نبض أرقام
12:04
توقيت مكة المكرمة

2024/05/24
09:54

لماذا تتبنى الصناديق الاستثمارية نهجًا معاديًا للسرية الضريبية؟

2019/05/17 أرقام

عادة ما تتجه الأنظار إلى الأكاديميين والصحفيين والنقابات العمالية عند الحديث عن الفضائح المالية الكبرى مثل "وثائق بنما" و"وثائق براديس"، باعتبارهم الطرف الحالم بوضع نهاية لثقافة السرية التي تحمي الشركات متعددة الجنسيات والثروات المخبأة في الملاذات الضريبية، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
 

 

في الحقيقة، ليس هؤلاء فقط من يهتمون بالقضاء على هذه الثقافة، حيث كشفت المشاورات الأخيرة لمنظمة "جلوبال ريبورتنغ إنتيتيف" أن أقوى المدافعين عن الشفافية الضريبية قد يكون صناديق الاستثمار، ويشمل ذلك كبار اللاعبين منها.

 

وتمثل المنظمات الاستثمارية المؤيدة للمعايير الضريبية العالمية، ما يقدر بنحو 10 تريليونات دولار من الأصول، أي ما يعادل 12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

 

ما سبب هذا الموقف؟
 

- يعرف مديرو صناديق الاستثمار أن الافتقار إلى الشفافية الضريبية لدى الشركات متعددة الجنسيات، غالبًا ما يحجب إخفاقات الأعمال الأساسية، وفي حين أنه يساعد في منح المكافآت للتنفيذيين، فإنه يعرض المستثمرين لمخاطر غير متوقعة وقد يخفي الأرباح الواجب توزيعها.
 

- أحد كبار اللاعبين في هذه الصناعة، هو ذراع إدارة الاستثمارات التابعة للبنك المركزي النرويجي "نورجس بنك إنفستمنت مانجمنت"، ويقول إن الملكية المعقدة أو غير الشفافة والهياكل التنظيمية المعرقلة للشفافية تهدد التحليل المالي الأساسي للمستثمرين.
 

- يعي هؤلاء أيضًا أن استراتيجيات تجنب الضرائب، سواء كانت قانونية أم لا، تأتي بتكاليف اجتماعية وبشرية عالية، فانخفاض العائد الضريبي يعني تراجع الأموال المخصصة للتعليم والصحة والبنية التحتية والحد من الفقر، وهي عوامل يحتاج لها الاستثمار المباشر بشدة.
 

 

- منذ الثمانينيات، تم إخفاء 30 تريليون دولار، وفقًا لشبكة العدالة الضريبية، وهو ما يفوق حجم الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو مرتين، أو بحسب الاقصادي "جيفري ساكس" أكثر من 150 مرة حجم الأموال السنوية المطلوبة لإنهاء الفقر المدقع في العالم.
 

- البلدان النامية المحرومة من الأموال الضرورية للتنمية هي أكبر الخاسرين، لكن وفقًا للخسائر الضريبية المقومة بالدولار، فإن الولايات المتحدة وأوروبا هما أكبر المتضررين، حيث يوجد بهما معظم موظفي ومستهلكي الشركات متعددة الجنسيات.

 

إثقال متوسطي الدخل بالأعباء
 

- يخسر الاتحاد الأوروبي نحو 20% من إيراداته الضريبية من الشركات بسبب الملاذات الضريبية، وهو ما يعادل حسب الاقتصادي "غابرييل زوكمان" نصف الإنفاق العام على التعليم العالي.
 

- خلال الشهر الماضي، قالت رئيسة صندوق النقد الدولي "كريستين لاغارد" في مقال: السهولة التي تتجنب بها الشركات متعددة الجنسيات الضرائب، والانخفاض المستمر منذ ثلاثة عقود في معدلات الضرائب، يضعفان الثقة في نزاهة النظام الدولي، إنهما سامتان للديمقراطية.
 

- ذلك لأن الفجوة التمويلية الناشئة عن التهرب الضريبي يجب سدها بمساهمات أعلى من الطبقتين الوسطى والعاملة، مما يجعل من الصعب للغاية عليهما بناء الثروة، كما هي الحال الآن، حيث يمتلك أغنى 26 شخصًا في العالم ثروة تعادل ما يمتلكه 3.8 مليار شخص.
 

 

- في مواجهة الغضب العام، دفعت مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى مزيد من التعاون بين السلطات الضريبية، بما في ذلك إبلاغ بعضها البعض عن الأرباح والمدفوعات الضريبية لأكبر الشركات متعددة الجنسيات.
 

- لكن لسوء الحظ، لن تطبق هذه المعايير إلا على الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة جدًا، ولن تكون تقاريرها المالية متاحة للعامة، مما يحرم الجمهور من مورد رئيسي للكفاح من أجل العدالة الضريبية.


الشركات تقاوم
 

- لا يتم إخبار العامة بحجم الأموال التي يتم صرفها في الملاذات الضريبية، أو مقدار ما تعرفه حكوماتهم أو ما ستفعله لمحاربة التهرب، وأسوأ ما في الأمر أن مثل هذه الممارسات تعتمد على المؤسسات المالية، وأشخاص مختصين في إخفاء أموال عملائهم.
 

- كما قالت "لاغارد"، يجب إعادة صياغة قواعد النظام الضريبي العالمي (لكن النقاش الديمقراطي مستحيل ما دام يتم حجب المعلومات الأساسية عن العامة) ومع ذلك لا تزال تقاوم الشركات فكرة الإفصاح الطوعي بحجة أن الجمهور سيكون مشوشا نتيجة الكشف عن هذه المعلومات.
 

 

- يجب إخضاع هذه الشركات للمساءلة بشكل أكبر حتى تتمكن الحكومات من وضع سياسات ضريبية تعالج أوجه عدم المساواة وكذلك الشعبوية والسلطوية الناجمة عنهما، وهذا ضروري أيضًا للنمو، لأن عدم الاستقرار السياسي يمنع الشركات من الاستثمار.
 

- من غير المتوقع تصديق الناس أن الشركات متعددة الجنسيات الضخمة لا يمكنها إصدار تقارير ضريبية تحتوي على معلومات من البديهي أن أي شركة رشيدة تجمعها بالفعل.
 

- في النهاية، يبقى التأكيد على أن الشفافية الضريبية هي فرصة العالم الوحيد لاستعادة الثقة في المؤسسات الديمقراطية، بل وببساطة تامة للحفاظ عليها.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة