ضاق الخناق على مجموعة سعد المملوكة للملياردير السعودي معن الصانع بعد أن أصدرت محكمة في جزر الكايمن حكماً بتجميد أرصدة قيمتها34.5 مليار ريال (9.2 مليارات دولار) لأكثر من 40 وحدة مالية يمتلكها الصانع وتتخذ من الجزر مقراً له.
ومن بين الوحدات المهمة التي جمدتها المحكمة شركة سينجلاريس التي اشترى الصانع من خلالها حصته في أكبر مصرف بريطاني وهو مصرف "إتش إس بي سي" في العام 2007. كما فقدت مجموعة سعد أمس السيطرة على أحد أهم أذرعتها المالية وهو بنك أوال الذي يتخذ من البحرين مقراً له حيث قال مصرف البحرين المركزي في بيان أمس أنه سيطر على بنك أوال المملوك لمجموعة سعد وكذلك على المؤسسة المصرفية العالمية المملوكة لمجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه. وكانت مجموعة القصيبي قد رحبت أمس في بيان صحفي بخطوة السلطات البحرينية للسيطرة على وحدتها المصرفية في البحرين وعلى بنك أوال باعتبارها خطوة باتجاه حل تعثر ائتماني يتعلق بمليارات الدولارات.
وجاء حكم محكمة الكايمن الذي حصلت "الوطن" على نسخة منه أمس، على خلفية معلومات قدمتها مجموعة "أحمد حمد القصيبي وإخوانه" للمحكمة قالت إنها تتضمن تلاعبات وعمليات غير نظامية نفذتها شركة سعد للاستثمار من خلال الوحدة المالية التابعة لمجموعة القصيبي.
وقالت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ 24 يوليو الجاري إنه لا يجوز لأي من الشركات الثلاث والأربعين أن تتصرف في أي من أصولها التي تم تجميدها. وأوضحت المحكمة أن قرار التجميد يشمل مبلغ 9.2 مليارات دولار، وبإمكان شركة سعد للاستثمار التصرف في أي مبلغ فوق هذا الرقم.
وجزر الكايمن هي إحدى جزر الكاريبي وأحد الأسواق "البعيدة عن الشاطئ" التي لا تخضع المؤسسات المالية فيها لرقابة مالية مشددة. ويوجد للصانع العديد من الشركات المسجلة في جزر الكايمن من بينها شركة سعد للخدمات المالية وسينجلاريس وشركة أوال المصرفية وشركة سعد للاستثمار.
وكانت عدة مصارف أوروبية قد أعلنت عن نيتها للسيطرة على شركة سعد للاستثمار لاسترداد أموال من مجموعة سعد للاستثمار المسجلة في جزر الكايمن والتي تمارس نشاطها من سويسرا. ومجموعة سعد مقسمة إلى عدد من الشركات منتشرة في السعودية والبحرين وجزر الكايمان وسويسرا. وقال مصدر مصرفي لرويترز الأسبوع الماضي: "تدرس البنوك الخيارات المتاحة أمامها.. وربما يشمل هذا المطالبة بالسيطرة على عمليات مجموعة سعد في سويسرا".
وتدين مجموعة سعد بما يصل إجمالاً إلى أكثر من 6 مليارات دولار لبنوك من خارج منطقة الخليج بينها "بي.إن.بي باريبا" الفرنسي و"سيتي بنك" الأمريكي.
ولا يزال الصراع القانوني بين المجموعتين السعوديتين قائماً بعد أن ادعت القصيبي على الملياردير معن الصانع بأخذ مبالغ لا تقل عن 10 مليارات دولار عن طريق الغش والتزوير ضد المجموعة.
وفي تصريحات سابقة أكدت لـ"الوطن" مصادر مصرفية مطلعة على القضية أن المجموعة اكتشفت حتى الآن ما لا يقل عن 400 وثيقة مزورة أو خاطئة استخدمها الصانع للاقتراض باسم القصيبي. وقد تم إخطار البنوك المتعاملة بهذه الوثائق بأنها مزورة أو غير صحيحة.
وقالت مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه إنها تعمل منذ شهور على حل مسائل تتعلق بإعادة هيكلة ديونها وإن وضع وحدتها المالية المؤسسة المصرفية العالمية تحت سيطرة البنك المركزي سيساعدها في ذلك.
وفي أبريل من عام 2007 تصدر اسم معن الصانع الصحف البريطانية عقب شرائه 360 مليون سهم بقيمة 25 مليار ريال (6.6 مليارات دولار) في مصرف "إتش إس بي سي" أكبر بنك بريطاني ليمتلك منه حصة قدرها 3.1%.
ولكن البنك خسر ما يقرب من 17 مليار دولار في أزمة الرهون العقارية مما أدى إلى تراجع قيمته السوقية وكذلك قيمة الحصة التي يمتلكها الصانع فيه والتي اشتراها من خلال شركته "سينجلاريس" التي تتخذ من جزر الكايمن مقراً لها.
ويمتلك الصانع أيضاً حصة في بنك آخر متضرر من أزمة الرهون العقارية والأزمة المالية وهو مصرف "سيتي بنك".
ولشراء تلك الحصة في "إتش إس بي سي" اضطر الصانع إلى الاقتراض كثيراً في عام 2007. وفي أبريل من ذلك العام أعلنت مجموعة سعد التي يمتلكها الصانع أنها تحاول جمع 18 مليار ريال (5 مليارات دولار) لإعادة تمويل ديونه ولشراء الحصة في بنك "إتش إس بي سي".
وأظهرت وثائق قضائية أن محامين لدويتشه بنك وآخرين لوحدة تابعة لمجموعة القصيبي السعودية يتنازعون بشأن ما إذا كان النظر في ادعاء البنك أحقيته لمبلغ 74.2 مليون دولار. وجاء ذلك فيما يتعلق باتفاق لمقايضة عملات أجنبية من اختصاص محكمة في نيويورك.
وتأجل نظر الدعوى المدنية المقامة ضد المؤسسة المصرفية الدولية يوم الاثنين الماضي إلى الثامن من سبتمبر المقبل بعدما طلب محامو المؤسسة المصرفية من قاضي المحكمة العليا بولاية نيويورك برنارد فرايد إسقاط الدعوى لعدم الاختصاص القضائي.
وتواجه مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه التي تملك حصة مسيطرة في المؤسسة المصرفية، وتتخذ من البحرين مقراً دعوى قضائية منفصلة أمام المحكمة نفسها رفعها بنك المشرق، ومقره دبي، للمطالبة بمبلغ 150 مليون دولار والتي قالت فيها المجموعة إن الصانع اقترضها باسم المجموعة بطرق غير نظامية.
وتعمل مجموعتا سعد والقصيبي بإعادة هيكلة ديون هائلة تتعرض لها بنوك إقليمية ودولية، وأثارت المشكلات التي تواجه المجموعتين شكوكاً بشأن جودة الإفصاح بمنطقة الخليج. ومجموعة سعد التجارية هي رابع أكبر مجموعة سعودية ويعمل لديها ما يقارب من 13 ألف موظف.
ويمتلك الصانع في المملكة من خلال مجموعة سعد التجارية مستشفى سعد التخصصي بالإضافة إلى عدة مشاريع عقارية. ولم تعلن الشركة عن مدى تأثر أعمالها في المملكة بقرارات تجميد الأرصدة للمجموعة التي بدأت في شهر مايو بعد تجميد مؤسسة النقد السعودي لها. وهناك أنباء حول احتمالية بيع الصانع للعديد من شركاته في المملكة إلى جهات أخرى ولكن لم تتمكن "الوطن" من الحصول على تأكيد حول صحة هذه الأنباء وبخاصة الأنباء حول بيعه لمستشفى سعد.
كن أول من يعلق على الخبر
تحليل التعليقات: