعه لتقديم أفضل سعر منافس، ليلتقي البائع والمشتري عند أفضل سعر توازن ممكن للسوق، وأكثره عدلاً.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة