نبض أرقام
08:21
توقيت مكة المكرمة

2024/05/23
2024/05/22

عند "روبن هود الطب".. هل هذه أرخص مستشفى على مستوى العالم؟

2019/05/20 أرقام

يضطر الكثيرون لدفع تكاليف باهظة والسفر إلى مراكز طبية بعينها من أجل التعافي من أمراض عادية، فماذا لو كان المرض خطيرا وفي حالة متأخرة، بالطبع، ستكون التكلفة أكبر بكثير، ولكن "بلومبرج" تحدثت في تقرير عن مستشفى في الهند وصفت بالأرخص في العالم.

 

هذا المستشفى هو مركز "نارايانا" الطبي في "بانجالور" الذي يعتمد على عدد قليل من الأطباء والممرضات وإمكانات تبدو محدودة مقارنة بدول الغرب، ولكن بفضل جهود ومهارة أطباء، يمكن إجراء جراحة خطيرة كإزالة جلطة رئوية في ساعة ونصف مقابل 10 آلاف دولار فقط بدلا من تكلفة تزيد على 200 ألف دولار في الأحوال العادية في أمريكا على مدار ساعات اليوم بأكمله.

 

وأسس الطبيب "ديفي شيتي" هذا المركز الطبي ويتولى رئاسة مجلس إدارته، ويمتلك المركز نحو 23 فرعاً طبياً في جميع أنحاء الهند تقدم خدمات علاجية ربما تكون الأرخص على مستوى العالم.

 

 

التكلفة الرخيصة في طريقها نحو الأرخص

 

في عيون الأمريكيين، يعد مركز "نارايانا" ضرباً من الخيال في ظل التزامه تكلفة جراحات أورام الرقبة والرأس التي تبدأ من 700 دولار فقط، وزراعة الرئة تكلفتها 7 آلاف دولار.

 

أما بالمعايير الهندية، فإن "نارايانا" عبارة عن مكان رخيص لكنه يوفر إجراء جراحات خطيرة بتكلفة رخيصة تقل عن نصف ما تقدمه مراكز طبية محلية منافسة.

 

- تسبب "ناراينا" في شهرة واسعة لـ"شيتي" كما أنه يدر عليه أرباحا لا بأس بها بلغت 8 ملايين دولار عام 2017، لكنه يواجه مشكلة حاليا، ألا وهي: كيف يمكن خفض تكلفة الجراحات بشكل أكبر؟

 

- ترجع أصول المشكلة إلى منظومة "مودي كير" للرعاية الصحية التي تعمل عليها حكومة رئيس الوزراء "نارندرا مودي"، فعلى الرغم من كونها برنامجاً طموحاً سيغطي أكثر من 500 مليون هندي، إلا أنها ستشكل تحدياً لـ"شيتي".

 

- بعد نشر الحكومة الهندية بعض أسعار عمليات طبية التي تقل بعضها عن أسعار مركز "نارايانا"، فإن "شيتي" يبحث عن سبل لخفض أسعار جراحاته لتنافس تلك المقدمة من الحكومة.

 

 

"شيتي"

 

يرى "شيتي" أنه بالبحث وبذل جهود، يمكن أن تصبح تكلفة جراحاته أقل في الفترة القادمة مشيراً إلى أن "نارايانا" يمكن أن يصبح نموذجاً يحتذى به في أي مكان في العالم متوقعاً أن تصبح الهند أول دولة تفصل الصحة عن الثراء.

 

نشأ "شيتي" في منطقة على الساحل الغربي الهندي لأبوين يمتلكان مطعماً ناجحاً، وأظهر نبوغاً منذ نعومة أظافره، والتحق بكلية الطب وهو في عمر العشرينيات، ولاحظ وقتها أن الفقراء يعانون من أمراض لا يمكنهم تحمل تكلفة علاجها.

 

- تدرب "شيتي" على يد جراحين بريطانيين تميزوا بالمهارة والسرعة، وهذا الأمر أراد تطبيقه في الهند عندما بدأ العمل في مستشفى القلب بـ"كالكوتا"، وتلقى إشادات بالغة عندما أجرى أول عملية قلب لطفل حديث الولادة في البلاد عام 1992.

 

- أجرى "شيتي" جراحات مجانية للفقراء، ورأى إمكانية خدمة شريحة أكبر من الفقراء من خلال تحويل عمله إلى نشاط تجاري، وبدأ بالفعل في منتصف التسعينيات تجربة فكرة "اترك السهل لمنخفضي الأجر".

 

- يعني ذلك أنه كان يتيح الفرصة لإجراء جراحات بسيطة لجراحين مبتدئين أو حتى ممرضات مدربات جيداً بتكلفة بسيطة، ويترك الأمور المعقدة للخبراء، وتمكن عام 2000 من الحصول على 20 مليون دولار من زوج والدته الذي كان يمتلك نشاطاً ناجحاً في قطاع البناء.

 

- بدأ "شيتي" بهذه الأموال بناء مستشفى "نارايانا" أو مركز "ناريانا الطبي" لجراحات القلب، ثم تم التوسع لاحقاً في إجراء جراحات أخرى، وفي غضون 10 سنوات، أصبح المشروع بمثابة شبكة طبية في أنحاء البلاد حتى افتتح فرعاً في جزر "كايمان" عام 2014 من أجل السياحة العلاجية.

 

استراتيجية ناجحة

 

تعتمد استراتيجية الطبيب الهندي "شيتي" على جني أرباح من إجراء الكثير من الجراحات الخطيرة بتكلفة أقل من أجل جذب المزيد من المرضى للعلاج في "نارايانا".

 

أيضاً، أطلق "شيتي" نظاماً جراحياً أبسط في تجهيز المرضى في زمن قليل للعمليات وبفريق ماهر بمساعدة أسرة المريض نفسه مثل تنظيفه وتنفيذ خطوات بسيطة كي ينصب تركيز الممرضين والأطباء على الحالة فقط.

 

- حتى الآن، تبدو هذه الاستراتيجية ناجحة، ولكن تجدر الإشارة إلى أن 1.4% من مرضى "نارايانا" يتوفون في غضون 30 يوما بعد إجراء جراحات القلب مقارنة بنسبة 1.9% في الولايات المتحدة، كما أن "شيتي" يتفوق على أنظمة طبية شهيرة في دول الغرب.

 

- يرى "شيتي" أن التحدي الحقيقي يكمن في المعدات الطبية التي تحتاج لصيانة دورية وربما لتبديل وإصلاحات فضلا عن ارتفاع تكلفتها يوما بعد آخر، وبالتالي، فربما يصبح من الصعب بعد ذلك الإبقاء على أسعار العمليات الجراحية منخفضة.

 

 

"مودي كير"

 

تعتمد خطة "مودي كير" على توفير تأمين صحي وتغطية ما يقرب من نصف مليار هندي مقابل 500 ألف روبية (نحو 7000 دولار) سنويا، وسوف تدخل المستشفيات الخاصة وليس الحكومية فقط ضمن هذه الخطة.

 

عين "مودي" أحد الموظفين البيروقراطيين سابقا "إندو بوشان" – 58 عاماً – لإدارة برنامج التأمين الصحي، وأعلنها "بوشان" صراحة": "مودي كير" جاهزة، وعلى المستشفيات الخاصة المشاركة".

 

- ربما لا تلقى الخطة التأييد الشعبي المطلوب، ولكنها واعدة وسوف تمثل قصة نجاح حال تغطية مئات الملايين من الفقراء بالتأمين الصحي الشامل مقابل تكلفة بسيطة وبإجبار القطاع الخاص على المشاركة.

 

- يأمل "بوشان" في تحقيق أرباح من "مودي كير" لتغطية نفقات المستشفيات وبناء مرافق طبية جديدة وتقديم رعاية صحية أفضل لكل مواطن بسعر يمكنه تحمله دون الحاجة لبيع شيء من ممتلكاته.

 

 

"روبن هود" الطب

 

بالعودة إلى "نارايانا"، فإن الوسائل التكنولوجية الحديثة ليست غائبة عن المشهد، فهناك عشرات من المبرمجين والفنيين ومهندسي الحواسب يعملون ليل نهار على بناء منصات وحل مشكلات تقنية في مستشفيات "شيتي".

 

يعمل المبرمجون أيضاً على تبسيط العمليات الفنية المعقدة وتوفير التكلفة قدر الإمكان بالإضافة إلى تحليل البيانات لكل مريض وتحديد الاحتياجات.

 

- يريد "شيتي" بعض الحالات المرضية دفع المزيد من الأموال للعلاج مقارنة بالفقراء خاصة في المناطق الفارهة على غرار ما حدث في مستشفى افتتحها في "بلاتينوم وينج" عام 2015، فرغم أن زبائنها يتلقون نفس الخدمة الطبية، إلا أنهم يدفعون أكثر مقابل غرف فندقية خاصة وعمالة تحت الطلب.

 

- يدفع مرضى "بلاتينوم وينج" 8500 روبية إضافية عن كل يوم مقارنة بالمرضى العاديين في المراكز الطبية الأخرى التابعة لـ"نارايانا"، وهذا ما يعتمد عليه "شيتي" لتطوير أنشطته والتوسع في علاج المرضى - "روبن هود الطب" أليس كذلك؟

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة